موسوعه الامام الصادق عليه السلام المجلد 51

اشارة

سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهري : 60ج.

شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

يادداشت : عربي.

يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.

يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).

يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .

يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

يادداشت : كتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف

رده بندي ديويي : 297/9553

شماره كتابشناسي ملي : 2105726

ص: 1

اشارة

موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام)

تأليف السيّد محمّد كاظم القزويني (قدّس سرّه)،

الجزء الثانی و الخمسون

ص: 2

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

(وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا)((1)) .

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً)((2)) .

(وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً)((3)) .

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً)((4)) .

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً)((5)) .

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)((6)) .

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)((7)) .

ص: 3


1- - الاسراء 17 : 105 و106 .
2- - الكهف 18 : 1 و2 .
3- - الكهف 18 : 27 .
4- - مريم 19 : 16 .
5- - مريم 19 : 41 .
6- - مريم 19 : 51 .
7- - مريم 19 : 54 .

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً)((1)) .

(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً)((2)) .

(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لاَُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً * كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً)((3)) .

(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً)((4)) .

ص: 4


1- - مريم 19 : 56 و57 .
2- - مريم 19 : 73 .
3- - مريم 19 : 77 - 80 .
4- - مريم 19 : 97 .

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

المقدَّمة

« الحمد لله .. الظاهرِ بسلطانه وعظمته ، والباطن بعلمه ومعرفته ، والعالي على كلِّ شيء بجلاله وعزَّته »((1)) .

والصلاة والسلام على نبيّ رحمته وأشرف بريَّته سيدنا محمّد وعترته الطيّبين الطاهرين .

ولعنة الله على أعدائهم أجمعين .

وبعد : فهذا هو الجزء الواحد والخمسون من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) والجزء الثامن من تفسير القرآن الكريم ، ويحتوي على الأحاديث المرويَّة عن الامام الصادق (عليه السّلام) حول تفسير سورة الإسراء والكهف ومريم .

وقد تحدَّثنا فيه حول مواضيع مختلفة ... نذكر بعضها :

1 - الأقوال في بيعة الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

ص: 5


1- - نهج البلاغة خطبة رقم 186 .

(عليهما السّلام) أبابكر .

2 - الاساءة التي صدرت من عمر بن الخطاب تجاه خليفة رسول الله ووصيِّه ووارث عِلمه .

3 - كلمة حول اسم الامام علي (عليه السّلام) في القرآن .4 - اختلاف الأقوال في نبوَّة ذي القرنين والخضر .

5 - خلود المؤمن في الجنة بالنيّة وخلود الكافر في النار بالنيَّة .

وغيرها من المواضيع المختلفة الجدير بالمطالعة .

ونسأل الله تعالى أن يتقبّل منّا هذا الجهد القليل وأن يوفّقنا لمواصلة الطريق حتى الجزء الأخير .. إنه وليُّ التوفيق .

محمّد كاظم الق-زويني

قم المقدَّسة - ايران

ص: 6

سورة الإسراء

باب (1) فائدة قراءة سورة الإسراء

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثني محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة بني إسرائيل في كلّ ليلة جمعة لم يمت حتّى يدرك القائم (عليه السّلام) ويكون من أصحابه((1)) .

تفسير العياشي : عن الحسين بن عليّ بن أبي حمزة الثمالي ، عن الحسين بن أبي العلاء مثله((2)) .

باب (2) فائدة كتابة سورة الإسراء

تفسير البرهان : من (خواصّ القرآن) عن الصادق (عليه السّلام) :

ص: 7


1- - ثواب الأعمال : ص133 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص31 ح2445 الطبعة الحديثة . منهما تفسير البرهان : ج6 ص7 .

من كتبها في خرقة حرير خضراء وتحرَّز عليها وعلَّقها عليه ورمى بالنشاب أصاب ولم يخطئ أبداً ، وإن كتبها لصغير تعذّر عليه الكلام ، يكتبها بزعفران ويُسقى ماءها ، انطق الله لسانه بإذنه وتكلّم((1)) .

*****

قوله تعالى : (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (1) .

باب (3) عدد المعراج والوصيَّة الالهيَّة بالولاية

الخصال : حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا الحسن بن متّيل الدّقاق قال : حدثنا سلمة بن الخطّاب ، عن منيع بن الحجّاج ، عن يونس ، عن صباح المزني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : عرج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مائة وعشرين مرّة ، ما من مرّة إلاّ وقد أوصى الله (عزّوجلّ) فيها النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالولاية لعليّ والأئمّة (عليهم السّلام) أكثر ممّا أوصاه بالفرائض((2)) .

ص: 8


1- - تفسير البرهان : ج6 ص7 ح4 .
2- - الخصال : ص600 ح3 .

بصائر الدرجات : عليّ بن محمّد بن سعيد ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبدالله بن محمد اليماني ، عن منيع ، عن يونس ، عن صباح المزني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((1)) .

باب (4) الرسول الأعظم في المعراج

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : سأل أبو بصير أبا عبدالله(عليه السّلام) وأنا حاضر ، فقال : جعلت فداك كم عُرج برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟

فقال : مرّتين ، فأوقفه جبرئيل موقفاً فقال له : مكانك يا محمّد فلقد وقفتَ موقفاً ما وقفه ملك قطّ ولا نبيّ ، إنّ ربّك يصلّي .

فقال : يا جبرئيل ، وكيف يصلّي ؟

قال : يقول : سبّوح قدوس أنا ربّ الملائكة والرُّوح ، سبقت رحمتي غضبي .

فقال : اللهمّ عفوك عفوك .

قال : وكان كما قال الله : (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)((2)) .

ص: 9


1- - بصائر الدرجات : ص99 ح10 . منه تفسير البرهان : ج6 ص19 .
2- - النجم 53 : 9 .

فقال له أبو بصير : جعلت فداك ، ما قاب قوسين أو أدنى ؟

قال : ما بين سيتها((1)) إلى رأسها .

فقال : كان بينهما حجاب يتلألؤ يخفق - ولا أعلمه إلاّ وقد قال : زبرجد - فنظر في مثل سمّ الابرة إلى ما شاء الله من نور العظمة فقال الله (تبارك وتعالى) : يا محمّد .

قال : لبّيك ربّي .

قال : مَنْ لاُمّتك من بعدك ؟

قال : الله أعلم .

قال : عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد الغرّ المحجّلين .

قال : ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) لأبي بصير : يا أبا محمّد والله ما جاءت ولاية علي من الأرض ، ولكن جاءت من السّماء مشافهة((2)) .

أَقول : الأَحاديث الواردة حول معراج النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مختلفة ، فحسب الآية القرآنية أنّه عُرج به الى السماء من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ومنه الى السماء ويستفاد من بعض الأحاديث انّ هذا المعراج كان تقديراً وتشريفاً للنبي الأَعظم (صلّى الله

ص: 10


1- - سيَة القوس : ما عُطِف من طرفيها (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج1 ص442 ح13 .

عليه وآله وسلّم) فقد صلّى بالملائكة والانبياءوالمرسَلين في السموات السبع وقد رأى من آيات ربّه ما رأى ، وهناك معراج آخر حصل للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا نعلم تاريخه ومكانه وأنه كان من المدينة أو مكة .

وتقول بعض الروايات أنّه عُرج به الى السماء مائة وعشرين مرّة ولعلّ بعضها كان من مكة وبعضها من المدينة ، ولعلّ بعضها كان الى بعض السموات وبعضها كان الى كلّها ، وقد إحتمل بعض المحدِّثين أن يكون بعضها بجسمه الطاهر وبعضها بروحه الطاهرة ، ولا تنافي ولا تعارض بين هذه الروايات والله العالم بحقائق الامور .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : لمّا اُسري بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فانتهى إلى موضع ، قال له جبرئيل : قف فإنّ ربّك يُصلّي .

قال : قلت : جُعلت فداك ، وما كان صلاته ؟

فقال : كان يقول : سُبّوح قُدّوس ، ربّ الملائكة والرُّوح ، سبقت رحمتي غضبي((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا أُسري به

ص: 11


1- - تفسير العياشي : ج3 ص35 ح2458 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص39 .

رفعه جبرئيل بإصبعه ، وضعها في ظهره حتى وجد بردها في صدره ، فكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دخله شيء ، فقال : يا جبرئيل أخي هذا الموضع((1)) ؟

قال : نعم إنّ هذا الموضع لم يطأه أحدٌ قبلك ، ولا يطأه أحدٌ بعدك .

قال : وفتح الله له من العظمة مثل مسامّ الإبرة ، فرأى من العظمة ما شاء الله ، فقال له جبرئيل : قِف يا محمّد .... وذكر مثل الحديث الأوّل سواء((2)) .

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا عرجبرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلّى عنه فقال له : يا جبرئيل تخليني على هذه الحالة ؟ !

فقال : امضه فوالله لقد وطئت مكاناً ما وطأه بشر وما مشى فيه بشرٌ قبلك((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : إنّ جبرئيل احتمل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

ص: 12


1- - في تفسير البرهان : أفي هذا الموضع ؟ أي : أفي هذا الموضع تتركني يا جبرئيل .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص35 ح2459 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص39 .
3- - الكافي : ج1 ص442 ح12 .

حتى انتهى به إلى مكان من السّماء ، ثمّ تركه وقال له : ما وَطِئ شيء قطّ مكانَك((1)) .

تفسير العياشي : عن ابن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى السماء الدُّنيا ، لم يمرّ بأحد من الملائكة إلاّ استبشر به ، الاّ مالك خازن جهنم ، فقال لجبرئيل : يا جبرئيل ما مررتُ بملَك من الملائكة الاّ استَبشرني إلاّ هذا الملك ، فمن هذا ؟

قال : هذا مالك خازن جهنم ، وهكذا جَعله الله .

قال : فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا جبرئيل سله أن يرينيها !

فقال جبرئيل : يا مالك ، هذا رسول الله محمّد وقد شكا إليّ وقال : ما مررتُ بأحد من الملائكة إلاّ استَبشر بي وسلّم عليّ إلاّ هذا . فأخبرته انّ الله هكذا جعله ، وقد سألني أن أسألك أن تُريَهُ جهنّم ، قال : فكشف له عن طبق من أطباقها ، فما رُؤي رسول الله ضاحكاً حتّى قُبض (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((2)) .

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر

ص: 13


1- - تفسير العياشي : ج3 ص33 ح2451 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص37 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص33 ح2452 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص37 .

الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن أبي الحسن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لما اُسري بي إلى السماء رأيتُ رحماً متعلّقة بالعرش تشكو رحماً إلى ربّها فقلت لها : كم بينك وبينها من أب ؟فقالت : نلتقي في أربعين أباً((1)) .

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أُسري بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أُتي بالبراق ومعها جبرئيل وميكائيل واسرافيل ، قال : فأمسك له واحد بالرّكاب ، وأمسك الآخر باللّجام ، وسوّى عليه الآخر ثيابه ، فلمّا رَكِبها تضَعضَعت((2)) ، فلطمها جبرئيل وقال لها : قرّي براق ، فما رَكبِك أحدٌ قبله مثله ولا يَركَبك أحد بعده مثله ، إلاّ أنّه تضعضعت عليه((3)) .

تفسير القمي : أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل

ص: 14


1- - الخصال : ص540 ح13 .
2- - هكذا في المصدر . والظاهر انّ الصحيح : تصعصعت . والصعصعة : الحركة والاضطراب (لسان العرب) .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص31 ح2448 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص36 .

بالبراق إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فأخذ واحد باللجام وواحد بالرّكاب ، وسوّى الآخر عليه ثيابه ، فتضعضعت البراق فلطمها جبرئيل ثمّ قال لها : اسكني يا براق ، فما ركبك نبي قبله ، ولا يركبك بعده مثله .

قال : فرقَت به ورفعته ارتفاعاً ليس بالكثير ، ومعه جبرئيل يُريه الآيات من السماء والأرض ، قال : فبينا أنا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني : يا محمّد فلم أُجِبه ولم ألتفت اليه ، ثمّ ناداني مناد عن يساري : يا محمّد فلم أُجبه ولم أَلتفت إليه ، ثمّ استقبلتني إمرأة كاشِفة عن ذراعيها ، وعليها من كلِّ زينة الدُّنيا ، فقالت : يا محمّد ، انظرني حتّى اُكلّمك فلم ألتفت إليها ، ثمّ سِرت فسمِعت صوتاً أفزعني فجاوزت به فنزل بي جبرئيل ، فقال : صلّ فصليت .

فقال : أتدري أين صلّيت ؟

فقلت : لا .

فقال : صلّيت بطيبة ، وإليها مُهاجرتك .

ثمّ ركبت فمضينا ما شاء الله ، ثمّ قال لي : انزل وصلّ فنزلت وصلّيت .فقال لي : أتدري أين صلّيت ؟

فقلت : لا .

ص: 15

فقال : صلّيت بطور سيناء ، وحيث كلم الله موسى تكليماً .

ثمّ ركبت فمضينا ما شاء الله ، ثم قال لي : انزل فصلّ فنزلت وصلّيت فقال لي : أتدري أين صلّيت ؟

فقلت : لا .

قال : صلّيت في بيت لحم بناحية بيت المقدس ، حيث وُلد عيسى ابن مريم .

ثمّ ركبت فمضينا حتى انتهينا إلى بيت المقدس فربطت البُراق بالحلقة التي كانت الأنبياء تربُط بها ، فدخلت المسجد ، ومعي جبرئيل إلى جنبي ، فوجدنا إبراهيم وموسى وعيسى فيمن شاء الله من انبياء الله قد جُمعوا إليّ وأقمت الصلاة ولا أشكّ إلاّ وجبرئيل استقدمنا فلمّا استووا أخذ جبرئيل بعضُدي فقدّمني فأَممتهم ولا فخر ، ثمّ أتاني الخازن بثلاث أواني : إناء فيه لبن ، وإناء فيه ماء ، وإناء فيه خمر ، فسمعت قائلاً يقول : إن أخذ الماء غرق وغرقت اُمّته ، وإن أخذ الخمر غوى وغوت اُمّته ، وإن أخذ اللبن هُدي وهُديت اُمته ، فأخذت اللبن فشربت منه فقال جبرئيل : هُديت وهُديتْ أُمتك . ثم قال لي : ماذا رأيت في مسيرك ؟

فقلت : ناداني مناد عن يميني .

فقال لي : أوَ أجبتَه ؟

فقلت : لا ، ولم ألتفت إليه .

ص: 16

فقال : ذاك داعي اليهود ، لو أجبته لتهودت أُمّتك من بعدك .

ثمّ قال : ماذا رأيت ؟

فقلت : ناداني مناد عن يساري .

فقال : أوَ أجبتَه ؟

فقلت : لا ، ولم ألتفت إليه .

فقال : ذاك داعي النّصارى ، لو أجبته لتنصّرت اُمّتُك من بعدك .ثمّ قال : ماذا استقبلك ؟

فقلت : لقيتُ إمرأة كاشفة عن ذراعيها ، عليها من كلِّ زينة ، فقالت : يا محمّد انظُرني حتّى أُكلّمك .

فقال لي : أفكلّمتها ؟

فقلت : لم اُكلّمها ، ولم ألتفت إليها .

فقال : تلك الدُّنيا ولو كلّمتها لاختارت اُمّتك الدُّنيا على الآخرة ، ثمّ سمعتُ صوتاً أفزعني .

فقال جبرئيل : أتسمع يا محمّد ؟

قلت : نعم .

قال : هذه صخرة قذفتُها عن شفير جهنم منذ سبعين عاماً ، فهذا حين استقرّت ، قالوا : فما ضحِك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى قُبض .

ص: 17

قال : فصعد جبرئيل وصعدتُ معه إلى سماء الدُّنيا ، وعليها ملَك يقال له : اسماعيل ، وهو صاحب الخطفَة التي قال الله (عزّوجلّ) : (إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)((1)) وتحته سبعون ألف ملك ، تحت كل ملك سبعون ألف ملك ، فقال : يا جبرئيل مَن هذا معك ؟

فقال : محمّد .

قال : أوقد بُعث ؟

قال : نعم ففتح الباب فسلّمتُ عليه وسلّم عليَّ ، واستغفرتُ له واستغفرَ لي ، وقال : مرحباً بالأخ الناصح والنبي الصالح ، وتلقَّتني الملائكة حتى دخلتُ سماء الدُّنيا ، فما لقيني ملَك إلاّ كان ضاحكاً مستَبشراً حتّى لقيني ملَك من الملائكة لم أرَ أعظم خلقاً أعظم منه ، كرِيه المنظر ، ظاهر الغضب ، فقال لي مثلَ ما قالوا من الدّعاء ، إلاّ أنّه لم يَضحك ولم أرَ فيه من الإستبشار وما رأيت ممّن ضحك من الملائكة .

فقلت : مَن هذا يا جبرئيل ؟ فإنّي قد فزعت ؟فقال : يجوز أن تفزع منه ، وكلّنا نفزع منه ، هذا مالك خازن النار ، لم يضحك قطّ ، ولم يزَل منذ ولاّه الله جهنم يزداد كلَّ يوم غضباً وغيظاً على أعداء الله وأهل معصيته فينتقِم الله به منهم ، ولو ضحِك إلى أحد قبلك أو كان ضاحكاً لأحد بعدك لضحك إليك ، ولكنّه لا يضحك ، فسلّمتُ

ص: 18


1- - الصَّافات 37 : 10 .

عليه ، فردّ عليَّ السلام وبشّرني بالجنّة .

فقلت لجبرائيل - وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله : (مُطَاع ثَمَّ أَمِين) -((1)) : الا تأمُره ان يُرِيني النار ؟

فقال له جبرئيل : يا مالك ، أرِ محمداً النّار ، فكشفَ عنها غِطائها وفتح باباً منها ، فخرج منها لهب ساطع في السّماء ، وفارَتْ فارتعدتُ حتّى ظننتُ ليتناولني ممّا رأيت .

فقلت له : يا جبرئيل ، قل له فليردّ عليها غِطائها فأمرها فقال لها : ارجِعي فرجَعت إلى مكانها الذي خرجت منه .

ثمّ مضيتُ فرأيت رجلاً آدماً((2)) جسيماً فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا أبوك آدم فإذا هو يعرض عليه ذريّته فيقول : روح طيّب وريح طيّبة من جسد طيّب . ثمّ تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سورة المطففين على رأس سبعة عشر آية : (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ)((3)) إلى آخرها .

قال : فسلّمتُ على أبي آدم وسلّم عليّ ، واستغفرتُ له واستغفر لي ، وقال : مرحباً بالإبن الصّالح والنبي الصّالح والمبعوث في الزّمن

ص: 19


1- - التكوير 81 : 21 .
2- - الآدم من الناس : الأسمر (لسان العرب) .
3- - المطففين 83 : 18 - 20 .

الصّالح .

ثمّ مررتُ بملك من الملائكة وهو جالس ، وإذا جميع الدُّنيا بين ركبتيه وإذا بيده لوح من نور فيه كتاب ينظر فيه ، ولا يلتفِت يميناً ولا شمالاً ، مقبلاً عليه كهيئة الحزين فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا ملك الموت ، دائب في قبض الأرواح .فقلت : يا جبرئيل أَدنني منه حتّى اُكلّمه ، فأدناني منه فسلّمتُ عليه ، وقال له جبرئيل : هذا محمّد نبيُّ الرّحمة الذي أرسَله الله إلى العباد ، فرحّب بي وحيّاني بالسّلام ، وقال : أبشر يا محمّد فإنّي أَرى الخير كلّه في أُمَّتك .

فقلت : الحمد لله المنّان ذي النّعم على عباده ، ذلك من فضل ربّي ورحمتِه عليّ .

فقال جبرئيل : هو أشدُّ الملائكة عملاً .

فقلت : أَكلُّ من مات أو هو ميّت فيما بعد هذا تقبضُ روحه ؟

قال : نعم .

قلت : تراهم حيث كانوا وتشهدهم بنفسِك ؟

فقال : نعم .

فقال ملك الموت : ما الدُّنيا كلّها عندي فيما سخّرها الله لي ومكَّنني منها إلاّ كالدّرهم في كفّ الرّجل يقلِّبه كيف يشاء ، وما من دار إلاّ وأنا

ص: 20

اتصفَّحها كلَّ يوم خمس مرّات ، وأقول إذا بكى اهلُ الميّت على ميّتهم : لا تبكوا عليه ، فإنّ لي فيكم عَودة وعودة حتّى لا يبقى منكم أحد .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : كفى بالموت طامّة((1)) يا جبرئيل .

فقال جبرئيل : إنّ ما بعد الموت أطمُّ وأطمُّ من الموت .

قال : ثمّ مضيتُ فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيّب ولحم خبيث ، يأكلون الخبيث ويدعون الطيب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويَدَعون الحلال ، وهم من اُمّتك يا محمّد .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ثمّ رأيتُ ملَكاً من الملائكة جعل الله أمره عجباً نصف جسده نار والنّصف الآخر ثلج ، فلا النّار تُذيب الثلج ولا الثلج يُطفىء النار ، وهو ينادي بصوت رفيع يقول : سبحان الذي كفَّ حرَّ هذه النار فلا تُذيب الثلج ، وكفّ بردَ هذا الثلج فلا يُطفىء حرَّ هذه النّار ، اللهم يا مؤلّف بين الثلج والنّار ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين .فقلتُ : من هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا مَلَك وكّلَه الله بأكناف السّماوات وأطراف الأرضين ،

ص: 21


1- - الطامّة : الداهية تغلب على ما سواها (أقرب الموارد) .

وهو أنصح ملائكة الله تعالى لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما نسمع منذ خُلق ، وملكان يناديان في السَّماء ، أحدهما يقول : اللهم أعط كلَّ مُنفق خَلَفاً ، والآخر يقول : اللهم أعْطِ كلّ مُمسك تَلفا .

ثم مضيتُ فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر((1)) الإبل يقرض اللَّحم من جنوبهم ويُلقى في أفواههم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الهمّازون اللّمّازون .

ثمّ مضيتُ فإذا أنا بأقوام تُرضَخ رؤوسهم بالصخر ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الذين ينامون عن صلاة العشاء .

ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام تُقذف النار في أفواههم وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)((2)) .

ثمَّ مضَيتُ فإذا انا بأقوام يريد أحدُهم أن يقوم فلا يقدر من عِظَم بطنه ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

ص: 22


1- - المشفر - بالكسر ويفتح - : من البعير كالشفة من الإنسان والجحفلة من الفرس (أقرب الموارد) .
2- - النساء 4 : 10 .

قال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)((1)) فإذا هم مثل آل فرعون ، يُعرَضون على النار غُدوّاً وعشيّاً يقولون : ربّنا متى تقوم الساعة ؟

قال : ثمّ مضيتُ فإذا أنا بنسوان معلَّقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟

فقال : هؤلاء الّلواتي يورثن اموال أزواجهن أولاد غيرهم .ثمّ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اشتدَّ غضبُ الله على إمرأة أَدخلتْ على قوم في نَسبهم من ليس منهم ، فاطّلع على عوراتهم وأكل خزائنهم .

قال : ثمّ مررنا بملائكة من ملائكة الله (عزّوجلّ) ، خَلَقهم الله كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ، ليس شيء من أطباق أجسادهم((2)) إلاّ وهو يسبّح الله ويحمده من كلّ ناحية ، بأصوات مختلفة ، أصواتهم مُرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله ، فسألت جبرئيل عنهم .

فقال : كما ترى خُلِقوا ، انّ الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلّمه قطّ ، ولا رفعوا رؤوسهم إلى ما فوقها ، ولا خفضوها إلى ما تحتهم خوفاً

ص: 23


1- - البقرة 2 : 275 .
2- - أقول : قال العلاّمة المجلسي (رحمه الله) : قوله : « أطباق أجسادهم » أي أعضاؤهم مجازاً أو أغشية أجسادهم من أجنحتهم وريشهم . قال الفيروزآبادي : الطَّبق : غطاء كلّ شيء وعَظْم رقيق يفصل بين كل فقارين (بحار الانوار : ج18 ص322) .

من الله وخشوعاً فسلّمت عليهم ، فردّوا عليّ إيماءاً برؤوسهم لا ينظرون إليَّ من الخشوع ، فقال لهم جبرئيل : هذا محمّد نبيُّ الرّحمة أرسله الله الى العباد رسولاً ونبيّاً ، وهو خاتم النبيّين وسيّدهم أفلا تكلّمونه ؟

قال : فلمّا سمعوا ذلك من جبرئيل ، أقبلوا عليَّ بالسّلام وأكرموني وبشّروني بالخير لي ولاُمّتي .

قال : ثمّ صعد بي إلى السماء الثانية ، فاذا فيها رجلان متشابهان ، فقلت : مَن هذان يا جبرئيل ؟

فقال لي : ابنا الخالة يحيى وعيسى بن مريم فسلّمتُ عليهما وسلّما عليّ ، واستغفرتُ لهما واستغفرا لي وقالا : مرحباً بالأخ الصّالح والنبيّ الصّالح ، وإذا فيها من الملائكة مثل ما في السماء الاولى ، وعليهم الخشوع ، قد وضع الله وجوهَهم كيف شاء ، ليس منهم ملَك الاّ يُسبّح لله ويحمده بأصوات مختلفة .

ثمّ صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضْلُ حُسنه على سائر الخَلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم ، فقلت : مَن هذا يا جبرئيل ؟

فقال : هذا أخوك يوسف فسلّمتُ عليه وسلّم عليّ ، واستغفرتُ له واستغفر لي وقال : مرحباً بالنبي الصّالح والأخ الصّالح والمبعوث في الزمن الصّالح ، وإذا فيهاملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفتُ في السماء الأولى والثانية ، وقال لهم جبرئيل في أمري ما قال للآخرين ، وصنعوا بي مثل ما صنع الآخرون .

ص: 24

ثمّ صعدنا الى السماء الرّابعة ، وإذا فيها رجل قلت : من هذا يا جبرئيل ؟

قال : هذا إدريس ، رفعه الله مكاناً عليّاً ، فسلّمت عليه وسلّم عليّ واستغفرتُ له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة عليهم من الخشوع مثل ما في السماوات ، فبشّروني بالخير لي ولاُمّتي ، ثمّ رأيتُ ملكاً جالساً على سرير تحت يديه سبعون ألف ملك ، تحت كلِّ ملك سبعون ألف ملك ، فوقع في نفس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) انّه هو ، فصاح به جبرئيل فقال : قم ، فهو قائم الى يوم القيامة .

ثمّ صعدنا الى السّماء الخامسة ، فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه ، حوله ثلّة من اُمَّته فأعجبتْني كثرتَهم ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

قال : هذا المحبَّب في قومه هارون بن عمران فسلّمتُ عليه وسلّم عليّ ، واستغفرتُ له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات .

ثمّ صعدنا إلى السماء السادسة ، وإذا فيها رجل آدم طويل عليه سمرة ولو لا أن عليه قميصين لنفذ شعره منهما فسمعته يقول : تزعم بنو اسرائيل أنّي أكرم وُلد آدم على الله ، وهذا رجل أكرم على الله منّي ، فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

قال : هذا أخوك موسى بن عمران ، فسلّمتُ عليه وسلّم عليّ ، واستغفرتُ له واستغفر لي ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في

ص: 25

السماوات .

ثمّ صعدنا إلى السماء السّابعة ، فما مررتُ بملك من الملائكة إلاّ قالوا : يا محمّد احتجِم وأْمُر أمَّتك بالحجامة ، وإذا فيها رجل أشمط الرّأس((1)) واللَّحية جالس على كرسي ، فقلت : يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السّابعة على باب البيت المعمور في جوار الله ؟

فقال : هذا أبوك ابراهيم وهذا محلّك ومحلّ مَن اتّقى من أُمّتك ، ثمّ قرأ رسول الله (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)((2)) .قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فسلّمت عليه وسلّم عليّ وقال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح والمبعوث في الزمن الصالح ، وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات فبشّروني بالخير لي ولاُمّتي .

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ورأيتُ في السماء السّابعة بحاراً من نور يتلألأ ، يكاد تلألؤها يخطف بالابصار ، وفيها بحارٌ مظلمة وبحار ثلج ورعد ، فلمّا فزعت ورأيت هولاً سألت جبرئيل فقال : أبشر يا محمّد واشكر كرامة ربّك واشكر الله بما صنع إليك ، قال : فثبّتني الله بقوّته وعَونه حتى كثُر قولي لجبرئيل وتعجُّبي فقال جبرئيل : يا محمّد

ص: 26


1- - أشمط الرأس : بياض شعر الرّأس يخالط سواده (مجمع البحرين) .
2- - آل عمران 3 : 68 .

أتعظّم ما ترى ؟ انّما هذا خَلق من ربّك فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى ، وما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربّك ؟ إنّ بين الله وبين خلقه سبعون (تسعون - خ ل) ألف حجاب ، وأقرب الخلق الى الله أنا واسرافيل ، وبيننا وبينه أربعة حجب : حجاب من نور وحجاب من ظلمة وحجاب من الغمام وحجاب من الماء .

قال : ورأيت من العجائب التي خلق الله سبحانه وسخّر به على ما أراده ، ديكاً رجلاه في تُخوم الأرضين السابعة ورأسه عند العرش ، وملكاً من ملائكة الله خَلَقه كما أراد ، رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ثم أقبل مُصعداً حتى خرج في الهواء الى السّماء السّابعة ، وانتهى فيها مُصعداً حتى استقر قرنه إلى قرب العرش ، وهو يقول : سبحان ربّي حيثما كنتُ ، لا تدري أين ربّك من عِظَم شأنه ، وله جناحان في منكبيه إذا نشَرهما جاوزا المشرق والمغرب ، فإذا كان في السَّحَر نشر ذلك الديك جناحيه وخَفَق بهما وصرخ بالتسبيح ، يقول : سبحان الله الملك القدّوس ، سبحان الله الكبير المتعال ، لا إله إلاّ الله الحيّ القيّوم ، وإذا قال ذلك سبّحتْ ديوك الأرض كلّها ، وخفقتْ بأجنحتها ، وأخذَتْ في الصراخ ، فإذا سكتَ ذلك الديك في السَّماء سكتت ديوك الأرض كلّها ، ولذلك الديك زغب((1)) أخضر وريش أبيض كأشدّ بياض ما رأيته قطّ وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشدّ خضرة ما رأيتها .

ص: 27


1- - الزَغَب : صغار الشعر والريش (أقرب الموارد) .

ثم قال : مضيتُ مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور ، فصلّيت فيه ركعتين ومعي أُناس من أصحابي عليهم ثياب جدد ، وآخرون عليهم ثياب خلقان ، فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان ، ثمّ خرجت فانقاد لي نهران ، نهر يسمّى الكوثر ، ونهريسمّى الرّحمة ، فشربتُ من الكوثر واغتسلت من الرّحمة ، ثمّ انقادا لي جميعاً حتى دخلت الجنّة فإذا على حافَّتيها بيوتي وبيوت أزواجي ، وإذا ترابها كالمسك ، فإذا جارية تنغمس في أنهار الجنّة ، فقلت : لمن أنتِ يا جارية ؟

فقالت : لزيد بن حارثة - فبشّرته بها حين أصبحت - وإذا بطيرها كالبخت((1)) ، وإذا رمانها مثل الدِلاء العظام ، وإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها تسعمائة سنة ، وليس في الجنّة منزل إلاّ وفيها فرع منها ، فقلت : ما هذه يا جبرئيل ؟

فقال : هذه شجرة طوبى قال الله تعالى : (طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآب)((2)) .

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فلمّا دخلت الجنة ، رجعتْ إليَّ نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها واعاجيبها قال : هي سرادقات الحُجب التي احتجب الله بها ، ولو لا تلك الحجب

ص: 28


1- - البخت : نوع من الإبل والجمع بخاتي (مجمع البحرين) .
2- - الرعد 13 : 29 .

لهتك نور العرش كلّ شيء فيه ، وانتهيتُ الى سدرة المنتهى ، فإذا الورقة منها تظلّ به أُمَّة من الاُمم ، فكنتُ منها كما قال الله (تبارك وتعالى) : ك- (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)((1)) فناداني (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ)((2)) .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا ربّ أعطيت أنبيائك فضائل فأعطني .

فقال الله : قد أعطيتُك فيما أعطيتُك كلمتين من تحت عرشي : « لاحول ولا قوّة إلاّ بالله ، ولا منجى منك إلاّ اليك » .

قال : وعلّمتني الملائكة قولاً أقوله إذا أصبحت وأمسيت : (اللّهم إنّ ظُلمي أصبح مُستجيراً بعفوك ، وذنبي أصبح مستجيراً بمغفرتك ، وذُلّي أصبح مستجيراً بعزّك ، وفقري أصبح مستجيراً بغناك ، ووجهي الفاني البالي أصبح مستجيراً بوَجهك الدائم الباقي الذي لا يفنى) .

ثمّ سمعتُ الأذان ، فإذا ملَك يؤذّن لم يُر في السماء قبل تلك الليلة ، فقال : الله أكبر الله أكبر .فقال الله : صدق عبدي ، أنا أكبر .

فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله .

فقال الله : صدق عبدي ، أنا الله لا إله غيري .

ص: 29


1- - النجم 53 : 9 .
2- - البقرة 2 : 285 .

فقال : أشهد أنّ محمداً رسول الله ، أشهد أنّ محمداً رسول الله .

فقال الله : صدق عبدي ، إنّ محمّداً عبدي ورسولي ، أنا بعثته وانتجبتُه .

فقال : حيَّ على الصّلاة ، حيَّ على الصلاة .

فقال : صدق عبدي ودعا إلى فريضتي ، فمن مشى إليها راغباً فيها محتسباً ، كانت له كفّارة لما مضى من ذنوبه .

فقال : حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح .

فقال الله : هي الصلاح ، والنجاح ، والفلاح ، ثمّ أمَّمتُ الملائكة في السماء كما أمَّمتُ الأنبياء في بيت المقدس ، قال : ثم غَشِيتني صبابة فخررتُ ساجداً ، فناداني ربّي : أنّي قد فرضتُ على كلّ نبي كان قبلك خمسين صلاة ، وفرضتُها عليك وعلى اُمّتك ، فقم بها أنت في اُمّتك .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فانحدرتُ حتى مررتُ على ابراهيم فلم يسألني عن شيء حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما صنعت يا محمّد ؟

فقلت : قال ربّي : فرضتُ على كلِّ نبيّ كان قبلك خمسين صلاة وفرضتُها عليك وعلى اُمّتك .

فقال موسى : يا محمّد إنّ اُمّتك آخِر الاُمم وأضعَفها ، وإنّ ربّك لا يَرُدّ عليك شيئاً ، وإنّ اُمّتك لا تستطيع ان تقوم بها ، فارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف لاُمّتك ، فرجعتُ إلى ربّي حتى انتهيتُ إلى سدرة

ص: 30

المنتهى ، فخررتُ ساجداً ، ثمّ قلت : فرضتَ عليّ وعلى أُمّتي خمسين صلاة ولا اُطيق ذلك ولا اُمّتي ، فخفّف عنّي فوضع عنّي عشرة ، فرجِعتُ إلى موسى فأخبرته فقال : ارجع لا تُطيق ، فرجِعت إلى ربّي فوضع عنّي عشراً ، فرجِعت إلى موسى فأخبرته ، فقال : إرجع وفي كلّ رجعة أرجِع إليه أخرّ ساجداً ، حتى رجع إلى عشر صلوات فرجعت الى موسى فأخبرته ، فقال : لاتطيق فرجعت إلى ربّي فوضع عنّي خمساً ، فرجعت إلى موسى فأخبرته ، فقال : لا تطيق .

فقلت : قد استحييتُ من ربّي ولكن أصبِر عليها ، فناداني مناد : كما صبرتَ عليها فهذه الخمس بخَمسين ، كلّ صلاة بعشر ، مَن هَمَّ من أُمَّتك بحسنة يعمَلها كُتبتْ له عشرة ، وإن لم يعمل كُتبتْ واحدة ، ومَن همّ من اُمّتك بسيّئة فعملها كُتبتْ عليه واحدة ، وإن لم يَعمَلها لم أكتُب عليه شيئاً .

فقال الصادق (عليه السّلام) : جزى الله موسى عن هذه الاُمّة خيراً .

وهذا تفسير قول الله : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الى آخر الآية((1)) .

باب (5) المساجد ذات الفضيلة

تفسير العياشي : عن سلام الحنّاط ، عن رجل ، عن أبي عبدالله

ص: 31


1- - تفسير القمي : ج2 ص3 . منه تفسير البرهان : ج6 ص8 .

+++++++(عليه السّلام) قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل ؟

فقال : المسجد الحرام ومسجد الرسول .

قلت : والمسجد الأقصى جعلت فداك ؟

فقال : ذاك في السماء إليه أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

فقلت : إنّ الناس يقولون : إنّه بيت المقدس ؟

فقال : مسجد الكوفة أفضل منه((1)) .

أَقول : المساجد التي تُشدّ اليها الرحال أَربعة :

المسجد الحرام .

المسجد النبوي الشريف .

مسجد الكوفة .

المسجد الأَقصى .فهذه هي المساجد المفضّلة من بين المساجد في العالم ، وأما بالنسبة الى هذا الحديث ففيه احتمالان :

الأول : وقوع سقط فيه أو تصحيف ، فالمسجد الأَقصى في بيت المقدس لا في السماء ومنه كان مسرى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى السماء .

ص: 32


1- - تفسير العياشي : ج3 ص35 ح2457 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص39 .

قال الله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ...) .

الثاني : أن يكون في السماء مسجد باسم المسجد الأقصى . والله العالم .

باب (6) فضل الصلاة في مسجد الكوفة

الكافي : محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمّد بن عبدالله الخزّاز ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي : يا هارون بن خارجة كم بينك وبين مسجد الكوفة .. يكون ميلاً ؟

قلت : لا .

قال : فتصلّي فيه الصلوات كلّها ؟

قلت : لا .

فقال : أما لو كنت بحضرته لرجوت ألاّ تفوتني فيه صلاة ، وتدري ما فضل ذلك الموضع ؟ ما من عبد صالح ولا نبيّ إلاّ وقد صلّى في مسجد كوفان ، حتّى أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا أسرى الله به قال له جبرئيل : تدري أين أنت يا رسول الله الساعة ، أنت مقابل مسجد كوفان .

ص: 33

قال : فاستأذن لي ربّي حتّى آتيه فأُصلّي فيه ركعتين فاستأذن الله (عزّوجلّ) فأذن له ... الى آخر الحديث((1)) .

تفسير العياشي : عن هارون بن خارجة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا هارون كم بين منزلك وبين المسجد الأعظم ؟فقلت : قريب .

قال : يكون ميلاً ؟

فقلت : لكنّه أقرب .

فقال : فما تشهد الصّلاة كلّها فيه ؟

فقلت : لا والله جعلت فداك ربما شُغلت .

فقال لي : أما إنّي لو كنت بحضرته ما فاتتني فيه صلاة .

قال : ثمّ قال هكذا بيده : ما من ملَك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا عبد صالح إلاّ وقد صلّى في مسجد كوفان حتى محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة أُسري به مرّ به جبرئيل فقال : يا محمّد هذا مسجد كوفان .

فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : استأذن لي حتى أُصلّي فيه رَكعتين ، فاستأذن له فهبط به وصلّى فيه رَكعتين ، ثمّ قال : أما عَلِمت أنّ عن يمينه روضة من رياض الجنّة ، وعن يساره رَوضة من رياض الجنّة ، أما عَلِمت أنّ الصلاة المكتوبة فيه تعدِل ألف صلاة في غيره ، والنافلة

ص: 34


1- - الكافي : ج3 ص490 ح1 .

خمسمائة صلاة ، والجلوس فيه من غير قراءة القرآن عبادة .

قال : ثمّ قال هكذا بإصبعه فحرّكها : ما بعد المسجدين أفضل من مسجد كوفان((1)) .

باب (7) كان المعراج في جزء من ليلة

تفسير العياشي : عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صلّى العشاء الآخرة ، وصلّى الفجر في الليلة التي أُسري به فيها بمكّة((2)) .

باب (8) الاختبار الالهي للنبي وأهل بيته والانتقام من الغاصبين

كامل الزيارات : حدثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمّد بن سالم ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن حمّاد البصري ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أُسري بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى السماء قيل له : إنّ الله (تبارك وتعالى) يختبرك في

ص: 35


1- - تفسير العياشي : ج3 ص32 ح2450 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص36 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص34 ح2455 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص38 .

ثلاث لينظرَ كيف صبرك ؟

قال : أُسلِّم لأمرك يا ربّ ، ولا قوّة لي على الصبر إلاّ بك فما هنّ ؟

قيل له : أوَّلهن : الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهلِ الحاجة .

قال : قبِلتُ يا ربّ ورضيتُ وسلّمتُ ، ومنك التوفيق والصبر .

وأمّا الثانية : فالتكذيب والخوف الشديد ، وبَذْلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالِكَ ونفسك ، والصَبر على ما يُصيبك منهم من الأذى ومن أهل النِفاق والألم في الحرب والجراح .

قال : قبلتُ يا ربّ ورضيت وسلّمت ، ومنك التوفيق والصبر .

وأمّا الثالثة : فما يَلقى أهل بيتك من بعدك من القتل ، أمّا أخوك علي فيَلقى من أُمتِك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجَحْد والظلم ، وآخِر ذلك القتل .

فقال : يا ربّ قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر .

وأمّا ابنَتك فتُظلم وتُحرَم ويؤخذ حقُّها غصباً الذي تجعله لها ، وتُضرَب وهي حامل ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير أذن ، ثمّ يمسّها هوانٌ وذُلّ ثمّ لا تجِدُ مانعاً ، وتطرَحُ ما في بطنِها من الضرب ، وتموت من ذلك الضَرب .

قلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون قبِلت يا ربّ وسلّمت ، ومنكَ التوفيق

ص: 36

للصبر .

ويكون لها من أخيك ابنان ، يُقتَل أحدهما غَدراً ، ويُسلبُ ويطعن ، تفعل به ذلك أُمتُك .

قلت : يا رب قبلت وسلمت إنا لله وإنا إليه راجعون ، ومنك التوفيق للصبر .وأمّا ابنها الآخر فتَدعوهُ اُمّتك للجهاد ، ثمّ يقتلونه صبراً ويقتلون وُلده ومن معه من اهل بيته ثم يسلبُونَ حرمه فيستعين بي ، وقد مضى القضاء منّي فيه بالشهادة له ولمن معه ، ويكون قتله حجّةً على مَن بين قُطرَيها فيبكيه أهلُ السماوات وأهلُ الأرضين جزَعاً عليه ، وتَبكيه ملائكة لم يُدركوا نُصرته ، ثمّ أُخرج من صلبه ذكراً به أنصرك((1)) ، وإن شبحه عندي تحت العرش يملأ الأرض بالعدل ويُطبِقُها بالقسط ، يسير معه الرّعب يقتُل حتّى يشك فيه .

قلت : إنا لله .

فقيل : إرفع رأسك فنظرتُ إلى رجل أحسن الناس صورة ، وأطيبهم ريحاً ، والنّور يسطع من بين عينيه ومن فوقه ومن تحته ، فدعوتُه فاقبل اليّ وعليه ثياب النّور وسيماً كلّ خير حتى قبّل بين عينيّ ونظرت الى الملائكة قد حفّوا به لا يُحصِيهم إلا الله (عزّوجلّ) .

ص: 37


1- - في نسخة اُخرى : ثم اخرج من صلبه ذكراً انتصر له به .

فقلت : يا ربّ لمن يغضب هذا ولمن أعددت هؤلاء ، وقد وعدتني النّصر فيهم ، فأنا أنتظره منك وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتني ممّا يلقون من بعدي ولئن شئت لأعطيتني النّصر فيهم على من بغى عليهم ، وقد سلّمت وقبلت ورضيت ، ومنك التوفيق والرّضا والعون على الصبر .

فقيل لي : أمّا أخوك فجزاؤه عندي جنّة المأوى نُزلاً بصبره ، اُفلج حجّته على الخلائق يوم البعث وأولّيه حوضك يسقي منه أوليائكم ويمنع منه أعدائكم وأجعل عليه جهنم برداً وسلاماً ، يدخلها ويخرج من كان في قلبه مثقال ذرّة من المودّة ، وأجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنّة .

وأمّا إبنُك المخذول المقتول وابنك المغدور المقتول صبراً فإنّهما ممّا أزيّن بهما عرشي ، ولهما من الكرامة سوى ذلك ممّا لا يخطر على قلب بشر لما أصابهما من البلاء ، فعليّ فتوكل .ولكلّ من أتى قبره من الخلق من الكرامة لأنّ زوّاره زوّارك وزوّارك زوّاري وعليّ كرامة زوّاري ، وأنا أُعطيه ما سأل وأُجزيه جزاء يغبطه من نظر إلى عظمتي إيّاه ، وما أعددت له من كرامتي .

وأمّا ابنتك فإنّي اُوقفها عند عرشي فيقال لها : إنّ الله قد حكّمكِ في خلقه ، فمن ظلمكِ وظلم وُلدِك فاحكمي فيه بما أحببتِ فإني اُجيز حكومتكِ فيهم ، فتشهد العرصة ، فاذا وقف من ظلمها أمرت به إلى النّار فيقول الظالم : واحسرتاه على ما فرّطت في جنب الله ويتمنّى الكرّة

ص: 38

ويعضّ الظالم على يديه ويقول : (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً)((1)) وقال : (حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ)((2)) فيقول الظالم : (أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)((3)) أو الحكم لغيرك فيقال لهم : (أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)((4)) وأَول من يحكم فيهم محسن بن علي وفي قاتله ثمّ في قنفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار ، لو وقَع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها الى مغربها ، ولو وُضعت على جبال الدُّنيا لذابت حتّى تصير رَماداً فيُضربان بها .

ثمّ يَجثو أمير المؤمنين (عليه السّلام) بين يدي الله للخصومة مع الرّابع ، فيدخل الثلاثة في جبّ فيُطبق عليهم لا يراهم أحد ولا يرون أحداً ، فيقول الذين كانوا في ولايتهم : (رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالاِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الاَسْفَلِينَ)((5)) قال الله

ص: 39


1- - الفرقان 25 : 27 و28 .
2- - الزخرف 43 : 38 و39 .
3- - الزمر 39 : 46 .
4- - هود 11 : 18 و19 .
5- - فصلت 41 : 29 .

(عزّوجلّ) : (وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ)فعند ذلك يُنادون بالويل والثبور ، ويأتيان الحوض فيسألان عن أميرالمؤمنين (عليه السّلام) ومعهم حفظة فيقولان : اعفُ عنّا واسقنا وتخلصنا((1)) فيقال لهم : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ)((2)) بإمرة المؤمنين ، ارجعوا ظِماءً مظمئين الى النار فما شرابكم الاّ الحميم((3)) والغِسلين((4)) وما تنفعكم شفاعة الشافعين((5)) .

باب (9) قريش تكذّب المعراج

تفسير البرهان : الخَصيبي في (هدايته) : بإسناده عن الصادق (عليه السّلام) انّه قال : لمّا أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رأى في طريق الشام عيراً لقريش بمكان ، فقال لقريش حين أصبح : يا معشر

ص: 40


1- - في تفسير البرهان : وخلِّصنا .
2- - الملك 67 : 27 .
3- - الحميم : الماء الحار الشديد الحرارة يُسقى منه أهل النار أو يصبّ على أبدانهم (مجمع البحرين) .
4- - الغِسْلين : ما يسيل من جلود أهل النار ولحومهم ودمائهم (أقرب الموارد) .
5- - كامل الزيارات : ص332 ح11 . منه تفسير البرهان : ج8 ص557 .

قريش إنّ الله (تبارك وتعالى) قد أسرى بي في هذه الليلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى - يعني بيت المقدس - حتى ركبت على البراق وقد أتاني به جبرئيل وهو دابّة أكبر من الحمار وأصغر من البغل وخطوته مد البصر فلمّا صرت عليه صعدت إلى السّماء وصلّيت بالنبيين أجمعين والملائكة كلّهم ورأيت الجنّة وما فيها والنار وما فيها ، واطّلعت على المُلك كلّه .

فقالوا : يا محمّد كَذِبٌ بعد كَذِب يأتينا منك مرّة بعد مرّة ، لئن لم تنته عمّا تقول وتدّعي لنقتلنَّك شرَّ قتلة ، تريد أن تأفكنا عن آلهتنا وتصدّنا عمّا كان يعبد آباؤنا الشم الغطاريف((1)) .فقال : يا قوم إنّما أتيتكم بالخير إن قبلتموه ، فإن لم تقبلوه فارجعوا وتربّصوا بي إنّي متربّص بكم وإنّي لأرجو أن أرى فيكم ما آمُلُه من الله فسوف تعلمون .

فقال له أبو سفيان : يا محمّد إن كنتَ صادقاً فيما تقول فإنّا قد دخلنا الشّام ومررنا على طريق الشام فخبِّرنا عن طريق الشام وما رأيت فيه

ص: 41


1- - الاشمُّ : السيّد ذو الانفة الكريم ، والجمع : شُمٌّ . والغطريف : السيّد (أقرب الموارد) .

ونحن نعلم أنّك لم تدخل الشام ، فإن أنت أعطيتنا علامته علمنا أنّك نبيٌّ ورسول .

فقال : والله لأُخبرنَّكم بما رأت عيناي ، السّاعة رأيت عيراً لك يا ابا سفيان وهي ثلاثة وعشرون جملاً يقدمها جمل أرمك((1)) عليه عباءتان قطوانيّتان((2)) وفيهما غلامان لك أحدهما صبيح والآخر رياح في موضع كذا وكذا ورأيت لك يا هشام بن المغيرة عيراً في موضع كذا وكذا وهي ثلاثون بعيراً يقدُمها جمل أحمر فيها ثلاثة مماليك أحدهم ميسرة والاخر سالم والثالث يزيد ، وقد وقع لهم بعير ويأتونكم يوم كذا وكذا في ساعة كذا وكذا ، ووصف لهم جميع ما رآه في بيت المقدس .

قال أبو سفيان : أمّا في بيت المقدس فقد وصفت لنا إيّاه ، وأمّا العير فقد ادّعيت أمراً ، فإن لم يوافق قولك علمنا أنّك كذّاب ، وأنَّ ما تدّعيه الباطل .

فلمّا كان ذلك اليوم الذي أخبرهم أنّ العير تأتيهم فيه خرج أبو سفيان وهشام بن المغيرة حتى لقيا العير وقد أقبلت في الوقت الذي وعده النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسألا غلمانهم عن جميع ما كانوا

ص: 42


1- - جمل أرمك : هو الذي في لونه كُدُورة (لسان العرب) .
2- - العباءة القطوانية : هي عباءة بيضاء قصيرة الخمل نسبة الى قطوان موضع بالكوفة (مجمع البحرين) .

فيه فأخبروهم مثل ما أخبرهم به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

فلمّا أقبلا قال لهما : ما صنعتما ؟

فقالا جميعاً : لقد رأينا جميع ما قلت ، وما يعلم احد السِّحر إلاّ إيّاك ، وإنّ لك شيطاناً عالماً يخبرك بجميع ذلك ، والله لو رأينا ملائكة من السّماء تنزل عليك ماصدّقناك ولا قلنا إنّك رسول الله ولا آمنّا بما تقول فهو علينا سواء أوعظت أم لم تكن من الواعظين((1)) .

تفسير القمي : روى الصادق (عليه السّلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال : بينا أنا راقد بالأبطح وعليٌ عن يميني ، وجعفر عن يساري ، وحمزة بين يديّ ، وإذا أنا بخفق أجنحة الملائكة وقائل منهم يقول : إلى أيُّهم بُعِثت يا جبرئيل ؟

فقال : إلى هذا - وأشار إليّ - ثمّ قال : هو سيّد ولد آدم وحوا ، وهذا وصيّه ووزيره وختنه وخليفته في اُمّته ، وهذا عَمّه سيّد الشُهداء حمزة ، وهذا ابن عمّه جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنّة مع الملائكة ، دعه فلتنَم عيناه ولتسمع أذناه ، ولْيَعِ قلبه ، واضربوا له مثلاً : مَلِكٌ بَنى داراً واتخذ مأدبة((2)) وبعثَ داعياً .

فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فالمَلِك الله ، والدّار الدُّنيا ،

ص: 43


1- - تفسير البرهان : ج6 ص40 ح30 .
2- - المأدبة : طعام صُنع لدعوة أو عرس (أقرب الموارد) .

والمأدبة الجنّة ، والداعي أنا .

قال : ثمّ أدركهُ جبرئيل بالبُراق وأسرى به إلى بيت المقدس ، وَعَرض عليه محاريبَ الأنبياء وآيات الأنبياء ، فصلّى فيها وردّه من ليلته الى مكة ، فمرّ في رجوعه بعير لقريش ، وإذا لهم ماء في آنية ، فشرب منه وأهرق باقي ذلك وقد كانوا أضلّوا بعيراً لهم ، وكانوا يطلُبونه فلمّا أصبح ، قال لقُريش : إنّ الله قد أسرى بي في هذه الليلة إلى بيت المقدس ، فعرض عليَّ محاريب الأنبياء وآيات الأنبياء ، وإنّي مررتُ بعير لكم في موضع كذا وكذا ، وإذا لهم ماء في آنية فشَربت منه وأهرقت باقي ذلك وقد كانوا أضلّوا بعيراً لهم .

فقال أبو جهل (لعنه الله) : قد أمكنكم الفرصة من محمّد ، سلوه كم الأساطين فيها والقناديل ؟فقالوا : يا محمّد إنّ هاهنا من قد دخل بيت المقدس ، فَصِفْ لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه ؟ فجاء جبرئيل فعلّق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعَل يخبرهم بما سألوه فلمّا أخبرهم قالوا : حتى تجيىء العير ونسألهم عمّا قلت .

فقال لهم : وتصديق ذلك أنّ العير تَطلع عليكم مع طلوع الشّمس يقدمها جمل أحمر فلمّا أصبحوا وأقبل ينظرون الى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع السّاعة فبيناهم كذلك إذ طلعت العير مع طلوع الشمس

ص: 44

يقدمها جمل أحمر ، فسألوهم عمّا قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

فقالوا : لقد كان هذا ، ضلَّ جمل لنا في موضع كذا وكذا ، ووضعنا ماءاً وأصبحنا وقد أهريق الماء . فلم يزِدهُم ذلك إلاّ عُتُوّاً((1)) .

أمالي الصدوق : حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا علي بن ابراهيم ، عن أبيه ابراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) قال : لمّا أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى بيت المقدس حمله جبرائيل على البُراق ، فأتيا بيت المقدس وعرض إليه محاريب الأنبياء وصلّى بها وردّه ، فمرّ رسول الله في رجوعه بعير لقريش وإذاً لهم ماء في آنية ، وقد أضلّوا بعيراً لهم وكانوا يطلبونه فشرب رسول الله من ذلك الماء وأهرق باقيه ، فلمّا أصبح رسول الله قال لقريش : إنّ الله (جل جلاله) قد أسرى بي إلى بيت المقدس وأراني آثار الأنبياء ومنازلهم وإنّي مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا ، وقد أضلّوا بعيراً لهم فشربت من مائهم واهرقتُ باقي ذلك .

فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فاسألوه كم الأساطين فيها

ص: 45


1- - تفسير القمي : ج2 ص13 . منه تفسير البرهان : ج6 ص18 .

والقناديل ؟

فقالوا : يا محمّد إنّ هاهنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه ؟ فجاء جبرائيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعل يُخبرهم بما يسألونه عنه ، فلمّا أخبرهم قالوا : حتى يجىء العير ونسألهم عمّا قلت .فقال لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : تصديق ذلك انّ العير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل اورق((1)) فلمّا كان من الغد أقبلوا ينظرون الى العقبة ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة فبينما هم كذلك إذا طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق ، فسألوهم عمّا قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقالوا : لقد كان هذا ، ضَلّ جمل لنا في موضع كذا وكذا ووضعنا ماءاً فأصبحنا وقد اهريق الماء ، فلم يزدهم ذلك إلاّ عتواً((2)) .

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن حديد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أصبح فقعد فحدّثهم بذلك فقالوا له : صف لنا بيت المقدس .

ص: 46


1- - الأورق من الإبل : الذي في لونه سواد إلى بياض ومنه جمل أورق (مجمع البحرين) .
2- - أمالي الصدوق : ص363 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص25 .

قال : فوصف لهم وإنّما دخله ليلاً فاشتبه عليه النعت فأتاه جبرئيل فقال : أنظر هاهنا فنظر إلى البيت فوصفه وهو ينظر اليه ثمّ نعت لهم ما كان من عير لهم فيما بينهم وبين الشّام ثمّ قال : هذه عير بني فلان تقدم مع طلوع الشمس يتقدّمها جمل اورق أو أحمر قال : وبعثت قريش رجلاً على فرس ليردّها قال : وبلغ مع طلوع الشمس .

قال قرطة بن عبد عمرو : يا لهفا ألاّ أكون لك جَذَعاً حيث تزعم انّك أتيت بيت المقدس ورجعت من ليلتك((1)) .

أقول : قوله : « ألاّ أكون لك جَذَعاً » قال ابن الاثير في النهاية : (أصل الجَذَع من أسنان الدّواب وهو ما كان منها شابّاً فتيّاً . وفي حديث المبعث : « انَّ ورقة بن نوفل قال : ياليتني فيها جَذَعاً » الضمير في فيها للنبوة : أي ياليتني كنت شاباً عند ظهورها ، حتى اُبالغ في نصرتها وحمايتها) . وفي كلام قرطة احتمالان :

الأول : أن يكون على وجه الصدق .

الثاني : أن يكون على وجه الاستهزاء .

فيحتمل كلام قرطة لعنه الله كان من باب الاستهزاء.

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في

ص: 47


1- - الكافي : ج8 ص262 ح376 .

قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْم لاَّ يُؤْمِنُونَ)((1)) .

قال : لمّا أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أتاه جبرئيل بالبُراق فركبها فأتى بيت المقدس فلقي من لقي من إخوانه من الأنبياء ثمّ رجع فحدّث أصحابه إنّي أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة وقد جائني جبرئيل بالبراق فركبتها وآية ذلك إنّي مررتُ بعير لأبي سفيان على ماء لبني فلان وقد أضلّوا جملاً لهم أحمر وقد همَّ القوم في طلبه ، فقال بعضهم لبعض : إنّما جاء الشام وهو راكب سريع ولكنّكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجّارها .

فقالوا : يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها ؟

قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا سُئل عن الشيء لا يعرفه شقَّ عليه حتى يرى ذلك في وجهه .

قال : فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل فقال : يا رسول الله هذه الشام قد رُفعتْ لك فالتفت رسول الله فاذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجّارها .

فقال : أين السائل عن الشام ؟

فقالوا له : فلان وفلان فأجابهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في كلّ ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلاّ قليل وهو قول الله (تبارك

ص: 48


1- - يونس 10 : 101 .

وتعالى) : (وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْم لاَّ يُؤْمِنُونَ) .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله وبرسوله ، آمنّا بالله وبرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .تفسير العياشي : عن عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : لمّا أسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ... وذكر نحوه((2)) .

تفسير العياشي : عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أخبرهم أنّه أُسري به قال بعضهم لبعض : قد ظفرتم به فاسألوه عن ايلة((3)) ، قال : فسألوه عنها .

قال : فأطرق فسكت ، فأتاه جبرئيل ، فقال : يا رسول الله ارفع رأسك ، فإنّ الله قد رفع لك ايلة ، وقد أمر الله كلَّ منخفض من الأرض فارتفع ، وكلّ مرتفع فانخفض ، فرفع رأسه فإذا ايلة قد رُفعت له .

قال : فجعلوا يسألونه ويُخبرهم ، وهو ينظر إليها ، ثمّ قال : إنّ علامة ذلك عِير لأبي سفيان تحمل بُرّاً يقدمها جمل أحمر مُجْمِع((4)) ، تدخل غداً

ص: 49


1- - الكافي : ج8 ص364 ح555 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص296 ح1984 الطبعة الحديثة .
3- - ايلة : مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) ممّا يلي الشام (مجمع البلدان) .
4- - رجل مُجْمِع : بلغ اشدّه (أقرب الموارد) .

مع الشّمس ، فأرسلوا الرّسل وقالوا لهم : حيث ما لقيتم العير فاحبسوها ، ليُكذّبوا بذلك قوله . قال : فضَرب الله وجوه الإبل فأقرّت على الساحل ، وأصبح الناس فتشرَّفوا .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : فما رُؤيت مكة قط اكثر متشرّفاً ولا متشرّفة منها يومئذ لينظروا ما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

قال : فأقبلت الإبل من ناحية الساحل ، فقال : يقول القائل : الإبل الشمس ، الشمس الابل ، قال : فَطَلعت جميعاً((1)) .

باب (10) تشريع الأذان والصلاة في المعراج

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : ما تروي هذه الناصبة ؟فقلت : جعلت فداك فيماذا ؟

فقال : في أذانهم وركوعهم وسجودهم .

فقلت : إنّهم يقولون : انّ أُبَيَّ بن كعب رآه في النوم .

فقال : كَذبوا فإنّ دين الله (عزّوجلّ) أعزّ من أن يُرى في النوم .

قال : فقال له سدير الصيرفي : جعلت فداك فأَحدث لنا من ذلك

ص: 50


1- - تفسير العياشي : ج3 ص34 ح2454 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص38 .

ذكراً .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله (عزّوجلّ) لمّا عرج بنبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى سماواته السّبع ، أما اُولاهنَّ فبارك عليه ، والثانية علّمه فرضه فأنزل الله محملاً من نور فيه أربعون نوعاً من أنواع النّور كانت مُحدقة بعرش الله ، تغشي أبصار الناظرين أمّا واحد منها فأصفر ، فمن أجل ذلك أصفرّت الصُّفرة ، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك أحمرَّت الحُمرة ، وواحد منها أبيض فمن أجل ذلك أبيضَّ البياض ، والباقي على ساير عدد الخلق من النّور ، والألوان في ذلك المحمل حِلَق وسلاسل من فضّة ، ثمّ عُرج به إلى السماء فَنفَرتِ الملائكة إلى أطراف السّماء وخرّت سُجّداً وقالت : سبّوح قدّوس ما أشبه هذا النّور بنور ربّنا !

فقال جبرئيل : الله اكبر الله اكبر ، ثمّ فُتِحت أبواب السّماء واجتمعتِ الملائكة فسلّمت على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أفواجاً ، وقالت : يا محمّد كيف أخوك ؟ إذا نزلت فأقرءه السلام .

قال النبي : أفتعرفونه ؟

قالوا : وكيف لا نعرفُه وقد اُخذَ ميثاقك وميثاقُه منّا وميثاق شيعته الى يوم القيامة علينا ، وإنّا لنتصفّح وجوه شيعته في كلّ يوم وليلة خمساً - يعنون في كلِّ وقت صلاة - وإنا لَنُصلّي عليك وعليه ؟

[قال :] ثم زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النّور ، لا يشبه النّور

ص: 51

الأوّل ، وزادني حلقاً وسلاسل ، وعرج بي إلى السّماء الثانية فلمّا قربت من باب السّماء الثانية نفرت الملائكة إلى أطراف السّماء وخرت سُجّداً ، وقالت : سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والرُّوح ما أشبه هذا النّور بنور ربّنا !فقال جبرئيل : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله .

فاجتمعت الملائكة وقالت : يا جبرئيل ، من هذا معك ؟

قال : هذا محمّد .

قالوا : وقد بُعث ؟

قال : نعم .

قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فخرجوا إليَّ شبه المعانيق((1))فسلّموا عليَّ وقالوا : أَقرء أخاك السلام .

قلت : أتعرفونه ؟

قالوا : وكيف لا نعرفه ، وقد أُخذ ميثاقُك وميثاقه وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا ، وإنّا لنتصفّح وجوه شيعته في كل يوم وليلة خمساً ؟ يعنون : في كل وقت صلاة .

قال : ثمّ زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النور ، لا تشبه الأنوار الاُولى ، ثمّ عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة وخرّت سجّداً ، وقالت : سبّوح قدوس ربّ الملائكة والرّوح ما هذا النُّور الذي يشبه نور

ص: 52


1- - المعانيق : جمع المعناق وهو الفرس الجيد العنق (مجمع البحرين) .

ربّنا ؟

فقال جبرئيل : أشهد أنّ محمداً رسول الله أشهد أنّ محمداً رسول الله . فاجتمعتِ الملائكة وقالت : مرحباً بالأوّل ومرحباً بالآخر ، ومرحباً بالحاشر((1)) ، ومرحباً بالناشر ، محمّد خير النبيين ، وعليّ خير الوصيين .

قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ثمّ سلّموا عليّ وسَألوني عن أخي .

قلت : هو في الأرض أفتعرِفونه ؟

قالوا : وكيف لا نعرفه وقد نحجّ البيت المعمور كلّ سنة ؟! وعليه رقّ أبيض فيه اسم محمّد واسم علي والحسن والحسين ]والائمّة [وشيعتهم إلى يوم القيامة ، وإنّا لنبارك عليهم كلّ يوم وليلة خمساً - يعنون في وقت كلّ صلاة - ويمسحون رؤوسهم بأيديهم ،قال : ثمّ زادني ربّي أربعين نوعاً من أنواع النّور لا تشبه تلك الأنوار الاُولى ، ثمّ عرج بي حتى انتهيت إلى السّماء الرّابعة فلم تقل الملائكة شيئاً ، وسمعت دويّاً كأنّه في الصدور ، فاجتمعت الملائكة ففتِحت أبواب السّماء وخرجت إليَّ شِبْه المعانيق .

فقال جبرئيل : حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على

ص: 53


1- - الحاشر : من أسماء النّبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) . وهو الذي يحشر الناس خلفه ممّن هو على دينه وملَّته (مجمع البحرين) .

الفلاح ، حيّ على الفلاح .

فقالت الملائكة : صوتان مقرونان معروفان .

فقال جبرئيل : قد قامت الصّلاة ، قد قامت الصّلاة .

فقالت الملائكة : هي لشيعته إلى يوم القيامة . ثمّ اجتمعت الملائكة وقالت : كيف تركتَ أخاك ؟

فقلت لهم : وتعرفونه ؟

قالوا : نعرفه وشيعته ، وهم نور حول عرش الله ، وإنّ في البيت المعمور لرقّاً من نور ]فيه كتاب من نور[ ، فيه اسم محمّد وعلي والحسن والحسين والائمّة وشيعتهم إلى يوم القيامة ، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل ، وإنّه لميثاقنا وإنّه ليُقرء علينا كلّ يوم جمعة .

ثمّ قيل لي : ارفع رأسك يا محمّد فرفَعت رأسي ، فإذا أطباق السّماء قد خُرقت ، والحجُبُ قد رُفِعت ثمّ قال لي : طأطأ رأسك انظر ما ترى ؟ فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيت مثل بيتكم هذا ، وحرم مثل حرم هذا البيت ، لو ألقيت شيئاً من يدي لم يقع إلاّ عليه ، فقيل لي : يا محمّد إنّ هذا الحرم وأنت الحرام ولكلّ مثل مثال .

ثمّ أوحى الله اليَّ : يا محمّد ادن من صاد فاغسل مساجِدك وطهّرها وصلّ لربّك .

فدنى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من صاد - وهو ماء

ص: 54

يسيل من ساق العرش الأيمن - فتلقّى رسول الله الماء بيده اليُمنى فَمِن أجل ذلك صار الوضوء باليمين ، ثمّ أوحى الله (عزّوجلّ) إليه : أَن اغسل وجهك فإنّك تنظر الى عظمتي ، ثمّ اغسل ذراعيك اليمنى واليسرى ، فإنّك تلقى بيدكَ كلامي ، ثمّ امسح رأسك بفضل مابقيَ في يديك من الماء ورجليك إلى كعبيك ، فإنّي أُبارك عليك وأوطيك موطئاً لم يطأهُ أحدُ غيرك فهذا علّة الأذان والوضوء .

ثمّ أوحى الله (عزّوجلّ) إليه : يا محمّد استقبل الحجر الأسود وكبّرني على عدد حُجبي، فمن أجل ذلك صار التكبير سبعاً لأنّ الحُجُب سبع ، فافتتح عند انقطاع الحُجب ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح سُنّة والحُجُب متطابقَة ، بينهن بحار النُّور وذلك النُّور الذي أنزلَهُ الله على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرّات لافتتاح الحجُب ثلاث مرّات ، فصار التكبير سبعاً والافتتاح ثلاثاً ، فلمّا فرغ من التكبير والافتتاح أوحى الله إليه : سمّ بإسمي ، فمن أجل ذلك جعل (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في أوّل السورة .

ثمّ أوحى الله إليه : أن أحمدني فلمّا قال : (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال النبي في نفسه : شكراً ، فأوحى الله (عزّوجلّ) إليه : قطعتَ حمدي فسمّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل في الحمد (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مرّتين فلمّا بلغ (وَلاَ الضَّالِّينَ) قال النبي : الحمد لله ربّ

ص: 55

العالمين شُكراً ، فأوحى الله إليه : قطَعتَ ذكري فسمِّ باسمي ، فمن أجل ذلك جعل (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)في أَول السورة .

ثم أوحى الله (عزّوجلّ) إليه : إقرأ يا محمّد نسبة ربّك (تبارك وتعالى) : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) ثمّ امسَك عنه الوحي .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : الواحد الأحد الصمد .

فأوحى الله إليه : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) ثمّ أمسك عنه الوحي .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : كذلك الله كذلك ]الله [ربّنا .

فلمّا قال ذلك أوحى الله إليه : اركع لربّك يا محمّد فركع فأوحى الله إليه وهو راكع قل : سبحان ربّي العظيم ، ففعل ذلك ثلاثاً ، ثمّ أوحى الله إليه : أن إرفع رأسك يا محمّد ففعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقام منتصباً ، فأوحى الله (عزّوجلّ) إليه : أن اسجد لربّك يا محمّد فخرَّ رسول الله ساجداً ، فأوحى الله (عزّوجلّ) إليه قل : سبحان ربّي الأعلى ، ففعل ذلك ثلاثاً ، ثمّ أوحى الله إليه : استَوِ جالساً يا محمّد ففعل ، فلمّا رفعرأسه من سجوده واستوى جالساً نظر إلى عظمته تجلّت له فخرّ ساجداً من تلقاء نفسه ، لا لأمر اُمر به ، فسبّح أيضاً ثلاثاً ، فأوحى الله إليه :

ص: 56

انتصب قائماً ففعل فلم ير ما كان رأى من العظمة ، فمن أجل ذلك صارت الصلاة ركعة وسجدتين .

ثمّ أوحى الله (عزّوجلّ) إليه : اقرأ بالحمد لله ، فقرأها مثل ما قرأ أوّلاً ، ثمّ أوحى الله (عزّوجلّ) إليه : إقرء (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ) فإنّها نِسبتَكَ ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة وفعل في الرّكوع مثل ما فعل في المرّة الأُولى ، ثمّ سجد سجدة واحدة ، فلمّا رفع رأسه تجلّت له العظمة فخرَّ ساجداً من تلقاء نفسه ، لا لأمر اُمر به ، فسبّح أيضاً ، ثمّ أوحى الله إليه : إرفع رأسك يا محمّد ، ثبّتك ربّك فلمّا ذهب ليقوم قيل : يا محمّد اجلس فجلس ، فأوحى الله إليه : يا محمّد إذا ما انعمتُ عليك فسمِّ بإسمي فألهم أن قال : بسم الله وبالله ، ولا إله الا الله ، والأسماء الحُسنى كلّها لله ، ثمّ أوحى الله إليه : يا محمّد صلّ على نفسك وعلى أهل بيتك .

فقال : صلّى الله عليَّ وعلى أهل بيتي ، وقد فعل ، ثمّ التفت فإذا بصفوف من الملائكة والمرسلين والنبيين فقيل : يا محمّد سلّم عليهم .

فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فأوحى الله إليه : أن السّلام والتحية والرّحمة والبركات أنت وذُريّتك ، ثم أوحى الله إليه : أن لايلتفت يساراً وأول آية سمعها بعد (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) و (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ)آية أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، فمن أجل ذلك كان السّلام واحدة تجاه القبلة ، ومن أجل ذلك كان التكبير في السّجود شكراً ،

ص: 57

وقوله : سمع الله لمن حمده ، لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمع ضجّة الملائكة بالتسبيح والتحميد والتهليل ، فمن أجل ذلك قال : سمع الله لمن حمده ومن أجل ذلك صارت الرّكعتان الأوليان كلّما أُحدث فيهما حدثاً كان على صاحبهما إعادتهما ، فهذا الفرض الأوّل في صلاة الزوال ، يعني صلاة الظهر((1)) .من لا يحضره الفقيه : روى حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : لمّا اسرى برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ]و[ حضرت الصلاة فأذّن جبرئيل فلمّا قال : الله اكبر الله اكبر .

قالت الملائكة : الله اكبر الله اكبر .

فلمّا قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله .

قالت الملائكة : خلع الانداد .

فلمّا قال : أشهد أنّ محمداً رسول الله .

قالت [الملائكة] : نبيٌ بُعث .

فلمّا قال : حي على الصلاة .

قالت [الملائكة] : حثّ على عبادة ربّه .

فلمّا قال : حي على الفلاح .

قالت [الملائكة] : افلح من اتَّبعه((2)) .

ص: 58


1- - الكافي : ج3 ص482 ح1 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص281 ح864 .

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ... وذكر مثله((1)) .

تفسير العياشي : عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ... وذكر مثله((2)) .

أقول : لا شك أن قول « حيَّ على خير العمل » جزء من الأذان والاقامة ، وعدم ذكره في هذا الحديث لا يضرّ بالمقام لأن هناك أحاديث كثيرة تذكره في فصول الأذان وأجزائه .وقد ذكرنا - في الجزء الرابع والعشرين من هذه الموسوعة - بحثاً وافياً وشرحاً شافياً حول هذا الفصل من الأذان ، كما ذكرنا بعض الأحاديث الشريفة المرويَّة في هذا المجال ، فراجع .

باب (11) البشارات التي تلقّاها النبي في المعراج لأمير المؤمنين

الأمالي للطوسي : حدَّثني الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن

ص: 59


1- - معاني الأخبار : ص387 ح21 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص33 ح2453 الطبعة الحديثة .

علي بن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضّل قال : حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن عبدالله الموسوي قال : حدثني مودّبي عبدالله بن أحمد بن نهيك الكوفي قال : حدثنا محمّد ابن زياد بن أبي عمير قال : حدثنا علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد ، عن آبائه (عليهم السّلام) ، عن علي (عليه السّلام) قال : قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي إنّه لمّا أسري بي إلى السماء تَلقَّتني الملائكة بالبشارات في كلّ سماء حتّى لقيني جبرئيل في محفل من الملائكة فقال : يا محمّد لو اجتمعتْ اُمّتك على حبّ علي ما خلق الله (عزّوجلّ) النار ، يا علي إنّ الله (تعالى) أشهدك معي في سبعة مواطن حتى أنِسْتُ بك :

أمّا اول ذلك : فليلَة اُسري بي إلى السّماء ، قال لي جبرئيل : أين أخوك يا محمّد ؟

فقلت : يا جبرئيل خلّفتُه ورائي .

فقال : اُدع الله (عزّوجلّ) فليأتِكَ به ، فدعوتُ الله (عزّوجلّ) فإذا مِثالك معي ، وإذا الملائكة وقوف صفوفاً .

فقلت : يا جبرئيل من هؤلاء ؟

قال : هؤلاء الذين يباهي الله (عزّوجلّ) بهم يوم القيامة ، فدنوتُ فنطقتُ بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة .

ص: 60

والثاني : حين اُسري بي إلى ذي العرش (عزّوجلّ) فقال لي جبرئيل : أين أخوك يا محمّد ؟فقلت : خلّفته ورائي .

فقال : اُدع الله (عزّوجلّ) فليأتك به ، فدعوتُ الله (عزّوجلّ) فإذا مِثالك معي ، وكشِط لي عن سبع سماوات حتى رأيتُ سكّانها وعُمّارها وموضع كلِّ مَلَك منها .

والثالث : حيث بُعِثت للجنّ ، فقال لي جبرئيل : أين أخوك ؟

فقلت : خلّفته ورائي .

فقال : اُدع الله (عزّوجلّ) فليأتك به ، فدعوتُ الله (عزّوجلّ) فإذا أنت معي ، فما قلتُ لهم شيئاً ولا ردّوا عليَّ شيئاً إلاّ سمعتَه ووعيتَه .

والرابع : خُصِصنا بليلة القدر ، وأنت معي فيها ، وليست لأحد غيرنا .

والخامس : ناجيتُ الله (عزّوجلّ) ومِثالك معي ، فسألتُ فيك خِصالاً أجابني إليها إلاّ النبوّة ، فإنّه قال : خصصتُها بك ، وختمتُها بك .

والسادس : لمّا طُفتُ بالبيت المعمور ، كان مثالُك معي .

والسابع : هلاك الأحزاب على يَدي وأنت معي .

يا علي : إنّ الله أشرف على الدُّنيا فاختارَني على رجال العالمين ، ثمّ اطَّلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثمّ اطلع الثالثة فاختار فاطمة

ص: 61

على نساء العالمين ، ثمّ اطلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والائمة من ولده على رجال العالمين .

يا علي : إنّي رأيت اسمك مقروناً بإسمي في أربعة مواطن ، فأنست بالنّظر إليه : إنّي لمّا بلغت بيت المقدس في معارجي إلى السماء وجدت على صخرتها : « لا إله إلاّ الله ، محمّد رسول الله أيّدته بوزيره ونصرته به » .

فقلت : يا جبرئيل ومَن وزيري ؟

قال : علي بن أبي طالب .

فلمّا انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوباً عليها : « لا إله إلاّ الله أنا وحدي ، ومحمّد صَفوتي من خلقي أيّدته بوزيره ونصرته به » .

فقلت : يا جبرئيل ومن وزيري ؟

فقال : علي بن أبي طالب .فلمّا جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش ربّ العالمين وجدت مكتوباً على قائمة من قوائم العرش : « أنا الله لا إله الاّ أنا وحدي ، محمّد حبيبي وصَفوتي من خلقي ، أيّدتُه بوزيره وأخيه ونصرتُه به » .

يا علي إنّ الله (عزّوجلّ) أعطاني فيك سبع خصال : أنت أوّل من ينشقَّ القبر عنه معي ، وأنت أوّل من يقف معي على الصّراط فتقول للنار : خذي هذا فهو لك ، وذري هذا فليس هو لك ، وأنت أوّل من يُكسى إذا

ص: 62

كُسيت ، ويحيى إذا حُييت ، وأنت أوّل من يقف معي عن يمين العرش ، وأول من يقرع معي باب الجنة ، وأوّل من يسكن معي في عليين ، وأول من يشرب معي من الرّحيق المختوم الذي ختامه مسك ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون((1)) .

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدثنا محمّد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني قال : حدثنا محمّد بن همام قال : حدثنا أحمد بن بندار قال : حدثنا أحمد بن هلال ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لمّا اُسري بي إلى السّماء أوحى إليّ ربّي (جلّ جلاله) فقال : يا محمّد إنّي اطلعت إلى الأرض إطلاعاً فاخترتك منها ، فجعلتك نبيّاً وشققت لك من إسمي إسماً ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطلعت الثانية فاخترت منها عليّاً وجعلته وصيّك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريّتك وشققت له إسماً من أسمائي فأنا العليُّ الأعلى وهو علي ، وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما ، ثمّ عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقرّبين .

يا محمّد : لو أنّ عبداً عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشِّنّ البالي ثمّ

ص: 63


1- - أمالي الطوسي : ص641 ح1335 . منه تفسير البرهان : ج6 ص44 .

أتاني جاحداً لولايتهم ما أسكنتُه جنّتي ولا أظللتُه تحت عرشي .

يا محمّد : أتحبُ ان تراهم ؟

قلت : نعم يا ربي .فقال (عزّوجلّ) : إرفع رأسك .

فرفعت رأسي ، فإذا أنا بأنوار علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمّد بن علي ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمّد بن علي ، وعلي بن محمّد ، والحسن ابن علي ، والحجّة بن الحسن القائم في وسطهم كأنّه كوكب درّي .

قلت : يا ربّ من هؤلاء ؟

قال : هؤلاء الأئمَّة وهذا القائم الذي يحلّ حلالي ويحرّم حرامي وبه انتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين ، فيُخرج اللاّت والعزّى طريّين فيُحرقهما ، فلَفتنة الناس بهما يومئذ أشدّ من فتنة العجل والسّامري((1)) .

باب (12) النبي محمد إمام الملائكة أجمعين

علل الشرائع : حدثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطّار

ص: 64


1- - عيون أخبار الرضا : ج1 ص58 ح27 .

النيسابوري (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة قال : حدثنا الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أسرى برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحضرت الصلاة أذّن جبرئيل وأقام الصّلاة ، فقال : يا محمّد تقدّم .

فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : تقدّم يا جبرئيل .

فقال له : إنّا لا نتقدّم على الآدميين منذ أُمرنا بالسجود لآدم((1)) .

تفسير العياشي : عن هشام ، عنه قال : لمّا أُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حضرت الصلاة ، فأذّن جبرئيل وأقام للصّلاة فقال ... وذكر مثله((2)) .

باب (13) العلَّة في الجهر والإخفات في الصلاة

من لا يحضره الفقيه : وسأل محمّد بن عمران أبا عبدالله (عليه السّلام) فقال : لأيِّ علّة يُجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما ؟ ولأيِّ علّة صار التسبيح في الرّكعتين الأخيرتين أفضل من

ص: 65


1- - علل الشرائع : ص8 ح4 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص32 ح2449 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص36 .

القراءة ؟

قال : لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا اُسري به إلى السَّماء كان أوّل صلاة فرض الله عليه الظّهر يوم الجمعة فأضاف الله (عزّوجلّ) إليه الملائكة تصلّي خلفه وأمر نبيّه (عليه السّلام) أن يجهر بالقراءة ليبيّن لهم فضله((1)) .

ثم فرض الله عليه العصر ولم يضف إليه أحداً من الملائكة وأمره أن يخفي القراءة لأنّه لم يكن وراءه أحد .

ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة وأمره بالإجهار ، وكذلك العشاء الآخرة .

فلمّا كان قرب الفجر نزل ففرض الله (عزّوجلّ) عليه الفجر وأمره بالإجهار ليبيّن للناس فضله كما بيّن للملائكة ، فلهذه العلّة يُجهر فيها .

وصار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين ، لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله (عزّوجلّ) فدهش ، فقال : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر » فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة((2)) .

ص: 66


1- - أقول : يُستحب الجهر في قراءة الحمد والسورة في صلاة الظهر من يوم الجمعة دون العصر فانّه يُخفت فيها ، هذا هو المشهور بين الفقهاء ولعلّه كالمتفق عليه بينهم إلاّ النادر منهم . والله العالم .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص309 ح924 .

علل الشرايع : حدثنا حمزة بن محمّد العلوي (ره) قال : أخبرنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن مُعبّد ، عن الحسن بن خالد ، عن محمّد بن حمزة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : لأيّ علّة يُجهر في صلاة الفجر وصلاة المغربوصلاة العشاء الآخرة ، وسائر الصلوات مثل : الظهر والعصر لا يُجهر فيها ؟ ولأيِّ علّة صار التسبيح في الركعتين الاخيرتين أفضل من القراءة ؟

قال : لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا أُسري به إلى السماء ... وذكر قريباً منه((1)) .

باب (14) مَلَك في السماء بصورة أمير المؤمنين

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال : حدثنا أحمد بن الفضل قال : حدثني بكر بن أحمد القصري قال : حدثني أبو محمّد الحسن بن علي بن محمّد ابن علي بن موسى ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : ليلة أسرى بي ربّي (عزّوجلّ) رأيت في بطنان العرش ملكاً بيده سيف من نور يلعب به كما

ص: 67


1- - علل الشرايع : ص322 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص32 .

يلعب علي بن أبي طالب بذي الفقار وانّ الملائكة إذا اشتاقوا إلى وجه علي بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك .

فقلت : يا ربّ هذا أخي علي بن أبي طالب وابن عمّي ؟

فقال : يا محمّد هذا مَلَك خلقته على صورة علي يعبدني في بطنان عرشي تُكتب حسناتُه وتسبيحُه وتقديسه لعلي بن أبي طالب إلى يوم القيامة((1)) .

باب (15) الامام علي خيرة الله ورسوله

أمالي الصدوق : حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمّد ابن أبي القاسم ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان ، عن زرارة وإسماعيل بن عبّاد القصري ، عن سليمان الجعفي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا اُسري بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وانتهى إلى حيث أراد الله (تبارك وتعالى) ناجاه ربّه (جلّ جلاله) ، فلمّا ان هبط إلى السماء الرّابعة ناداه : يا محمّد .قال : لبيك ربّي .

قال : مَن أخترت من أُمّتك يكون من بعدك لك خليفة ؟

ص: 68


1- - عيون أخبار الرضا : ج2 ص131 ح15 .

قال : اختر لي ذلك فتكون أنت المختار لي .

فقال له : إخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب((1)) .

باب (16) صفات الله عين ذاته

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن خالد الطيالسي ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لم يزل الله (عزّوجلّ) ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم ، وقع العلم منه على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر على المبصَر ، والقدرة على المقدور .

[قال : قلت : فلم يزل الله متحرّكاً ؟

قال : فقال : تعالى الله [عن ذلك] انّ الحركة صفة محدثة بالفعل]((2)) .

قال : قلت : فلم يزل الله متكلّماً ؟

قال : فقال : إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزلية كان الله (عزّوجلّ) ولا متكلّم((3)) .

ص: 69


1- - أمالي الصدوق : ص474 ح16 .
2- - مابين المعقوفتين ليس في كتاب التوحيد .
3- - الكافي : ج1 ص107 ح1 .

التوحيد : حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) قال : حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن خالد الطيالسي الخزّاز الكوفي ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لم يزل الله ... وذكر مثله((1)) .التوحيد : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا محمّد بن عيسى ، عن اسماعيل بن سهل ، عن حمّاد بن عيسى قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) فقلت : لم يزل الله يعلم ؟

قال : أنّى يكون يعلم ولا معلوم .

قال : قلت : فلم يزل الله يسمع ؟

قال : أنّى يكون ذلك ولا مسموع .

قال : قلت : فلم يزل يبصر ؟

قال : أنّى يكون ذلك ولا مبصر .

قال : ثم قال : لم يزل الله عليماً سميعاً بصيراً ، ذات علامة سميعة بصيرة((2)) .

التوحيد : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق (رحمه الله) قال : حدّثنا أبو القاسم العلوي قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل

ص: 70


1- - التوحيد : ص139 ح1 .
2- - التوحيد : ص139 ح2 .

البرمكي قال : حدّثنا الحسين بن الحسن قال : حدّثني ابراهيم بن هاشم القمي قال : حدّثنا العباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (عليه السّلام) - الى أن قال : - قال السائل : فتقول : انّه سميع بصير ؟!

قال : هو سميع بصير ، سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ، ويبصر بنفسه ، ليس قولي : إنّه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخر ، ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنتُ مسؤولاً وإفهاماً لك إذ كنتَ سائلاً ، وأقول : يسمع بكلّه لا أنَّ الكلّ منه له بعض ، ولكني أردت افهاماً لك والتعبير عن نفسي ، وليس مرجعي في ذلك إلاّ إلى أنّه السميع البصير العالم الخبير ، بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى ... الى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً) (3) .

باب (17) دعاء الشكر في الصباح والمساء

الكافي : عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن رئاب ، عن

ص: 71


1- - التوحيد : ص243 ح1 .

اسماعيل بن الفضل قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات : « اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية من دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها عليّ يا ربّ حتّى ترضى وبعد الرضا » فإنّك إذا قلت ذلك كنت قد أدّيت شُكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة((1)) .

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان نوح (عليه السّلام) يقول ذلك((2)) إذا أصبح ، فسمّي بذلك عبداً شكوراً . وقال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من صدَق الله نجا((3)) .

تفسير العياشي : عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان نوح (عليه السّلام) إذا أصبح قال : « اللهم إنّه ما كان من نعمة وعافية في دين أو دنيا فإنّه منك ، وحدك لا شريك لك ، لك الملك ولك الشُكر به عليّ يا ربّ حتى ترضى وبعد الرضا »((4)) .

تفسير العياشي : عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّما سُمّي نوح عبداً شكوراً ، لأنّه كان يقول إذا أصبح

ص: 72


1- - الكافي : ج2 ص99 ح28 .
2- - أي الدعاء المذكور في الحديث السابق .
3- - الكافي : ج2 ص99 ح29 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص36 ح2460 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص50 .

وأمسى : « اللهم إنّه ما أصبح وامسى بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك ، وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر به عليّ يا ربّ حتّى ترضى وبعد الرّضا » ويقولها إذا أصبح عشراً ، وإذا أمسى عشراً((1)) .

مجمع البيان : روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) : أنّ نوحاً كان إذا أصبح وأمسى قال : « اللهم إنّي أشهدك انّ ما أصبح أو أمسى بي من نعمة في دينأو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها عليَّ حتّى ترضى وبعد الرضا » وهذا كان شكره((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْس شَدِيد فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَال وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (4 - 6) .

باب (18) الفساد في الأرض بقتل الأئمة الطاهرين

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبدالله بن

ص: 73


1- - تفسير العياشي : ج3 ص36 ح2461 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص50 .
2- - مجمع البيان : ج3 ص396 .

القاسم البطل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) .

قال : قَتْل علي بن أبي طالب وطَعْن الحسن (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً)قال : قَتْل الحسين (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا) فاذا جاءَ نصر دم الحسين (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْس شَدِيد فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ) قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلا يَدَعون وِتراً لآل محمّد إلاّ قتلوه (وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولا) خروج القائم (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ)خروج الحسين في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهّب ، لكل بيضة وجهان ، المؤدّون الى الناس : أنّ هذا الحسين قد خرج ، حتى لا يشكّ المؤمنون فيه وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان ، والحجّة القائم بين أظهُرِهم ، فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين جاء الحُجّةَ الموتُ ، فيكون الذي يُغسّله ويُكفّنه ويُحنّطه ويُلحده في حُفرته الحسين ابن علي ولايلي الوصيّ إلاّ الوصيُّ((1)) .

تفسير العياشي : عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) قَتْل علي وطَعْنالحسن (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) قَتْل الحسين (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا) اذا جاء ... وذكر نحوه((2)) .

ص: 74


1- - الكافي : ج8 ص206 ح250 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص37 ح2464 الطبعة الحديثة .

أقول : الظاهر أن هذا الحديث - والذي يليه - جاء من باب تأويل الآية الكريمة .

كامل الزيارات : حدثني محمّد بن جعفر القرشي الرزّاز قال : حدثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان الحنّاط ، عن عبدالله بن قاسم الحضرمي ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) .

قال : قَتْل أمير المؤمنين ، وطَعْن الحسن بن علي (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) قَتْل الحسين بن علي (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا) قال : إذا جاء نَصرُ الحسين (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْس شَدِيد فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ) قوماً يبعثُهم الله قبل قيام القائم لا يدعُون وِتراً لآل محمّد إلاّ أحرقوه (وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولا)((1)) .

كامل الزيارات : حدثني محمّد بن جعفر الكوفي الرزّاز ، عن محمّد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم الحضرمي ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) : (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) .

قال : قَتْل علي وطَعْن الحسن (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) قال : قَتْل

ص: 75


1- - كامل الزيارات : ص61 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص53 .

الحسين((1)) .

باب (19) الرّجعة الى الدنيا

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن رجل ، عن جميل بن درّاج ، عن المعلّى بن خنيس وزيد الشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قالا : سمعناه يقول : إنّ أوّل من يَكرّ في الرّجعة الحسين بن علي ويمكث في الأرض أربعين سنة حتى يسقط حاجِباه على عينيه((2)) .مختصر بصائر الدرجات : محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن الحسين بن أحمد المعروف بالمنقري ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي ، فأمّا يوم القيامة فإنّما هو بعثٌ إلى الجنة وبعث الى النار((3)) .

تفسير العياشي : عن رفاعة بن موسى قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ أوّل من يَكر إلى الدنيا الحسين بن علي وأصحابه ويزيد بن

ص: 76


1- - كامل الزيارات : ص64 ح7 . منه تفسير البرهان : ج6 ص54 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص18 . منه تفسير البرهان : ج6 ص56 .
3- - مختصر بصائر الدرجات : ص27 . منه تفسير البرهان : ج6 ص58 .

معاوية وأصحابه ، فيقتلهم حذو القُذة بالقُذّة .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَال وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد ابن عثمان ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت حمران بن أعين وأبا الخطّاب يُحدِّثان جميعاً - قبل أن يُحْدث أبو الخطاب ما أَحدث - انّهما سَمعا أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : أوَّل من تنشقّ الأرض عنه ويرجع الى الدنيا الحسين بن علي ، وانّ الرجعة ليست بعامّة وهي خاصّة ، لا يرجِعُ إلاَّ من محض الإيمان مَحْضاً أو مَحضَ الشرك محضاً((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد البرقي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن المعلّى بن عثمان ، عن المعلّى بن خنيس قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : أوّل من يَرجع إلى الدنيا الحسين ابن علي ، فيملكُ حتى يسقط حاجباه على عَينيه من الكبر .قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ

ص: 77


1- - تفسير العياشي : ج3 ص39 ح2467 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص56 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص24 . منه تفسير البرهان : ج6 ص57 .

الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَاد)((1)) قال : نبيكم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) راجع إليكم((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسين ابن سفيان البزّاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ لعليّ في الأرض كرّة مع الحسين ابنه (صلوات الله عليهما) يُقبل برايته حتى ينتِقم له من اُميَّة((3)) ومعاوية وآل معاوية((4)) ومن شهد حربه ، ثم يبعث الله إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفاً ، ومن سائر الناس سبعين ألفاً ، فيلقاهم بِصفّين مثل المرّة الأُولى حتى يقتلهم ولا يُبقي منهم مخبراً ، ثم يبعثهم الله (عزّوجلّ) فيُدخلهم أشد عذابه مع فرعون وآل فرعون ، ثم كرّة اُخرى مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى يكون خليفة في الأرض ، وتكون الأئمة (عليهم السّلام) عُمّاله ، وحتى يعبد الله علانية ، فتكون عبادته علانية في الأرض كما عُبدالله سراً في الأرض .

ثم قال : إي والله وأضعاف ذلك - ثم عقد بيده - أضعافاً يُعطي الله

ص: 78


1- - القصص 28 : 85 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص28 . منه تفسير البرهان : ج6 ص57 .
3- - في تفسير البرهان : من بني اُميّة .
4- - في تفسير البرهان : وآل ثقيف .

نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ملك جميع أهل الدّنيا منذ يوم خلق الله الدنيا الى يوم يُفنيها حتّى ينجزَ له موعده في كتابه كما قال : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)((1)) .

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السّلام) قال : قال أمير المؤمنين في خطبته : يا أيُّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّ بين جوانحي عِلماً جمّاً فسلوني قبل أن تشغر((2))

برجلها فتنة شرقيَّة ، تطأ في خطامها ، ملعونٌ ناعقُها وموليها وقائدها وسائقها والمتحرِّز فيها ، فكم عندهامن رافعة ذيلها ، تدعو بويلها ، بدجلة أو حولها ، لا مأوى يكنّها ، ولا أحد يرحمها ، فإذا استدار الفلك قلتم : مات أو هلك ، وأي واد سلك فعندها توقَّعوا الفرج ، وهو تأويل هذه الآية : (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَال وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) والذي فَلق الحبة وبرأ النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعِمين ، ولا يخرج الرجل منهم من الدُّنيا حتى يولد لصلبه ألف ذَكر ، آمنين من كلّ بدعة وآفة ، عاملين بكتاب الله وسنّة رسوله ، قد اضمحلَّت عنهم الآفات والشُبهات((3)) .

ص: 79


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص29 . منه تفسير البرهان : ج6 ص58 .
2- - شغر الكلب : رفع إحدى رجليه ليبول (مجمع البحرين) .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص38 ح2466 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص56 .

*****

قوله تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (9) .

باب (20) القرآن يهدي للتي هي أقوم

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابراهيم ابن عبد الحميد ، عن موسى بن اكيل النميري ، عن العلاء بن سيّابة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى :((1)) (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) .

قال : يهدي الى الامام((2)) .

مختصر بصائر الدرجات : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن ابراهيم بن عبد الحميد مثله((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : ثم ثلّث بالدعاء اليه بكتابه أيضاً فقال (تبارك وتعالى) : (إِنَّ

ص: 80


1- - في مختصر بصائر الدرجات : في قول الله (عزّوجلّ) .
2- - الكافي : ج1 ص216 ح2 .
3- - مختصر بصائر الدرجات : ص5 .

هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (أي يدعو) وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) ... الى آخر الحديث((1)) .

باب (21) الامام والقرآن لا يفترقان

معاني الأخبار : حدثنا أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المقري قال : حدثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني قال : حدثنا أبو بكر محمّد بن الحسن الموصلي قال : حدثنا محمّد بن عاصم الطريفي قال : حدثنا عباس بن يزيد بن الحسن الكحّال مولى زيد بن علي قال : حدثني أبي قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السّلام) قال : الامام منّا لا يكون إلاّ معصوماً ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيُعرف بها ولذلك لا يكون إلاّ منصوصاً .

فقيل له : يابن رسول الله فما معنى المعصوم ؟

فقال : هو المعتصم بحبل الله ، وحبلُ الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة ، والامام يهدي إلى القرآن ، والقرآن يهدي إلى الإمام ، وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)((2)) .

*****

ص: 81


1- - الكافي : ج5 ص13 ح1 .
2- - معاني الأخبار : ص132 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص60 .

قوله تعالى : (وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا) (11) .

باب (22) كان الانسان عجولا

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن ابراهيم القزويني قال : أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدثني أحمد بن ابراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله لمّا خلق آدم ونفَخَ فيه منروحه ، وثَبَ ليقومَ قبل أن يتم فيه الرّوح فسقط فقال الله (عزّوجلّ) : (وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولا)((1)) .

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا خلق ... وذكر نحوه((2)) .

*****

ص: 82


1- - أمالي الطوسي : ص659 ح1361 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص40 ح2471 الطبعة الحديثة . منهما تفسير البرهان : ج6 ص62 .

قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْء فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا) (12) .

باب (23) السواد الذي في القمر

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عنه (عليه السّلام) (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ) قال : هو السَّواد الَّذي في جوف القمر((1)) .

تفسير العياشي : عن نصر بن قابوس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : السّواد الّذي في القمر : محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((2)) .

أقول : لعلّها كتابة خاصة لا يعرفها إلاّ المقرَّبون .

*****

قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (13 و14) .

ص: 83


1- - تفسير العياشي : ج3 ص40 ح2472 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص65 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص40 ح2473 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص65 .

باب (24) بلوى المؤمنين في عصر الغيبة

كمال الدين : حدثنا محمّد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشّاء البغدادي قال : حدثنا أحمد بن طاهر ]القمي[ قال : حدثنا محمّد بن بحر بن سهل الشيباني قال : أخبرنا علي بن الحارث ، عن سعيدبن منصور الجواشني قال : أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال : أخبرنا أبي ، عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمرو أبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام) - في حديث - قال : ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خصَّ الله به محمداً والأئمّة من بعده (عليهما السّلام) وتأمّلت منه مولد قائمنا وغيبته وابطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزّمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم التي قال الله (تقدّس ذكره) : (وَكُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعني الولاية فأخذتني الرِّقّة ، واستولت عليَّ الاحزان ... الى آخر الحديث((1)) .

ص: 84


1- - كمال الدين : ص352 ح50 . منه تفسير البرهان : ج6 ص66 .

باب (25) كتاب الانسان في عنقه

كتاب الزهد : القاسم ، عن علي ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ المؤمن يُعطى يوم القيامة كتاباً منشوراً مكتوب فيه((1)) : كتاب الله العزيز الحكيم ، أدخِلوا فلاناً الجنّة((2)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله : (وَكُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ) .

قال : قَدَره الذي قدر عليه((3)) .

تفسير العياشي : عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ) .

قال : يذكر العبد جميع ما عَمِل ، وما كُتِب عليه ، حتى كأنّه فَعَله تلك الساعة ، فلذلك قالوا : (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا)((4)) و((5)) .*****

ص: 85


1- - في تفسير البرهان : مكتوباً فيه . وهو الصحيح .
2- - كتاب الزهد : ص92 ح247 . منه تفسير البرهان : ج6 ص67 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص41 ح2476 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص66 .
4- - الكهف 18 : 49 .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص41 ح2477 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص67 .

قوله تعالى : (لاَّ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولا) (22) .

باب (26) الخطاب للنبي والمعنى للناس

تفسير القمي : أي في النار ، وهو مخاطبة للنبي والمعنى للناس ، وهو قول الصادق (عليه السّلام) : إنّ الله بعث نبيّه « بإيّاك أعني واسمعي يا جارة »((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلا كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) (23 و24) .

باب (27) الأمر بالبِرّ والاحسان الى الوالدين

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّه ذكر الوالدين فقال : هما اللذان قال الله : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ

ص: 86


1- - تفسير القمي : ج2 ص18 . منه تفسير البرهان : ج6 ص68 .

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)((1)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، وعلي ابن ابراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاّد الحنّاط قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ما هذا الاحسان ؟

فقال : الإحسان : أن تُحسِن صُحبتهما وأن لا تكلّفهما أن يسألاك شيئاً ممّا يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين ، أليس يقول الله (عزّوجلّ) : (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)((2)) .

قال : ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : وأمّا قول الله (عزّوجلّ) : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) ؟ !قال : إن أضجراك فلا تقل لهما اُف ولا تنهرهما إن ضرباك .

قال : (وَقُل لَّهُمَا قَوْلا كَرِيماً) .

قال : إن ضرباك فقل لهما : غفر الله لكما فذلك منك قول كريم .

قال : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) .

قال : لا تملأ عينيك من النَّظر إليهما((3)) إلاّ برحمة ورقّة ، ولا ترفع

ص: 87


1- - تفسير العياشي : ج3 ص42 ح2480 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص71 .
2- - آل عمران 3 : 92 .
3- - المقصود بملئ العينين النظر اليهما بحدّة .

صوتك فوق أصواتهما ، ولا يدك فوق أيديهما ، ولا تقدم قدّامهما((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي ولاّد الحنّاط قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ؟ فقال : الإحسان ... وذكر نحوه((2)) .

من لا يحضره الفقيه : روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاّد الحنّاط قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) ما هذا الاحسان ؟

فقال : الاحسان أن تحسن صحبتهما وان لا تكلّفهما أن يسألاك شيئاً ممّا يحتاجون إليه ، وان كانا مستغنيين إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ) .

ثم قال (عليه السّلام) : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفّ) إن أضجراك (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) إن ضرباك (وَقُل لَّهُمَا قَوْلا كَرِيماً) والقول الكريم أن تقول لهما : غفر الله لكما فذاك منك قول كريم (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) وهو أن لا تملأ عينيك من النظر إليهما وتنظر إليهما برحمة ورأفة ، وأن لا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تتقدم قدامهما((3)) .

ص: 88


1- - الكافي : ج2 ص157 ح1 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص42 ح2483 الطبعة الحديثة .
3- - من لا يحضره الفقيه : ج4 ص407 ح5883 .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : معناه لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلاّ برأفة ورحمة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يديك فوق أيديهما ولا تتقدم قدامهما((1)) .

باب (28) أدنى العقوق

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن يحيى بن ابراهيم بن أبي البلاد ]السلمي[ ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لو علِم الله شيئاً أدنى من أُفّ لنهى عنه وهو من أدنى العقوق ، ومن العُقوق أن ينظر الرّجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما((2)) .

كتاب الزهد : ابراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن حديد بن حكيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 89


1- - مجمع البيان : ج3 ص409 .
2- - الكافي : ج2 ص349 ح7 .
3- - كتاب الزهد : ص38 ح103 .

قال : أدنى العُقوق أفّ ، ولو علِم الله (عزّوجلّ) شيئاً أهون منه لنهى عنه((1)) .

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن أحمد بن محمّد ، عن محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان ، عن حديد بن حكيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أدنى العُقوق أُف ، ولو علم الله أيسر منه لنهى عنه((2)) .

تفسير العياشي : عن حريز قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : أدنى العُقوق أف ، ولو علِم الله انّ شيئاً أهون منه لنهى عنه((3)) .مجمع البيان : روي عن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن جدّه أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لو عَلِم الله لفظة أوْجَزَ في ترك عُقوق الوالِدَين من أُف لأتى به .

وفي رواية أُخرى عنه (عليه السّلام) قال : أدنى العقوق أُف ولو عَلِم الله شيئاً أيسر منه وأهون منه لنَهى عنه((4)) .

باب (29) النبي والوصيّ : الوالدان

مناقب آل أبي طالب : أبان بن تغلب ، عن الصادق (عليه السّلام) :

ص: 90


1- - الكافي : ج2 ص348 ح1 .
2- - الكافي : ج2 ص349 ح9 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص42 ح2482 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص71 .
4- - مجمع البيان : ج3 ص409 . منه تفسير البرهان : ج6 ص72 .

(وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) قال : الوالدان : رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وعلي (عليه السّلام)((1)) .

مناقب آل أبي طالب : سالم الجعفي ، عن أبي جعفر (عليه السّلام) وأبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نزلت في رسول الله وفي علي (صلوات الله وسلامه عليهما)((2)) .

روضة الواعظين : قال الصادق (عليه السّلام) : قوله تعالى : (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) قال : الوالد محمّد وعليّ (صلوات الله عليهما)((3)) .

*****

قوله تعالى : (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً) (25) .

باب (30) من هم الاوّابون ؟

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول في قوله : (فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً) قال : هم التوّابون المتعبّدون((4)) .

ص: 91


1- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص105 . منه تفسير البرهان : ج7 ص475 .
2- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص105 . منه تفسير البرهان : ج7 ص475 .
3- - روضة الواعظين : ص105 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص44 ح2486 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص74 .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً) والأوّاب التوّاب المتعبّد الرّاجع عن ذنبه ، روي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : يا أبا محمّد عليكم بالورع والاجتهاد ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسنِ الصحبة لمن صحبكم ، وطول السجود فكان ذلك من سنن الأوّابين .

قال أبو بصير : الأوّابون : التوّابون((2)) .

باب (31) صلاة الأوّابين

من لا يحضره الفقيه : محمّد بن مسعود العياشي (رحمه الله) فقد روى في كتابه عن عبدالله بن محمّد ، عن محمّد بن اسماعيل بن السمّاك ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من صلّى أربع ركعات ، فقرأ في كلّ ركعة خمسين مرَّة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) كانت صلاة فاطمة (عليها السّلام) وهي صلاة الأوّابين((3)) .

ص: 92


1- - مجمع البيان : ج3 ص410 . منه تفسير البرهان : ج6 ص72 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص44 ح2487 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص74 .
3- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص564 ح1557 .

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال ... وذكر مثله((1)) .

تفسير العياشي : عن محمّد بن حفص بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كانت صلاة الأوّابين خمسين صلاة كلّها ب- (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) (26) .

باب (32) فدك عطيَّة النبي للزهراء

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أنزل الله (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا جبرئيل قد عرفت المسكين فمن ذو القربى ؟

قال : هم أقاربُك فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة .

فقال : إنَّ ربّي أمرَني أن أعطِيَكم ممّا أفاء عليّ .

ص: 93


1- - تفسير العياشي : ج3 ص44 ح2488 الطبعة الحديثة .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2489 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص74 .

قال : أعطيتكم فدكاً((1)) .

تفسير العياشي : عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أكان رسول الله أعطى فاطمة فدكاً .

قال : كان وقَفَها فأنزل الله : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ)فأعطاها رسول الله حقّها .

قلت : رسول الله أعطاها ؟

قال : بل الله أعطاها((2)) .

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسي معنعناً ، عن أبي مريم قال : سمعت جعفر (عليه السّلام) يقول : لما نزلت الآية : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) أعطى رسول الله فاطمة فدك .

فقال أبان بن تغلب : رسول الله أعطاها ؟

قال : فغضب جعفر ، ثم قال : الله أعطاها((3)) .

تفسير العياشي : عن ابن تغلب قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أكان رسول الله أعطى فاطمة فدكاً ؟

قال : كان لها من الله((4)) .

ص: 94


1- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2490 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص77 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2491 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص77 .
3- - تفسير فرات الكوفي : ص239 ح312 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2492 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص77 .

باب (33) الزهراء تقيم الحجَّة على ابي بكر

تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أتت فاطمة (عليها السّلام) أبا بكر تُريد فَدَك قال : هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك .

قال : فأتت باُمّ أيمن ، فقال لها : بِمَ تشهَدين ؟

قالت : أشهد أنّ جبرئيل أتى محمداً ، فقال : إنّ الله يقول : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فلم يَدرِ محمّد مَن هم ؟

فقال : يا جبرئيل ، سل ربّك من هم ؟

فقال : فاطمة ذو القربى ، فأعطاها فدكاً فزعموا أنّ عمر محا الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر((1)) .

باب (34) من هم ذوو القربى ؟

الكافي : محمّد بن الحسين ، وغيره ، عن سهل ، عن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن يحيى ، ومحمّد بن الحسين جميعاً ، عن محمّد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، وعبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد ابن أبي الدّيلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث يقول فيه - : ثمّ

ص: 95


1- - تفسير العياشي : ج3 ص45 ح2493 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص78 .

قال (عزّوجلّ) : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فكان عليٌّ (عليه السّلام) وكان حقّه الوصيّة التي جُعلت له والإسم الأكبر وميراث العِلم وآثار علم النبوّة ... الى آخر الحديث((1)) .

مجمع البيان : عن السدي قال : انّ علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال لرجل من أهل الشام حين بعث به عبيدالله بن زياد إلى يزيد ابن معاوية : أقرأت القرآن ؟

قال : نعم .

قال : أما قرأت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) ؟

قال : وانّكم ذوالقربى الذي أمر الله أن يؤتى حقّه ؟

قال : نعم .وهو الذي رواه أصحابنا عن الصادقين (عليهما السّلام)((2)) .

باب (35) النهي عن التبذير

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن الحسن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن عامر بن جذاعة قال : جاء رجلٌ

ص: 96


1- - الكافي : ج1 ص294 ح3 .
2- - مجمع البيان : ج3 ص411 .

إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال له : يا أبا عبدالله قرض الى ميسرة .

فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : إلى غلّة((1)) تدرك ؟

فقال الرجل : لا والله .

قال : فإلى تجارة تؤبُّ((2)) ؟

قال : لا والله .

قال : فإلى عُقدة((3)) تباع ؟

فقال : لا والله .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : فأنت ممّن جعل الله له في أموالنا حقّاً ، ثمّ دعا بكيس فيه دراهم فأدخل يده فيه فناوله منه قبضة ، ثمّ قال له : إتق الله ولا تسرف ولا تقتر ولكن بين ذلك قواماً إنّ التبذير من الإسراف قال الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)((4)) .

تفسير العياشي : عن عامر بن جذاعة قال : دخل على أبي عبدالله (عليه السّلام) رجل فقال : يا أبا عبدالله قرضاً إلى ميسرة .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ... وذكر نحوه وزاد فيه : وقال : انّ الله لا يُعذّب على القصد((5)) .

ص: 97


1- - الغَلَّة : الدَخْل من كراء دار وأجْر غلام وفائدة ارض ونحو ذلك (أقرب الموارد) .
2- - أبَّ : قَصَد (أقرب الموارد) .
3- - العُقدة : الضّيعة والعقار الذي اعتقده صاحبه ملكاً (أقرب الموارد) .
4- - الكافي : ج3 ص501 ح14 .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص47 ح2500 الطبعة الحديثة .

تفسير العياشي : عن علي بن جذاعة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) ]في قوله : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً)[ يقول : اتق الله ولا تُسرف ولاتقتر ، وكن بين ذلك قَواماً ، إنّ التبذير من الإسراف ، وقال الله : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) إنّ الله لا يعذّب على القصد((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن عليّ بن حديد ، عن منصور بن يونس ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) .

قال : لا تبذّروا ولاية عليّ (عليه السّلام)((2)) .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « لا تبذِّروا ولاية علي » لعلّ المعنى : لا تستخفّوا بها ولا تستصغروها ولا تفرّطوا بها ولا تتخلّوا عنها ، وما في هذا المعنى ، والله العالم .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال لعناية : كن زاملة((3)) للمؤمنين وان خير المطايا أمثلها واسلمها ظهراً ، ولا تكن من المبذرين((4)) .

ص: 98


1- - تفسير العياشي : ج3 ص47 ح2499 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص79 .
2- - المحاسن : ج1 ص401 ح902 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص80 .
3- - الزاملة : الدابَّة التي يُحمل عليها من الابل وغيرها (أقرب الموارد) .
4- - مجمع البيان : ج3 ص411 .

باب (36) معنى التبذير

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) ؟

قال : من أنفق شيئاً في غير طاعة الله فهو مبذّر ، ومن أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) ؟

قال : بذل الرجل ماله ، ويقعد ليس له مال .

قال : فيكون تبذير في حلال ؟قال : نعم((2)) .

تفسير العياشي : عن بشر بن مروان قال : دخلنا على أبي عبدالله (عليه السّلام) فدعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنوى ، قال : فأمسك أبو عبدالله (عليه السّلام) يده ، فقال : لا تفعل ، إنّ هذا من التبذير ، وإنّ الله لا يحبُّ الفَساد((3)) .

*****

ص: 99


1- - تفسير العياشي : ج3 ص46 ح2497 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص78 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص46 ح2498 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص79 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص47 ح2502 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص79 .

قوله تعالى : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) (29) .

باب (37) الأمر بالقصد في الإنفاق

الكافي : علي بن محمّد ، عن احمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن موسى بن بكر ، عن عجلان قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فجاء سائل فقام الى مِكتَل((1)) فيه تمر ، فملأ يده فناوله ثمّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ، ثمّ جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله ، ثمّ جاء آخر فقال : الله رازقنا وايّاك ، ثم قال : انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان لا يسأله أحدٌ من الدُّنيا شَيئاً إلاّ أعطاه ، فأرسلت إليه إمرأة إبناً لها فقالت : انطلق إليه فأسأله فإن قال لك : ليس عندنا شيء فقل : أعطني قميصك قال : فأخذ قميصه فرمى به إليه .

وفي نسخة اُخرى : فأعطاه فادّبه الله (تبارك وتعالى) على القصد فقال : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ

ص: 100


1- - المكتل : زبيل يُعمل من الخوص يُحمل فيه التمر وغيره يسع خمسة عشر صاعاً (أقرب الموارد) .

مَلُوماً مَّحْسُوراً)((1)) .

تفسير العياشي : عن عجلان قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .الكافي : علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : دخل سفيان الثوري على أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : ثمّ علَّم الله (عزّوجلّ) نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كيف ينفق ، وذلك أنه كانت عنده أوقية من الذّهب ، فَكره أن يبيت عنده فتصدّق بها ، فأصبح وليس عنده شيء ، وجاءه مَن يسأله فلم يَكن عنده ما يُعطيه فلامه السائل واغتمَّ هو حيث لم يكن عنده ما يُعطيه ، وكان رحيماً رقيقاً ، فأدّب الله تعالى نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأمره فقال : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) يقول : إنّ النّاس قد يَسألونكَ ولا يَعذرونك ، فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حَسَرْتَ((3)) من المال ... الى آخر الحديث((4)) .

تفسير نور الثقلين : في تفسير العياشي عن الحلبي ، عن بعض

ص: 101


1- - الكافي : ج4 ص55 ح7 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص48 ح2503 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص82 .
3- - المحسور : الذي يعطي كلّ ما عنده حتى يبقى ولا شيء عنده (أقرب الموارد) .
4- - الكافي : ج5 ص67 ح1 .

أصحابه ، عنه قال : قال أبو جعفر لأبي عبدالله (عليه السّلام) : يا بني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوها .

قال : وكيف ذلك يا أبه ؟

قال : مثل قوله : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ)((1)) .

التهذيب : الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن محمّد بن زياد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ) .

قال : ضمَّ يده فقال هكذا (وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) قال : وبسط راحته وقال هكذا((2)) .

تفسير العياشي : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) .

ص: 102


1- - تفسير نور الثقلين : ج3 ص159 ح179 .
2- - التهذيب : ج7 ص236 ح1031 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص48 ح2504 الطبعة الحديثة .

قال : الإحسار : الفاقة((1)) .

تفسير العياشي : عن محمّد بن يزيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) .

قال : الإحسار : الإقتار((2)) .

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : المحسور : العريان((3)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (مَّحْسُوراً) قيل : محسوراً من الثياب ، والمحسور : العريان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((4)) .

*****

قوله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) (33) .

باب (38) قتْلُ الحسين جريمة كبرى

تفسير العياشي : عن المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 103


1- - الكافي : ج4 ص55 ح6 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص48 ح2505 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص82 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص19 . منه تفسير البرهان : ج6 ص81 .
4- - مجمع البيان : ج3 ص411 .

السّلام) قال : سمعته يقول : ]مِن[ قتل النّفس التي حرّم الله ، فقد قتلوا الحسين (عليه السّلام) في أهل بيته((1)) .

الكافي : علي بن محمّد ، عن صالح ، عن الحجّال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ) ؟قال : نزلت في الحسين (عليه السّلام) لو قُتل أهل الأرض به ما كان سرفاً((2)) .

باب (39) الامام المهدي ينتقم للامام الحسين

تأويل الآيات الظاهرة : روى الرجال الثقات : باسنادهم عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ) ؟

قال : نزلت في الحسين (عليه السّلام) ، لو قَتَل وليُّه أهلَ الأرض به ما كان مسرفاً ، ووليُّه القائم (عليه السّلام)((3)) .

ص: 104


1- - تفسير العياشي : ج3 ص49 ح2508 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص86 .
2- - الكافي : ج8 ص255 ح364 .
3- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص280 ح10 . منه تفسير البرهان : ج6 ص88 .

كامل الزيارات : حدثني محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد ابن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن محمّد بن سنان ، عن رجل قال : سألت عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) ؟

قال : ذلك قائم آل محمّد يخرج فيقتل بدم الحسين (عليه السّلام) فلو قتل أهل الارض لم يكن مسرفاً ، وقوله : (فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ) لم يكن ليصنع شيئاً يكون سرفاً .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يقتل والله ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) بفعال آبائها((1)) .

تفسير العياشي : عن سلاّم بن المستنير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) .

قال : هو الحسين بن علي قُتل مظلوماً ، ونحن أولياؤه ، والقائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسين فيقتل حتّى يقال : قد أسرف في القتل .

وقال : أليس المقتول الحسين ووليّه القائم ؟ والإسراف في القتل أن يقتل غير قاتله (إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر برجل من آل رسول الله يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً

ص: 105


1- - كامل الزيارات : ص63 ح5 . منه تفسير البرهان : ج6 ص85 .

وظلماً((1)) .

باب (40) الوليّ له حق القصاص

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم ابن عروة ، عن ]أبي[ العباس ، عن غيره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا اجتمعت((2)) العدّة على قتل رجل واحد ، حكم الوالي أن يقتل أيّهم شاؤوا ، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد ، إنّ الله يقول : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ)((3)) .

التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير مثله ثمّ زاد : وإذا قتل ثلاثة واحداً خيّر الوالي أي الثلاثة شآء أن يقتل ويضمن الآخران ثلثي الديّة لورثة المقتول((4)) .

تفسير العياشي : عن أبي العباس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا اجتمع العدّة ... وذكر نحوه((5)) .

تفسير العياشي : عن أبي العباس قال : سألت أبا عبدالله (عليه

ص: 106


1- - تفسير العياشي : ج3 ص49 ح2511 الطبعة الحديثة .
2- - في التهذيب والاستبصار : اجتمع .
3- - الكافي : ج7 ص284 ح9 .
4- - التهذيب : ج10 ص218 ح858 - الاستبصار : ج4 ص282 ح1068 .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص49 ح2510 الطبعة الحديثة .

السّلام) عن رجلين قتلا رجلا ؟

فقال : يُخيّر وليّه أن يقتل أيّهما شاء ، ويُغرم الباقي نصف الدّية - أعني ديّة المقتول - فيردّ على ذريّته وكذلك ان قتل رجل إمرأة ، إن قَبِلوا دِيّة المرأة فذاك ، وإن أبى أولياؤها إلاّ قَتل قاتلها غَرموا نصف دية الرّجل وقتلوه ، وهو قول الله : (فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ)((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) (34 و35) .

باب (41) البلوغ الشرعي يقطع اليُتم

من لا يحضره الفقيه : روى منصور بن حازم ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انقطاع يتم اليتيم الإحتلام وهو أشدّه ، وإن احتلم ولم يؤنس منه رشده وكان سفيهاً أو ضعيفاً فليمسك عنه وليّه ماله((2)) .

من لا يحضره الفقيه : روى الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا بلغ الغلام أشدّه ثلاث

ص: 107


1- - تفسير العياشي : ج3 ص50 ح2512 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص87 .
2- - من لا يحضره الفقيه : ج4 ص220 ح5517 .

عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة سنة وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم وكتبت عليه السيّئات وكتبت له الحسنات وجاز له كلّ شيء إلاّ ان يكون ضعيفاً أو سفيهاً((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا بلغ أشدّه : الاحتلام ثلاث عشرة سنة((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن أشياء ، عن اليتيم متى ينقطع يُتمه ؟

فكتب إليه ابن عباس : أمّا اليتيم فانقطاع يُتمه إذا بلغ أشدّه ، وهو الاحتلام((3)) .

تفسير العياشي : وفي رواية اُخرى : عن عبدالله بن سنان ، عنه (عليه السّلام) قال : سأله أبي وأنا حاضر : عن اليتيم متى يجوز أمره ؟

فقال : حين يبلغ أشدّه .

قلت : وما أشدّه ؟

قال : الإحتلام .

قلت : قد يكون الغلام ابن ثماني عشرة سنة لا يحتلم ، أَو أقلّ أو أكثر ؟

ص: 108


1- - من لا يحضره الفقيه : ج4 ص221 ح5519 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص52 ح2517 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص89 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص51 ح2514 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص89 .

قال : إذا بلغ ثلاث عشرة سنة كُتِب له الحسن ، وكُتِب عليه السيء وجاز أمره إلاّ أن يكون سفيهاً أو ضعيفاً((1)) .

باب (42) مراحل عُمر الانسان

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا بلغ العبد ثلاثاً وثلاثين سنة فقد بلغ أشدّه ، وإذا بلغ أربعين سنة فقد انتهى مُنتهاه ، وإذا بلغ إحدى وأربعين فهو في النقصان ، وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن هو في النزع((2)) .

باب (43) العهد والقسطاس المستقيم

اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام) : حدثنا محمّد بن هشام ابن سهيل ، عن محمّد بن إسماعيل العسكري قال : حدثني عيسى بن داود النجّار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ) .

قال : العهد ما أخذ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الناس في

ص: 109


1- - تفسير العياشي : ج3 ص51 ح2515 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص89 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص51 ح2516 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص89 .

مودّتنا وطاعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) أن لا يخالفوه ولا يتقدّموه ولايقطعوا رحمه وأعلمهم أنّهم مسئولون عنه وعن كتاب الله (جلّ وعزّ) وأمّا القسطاس((1)) : فهو الإمام وهو العدل من الخلق أجمعين وهو حكم الائمة (عليهم السّلام) قال الله (عزّوجلّ) : (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) .

قال : هو أعرف بتأويل القرآن وما يحكم ويقضي((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) (36) .

باب (44) عقاب من إتّهم مؤمناً

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من بهت مؤمناً أو مؤمنة بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال حتّى يخرج ممّا قال .

قلت : وما طينة الخبال ؟

ص: 110


1- - القسطاس : الميزان وأقوم الموازين . وقيل : هو ميزان العدل (أقرب الموارد) .
2- - اليقين في إمرة أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ص88 . منه بحار الأنوار : ج24 ص187 .

قال : صديد((1)) يخرج من فروج المومسات((2)) و((3)) .

باب (45) الواجبات المفروضة على الجوارح

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) فهذا ما فرض الله على العينين من غضّ البصر عمّا حرّم الله (عزّوجلّ) ، وهو عملهما وهو من الإيمان ... الى آخر الحديث((4)) .

تفسير العياشي : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) فرض الايمان على جوارح بني آدم ، وقسّمه عليها ، فليس من جوارحه جارحة إلاّ وقد وكّلت من الإيمان بغير ما وكّلت به اُختها ، فمنها عيناه اللتان ينظر بهما ، ورجلاه اللتان يمشي ، ففرض على العين أن لا تنظر إلى ما حرّم الله عليه ، وان تغض عمّا نهاه الله

ص: 111


1- - الصديد : ماء الجرح الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المدّة (أقرب الموارد) .
2- - امرأة مومس ومومسة : فاجرة جهاراً (لسان العرب) .
3- - الكافي : ج2 ص357 ح5 .
4- - الكافي : ج2 ص36 ح1 .

عنه ممّا لا يحل له ، وهو عمله وهو من الايمان ، قال الله (تبارك وتعالى) : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) فهذا ما فرض الله من غضّ البصر عمّا حرّم الله ، وهو عمله وهومن الايمان ، وفرض الله على الرّجلين أن لا يمشي بهما إلى شيء من معاصي الله ، وفرض عليهما المشي فيما فرض الله ، فقال : (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا)((1)) وقال : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)((2)) و((3)) .

باب (46) النهي عن الاستماع الى الغناء

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال له رجل : بأبي أنت واُمّي إنني أدخل كنيفاً((4)) لي ولي جيران عندهم جوار يتغنين ويَضرِبن بالعودِ ، فربّما أطلت الجلوس إستماعاً منّي لهن ؟

ص: 112


1- - الاسراء 17 : 37 .
2- - لقمان 31 : 19 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص53 ح2521 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص94 .
4- - الكنيف : الموضع المعدّ للخلاء (مجمع البحرين) .

فقال : لا تفعل .

فقال الرجل : والله ما آتيهن إنّما هو سماع أسمعه باُذني .

فقال : لله أنت ! أما سمعت الله (عزّوجلّ) يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) ؟ !

فقال : بلى والله ، لكأنّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من أعجمي ولا عربي ، لا جرم انني لا أعود ان شاء الله ، وإنّي استغفر الله .

فقال له : قم فاغتَسل وسل ما بدا لك ، فإنّك كنت مقيماً على أمر عظيم ، ما كان أسوء حالك لو مُت على ذلك ! احمد الله وسله التوبة من كلّ ما يكره ، فإنّه لا يكره إلاّ كلّ قبيح ، والقبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلاً((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي جعفر قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال له رجل ... وذكر نحوه((2)) .التهذيب : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ رجلاً جاء إليه فقال له : إن لي جيراناً ولهم جوار يتغنين ويضرِبن بالعود ، فربّما دخلت المخرج فاُطيل الجلوس إستماعاً منّي لهن .

فقال له (عليه السّلام)((3)) : لا تفعل .

فقال : والله ما هو شيء آتيه برجلي إنّما هو سماع اسمعه بإذني .

ص: 113


1- - الكافي : ج6 ص432 ح10 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص52 ح2520 الطبعة الحديثة .
3- - في الفقيه : فقال له الصادق (عليه السّلام) .

فقال [له] الصادق (عليه السّلام) : بالله((1)) أنت أما سمعت الله (عزّوجلّ) يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) ؟ !

فقال الرجل : كأني((2)) لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله (عزّوجلّ) من عربي ولا عجمي ، لا جرم انّي قد تركتها ، وانّي((3)) استغفر الله (تعالى) .

فقال له الصادق (عليه السّلام) : قُم فاغتسل وصلّ ما بدا لك ، فلقد كنت مقيماً على أمر عظيم ، ما كان أسوء حالك لو مت على ذلك ، استغفر الله واسأله التوبة من كلّ ما يكره ، فإنه لا يكره إلاّ القبيح ، والقبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلاً((4)) .

من لا يحضره الفقيه : قال رجلٌ للصادق (عليه السّلام) : إنّ لي جيراناً ... وذكر مثله((5)) .

باب (47) محاسبة السمع والبصر والفؤاد

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن احمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه

ص: 114


1- - في الفقيه : تا لله .
2- - في الفقيه : كأنني .
3- - في الفقيه : وانا .
4- - التهذيب : ج1 ص116 ح304 .
5- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص80 ح177 .

ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً ، عن البرقي ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبيدالله بن ]الحسن ، عن الحسن بن[ هارون قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُمَسْؤُولا) قال : يُسأل السَّمع عمَّا سمع ، والبصر عمّا نظر إليه ، والفؤاد عمّا عقد عليه((1)) .

تفسير العياشي : عن الحسن بن هارون ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) .

قال : يُسألُ السمع عمّا يسمع ، والبصر عمّا يطرِف ، والفؤاد عمّا عقد عليه((2)) .

تفسير العياشي : عن الحسن قال : كنت اُطيل القعود في المخرج لأسمع غِناء بعض الجيران ، قال : فدخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال لي : يا حسن (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) السّمع وما وعى ، والبصر وما رأى ، والفؤاد وما عَقَد عليه((3)) .

علل الشرايع : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل (رحمه الله)

ص: 115


1- - الكافي : ج2 ص37 ح2 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص52 ح2519 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص93 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص52 ح2518 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص93 .

قال : حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : حدثني عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال عليّ بن الحسين (عليه السّلام) - في حديث - : وليس لك أن تتكلّم بما شئت لأنّ الله تعالى قال : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ولأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : رحم الله عبداً قال خيراً فغَنِم ، أو صمت فَسَلِم ، وليس لك أن تسمع ما شئت لأنّ الله تعالى يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا)((1)) .

باب (48) السؤال عن ولاية أمير المؤمنين في الآخرة

معاني الأخبار - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن موسى بن عمران الدّقاق قال : حدثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثناسهل بن زياد الآدمي ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني قال : حدثني سيدي علي بن محمّد بن علي الرضا (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسن بن علي (عليهم السّلام)((2)) قال :

ص: 116


1- - علل الشرايع : ص605 ح80 .
2- - في عيون اخبار الرضا : عن الحسين بن علي (عليهما السّلام) .

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ أبا بكر منّي بمنزلة السّمع ، وإنّ عمر منّي بمنزلة البصر ، وإن عثمان منّي بمنزلة الفؤاد .

قال : فلمّا كان من الغد دخلت إليه وعنده أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت له : يا أبه سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولاً فما هو ؟

فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : نعم ، ثمّ أشار ]بيده[ اليهم فقال : هم السمع والبصر والفؤاد وسيسألون عن ]ولاية[ وصيي هذا وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، ثمّ قال : إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وعزّة ربّي إنّ جميع أُمّتي لموقوفون يوم القيامة ومسؤولون عن ولايته ، وذلك قول الله (عزّوجلّ) : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)((1)) و((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا) (37) .

ص: 117


1- - الصافات 37 : 24 .
2- - معاني الأخبار : ص387 ح23 - عيون أخبار الرضا : ج1 ص313 ح86 . منه تفسير البرهان : ج6 ص92 .

باب (49) مسؤولية الرِّجلين

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال - في حديث - : وفرض على الرجلين أن لا يمشي بهما الى شيء من معاصي الله ، وفرض عليهماالمشي إلى ما يرضي الله (عزّوجلّ) فقال : (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا) ... الى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) (44) .

باب (50) تسبيح الموجودات لله تعالى

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن داود الرقي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله

ص: 118


1- - الكافي : ج2 ص33 ح1 .

(عزّوجلّ) : (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ؟

قال : تنقُّض الجُدُر((1)) تسبيحها((2)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السّلام) : « تنقّض الجدر » لعل المراد أنّ تنقض الجدر لدلالتها على فنائها وحدوث التغيّر فيها ينادي بلسان حالها على إفتقارها الى من يوجدها ويُبقيها منزّهاً عن صفاتها المحوجة لها الى ذلك)((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي الصباح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت : قول الله : (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) ؟

قال : كلّ شيء يسبّح بحمده ، وإنّا لنرى أنّ تنقّض الجدر هو تسبيحها((4)) .

ص: 119


1- - تنقَّض البيت : تشقَّق وسمع له صوت (أقرب الموارد) .
2- - الكافي : ج6 ص531 ح4 .
3- - مرآة العقول : ج22 ص445 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص54 ح2523 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص97 .

تفسير العياشي : في رواية الحسين بن سعيد ، عنه (عليه السّلام) (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) قال : كلّ شيء يسبّح بحمده ، وقال : إنّا لنرى أنّ تنقُّض الجِدار هو تسبيحها((1)) .

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّه دخل عليه رجل فقال له : فداك أبي واُمّي ، إنّي أجِدُ الله يقول في كتابه : (وَإِن مِّن شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ؟

فقال له : هو كما قال .

فقال له : أتسبّح الشجرة اليابسة ؟

فقال : نعم ، أما سمِعت خشب البيت كيف ينقض ؟ فذلك تسبيحه ، فسبحان الله على كل حال((2)) .

باب (51) للدابّة على صاحبها ستة حقوق

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : للدابَّة على صاحبها ستة حقوق : لا يُحمّلها فوق طاقتها ، ولا يتّخِذ ظهَرها مجالس يتحدّث عليها ، ويبدء بعَلَفها إذا نزل ، ولا يَسِمها((3)) ولا يضربها في وجهها فإنّها تُسبّح ، ويَعرُض عليها الماء إذا مرَّ به((4)) .

ص: 120


1- - تفسير العياشي : ج3 ص54 ح2524 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص97 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص54 ح2528 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص98 .
3- - الوَسْم : أثر الكيّ ، والعلامة . وَسَمه وسماً : كواه وأثّر فيه بِسِمة وكيٍّ (أقرب الموارد) .
4- - الكافي : ج6 ص537 ح1 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لا تضربوا الدّواب على وجوهها فإنّها تُسبّح بحمد الله .قال : وفي حديث آخر : لا تَسِموها في وجوهها((1)) .

تفسير العياشي : عن الحسن ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن أن توسم البهائم في وجوهها ، وأن تُضرَب وجوهها ، فإنّها تُسبّح بحمد ربّها((2)) .

باب (52) تضييع التسبيح يوجب الوقوع في البلاء

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من طَيْر يُصاد في بَرّ ولا بحر ، ولا شيء يُصاد من الوَحش إلاّ بتَضييعه التَسبيح((3)) .

*****

ص: 121


1- - الكافي : ج6 ص538 ح4 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص54 ح2526 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص98 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص54 ح2527 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص98 .

قوله تعالى : (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً) (45) .

باب (53) ثلاث آيات تحجب عيون الأعداء

عدّة الداعي : حدَّث أبو عمران موسى بن عمران الكسروي ، قال : حدثنا عبدالله بن كلب قال : حدثني منصور بن العباس ، عن سعد بن جناح ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن الرضا ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : دخل أبو المنذر هشام السائب الكلبيّ على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : أنت الّذي تفسّر القرآن ؟

قال : قلت : نعم .

قال : أخبرني عن قول الله (عزّوجلّ) لنبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً) ما ذلك القرآن الّذي كان إذا قرأه رسول الله حُجب عنهم ؟

قلت : لا أدري .قال : فكيف قلتَ إنّك تفسّر القرآن ؟

قلت : يابن رسول الله إن رأيتَ أن تُنعم عليَّ وتعلّمنيهنّ .

قال (عليه السّلام) : آية في الكهف وآية في النحل ، وآية في الجاثية ، وهي : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْم وَخَتَمَ

ص: 122

عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ)((1)) وفي النحل (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)((2)) وفي الكهف (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً)((3)) .

قال الكسرويُّ : فعلّمتها رجلاً من أهل همدان كانت الدّيلم أسرتْه فمكث فيهم عشرين سنة ثمّ ذكر الثلاث آيات ، قال : فجعلت أمرُّ على محالّهم وعلى مراصدهم فلا يروني ، ولا يقولون شيئاً حتّى خرجت إلى أرض الإسلام .

قال أبو المنذر : وعلّمتها قوماً خرجوا في سفينة من الكوفة إلى بغداد وخرج معهم سبع سفن فقُطع على ستة وسلمت سفينة التي قُرئ فيها هذه الآيات((4)) .

*****

قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ

ص: 123


1- - الجاثية 45 : 23 .
2- - النحل 16 : 108 .
3- - الكهف 18 : 57 .
4- - عدة الداعي : ص276 . منه بحار الانوار : ج92 ص283 .

وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) (46) .

باب (54) من فوائد الجهر بالبسملة

الكافي : أحمد بن محمّد الكوفي ، عن عليّ بن الحسن بن عليّ ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن هارون ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي : كتموا بسم الله الرحمن الرّحيم ، فنِعم والله الأسماءَ كتموها ، كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا دخل إلى منزله واجتمعت عليه قريش يجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم ويرفعبها صوته فتُولّي قريش فراراً فأنزل الله (عزّوجلّ) في ذلك : (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً)((1)) .

تفسير العياشي : عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا صلّى بالناس جَهَر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فتخلَّف من خَلفه من المنافقين عن الصفوف ، فإذا جازها في السورة عادوا إلى مواضِعهم ، وقال بعضهم لبعض : إنّه ليردّد اسم ربّه ترداداً ، إنّه ليحِبّ ربّه ، فأنزل الله (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً)((2)) .

ص: 124


1- - الكافي : ج8 ص266 ح387 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص55 ح2531 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص100 .

باب (55) الجهر بالبسملة في الصلاة

تفسير فرات الكوفي : فرات معنعناً ، عن عمرو بن شمر قال : سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) : إنّي أؤم قومي فأجهر ببسم الله الرحمن الرَّحيم ؟

قال : نعم فاجهر بها قد جهر بها رسول الله ، ثمّ قال : إنّ رسول الله كان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن فإذا قام الليل يُصلّي جاء أبو جهل والمشركون يستمعون قراءته فإذا قال : بسم الله الرّحمن الرّحيم وضعوا أصابعهم في آذانهم وهربوا ، فإذا فرغ من ذلك جاؤوا فاستمعوا وكان أبو جهل يقول : إنّ ابن أبي كبشة ليردِّد اسم ربّه ليحبّه .

فقال جعفر : صَدَق وإنْ كان كذوباً قال : فأنزل الله : (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) وهو : بسم الله الرحمن الرحيم((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : في (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

قال : هو الحقّ فاجْهَر به ، وهي الآية التي قال الله : (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) بسم الله الرحمن الرحيم (وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) كان المشركون يستمعون إلى قراءة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فإذا قرأ (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِالرَّحِيمِ) نفَروا

ص: 125


1- - تفسير فرات الكوفي : ص241 ح327 .

وذَهبوا ، فإذا فَرَغ منه عادوا وتسمّعوا((1)) .

تفسير القمي : عن ابن أذينة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : بسم الله الرحمن الرحيم أحقّ ما أجهر به وهي الآية التي قال الله (عزّوجلّ) : (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً)((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَقَالُواْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (49) .

باب (56) الله يُحيي العظم البالي

تفسير العياشي : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء أُبيّ بن خلف ، فأخذ عظماً بالياً من حائط ففتَّه ، ثم قال : يا محمّد ، إذا كنّا عظاماً ورُفاتاً أئنّا لمبعوثون ؟!

فأنزل الله : (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيمٌ)((3)) و((4)) .

*****

ص: 126


1- - تفسير العياشي : ج3 ص55 ح2530 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص100 .
2- - تفسير القمي : ج1 ص28 .
3- - يس 36 : 78 و 79 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص56 ح2533 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص101 .

قوله تعالى : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْض وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) (55) .

باب (57) محمد وآل محمد أفضلُ المخلوقات

علل الشرايع : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي قال : حدثنا فرات بن ابراهيم بن فرات الكوفي قال : حدثنا محمّد بن أحمد بن علي الهمداني قال : حدثني أبو الفضل العباس بن عبدالله البخاري قال : حدثنا محمّد بن القاسم بن ابراهيم بن محمّد بن عبدالله بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر قال : حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيهمحمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه منّي .

قال علي : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل ؟

فقال : يا علي إنّ الله (تبارك وتعالى) فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمّة من بعدك ، وانّ الملائكة لَخُدّامنا وخدّام محبّينا ... الى آخر الحديث((1)) .

ص: 127


1- - علل الشرايع : ص5 ح1 .

باب (58) الرسول الأعظم اوّل السابقين الى التوحيد

علل الشرايع : حدثنا الحسن بن علي بن أحمد الصايغ (رضي الله عنه) قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي قال : حدثنا جعفر بن عبيدالله ، عن الحسن بن محبوب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انَّ بعض قريش قال لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : بأيّ شيء سبقتَ الأنبياء وفُضّلتَ عليهم وأنت بُعثتَ آخرهم وخاتمهم ؟

قال : انّي كنت أوّل من أقرّ بربي (جلّ جلاله) ، وأوّل من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ، فكنت أوّل نبيّ قال : بلى ، فسبقتهم إلى الاقرار بالله (عزّوجلّ)((1)) .

باب (59) اولوا العزم سادة الأنبياء

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى الخثعمي ، عن هشام ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : سادة النبيين والمرسَلين خمسة وهم أولوا العزم من الرُّسل وعليهم دارت الرّحى : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد

ص: 128


1- - علل الشرايع : ص124 ح1 .

(صلّى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء)((1)) .

باب (60) الائمة الطاهرون أفضل من الأنبياء

الخرائج والجرائح : أخبرنا جماعة منهم : السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسيني والاستاذان أبو جعفر وأبو القاسم ابنا كميح ، عن الشيخ أبي عبدالله جعفر بن محمّد بن العباس ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن علي بن محمّد بن سعد ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن عبدالله بن محمّد اليماني ، عن منيع بن الحجاج ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله فضّل اُولي العزم من الرّسل بالعلم على الأنبياء ، وورَّثنا علمهم ، وفَضَّلنا عليهم في فضلهم ، وعلّم رسول الله ما لا يعلمون ، وعَلّمنا عِلم رسول الله فروينا لشيعتنا ، فمَن قَبِلَه منهم فهو أفضلهم ، وأينما نكون فشيعتنا معنا((2)) .

*****

قوله تعالى : (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ

ص: 129


1- - الكافي : ج1 ص175 ح3 .
2- - الخرائج والجرائح : ج2 ص796 ح6 .

الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلا) (56) .

باب (61) دعاء الامام الصادق للشفاء من العلَّة

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، وابن فضّال ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان يقول عند العلّة : « اللهم إنّك عيّرت أقواماً فقلت : (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلا) فيامن لا يملك كشْف ضرّي ولا تحويلَه عنّي أحدٌ غيره ، صلّ على محمّد وآل محمّد واكشِفْ ضرّي وحَوِّله إلى مَن يدعو معك إلهاً آخر ، لا إله غيرك »((1)) .أقول : المقصود من قوله تعالى : (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ) هي الأصنام التي كانت تُعبد من دون الله سبحانه ، فكان المشركون يعتبرونها آلهة لهم ويتوسّلون بها لكشف الضُرّ عنهم .

أمّا التوسل الى الله بأوليائه الصالحين فليس مقصوداً في هذه الآية الكريمة ، لأنّ من يتوسَّل بهم يعتبرهم أولياء لله سبحانه وأنّ الله تعالى مَنحهم المنزلة الرفيعة لديه وأذن لهم في الشفاعة لقضاء حوائج الناس ،

ص: 130


1- - الكافي : ج2 ص564 ح1 .

بل دعى بالتوسُّل بهم اليه فقال عزّوجلّ : (وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ)((1)) .

وقال سبحانه - في الآية القادمة - : (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) فالدعاء لابدَّ أن يكون مشفوعاً بالوسيلة الى الله تعالى .

والى هذا المعنى أشار الامام الصادق (عليه السّلام) في دعائه فقد افتتح دعاءه بالصلاة على محمد وآل محمد - وهذا معنى الوسيلة - ثمّ قال - في الدعاء - : « وحوّله الى من يدعو معك الهاً آخر » وهذا يدلّ على أن تلك الآية الكريمة تقصد المشركين الذين كانوا يتّخذون الأصنام آلهة تُعبد من دون الله سبحانه . فانتبه - أيّها القارئ الكريم - ولا تنخدع بأباطيل الوهّابيّين وشبهات السلفيّين ! .

*****

قوله تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً) .

باب (62) المؤمن بين الخوف والرجاء

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن

ص: 131


1- - المائدة 5 : 35 .

حديد ، عن منصور بن يونس ، عن الحارث بن المغيرة ، أو أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : ما كان في وصيّة لقمان ؟قال : كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لإبنه : خَفِ الله (عزّوجلّ) خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، وارج الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك .

ثم قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كان أبي يقول : إنّه ليس مِن عبد مؤمن إلاّ ]و[ في قلبه نوران : نورُ خيفة ونورُ رجاء ، لو وُزن هذا لم يزد على هذا ولو وُزن هذا لم يزد على هذا((1)) .

مشكاة الانوار : قيل لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما كان في وصيّة لقمان ... وذكر نحوه((2)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الهيثم بن واقد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : مَن خاف الله أخاف الله منه كلَّ شيء ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كلّ شيء((3)) .

مشكاة الأنوار : عن الصادق (عليه السّلام) قال : من خاف ... وذكر

ص: 132


1- - الكافي : ج2 ص67 ح1 .
2- - مشكاة الانوار : ص119 .
3- - الكافي : ج2 ص68 ح3 .

مثله((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبدالله الجعفري ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي حمزة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من عرف الله خاف الله ، ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا((2)) .

مشكاة الانوار : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن ابن أبي نجران ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو ، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت .فقال : هؤلاء قوم يترجّحون في الأمانيّ ، كذبوا ليسوا براجين إنّ من رجا شيئاً طلبه ، ومن خاف من شيء هرب منه((4)) .

مشكاة الأنوار : من كتاب (المحاسن) عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((5)) .

ص: 133


1- - مشكاة الانوار : ص117 .
2- - الكافي : ج2 ص68 ح4 .
3- - مشكاة الانوار : ص117 .
4- - الكافي : ج2 ص68 ح5 .
5- - مشكاة الأنوار : ص117 .

أقول : قال ابن منظور في (لسان العرب) : الترجّح : التذبذب وترجّحت الارجوحة بالغلام : أي مالت .

وقال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (فكأنّه (عليه السّلام) شبّه أمانيّهم باُرجوحة يركبها الصبيان تتحرّك بأدنى نسيم وحركة ، فكذا هؤلاء يميلون - بسبب الأمانيّ - من الخوف الى الرجاء بأدنى وَهْمٌ)((1)) .

الكافي : رواه علي بن محمّد ، رفعه قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ قوماً من مواليك يلُمُّون بالمعاصي((2)) ويقولون : نرجو .

فقال : كَذبوا ، ليسوا لنا بموال ، أولئك قوم ترجّحت بهم الأمانيّ ، مَن رجا شيئاً عمِل له ومَن خاف من شيء هَرب منه((3)) .

عدّة الداعي : روى علي بن محمّد رفعه قال : قلت ... وذكر نحوه((4)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن بعض أصحابه ، عن صالح بن حمزة رفعه قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - : إنّ حبّ الشرف والذِّكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب((5)) .

ص: 134


1- - مرآة العقول : ج8 ص34 .
2- - ألمَّ : باشر اللَّمم أي صغار الذنوب (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج2 ص68 ح6 .
4- - عدّة الداعي : ص138 .
5- - الكافي : ج2 ص69 ح7 .

أقول : قوله (عليه السّلام) : « حبّ الشرف والذِّكر » أي الرياء والسُّمعة ، فالمؤمن لا يعمل لاكتساب المدح والثناء من الناس ، بل يعمل خالصاً لوجه الله الكريم ، والخوفُ والرجاء يمنعانه عن السُّمعة والرياء .الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن النعمان ، عن حمزة بن حمران ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ ممّا حُفظ من خطب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال : يا أيّها الناس إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، ألا إنّ المؤمن يعمل بين مخافتين : بين أجل قد مضى لايدري ما الله صانع فيه ، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه ، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ، وفي الشيبة قبل الكبر ، وفي الحياة قبل الممات ، فوالذي نفس محمّد بيده ما بعد الدُّنيا من مستعتب وما بعدها من دار إلاّ الجنّة أو النار((1)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن أبي سارة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون خائفاً راجياً ، ولا يكون خائفاً راجياً حتى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو((2)) .

ص: 135


1- - الكافي : ج2 ص70 ح9 .
2- - الكافي : ج2 ص71 ح11 .

كتاب الزهد : محمّد بن سنان ، عن حسين بن اُسامة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ... وذكر نحوه((1)) .

مشكاة الأنوار : نقلاً عن (المحاسن) : قال الصادق (عليه السّلام) : لا يكون العبد مؤمناً حتى يكون خائفاً راجياً((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : المؤمن بين مخافتين : ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه ، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك ، فهو لا يصبح إلاّ خائفاً ولا يصلحه إلاّ الخوف((3)) .أمالي الصدوق : حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، قال : حدثنا أبي ، عن جدّه أحمد بن أبي عبدالله ، عن حمزة بن عبدالله الجعفري ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) : أرج الله رجاء لايُجرّؤك على معاصيه ، وخف الله خوفاً لا يؤيسك من رحمته((4)) .

*****

ص: 136


1- - كتاب الزهد : ص23 ح51 .
2- - مشكاة الأنوار : ص118 . منه مستدرك الوسائل : ج11 ص224 .
3- - الكافي : ج2 ص71 ح12 .
4- - أمالي الصدوق : ص22 ح5 . منه بحار الأنوار : ج70 ص384 .

قوله تعالى : (وَإِن مِّن قَرْيَة إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) (58) .

باب (63) الموت قبل القيامة

من لا يحضره الفقيه : سئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِن مِّن قَرْيَة إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا) ؟

قال : هو الفناء بالموت((1)) .

تفسير العياشي : عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَإِن مِّن قَرْيَة إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .

قال : هو الفناء بالموت أو غيره((2)) .

تفسير العياشي : في رواية أُخرى عنه (عليه السّلام) (وَإِن مِّن قَرْيَة إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .

قال : بالقتل والموت أو غيره((3)) .

* * * * *

ص: 137


1- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص186 ح562 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص56 ح2535 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص103 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص57 ح2536 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص103 .

قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً) (60) .

باب (64) الشجرة الملعونة في القرآن

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ) إنّ ذلك رؤيا رآها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في منامه ، أنّ قروداً تصعد منبره وتنزل ، فساءَهُ ذلك وأغتمَّ به ، روى سهل بن سعيد ، عن أبيه أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رأى ذلك وقال : إنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يستجمع بعد ذلك ضاحكاً حتّى مات ، وروى سعيد بن يسار أيضاً وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السّلام) وأبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

أقول : معنى الحديث انّ الناس لم يرو رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ضاحكاً عندهم وفي جَمعهم بعد تلك الرؤيا .

تفسير البرهان : في (نهج البيان) جاء في أخبارنا ، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام) أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رأى ذات ليلة

ص: 138


1- - مجمع البيان : ج3 ص424 . منه تفسير البرهان : ج6 ص106 .

- وهو بالمدينة - كأنَّ قروداً أربعة عشر قد علَوا منبره واحداً بعد واحد ، فلمّا أصبح قصَّ رُؤياه على أصحابه ، فسألوه عن ذلك ؟

فقال : يصعدون منبري هذا بعدي جماعة من قريش ليسوا لذلك أهلاً .

قال الصادق (عليه السّلام) : هم بنو أُميّة((1)) .

تفسير العياشي : عن القاسم بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أصبح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوماً خاثراً((2))حزيناً فقيل له : مالك يا رسول الله ؟فقال : إنّي رأيت الليلة صبيان بني اُميّة يَرقَون على منبري هذا فقلت : يا ربّ معي ؟

فقال : لا ، ولكن بعدك((3)) .

تفسير العياشي : عن علي بن سعيد قال : كنت بمكة فقَدِم علينا معروف بن خرّبوذ ، فقال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ علياً (عليه السّلام) قال لِعمر : يا أبا حفص ، ألا أُخبرك بما نزل في بني أُميّة ؟

قال : بلى .

ص: 139


1- - تفسير البرهان : ج6 ص106 ح11 .
2- - خثرت نفسه : غثت واختلطت (أقرب الموارد) .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص58 ح2542 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص105 .

قال : فإنّه نزل فيهم (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ) .

قال : فغَضِب عمر ، وقال : كذبتَ ، بنو أُميّة خيرٌ منك وأوصَلُ للرّحِم((1)) .

أقول : لقد بلغت الوقاحة بابن صهاك الحبشيَّة إلى أن يكذّب خليفة رسول الله وأصدق الصادقين وسيد المؤمنين والمجاهدين وأمير المؤمنين الامام عليَّ بن أبي طالب (عليه وعلى أبيه أفضل الصلاة والسلام) .

ولو كانت آية « الشجرة الملعونة » قد فُسِّرت ببني هاشم وآل محمد لما كذّبها ابن حنتمة ولما ساءه ذلك ، ولكنها أحقاد بَدريَّة وضغائن اُحُديّة كامنة في نفوس الغاصبين والظالمين .

والأعجب : قوله : « بنو اُميَّة خيرٌ منك »

سبحان الله ! كيف يكون بنو اُميّة خير من نفس رسول الله وأخيه ووصيِّه وخَليفته وأمينه وباب مدينة عِلمه ، وهو الذي شهد له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالأفضليَّة بقوله : « عليٌ خير البشر . فمن أبى فقد كفر »((2)) .

وقوله : « عليٌ خير البشر ، مَن شكّ فيه كفر »((3)) .

ص: 140


1- - تفسير العياشي : ج3 ص57 ح2538 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص104 .
2- - نهاية العقول للفخر الرازي ، فردوس الأخبار للديلمي ج2 ص78 ح3994 .
3- - المناقب المرتضويَّة للحنفي الترمذي ص106 .

وقوله : « عليٌ خير مَن طلعتْ عليه الشمس وغربتْ بعدي »((1)) .وغيره من عشرات الأحاديث الصحيحة الدالَّة على أفضليّة الامام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) على الناس أجمعين بعد خاتم الأنبياء والمرسَلين (صلّى الله عليه وآله وسلَّم) .

*****

قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً) (64) .

باب (65) الدعاء عند الجماع ليتباعد الشيطان

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن علي ابن حسّان الواسطي ، عن عبد الرحمن بن كثير قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) جالساً فذكر شرك الشّيطان فعظّمه حتّى أفزعني .

قلت : جعلت فداك فما المخرج من ذلك ؟

قال : إذا أردت الجماع فقل : « بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله الاّ هو بديع السماوات والأرض اللهم إن قضيت منّي في هذه الليلة خليفة

ص: 141


1- - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني ج6 ص78 .

فلا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ولا حظّاً واجعله مؤمناً مخلصاً مصفَّى من الشيطان ورجزه ، جلَّ ثناؤك »((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبدالله ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي الوليد ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أبا محمّد ، إذا أتَيت أهلك ، فأيّ شيء تقول ؟

قال : قلت : جعلت فداك ، واُطيق أن أقول شيئاً ؟

قال : بلى ، قل : « اللهم إنّي بكلماتك استحللتُ فَرجها ، وبأمانتِك أخذتُها ، فإن قضيتَ في رَحِمها شيئاً فاجعله تقيّاً زكيّاً ، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً » .

قال : قلت : جعلت فداك ، ويكون فيه شِرك للشيطان ؟قال : نعم ، أما تسمع قول الله (عزّوجلّ) في كتابه (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ) إنّ الشيطان يجيء فيقعد كما يقعد الرّجل ، ويُنزل كما يُنزل الرجل .

قال : قلت : بأي شيء يعرف ذلك ؟

قال : بحُبّنا وبغضنا((2)) .

ص: 142


1- - الكافي : ج5 ص503 ح4 .
2- - الكافي : ج5 ص503 ح5 .

الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد وعدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن الوشّاء ، عن موسى بن بكر ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أبا محمّد أيُّ شيء يقول الرّجل منكم إذا دخلت عليه امرأتُه ؟

قلت : جعلت فداك ، أيستطيع الرجل أن يقول شيئاً ؟

فقال : ألا اُعلّمك ما تقول ؟

قلت : بلى .

قال : تقول : « بكلمات الله استَحللت فرجها ، وفي أمانة الله أخذتها ، اللهمّ إن قَضيتَ لي في رَحِمها شيئاً فاجعَله بارّاً تقيّاً ، واجعَله مسلِماً سويّاً ، ولا تَجعَل فيه شِركاً للشيطان » .

قلت : وبأي شيء يعرف ذلك ؟

قال : أما تقرأ كتاب الله (عزّوجلّ) ، ثمّ ابتدأ هو : (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ) ثمّ قال : إنّ الشيطان ليجيء حتى يقعد من المرأة كما يقعد الرجل منها ، ويُحدِث كما يُحدِث ، وينكَح كما يَنكح .

قلت : بأي شيء يعرف ذلك ؟

قال : بحبّنا وبغضنا ، فمن أحبّنا كان نطفة العبد ، ومن أبغضنا كان نطفة الشّيطان((1)) .

ص: 143


1- - الكافي : ج5 ص502 ح2 .

تفسير العياشي : عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما قول الله : (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ) ؟قال : فقال : قل في ذلك قولاً : « أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرجيم »((1)) .

تفسير العياشي : صفوان الجمّال قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فاستأذن عيسى بن منصور عليه ، فقال له : مالك ولفلان يا عيسى ؟ أما إنّه ما يُحبّك !

فقال : بأبي واُمي ، يقول قولَنا وهو يتولّى من نتولّى ؟

فقال : إنّ فيه نخوة إبليس .

فقال : بأبي واُمي ، أليس يقول ابليس : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين)((2)) ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : وقد يقول الله : (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ) فالشيطان يُباضِع ابن آدم هكذا وقَرَن بين إصبَعَيه((3)) .

تفسير العياشي : عن العلاء بن رزين ، عن محمّد ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : شِرك الشيطان ما كان من مال حرام فهو من شركه ،

ص: 144


1- - تفسير العياشي : ج3 ص60 ح2551 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص111 .
2- - الاعراف 7 : 12 ، ص 38 : 76 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص61 ح2553 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص112 .

ويكون مع الرجل حين يُجامع ، فيكون نطفته مع نطفته إذا كان حراماً ، قال : كلتاهما جميعاً تختلطان ، وقال : ربّما خُلق من واحدة ، وربّما خُلِق منهما جميعاً((1)) .

*****

قوله تعالى : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا) (65) .

باب (66) ثلاث صرخات لإبليس

تفسير العياشي : عن جعفر بن محمّد الخزاعي ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يَذكُر في حديث غدير خمّ : أنّه لمّا قال النّبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي ما قال ، وأقامه للناس ، صرخ إبليس صَرخةً ، فاجتمعت له العفاريت ، فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة ؟فقال : ويلكم ، يومكم كيوم عيسى ، والله لاُضلِّنَّ فيه الخلق((2)) .

قال : فنزل القرآن (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً

ص: 145


1- - تفسير العياشي : ج3 ص61 ح2552 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص111 .
2- - لعلّ المقصود أن عليكم أن تضلّوا الناس عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) كما أضللتم اليهود عن عيسى بن مريم .

مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)((1)) .

فقال : صَرَخ((2)) إبليس صَرخةً ، فرجعت إليه العَفاريت ، فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة الاُخرى ؟

فقال : ويحكم ! حكى الله والله كلامي قرآناً ، وأنزل عليه (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) ، ثم رفع رأسه إلى السّماء ، ثم قال : وعزّتك وجلالك لاُلحِقنّ الفريق بالجميع .

قال : فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) .

قال : صرخ((3)) ابليس صَرخةً ، فرجعت إليه العفاريت ، فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصَّرخة الثالثة ؟

قال : والله من أصحاب علي ، ولكن وعزّتك وجلالك يا ربّ لاُزيّننّ لهم المعاصي حتّى اُبغّضهم إليك .

قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : والذي بعث بالحقّ محمداً ، للعفَاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزَّنابير على اللحم ، والمؤمن أشدّ من الجبل ، والجبل تدنو إليه بالفأس فتَنحِت منه ، والمؤمن لا

ص: 146


1- - سبأ 34 : 20 .
2- - في تفسير البرهان : قال : فصرخ .
3- - في تفسير البرهان : فصرخ .

يستقلّ((1)) عن دينه((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (70) .

باب (67) الدعاء عند أكل الطعام وبعده

المحاسن : البرقي ، عن محمّد بن عبدالله ، عن عمرو المتطبّب ، عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان عليّ بن الحسين إذا وُضع الطعام بين يديه قال : « اللهم هذا من منّك وفضلك وعطائك فبارك لنا فيه وسوّغناه((3)) وارزقنا خلفاً إذا أكلناه ، ورُبّ محتاج إليه ، رزقتَ وأحسنتَ ، اللهمّ اجعلنا لك من الشاكرين » وإذا رُفع الخوان قال : « الحمد لله الّذي حمَلنا في البرّ والبحر ورزقنا من الطيّبات وفضّلنا على كثير من خلقه - أو ممّن خلق - تفضيلاً »((4)) .

ص: 147


1- - استقل القوم : ذهبوا وارتحلوا (لسان العرب) والمعنى انّ المؤمن لا يترك دينه في أية حالة من الاحوال .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص61 ح2555 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص112 .
3- - ساغ الشراب في الحلق : هنأ وسلس وسهل مدخله فيه (أقرب الموارد) .
4- - المحاسن : ج2 ص212 ح1632 الطبعة الحديثة .

*****

قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلا) (71) .

باب (68) كلّ إنسان مع إمامه يوم القيامة

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنَّه إذا كان يوم القيامة يُدعى كلٌّ بإمامه الذي مات فى عصره ، فإن اثبته أُعطي كتابه بيمينه لقوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ) واليمين إثبات الامام ، لأنّه كتاب يقرؤه ، إنّ الله يقول : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَق حِسَابِيَهْ)((1)) الى آخر الآية .

والكتاب : الامام ، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال : (فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ)((2)) ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله : (مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُوم وَحَمِيم * وَظِلّ مِّن يَحْمُوم)((3)) الى آخر

ص: 148


1- - الحاقة 69 : 19 و20 .
2- - آل عمران 3 : 187 .
3- - الواقعة 56 : 41 - 43 .

الآيات((1)) .

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : بالأسانيد الثلاثة((2)) ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : في قول الله (عزّوجلّ) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) .

قال : يُدعى كلّ قوم بإمام زمانهم ، وكتاب ربِّهم ، وسنَّة نبيِّهم((3)) .

مناقب آل أبي طالب : الخاص والعام عن الرضا ، عن آبائه (عليهم السّلام) ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : يدعى كلّ أُناس بإمام زمانهم ، وكتاب ربّهم ، وسنَّة نبيّهم((4)) .

مجمع البيان : رواه الخاصّ والعام عن الرضا علي بن موسى (عليه السّلام) بالأسانيد الصحيحة انّه رُوي عن آبائه (عليهم السّلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) انّه قال فيه : يدعى ... وذكر مثله((5)) .

الكافي : علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن ابن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن القاسم البطل ،

ص: 149


1- - تفسير العياشي : ج3 ص63 ح2559 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص119 .
2- - المذكورة في عيون أخبار الرضا : ج2 ص24 ح4 .
3- - عيون أخبار الرضا : ج2 ص33 ح61 . منه تفسير البرهان : ج6 ص117 .
4- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص65 . منه تفسير البرهان : ج6 ص122 .
5- - مجمع البيان : ج3 ص430 . منه تفسير البرهان : ج6 ص123 .

عن عبدالله بن سنان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) .

قال : إمامهم الذين بين أَظهُرهم ، وهو قائم أهل زمانه((1)) .الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عمرو بن الأشعث ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يجيئ كلّ غادر بإمام يوم القيامة مائلاً شدقه حتّى يدخل النار((2)) .

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن النّضر بن سويد ، عن ابن مسكان ، عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) .

فقال : ندعو كلَّ قرن من هذه الاُمّة بإمامهم .

قلت : فيجيء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في قرنه ، وعلي (عليه السّلام) في قرنه ، والحسن (عليه السّلام) في قرنه ، والحسين (عليه السّلام) في قرنه ، وكلّ إمام في قرنه الذي هلك بين أظهرِهم ؟

ص: 150


1- - الكافي : ج1 ص536 ح3 .
2- - الكافي : ج2 ص337 ح5 .

قال : نعم((1)) .

تفسير العياشي : عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قوله : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) ؟

قال : من كان يأتمون به في الدُّنيا ، ويؤتى بالشمس والقمر ، فيُقذفان في جهنم ومن يعبدهما((2)) .

تفسير العياشي : عن محمّد ، عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّه سُئل عن قوله : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) ؟

فقال : ما كانوا يأتمُّون به في الدُّنيا ، ويؤتى بالشّمس والقمر فيُقذَفان في جهنّم ، ومن كان يعبدهما((3)) .تفسير العياشي : عن جعفر بن أحمد ، عن الفضل بن شاذان ، أنّه وَجَد مكتوباً بخطِّ أَبيه ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول أمير المؤمنين (عليه السّلام) : « الإسلام بدأ غريباً ، وسيعود غريباً كما كان ، فطوبى للغرباء » ؟

فقال : يا أبا محمّد يستأنف الداعي منّا دُعاءً جديداً ، كما دعا إليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

ص: 151


1- - المحاسن : ج1 ص239 ح439 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص117 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص63 ح2560 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص120 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص66 ح2567 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص121 .

فأخذتُ بفَخذه ، فقلت : أشهد أنّك إمامي .

فقال : أما إنّه سيُدعى كلُّ أُناس بإمامهم ، أصحاب الشّمس بالشّمس ، وأصحاب القمر بالقمر ، وأصحاب النّار بالنّار ، وأصحاب الحجارة بالحجارة((1)) .

باب (69) ثواب مَن عرف إمامه بالحقّ ثم مات

الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن صفوان بن يحيى ، عن محمّد بن مروان ، عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (تبارك وتعالى) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) ؟

فقال : يا فضيل : إعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفت إمامك لم يضرّك تقدَّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر ، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره ، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه .

قال : وقال بعض اصحابه((2)) : بمنزلة من استشهد مع رسول الله

ص: 152


1- - تفسير العياشي : ج3 ص64 ح2561 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص120 .
2- - في غيبة النعماني : قال : ورواه بعض أصحابنا .

(صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .

غيبة النعماني : أخبرنا محمّد بن يعقوب قال : حدثني الحسين بن محمّد بن عامر ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور مثله((2)) .الكافي : علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عمر بن أبان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إعرف العلامة فإذا عرفته لم يضرّك ، تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، إنَّ الله (عزّوجلّ) يقول : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط((3)) المنتظر (عليه السّلام)((4)) .

غيبة النعماني : أخبرنا محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، مثله((5)) .

غيبة النعماني : حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال : حدثني يحيى ابن زكريا بن شيبان قال : حدثنا علي بن سيف بن عميرة ، عن أبيه ، عن

ص: 153


1- - الكافي : ج1 ص371 ح2 .
2- - غيبة النعماني : ص329 ح2 .
3- - في غيبة النعماني : كمن هو في فسطاط . والفسطاط : بيت من الشعر فوق الخباء (مجمع البحرين) .
4- - الكافي : ج1 ص372 ح7 . والمراد بالعلامة هو الامام . وعن بعض النسخ : الغلام بدل العلامة .
5- - غيبة النعماني : ص330 ح6 .

حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : إعرف إمامك فإذا عرفته لم يضرّك تقدم هذا الأمر أم تأخر ، فإنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) فمن عرف إمامه كان كمن هو في فسطاط القائم (عليه السّلام)((1)) .

باب (70) الشيعة مع إمامهم أمير المؤمنين

المحاسن : البرقي ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بشير العطّار قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) ثم قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وعلي إمامكم ، وكم من إمام يجيء يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه ؟!!

نحن ذريّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واُمّنا فاطمة وما آتى الله أحداً من المرسلين شيئاً إلاّ وقد آتاه محمّداً كما آتى المرسَلين من قبله ، ثمّ تلا (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً)((2))و((3)) .تفسير العياشي : عن بشير الدهّان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أنتم والله على دين الله ، ثمّ تلا : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) ، ثمّ قال : عليّ إمامنا ، ورسول الله إمامنا ، كم من إمام يجيء يوم القيامة يلعَن أصحابه ويلعنونه ؟!! ونحن ذريّة محمّد واُمّنا فاطمة (صلوات الله عليهم)((4)) .

تفسير العياشي : عن بشير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 154


1- - غيبة النعماني : ص331 ح7 .
2- - الرعد 13 : 38 .
3- - المحاسن : ج1 ص253 ح479 الطبعة الحديثة .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص64 ح2563 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص120 .

قال : إنّه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يَغتَبط إلاّ أن تبلغ نفسه هاهنا - وأشار بإصبعه إلى حَنجَرته - قال : ثمّ تأوّل آياً من الكتاب ، فقال : (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)((1)) و (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ)((2)) (إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)((3)) قال : ثمّ قال : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) فرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إمامكم ، وكم إمام يوم القيامة يَجيء يلعَن أصحابه ويلعَنونه ؟ !!((4)) .

مناقب آل أبي طالب : الصادق (عليه السّلام) : ألا تَحْمَدون الله ؟! إذا كان يوم القيامة يُدعى كلُّ قوم إلى مَن يتولَّونه ، وفزعنا إلى رسول الله وفزِعتم أنتم إلينا ، فإلى أين ترون أن نذهب بكم ؟؟! إلى الجنّة وربّ

ص: 155


1- - النساء 4 : 59 .
2- - النساء 4 : 80 .
3- - آل عمران 3 : 31 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص65 ح2566 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص121 .

الكعبة - قالها ثلاثاً -((1)) .

مجمع البيان : عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : ألا تحمدون الله ... وذكر نحوه((2)) .

باب (71) الإمام إ مامان

أمالي الصَّدوق : بإسناده إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأل رجل يقال له : بشر بن غالب أبا عبدالله الحسين (عليه السّلام) فقال : يابن رسول الله أخبرني عن قول الله (عزّوجلّ) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) ؟

قال : إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة وهؤلاء في النار ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) ... الى آخر الحديث((3)) .

باب (72) إحذروا إمامة الضَّبّ

مناقب آل أبي طالب : في رواية أبي بصير ، عن الصادق (عليه

ص: 156


1- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص65 . منه تفسير البرهان : ج6 ص122 .
2- - مجمع البيان : ج3 ص430 .
3- - أمالي الصدوق : ص131 ح1 ، والآية الأخيرة في سورة الشورى 42 : 7 .

السّلام) في خبر أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : أما جبرئيل نزل عليّ وأخبرني انّه يؤتى يوم القيامة بقوم إمامهم ضَبٌّ ، فانظروا أنْ لا تكونوا أولئك فإنّ الله تعالى يقول : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ)((1)) .

باب (73) لا تُترك الأرض بغير إمام

تفسير العياشي : عن عمّار الساباطي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا تترك الأرض بغير إمام يحِلُّ حلال الله ، ويحرّم حرامه ، وهو قول الله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ).

ثمّ قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية » فمَدُّوا أعناقهم ، وفتَحوا أعيُنَهم .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ليست الجاهلية الجَهلاء ، فلمّا خرجنا من عنده قال لنا سليمان : هو والله الجاهلية الجهلاء ، ولكن لمّا رآكم مددتم أعناقكم ، وفتحتم أعينكم ، قال لكم كذلك((2)) .

باب (74) لزوم الطاعة الكاملة لإمام الحق

إختيار معرفة الرجال : فضالة بن جعفر ، عن أبان ، عن حمزة بن

ص: 157


1- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص42 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص64 ح2562 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص120 .

الطّيار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أخذ أبو عبدالله (عليه السّلام) بيدي ثمّ عدَّ الأئمّة (عليهم السّلام) إماماً إماماً يحسبهم بيده حتى انتهى إلى أبي جعفر (عليه السّلام) فكفّ .

فقلت : جعلني الله فداك لو فلقت رمانة فأحللت بعضها وحرّمت بعضها لشهدت أنّ ما حرّمت حرام وما أحللت حلال .

فقال : فحسبك أن تقول بقوله ، وما أنا إلاّ مثلهم ، لي مالهم وعليَّ ما عليهم ، فان أردت أن تُجيء يوم القيامة مع الذين قال الله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ) فقل بقوله((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حمّاد ، عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : السّمع والطاعة أبواب الخير ، السّامع المطيع لا حجّة عليه ، والسامِع العاصي لا حجَّة له ، وإمام المسلمين تمّت حجّته واحتجاجه يوم يلقى الله (عزّوجلّ) .

ثمّ قال : يقول الله (تبارك وتعالى) : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ)((2)) .

تفسير العياشي : عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبدالله (عليه

ص: 158


1- - إختيار معرفة الرّجال : ج2 ص638 ح653 .
2- - الكافي : ج1 ص189 ح17 .

السّلام) ... وذكر نحوه((1)) .

تفسير العياشي : عن محمّد بن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إن كنتم تريدون أن تَكونوا معنا يوم القيامة ، لا يلعَن بعض بعضاً ، فاتقوا الله وأطيعوا ، فإنّ الله يقول : (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ)((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) (72) .

باب (75) عقاب من يسوِّف الحج

تفسير القمي : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ

أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) .

قال : نزلت فيمن يُسوّف الحج حتّى مات ولم يحجّ فهو اعمى فعمي عن فريضة من فرائض الله((3)) .

تفسير العياشي : عن كليب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأله أبو بصير وأنا أسمع ، فقال له : رجل له مائة ألف ، فقال : العام أحجّ ،

ص: 159


1- - تفسير العياشي : ج3 ص65 ح2565 الطبعة الحديثة .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص66 ح2569 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص122 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص24 . منه تفسير البرهان : ج6 ص127 .

العام أحجّ ، فأدركه الموت ولم يَحجّ حَجّ الإسلام ؟

فقال : يا أبا بصير ، أو ما سمِعت قول الله : (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) ؟ عمي عن فريضة من فرائض الله((1)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) ؟

فقال : ذلك الذي يسوّف نفسه الحجّ - يعني حجّة الإسلام - حتّى يأتيه الموت((2)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سألته عن قول الله ... وذكر نحوه((3)) .

باب (76) مَن عَمي عن الولاية عميَ في الرجعة

مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن

ص: 160


1- - تفسير العياشي : ج3 ص67 ح2572 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص128 .
2- - الكافي : ج4 ص268 ح2 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص66 ح2570 الطبعة الحديثة .

عيسى بن عبيد ، عن علي بن الحكم ، عن المثنّى بن الوليد الحنّاط ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) .قال : في الرّجعة((1)) .

تفسير العياشي : عن علي بن الحلبي ، عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله : (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) .

فقال : الرَّجعة((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلا * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلا) (73 و74) .

باب (77) محاولة يائسة من أعداء الامام علي

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار ، عن

ص: 161


1- - مختصر بصائر الدرجات : ص20 . منه تفسير البرهان : ج6 ص127 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص68 ح2573 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص129 .

أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال : كان القوم قد أرادوا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليريبوا (رأيه) في علي (عليه السّلام) وليمسِك عنه بعض الإمساك حتّى أن بعض نسائه ألحّ عليه في ذلك ، فكاد يركَن إليهم بعض الركون ، فأنزل الله (عزّوجلّ) : (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) في علي (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلا * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلا)((1)) .

أقول : سيأتي - في باب 79 - توضيح لهذا الحديث ، من الامام الصادق (عليه السّلام) .

باب (78) عدم التسامح مع أهل الباطل

تفسير العياشي : عن أبي يعقوب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله : (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلا) ؟قال : لمّا كان يوم الفتح أخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أصناماً من المسجد ، وكان منها صنم على المروة ، وطلبت إليه قريش أن يتركُه ، وكان مستحياً فهمّ بتركه ثمّ أمر بكسره فنزلت هذه

ص: 162


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص284 ح21 . منه تفسير البرهان : ج6 ص130 .

الآية((1)) .

باب (79) في القرآن الخطاب للنبي والمقصود غيره

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن عبدالله بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبدالله بن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نزل القرآن بإيّاك أعني واسمعي يا جارة .

وفي رواية أخرى : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : معناه ما عاتب الله (عزّوجلّ) به على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهو يعني به ما قد مضت في القرآن مثل قوله : (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلا) عنى بذلك غيره((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن بكير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله إلى قوله : يا جارة .

عن ابن أبي عمير ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال :ما عاتب ... وذكر نحوه((3)) .

*****

ص: 163


1- - تفسير العياشي : ج3 ص68 ح2574 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص130 .
2- - الكافي : ج2 ص630 ح14 .
3- - تفسير العياشي : ج1 ص84 ح28 و 29 الطبعة الحديثة .

قوله تعالى : (سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا) (77) .

باب (80) إنحراف القيادة بعد رسول الله

تفسير العياشي : عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : إنّ الله قضى الإختلاف على خَلقه ، وكان أمراً قد قضاه في علمه ، كما قضى على الاُمم من قبلكم وهي السُّنَن والأمثال تجري على الناس ، فجرت علينا كما جرت على الذين منقبلنا وقول الله حقّ ، قال الله (تبارك وتعالى) لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا) وقال : (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الاَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً)((1)) وقال : (فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ)((2)) وقال : (لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)((3)) .

وقد قضى الله على موسى ، وهو مع قومه يريهم الآيات والعِبر ، ثمّ مرّوا على قوم يعبدون أصناماً (قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ

ص: 164


1- - فاطر 35 : 43 .
2- - يونس 10 : 102 .
3- - الرّوم 30 : 30 .

قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)((1)) فاستخلف موسى هارون ، فنصبوا (عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى)((2)) وتركوا هارون ، فقال : (يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي * قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى)((3)) فضرب لكم أمثالهم ، وبيّن لكم كيف صنع بهم .

وقال : إنّ نبي الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يُقبض حتّى أعلم الناس أمر علي (عليه السّلام) فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه وقال : إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي ، وكان صاحبَ راية رسول الله في المواطن كلّها ، وكان معه في المسجد يدخله على كلّ حال ، وكان أول النّاس إيماناً به ، فلمّا قُبض نبيُّ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، كان الذي كان ، لما قد قُضي من الاختلاف ، وعَمَد عمر فبايع أبا بكر ولم يُدفَن رسول الله بعد ، فلمّا رأى ذلك علي (عليه السّلام) ورأى النّاس قد بايعوا أبابكر خشي أن يُفتتن النّاس ففَرغ إلى كتاب الله وأخذ بجمعه في مصحف فأرسل أبوبكر إليه : أن تَعالَ فبايع .

فقال علي (عليه السّلام) : لا أخرج حتّى أجمع القرآن ، فأرسل إليه

ص: 165


1- - الاعراف 7 : 138 .
2- - طه 20 : 88 .
3- - طه 20 : 90 و91 .

مرَّة أُخرى ، فقال : لا أخرُج حتّى أفرغ ، فأرسل إليه الثالثة عمر رجلاً يقال له : قنفذ ، فقامت فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليها) تَحُول بينه وبين علي (عليه السّلام) فضربها ، فانطلق قنفذ وليس معه علي ، فخشي أن يجمع علي النّاس ، فأمر بحطب فجعل حوالي بيته ، ثمّ انطلق عمر بنار ، فأراد أن يُحرِق على علي بيته وعلى فاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) ، فلمّا رأى علي ذلك خرج فبايع كارهاً غير طائع((1)) .

أقول : لقد اختلفت الأقوال والروايات في بيعة الامام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) أبابكر .. فمنها ما صرَّحت بامتناعه عن البيعة في البداية ، ثم بايع كارهاً غير طائع - كما صرّح الحديث المذكور - .

ومن الواضح أن البيعة بالاكراه لا تثبت شيئاً .

ومنها : ما صرَّحت بأن الامام علياً (عليه السّلام) لم يبايع أبداً .

ومنها : ما صرَّحت بأنه (عليه السّلام) بايع أبابكر بعد ستة أشهر من تولّيه السلطة - كما صرَّح البخاري في صحيحه - .

ونتساءل : لماذا تخلَّف الامام أمير المؤمنين (عليه السّلام) عن البيعة ستة أشهر ، مع العلم أن البيعة واجب فوري ، والامام كان حاضراً في المدينة المنوَّرة ولم يكن في سفر أو غيره ؟!!

من الواضح أن هذا يدلّ على عدم رضاه (عليه السّلام) بهذا الحاكم

ص: 166


1- - تفسير العياشي : ج3 ص68 ح2576 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص131 .

الغاصب ، لأنه (سلام الله عليه) هو الخليفة الشرعي لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

قال المؤرّخ الشهير ابن قتيبة - في كتاب الامامة والسياسة - ما نصُّه :

(.. ثم ان علياً (كرَّم الله وجهه) اُتي به الى أبي بكر((1)) وهو يقول : أنا عبدالله وأخو رسوله .

فقيل له : بايع أبا بكر .فقال : أنا أحَقُّ بهذا الأمر منكم .. لا اُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي .. أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ، وتأخذونه منّا أهل البيت غَصباً ؟! ... نحن أولى برسول الله حيّاً وميّتاً ، فأنصفونا إن كنتم مؤمنين ، وإلاّ فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون .

فقال له عمر : يا أبا الحسن انك لستَ متروكاً حتى تبايع .

فقال له علي : إحلبْ حلْباً لك شطره ، واْشدُد له اليوم أمرَه ، يَردُده عليك غداً .

ثم قال : والله - يا عمر - لا أقبل قولك ولا اُبايعه)((2)) .

وروي أنه (عليه السّلام) خاطب أبابكر بقوله :

فانْ كنتَ بالشورى ملكتَ امورَهم *** فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ

ص: 167


1- - تأمل - أيّها القارئ - قوله : « اُتي به » ممّا يدلّ على أنه جيئ به (عليه السّلام) بالاكراه .
2- - الامامة والسياسة : ج1 ص28 .

وان كنتَ بالقربى حججتَ خَصيمَهم *** فغيرك أولى بالنبي وأقربُ

وكان (عليه السّلام) يقول : واعجباه ! أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة ؟ !((1))

باب (81) الإسلام سنّة النبي وجميع المرسلين

تفسير العياشي : عن أبي العباس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا) .

قال : هي سنة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ومن كان قبله من الرُّسل ، وهو الإسلام((2)) .

*****

قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (78) .

باب (82) النهي عن الصلاة قبل دخول وقتها

تفسير العياشي : عن سعيد الأعرج قال : دخلت على أبي عبدالله

ص: 168


1- - بحار الانوار : ج29 ص609 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص70 ح2577 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص133 .

(عليه السّلام) وهو مُغضَب وعنده نفر من أصحابنا وهو يقول : تُصلّون قبل أن تَزول الشمس ؟

قال : وهم سكوت قال : فقلت له : أصلحك الله ما نُصلّي حتى يُؤذّن مؤذّن مكة .

قال : فلا بأس ، أما إنّه إذا أَذّن فقد زالت الشمس .

ثمّ قال : إنّ الله يقول : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) فقد دخلت أربع صلوات فيما بين هذين الوقتين ، وأفرد صلاة الفجر ، قال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) فمن صلّى قبل أن تزول الشمس فلا صلاة له((1)) .

باب (83) أوقات الفرائض اليوميّة الخمس

التهذيب : روى أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن الضحّاك بن زيد((2)) ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (تعالى) : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) .

قال : إنّ الله (تعالى) افترض أربع صلوات ، أوّل وقتها [من] زوال

ص: 169


1- - تفسير العياشي : ج3 ص72 ح2582 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص140 .
2- - في الاستبصار : يزيد .

الشمس إلى انتصاف الليل ، منها صلاتان أول وقتها من عند زوال الشمس إلى غروب الشّمس((1)) الا انّ هذه قبل هذه ، ومنها صلاتان اوّل وقتها من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلاّ أن هذه قبل هذه((2)) .

الاستبصار : أحمد بن محمّد بن عيسى مثله إلى قوله : إلى غروب الشمس إلاّ أن هذه قبل هذه((3)) .

تفسير العياشي : عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) قال : إنّ الله ... وذكر مثله((4)) .تفسير العياشي : عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن هذه الآية (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) ؟

قال : دُلوك الشمس : زوالها عند كبِد السماء (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)الى انتصاف الليل ، فرض الله فيما بينهما أربع صلوات : الظهر ، والعصر ، والمغرب والعشاء (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني القراءة (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) .

قال : يجتمع في صلاة الغداة حرس الليل والنّهار من الملائكة ،

ص: 170


1- - في تفسير العياشي : إلى غروبها .
2- - التهذيب : ج2 ص25 ح72 .
3- - الاستبصار : ج1 ص261 ح938 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص73 ح2585 الطبعة الحديثة .

قال : وإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ، ليس يعمل الاّ السُّبحة((1)) التي جرت بها السُّنَّة امامها (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : ركعتا الفجر ، وضعهنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ووقّتهنَّ للناس((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن يزيد بن خليفة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ عمر بن حنظلة اتانا عنك بوقت ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إذا لا يكذب علينا .

قلت : ذكر انّك قلت : انّ أول صلاة افترَضها الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الظهر ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) فإذا زالت الشمس لم يمنعك إلاّ سبحتك ، ثمّ لا تزال في وقت إلى أن يصير الظل قامة ، وهو آخر الوقت ، فإذا صار الظِلّ قامة دخل وقت العصر ، فلم يزل في وقت العصر حتّى يصير الظِل قامتين ، وذلك المساء .

فقال : صدَق((3)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) الصّلاة المأمور بها على هذا هي صلاة الظهر . وهو المروي

ص: 171


1- - السُّبحة : النافلة (مجمع البحرين) .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص71 ح2579 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص139 .
3- - الكافي : ج3 ص275 ح1 .

عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((1)) .تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) .

قال : جُمعت الصلوات كلّهن ، ودلوك الشّمس : زوالها ، وغسق الليل : انتصافه ، وقال : إنّه ينادي مناد من السماء كل ليلة إذا انتصف الليل : مَن رقَد عن صلاة العشاء إلى هذه الساعة فلا نامت عيناه (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : صلاة الصبح .

وأمّا قوله : (كَانَ مَشْهُوداً) .

قال : تحضره ملائكة الليل والنّهار((2)) .

باب (84) أهمّية صلاة الفجر

الكافي : علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن اسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أخبرني بأفضل((3)) المواقيت في صلاة الفجر ؟

ص: 172


1- - مجمع البيان : ج3 ص434 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص72 ح2583 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص140 .
3- - في التهذيب والاستبصار : عن أفضل .

فقال((1)) : مع طلوع الفجر إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) يعني صلاة الفجر تشهده((2)) ملائكة الليل وملائكة النّهار فاذا صلّى العبد ]صلاة[ الصبح مع طلوع الفجر اثبتت((3)) له مرّتين اثبتها((4)) ملائكة الليل وملائكة النّهار((5)) .

التهذيب : روى أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله((6)) .

الاستبصار : أحمد بن محمّد بن أبي نصر مثله((7)) .تفسير العياشي : عن محمّد الحلبي ، عن أحدهما (عليهما السّلام) وغَسَقِ اللَّيْلة نصفها بل زوالها ، وقال : افرد الغداة ، وقال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) فركعَتا الفجر تحضُرهما الملائكة ملائكة الليل والنهار((8)) .

ص: 173


1- - في التهذيب والاستبصار : قال .
2- - في التهذيب : يشهده .
3- - في التهذيب : اثبت .
4- - في التهذيب والاستبصار : تثبته .
5- - الكافي : ج3 ص282 ح3 .
6- - التهذيب : ج2 ص37 ح116 .
7- - الاستبصار : ج1 ص275 ح995 .
8- - تفسير العياشي : ج3 ص71 ح2581 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص140 .

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رحمه الله) ، عن الحسين بن ابراهيم القزويني ، عن محمّد بن وهبان ، عن محمّد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن رزيق قال : كان أبو عبدالله (عليه السّلام) يُصلّي الغداة بغَلس((1)) عند طلوع الفجر الصادق أوّل ما يبدو وقبل أن يستعرض ، وكان يقول : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) إنّ ملائكة الليل تصعد وملائكة النّهار تنزل عند طلوع الفجر ، فأنا أُحبُّ أن تشهد ملائكة الليل والنّهار صلاتي .

قال : وكان يصلّي المغرب عند سقوط القُرص قبل أن تظهر النّجوم((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) (79) .

باب (85) نافلة الليل فريضة على الرسول الأعظم

التهذيب : محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي

ص: 174


1- - الغَلَس : الظلمة آخر الليل (مجمع البحرين) .
2- - أمالي الطوسي : ص695 ح1481 . منه تفسير البرهان : ج6 ص138 .

بن عبدالله ، عن ابن فضّال ، عن مروان ، عن عمّار الساباطي قال : كُنّا جلوساً عند أبي عبدالله (عليه السّلام) بمنى ، فقال له رجل : ما تقول في النوافل ؟

فقال : فريضة .قال : ففزعنا وفزع الرجل ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّما اعني صلاة الليل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّ الله يقول : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ)((1)) .

باب (86) المقام المحمود للرسول الأعظم

الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) - في حديث قال : قال عليّ (عليه السّلام) في مقام ذكر مناقب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)- : ووعده المقام المحمود فاذا كان يوم القيامة أقعده الله (تعالى) على العرش فهذا أفضل ممّا أُعطي سليمان((2)) .

تفسير العياشي : عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال في قوله : (عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً) قال : هي

ص: 175


1- - التهذيب : ج2 ص242 ح959 .
2- - الاحتجاج : ص220 .

الشفاعة((1)) .

تفسير العياشي : عن عبيد بن زرارة قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن المؤمن هل له شفاعة ؟

قال : نعم .

فقال له رجل من القوم : هل يحتاج المؤمن الى شفاعة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يومئذ ؟

قال : نعم إن للمؤمنين خطايا وذنوباً ، وما من أحد الاّ ويحتاج الى شفاعة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يومئذ .

قال : وسأله رجل عن قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنا سيّد ولد آدم ولا فخر ؟قال : نعم يأخذ حَلقة باب الجنّة فيفتحها فيخرّ ساجداً ، فيقول الله : ارفع رأسك إشفع تُشفّع واطلب تُعط ، فيرفع رأسه ثمّ يخرّ ساجداً فيقول الله : ارفع رأسك إشفع تُشفّع واطلب تُعط ، ثمّ يرفع رأسه فيَشفَع فيُشَفّع ويطلُب فيُعطى((2)) .

تفسير القمي : حدَّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن معاوية وهشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله

ص: 176


1- - تفسير العياشي : ج3 ص78 ح2590 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص148 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص78 ح2592 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص148 .

عليه وآله وسلّم) : لو قد قمتُ المقام المحمود لَشفّعت في أبي واُمي وعمي ، واخ كان لي في الجاهلية((1)) .

تفسير العياشي : عن محمّد بن حكيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لو قد قُمتُ المقام المحمود شفَعت لأبي واُمّي وعمّي وأخ كان لي موافياً في الجاهلية((2)) .

تفسير العياشي : عن صفوان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّي استوهب((3)) من ربّي أربعة : آمنة بنت وهب ، وعبدالله بن عبد المطلب ، وأبا طالب ورجلاً جرت بيني وبينه اُخوّة وطلب إليّ أن أطلب إلى ربّي أن يَهبه لي((4)) .

تفسير العياشي : عن خَيثمة الجعفي قال : كنت عند جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنا ومفضّل بن عمر ليلاً ليس عنده أحد غيرنا فقال له مفضّل الجعفي : جُعلت فداك ، حدِّثنا حديثاً نُسرُّ به .

قال : نعم ، إذا كان يوم القيامة حشَر الله الخلائق في صَعيد واحد

ص: 177


1- - تفسير القمي : ج2 ص25 . منه تفسير البرهان : ج6 ص143 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص76 ح2588 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص147 .
3- - في تفسير البرهان : استوهبت .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص78 ح2591 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص148 .

حفاة عراة غرلاً((1)) .

قال : فقلت : جعلت فداك ما الغرل ؟قال : كما خُلقوا أوّل مرّة ، فيقفون حتّى يُلجمهم العَرق((2)) ، فيقولون : ليت الله يحكُم بيننا ولو إلى النار ، يرون انّ في النار راحة ممّا هم فيه ، ثمّ يأتون آدم فيقولون : أنت أبونا وأنت نبيّ ، فسل ربّك يحكم بيننا ولو إلى النّار ، فيقول آدم : لستُ بصاحبكم ، خَلَقني ربّي بيده وحَملني على عرشه ، وأسجَد لي ملائكته ، ثمّ أمرني فعصيته ، ولكنّي ادلّكم على ابني الصدِّيق - الذي مَكَث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً يدعوهم كلّما كذبوا اشتدّ تصديقه - : نوح .

قال : فيأتون نوحاً فيقولون : سَل ربّك يحكم بيننا ولو إلى النار .

قال : فيقول : لستُ بصاحبكم ، إني قلت : إنّ ابني من أهلي ، ولكنّي أدُلُّكم إلى من اتّخذه الله خليلاً في دار الدُّنيا ، ائتوا ابراهيم .

قال : فيأتون ابراهيم فيقول : لست بصاحبكم إنّي قلت : إنّي سقيم ، ولكنّي أدُلّكم على من كلَّمه الله تكليماً ، موسى .

قال : فيأتون موسى فيقولون له ، فيقول : لستُ بصاحبكم إنّي قتلت

ص: 178


1- - غَرِلَ الصبي غرلاً : لم يختَن ، والجمع غرل (أقرب الموارد) .
2- - قوله : « ألجمهم العرق » : أي سال منهم الى أن يصل إلى قرب أفواههم (مجمع البحرين) .

نفساً ، ولكنّي أدلّكم على من كان يخلق بإذن الله ويُبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، عيسى .

فيأتونه فيقول : لست بصاحبكم ولكنّي أدلّكم على من بشّرتُكم به في دار الدُّنيا ، أحمد .

ثم قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما من نبي وُلد من آدم إلى محمّد إلاّ وهم تحت لواء محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

قال : فيأتونه ، ثمّ قال : فيقولون : يا محمّد سل ربّك يحكم بيننا ولو إلى النّار .

قال : فيقول : نعم أنا صاحبكم فيأتي دار الرّحمن وهي عَدْن ، وإن بابها سعَته بُعد ما بين المشرق والمغرب ، فيحرّك حلقةً من الحِلَق ، فيقال : من هذا ؟ - وهو أعلم به - ؟

فيقول : أنا محمّد .

فيقال : افتحوا له .قال : فيُفتح لي قال : فإذا نظرتُ إلى ربّي((1)) مجّدتُه تمجيداً لم يمجّده أحد كان قبلي ، ولا يمجّده أحد كان بعدي ، ثمّ أخِرُّ ساجداً ، فيقول : يا محمّد ارفع رأسك ، وقُل يُسمع قولك ، واشفع تشفّع ، وسل تُعط .

قال : فاذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربّي ، مجّدته تمجيداً أفضل من الأوّل ، ثمّ أخِرُّ ساجداً فيقول : ارفع رأسك ، وقل يُسمع قولك ، واشفع تشفّع ، وسل تُعط

قال : فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربّي مجّدته تمجيداً أفضل من

ص: 179


1- - أي نظرت الى رحمة ربي وجلاله وعظمته .

الأوّل والثاني ثمّ أخِرُّ ساجداً ، فيقول : ارفع رأسك وقل يُسمع قولك ، واشفع تشفّع وسل تُعط ، فإذا رفعت رأسي أقول : رَبّ أحكم بين عبادك ولو إلى النّار ، فيقول : نعم يا محمّد .

قال : ثمّ يؤتى بناقة من ياقوت أحمر ، وزمامها زبرجد أخضر حتى اركبها ، ثمّ آتي المقام المحمود حتى أقف عليه ، وهو تلّ من مِسك أذفر((1))محاذ بحِيال العرش .

ثمّ يُدعى ابراهيم فَيُحمل على مثلها فيجيء حتى يَقف عن يمين رسول الله .

ثم يرفع رسول الله يده فيضرب على كتف علي بن أبي طالب ثمّ قال : ثم تؤتى والله بمثلها فتُحمل عليها ، ثمّ تجيء حتى تقف بيني وبين أبيك إبراهيم ، ثمّ يخرج مناد من عند الرحمن فيقول : يا معشر الخلائق أليس العدل من ربّكم أن يولّي كلّ قوم ما كانوا يتولّون في دار الدُّنيا ؟

فيقولون : بلى ، وأي شيء عدل غيره ؟

قال : فيقوم الشيطان الذي أضلّ فرقة من النّاس حتى زعموا أنّ عيسى هو الله وابن الله ، فيتبعونه إلى النّار ، ويقوم الشيطان الذي أضلّ

ص: 180


1- - مِسْك أذفر : جيّد الى الغاية (أقرب الموارد) .

فرقة من الناس حتّى زعموا أنّ عُزيراً بن الله حتى يتبعونه إلى النار ، ويقوم كلّ شيطان أضلّ فرقة فيتبعونه إلى النار حتى تبقى هذه الاُمّة .

ثمّ يخرج مناد من عند الله فيقول : يا معشر الخلائق أليس العدل من ربّكم أن يُولّي كلّ فريق من كانوا يتولّون في دار الدنيا ؟فيقولون : بلى ]وأي شيء عدل غيره ؟[ فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاّه ، ثمّ يقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاّه ، ثمّ يقوم شيطان ثالث فيتبعه من كان يتولاّه ، ثمّ يقوم معاوية فيتبعه من كان يتولاّه ، ويقوم عليّ فيتبعه من كان يتولاّه ، ثمّ يقوم يزيد بن معاوية فيتبعه من كان يتولاّه ، ويقوم الحسن فيتبعه من كان يتولاّه ، ويقوم الحسين فيتبعه من كان يتولاّه ، ثمّ يقوم مروان بن الحكم وعبد الملك فيتبعهما من كان يتولاّهما ، ثمّ يقوم علي بن الحسين فيتبعه من كان يتولاّه ، ثمّ يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمّد بن علي فيتبعهما من كان يتولاّهما ، ثمّ أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاّني ، وكأني بكما معي ، ثمّ يُؤتى بنا فنجلس على عرش ربّنا ، ويؤتى بالكُتب فتُوضَع فنشهد على عَدوّنا ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقاً .

قال : قلت : جعلت فداك فما المرهق ؟

قال : المذنب ، فأمّا الّذين اتَّقوا من شيعتنا فقد نجّاهم الله بمفازَتهم لا يمسّهم السُّوء ولا هم يَحزنون .

قال : ثمّ جاءته جارية له ، فقالت : إنّ فلان القرشي بالباب .

ص: 181

فقال : ائذنوا له ، ثمّ قال لنا : اسكتوا((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن شفاعة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم القيامة ؟

فقال : يُلجم الناسَ يوم القيامة العَرق فيقولون : انطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا عند ربّنا فيأتون آدم فيقولون : يا آدم اشفع لنا عند ربّك فيقول : انّ لي ذنباً وخطيئة فعليكم بنوح ، فيأتون نوحاً فيردّهم إلى من يليه ويردّهم كلّ نبي إلى من يليه حتّى ينتهوا إلى عيسى فيقول : عليكم بمحمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيَعرِضون أنفسهم عليه ويسألونه ، فيقول : انطلقوا فينطلق بهم الى باب الجنّة ، ويستقبل باب الرّحمة ،ويخرّ ساجداً فيمكث ما شاء الله فيقول الله : إرفع رأسك واشفع تشفّع واسأل تُعط وذلك هو قوله : (عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً)((2)) .

تفسير العياشي : عن عيص بن القاسم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) إنّ اُناساً من بني هاشم أتَوا رسول الله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي ، وقالوا : يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها ، فنحن أولى به .

ص: 182


1- - تفسير العياشي : ج3 ص73 ح2587 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص144 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص25 . منه تفسير البرهان : ج6 ص143 .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا بني عبد المطلب إنّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم ، ولكنّي وُعدت بالشفاعة ، ثمّ قال : والله أشهد أنّه قد وعدها فما ظنّكم يا بني عبد المطلب إذا أخذتُ بحلقة الباب ؟ أتروني مؤثراً عليكم غيركم ؟

ثمّ قال : إنّ الجنّ والإنس يجلسون يوم القيامة في صعيد واحد فإذا طال بهم الموقف طلبوا الشّفاعة فيقولون : إلى من ؟ فيأتون نوحاً فيسألونه الشّفاعة ، فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي .

فيقولون : الى من ؟

فيقال : إلى ابراهيم ، فيأتون إلى ابراهيم فيسألونه الشّفاعة ، فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي .

فيقولون : إلى من ؟

فيقال : ائتوا موسى فيأتونه فيسألونه الشّفاعة ، فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي .

فيقولون : إلى من ؟

فيقال : ائتوا عيسى فيأتونه ويسألونه الشّفاعة ، فيقول : هيهات قد رفعت حاجتي .

فيقولون : إلى من ؟

فيقال : ائتوا محمّداً فيأتونه فيسألونه الشّفاعة فيقوم مدلاًّ حتى يأتي باب الجنّة فيأخذ بحلقة الباب ثمّ يقرعه ، فيقال : من هذا ؟

ص: 183

فيقول : أحمد فيرحّبون ويفتحون الباب ، فإذا نظر إلى الجنّة ، خرّ ساجداً يُمجّد ربّه ويُعظّمه فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك وسل تُعط ، واشفع تشفّع ، فيقوم فيرفعرأسه ويدخل من باب الجنّة فيخرّ ساجداً يمجّد ربّه ويعظّمه فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك وسل تُعطَ واشفع تشفّع ، فيقوم فيمشي في الجنّة ساعة ، ثمّ يخرّ ساجداً يمجّد ربّه ويُعظّمه فيأتيه ملك فيقول : ارفع رأسك ، وسَل تُعط واشفع تشفّع ، فيقوم فما يسأل شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه((1)) .

أمالي الطوسي : الفحّام ، عن المنصوري ، عن عمّ أبيه ، قال : حدثني الإمام علي بن محمّد (عليهما السّلام) بإسناده قال : قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) : سمعت النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : إذا حُشر الناس يوم القيامة نادى مناد : يا رسول الله إنّ الله (جلّ اسمه) قد أمكنك من مجازاة محبّيك ومحبّي أهل بيتك الموالين لهم فيك والمعادين لهم فيك ، فكافئهم بما شئت ، فأقول : يا ربّ الجنّة فأُنادى : فولّهم منها حيث شئتَ ، فذلك المقام المحمود الذي وُعدت به((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْق وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ

ص: 184


1- - تفسير العياشي : ج3 ص76 ح2589 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص147 .
2- - أمالي الطوسي : ص298 ح586 . منه تفسير البرهان : ج6 ص143 .

صِدْق وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً) (80) .

باب (87) آية للأمن من المخاوف

المحاسن : البرقي ، عن أبي عبدالله ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن إبراهيم بن نعيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا دخلت مدخلاً تخافه فاقرأ هذه الآية (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْق وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْق وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً) وإذا عاينت الّذي تخافه فاقرأ آية الكرسي((1)) .

باب (88) حَدُّ الشُكر

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : هل للشّكر حدّ إذا فعله العبد كان شاكراً ؟

قال : نعم .

قلت : ما هو ؟

قال : يحمد الله على كلّ نعمة عليه في أهل ومال ، وإن كان فيما

ص: 185


1- - المحاسن : ج2 ص116 ح1321 الطبعة الحديثة . منه بحار الانوار : ج92 ص266 .

انعم عليه في ماله حقّ أدّاه ومنه قوله (جلّ وعزّ) : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)((1)) ومنه قوله تعالى : (رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ)((2)) وقوله تعالى : (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْق وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْق وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً)((3)) .

*****

قوله تعالى : (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) (81) .

باب (89) حكم اللّعب بالشطرنج

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص ابن البختري ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الشطرنج من الباطل((4)) .

تفسير العياشي : عن حمدويه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن بعض أصحابنا قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن اللّعب بالشطرنج ؟

ص: 186


1- - الزخرف 43 : 13 .
2- - المؤمنون 23 : 29 .
3- - الكافي : ج2 ص95 ح12 .
4- - الكافي : ج6 ص435 ح4 .

فقال : الشّطرنج من الباطل((1)) .الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه سئل عن الشطرنج وعن لعبة شبيب - التي يقال لها : لعبة الأمير - وعن لعبة الثلاث ؟

فقال : أرأيتك إذا ميّز الحق من الباطل مع أيّهما يكون ؟

قال : قلت : مع الباطل .

قال : فلا خير فيه((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انه سئل عن الشطرنج ؟

فقال : دعو المجوسيّة لأهلها لعنها الله((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن اللعب بالشطرنج والنرد((4)) .

ص: 187


1- - تفسير العياشي : ج3 ص79 ح2595 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص157 .
2- - الكافي : ج6 ص436 ح6 .
3- - الكافي : ج6 ص437 ح13 .
4- - الكافي : ج6 ص437 ح17 . والنرد : شيء معروف يلعب به وضع اردشير بن بابك من ملوك الفرس ولهذا اضيف اليه فقيل النردشير (أقرب الموارد) .

*****

قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلاَّ خَسَاراً) (82) .

باب (90) القرآن كتاب شفاء

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّما الشفاء في علم القرآن ، لقوله : (مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) لأهله ، لا شك فيه ولا مِرية ، وأهله أئمّة الهُدى الذين قال الله : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)((1)) و((2)) .طبّ الأئمة (عليهم السّلام) : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاة قطّ فقال باخلاص نيّة ومسح موضع العلَّة : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلاَّ خَسَاراً) إلاّ عُوفي من تلكَ العلّة ، أيَّة علّة كانت ، ومصداق ذلك في الآية حيث يقول : (شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)((3)) .

طبّ الأئمّة (عليهم السّلام) : محمّد بن يزيد بن سليم الكوفي قال :

ص: 188


1- - فاطر 35 : 32 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص79 ح2596 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص157 .
3- - طب الأئمة : ص28 .

حدثنا النّضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن أليس الله (جلّ جلاله) يقول : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : محمّد بن العبّاس قال : حدثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، عن أبي الحسن موسى ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : نزلت هذه الآية : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ) لآل محمّد (إلاَّ خَسَاراً)((2)) .

*****

قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا) (84) .

باب (91) الخلود في الجنَّة والنار بالنيّات

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن أحمد بن يونس ، عن أبي هاشم قال : قال أبو عبدالله (عليه

ص: 189


1- - طب الأئمة : ص48 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص290 ح29 . منه تفسير البرهان : ج6 ص157 .

السّلام) : إنّما خُلد أهلُ النّار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدُّنيا أن لو خُلّدوا فيها أن يعصوا الله أبداً ، وإنّما خُلّد أهل الجنّة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدُّنيا أن لو بقوا فيها أن يُطيعوا الله أبداً ، فبالنيّاتخلد هؤلاء وهؤلاء ، ثمّ تلا قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) قال : على نيّته((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي هاشم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الخلود في الجنّة والنار ؟

فقال : انّما خُلّد أهل النّار ... وذكر نحوه((2)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (وكأنّ الاستشهاد بالآية مبنيّ على ما حقَّقنا سابقاً أنّ المدار في الأعمال على النيَّة التابعة للحالة التي اتّصفت النفس بها من العقائد والاخلاق الحسنة والسيّئة ، فاذا كانت النفس على العقائد الثابتة والأخلاق الحسنة الراسخة التي لا تتخلّف عنها الأعمال الصالحة الكاملة لو بقي في الدنيا أبداً فبتلك الشاكلة والحالة استحقّ الخلود في الجنّة ، واذا كانت على العقائد الباطلة والاخلاق الرديّة التي علم الله تعالى أنّه لو بقي في الدنيا أبداً لعصى الله تعالى دائماً فبتلك الشاكلة استحقّ الخلود في النار لا بالأعمال التي لم يعملها .

ص: 190


1- - الكافي : ج2 ص85 ح5 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص80 ح2600 الطبعة الحديثة .

فلا يَرِد انّه ينافي الاخبار الواردة في أنّه اذا أراد السيئة ولم يعملها لم تكتب عليه ، مع أنّه يمكن حمله على ما إذا لم تصر شاكلة له ، ولم تكن بحيث علم الله انّه لو بقي لأتى بها ، أو يُحمل عدم كتابة السيئة على المؤمنين وهذا إنّما هو في الكفّار ، وقد يستدلّ بهذا الخبر على أنّ كلّ كافر يمكن في حقّه التوبة والايمان لا يموت على الكفر)((1)) .

باب (92) النيَّة أفضل من العمل

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث قال : - والنيّة أفضل منالعمل ألا وإنّ النيّة هي العمل ، ثمّ تلا قوله (عزّوجلّ) : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) يعني على نيته((2)) .

باب (93) حكم الصلاة في معابد اليهود والنصارى

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حمّاد الناب ، عن الحكم بن الحكم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول - وسُئل

ص: 191


1- - مرآة العقول : ج8 ص104 .
2- - الكافي : ج2 ص16 ح4 .

عن الصلاة في البِيَع والكنايس - ؟

فقال : صلّ فيها ، قد رأيتُها ما انظفها .

قلت : أيصلّى فيها وإن كانوا يصلّون فيها ؟

فقال : نعم أما تقرأ القرآن : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا) صلّ على القبلة وغرّبهم((1)) .

تفسير العياشي : عن حمّاد ، عن صالح بن الحكم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول ... وذكر نحوه((2)) .

من لا يحضره الفقيه : قال صالح بن الحكم : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن الصلاة في البيع والكنائس ؟

فقال : صلّ فيها .

قال : فقلت : وان كانوا يصلّون فيها اُصلّي فيها ؟

قال : نعم أما تقرأ القرآن (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا) صلّ إلى القبلة ودعهم((3)) .

* * * * *

ص: 192


1- - التهذيب : ج2 ص222 ح876 . وقوله (عليه السّلام) : « وغرّبهم » لانهم يصلّون الى المشرق . وفي نسخة من لا يحضره الفقيه : ودعهم . كما في الحديث الآتي .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص80 ح2599 الطبعة الحديثة .
3- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص244 ح731 .

قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا) (85) .

باب (94) الرُّوح مِن أعظم الملائكة

الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) قال : خَلقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل ، لم يكن مع أحد ممّن مضى غير محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو مع الائمة (عليهم السّلام) يُسدّدهم ، وليس كلّ ما طلب وجد((1)) .

مختصر بصائر الدرجات : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ... وذكر مثله((2)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ... وذكر نحوه((3)) .

ص: 193


1- - الكافي : ج1 ص273 ح4 .
2- - مختصر بصائر الدرجات : ص3 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص81 ح2603 الطبعة الحديثة .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ؟

قال : خَلقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو مع الائمّة ، وهو من الملكوت((1)) .

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) في قوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ؟قال : هو مَلَك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو مع الائمة (عليهم السّلام)((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : هو ملك ... وذكر مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن أسباط بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في الروح قال : خَلقٌ أعظم من جبرئيل وميكائيل مع الائمّة (عليهم السّلام) يُفقّههم وهو من الملكوت((4)) .

ص: 194


1- - الكافي : ج1 ص273 ح3 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص279 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص26 . منه تفسير البرهان : ج6 ص161 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص82 ح2607 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص162 .

باب (95) الرُّوح التي في الانسان والحيوان

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ما الروح ؟

قال : الّتي في الدّواب والناس .

قلت : وما هي ؟

قال : هي من الملكوت من القدرة((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) .

قالا : إنّ الله (تبارك وتعالى) أحد صمد ، والصمد : الشيء الذي ليس له جوف ، فإنّما الرّوح خَلق من خَلقه ، له بصر وقوّة وتأييد ، يجعله في قلوب الرُّسل والمؤمنين((2)) .

باب (96) العِلم القليل

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق (رحمه

ص: 195


1- - تفسير العياشي : ج3 ص81 ح2605 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص162 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص81 ح2602 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص161 .

الله) قال : حدثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا محمّد بن اسماعيل البرمكي قال : حدّثنا الحسين بن الحسن قال : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن العرش والكرسي ؟

فقال : أنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة - الى أن قال - : ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال ، وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به فلذلك قال : (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ... الى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً) (88) .

باب (97) عجز الانس والجن عن الاتيان بمثل القرآن

الخرائج والجرائح : أنّ ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهريّة((2))اتّفقوا على أن يعارض كلّ واحد منهم ربع القرآن ، وكانوا بمكّة وعاهدوا

ص: 196


1- - التوحيد : ص321 ح1 .
2- - الدهرية : قوم يقولون : لا ربّ ولا جنّة ولا نار ، ويقولون : ما يهلكنا إلا الدهر ، وهو دين وضعوه لأنفسهم بالاستحسان منهم على غير تثبيت (مجمع البحرين) .

على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل ، فلمّا حال الحول واجتمعوا في مقام ابراهيم (عليه السّلام) ]أيضاً[ قال أحدهم : إنّي لمّا رأيت قوله : (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ)((1)) كففت عن المعارضة .

وقال الآخر : وكذلك أنا لمّا وجدت قوله : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً)((2)) أيست من المعارضة .وكانوا يسرّون بذلك ، إذ مرّ عليهم الصّادق (عليه السّلام) فالتفت إليهم وقرأ ]عليهم[ : (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً) فبهتوا((3)) .

*****

قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَل فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً) (89) .

باب (98) كفر من أبى ولاية أمير المؤمنين

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدثنا أحمد بن

ص: 197


1- - هود 11 : 44 .
2- - يوسف 12 : 80 .
3- - الخرائج والجرائح : ج2 ص710 ح5 .

هوذة ، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ) بولاية علي (إِلاَّ كُفُوراً)((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولا) (94) .

باب (99) عناد المشركين

تفسير العياشي : عن عبد الحميد بن أبي الدّيلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : (قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولا) قالوا : إنّ الجن كانوا في الأرض قبلنا ، فبعث الله إليهم ملكاً ، فلو أراد الله أن يبعث إلينا لبعث الله ملكاً من الملائكة ، وهو قول الله (تبارك وتعالى) : (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولا)((2)) .

* * * * *

ص: 198


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص291 ح31 . منه تفسير البرهان : ج6 ص162 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص82 ح2609 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص177 .

قوله تعالى : (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً) (97) .

باب (100) يُحشر الضالّون على وجوههم

تفسير العياشي : عن ابراهيم بن عمر رفعه الى أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ) .

قال : على جباههم((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَات بَيِّنَات فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لاََظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً) (101) .

باب (101) تسع آيات للنبي موسى

الخصال : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال : حدثنا أبو اسحاق ولقبه يزيد بن اسحاق شعر قال : حدثني هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن التسع الآيات

ص: 199


1- - تفسير العياشي : ج3 ص82 ح2610 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص179 .

التي اُوتي موسى ؟

فقال : الجراد والقُمّل والضفادع والدّم والطوفان والبحر والحجر والعصا ويده((1)) .

قرب الاسناد : الحسن بن ظريف ، عن معمّر ، عن الرضا (عليه السّلام) عن أبيه موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) ذات يوم - وأنا طفل خماسي - اذ دخل عليه نفر من اليهود - في حديث - قالوا : أخبرنا عن الآيات التسع التي اُوتيها موسى بن عمران .قلت : العصا وإخراجه يده من جيبه بيضاء والجراد والقُمَّل والضفادع والدم ورفع الطور والمنّ والسلوى آية واحدة وفلق البحر .

قالوا : صدقت ... الى آخر الحديث((2)) .

باب (102) سؤال اليهودي من أمير المؤمنين

الكافي : علي بن محمّد ، عن عبدالله بن اسحاق ، عن الحسن بن علي بن سليمان ، عن محمّد بن عمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) -

ص: 200


1- - الخصال : ص423 ح24 . منه تفسير البرهان : ج6 ص180 .
2- - قرب الاسناد : ص317 ح1228 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص180 .

في حديث - قال : فبينما هو - أي عليّ أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) - ذات يوم في المسجد اذ قدم عليه يهودي من أهل يثرب قد أقرّ له من في يثرب من اليهود أنّه أعلمهم وكذلك كانت آباؤه من قبل .

قال : وقَدِم على أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في عدّة من أهل بيته فلمّا انتهوا إلى المسجد الأعظم بالكوفة أناخوا رواحلهم ، ثم وقفوا على باب المسجد وأرسلوا إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : إنّا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة ، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك ؟

قال : فخرج إليهم وهو يقول : سيدخلون ويستأنفون باليمين فما حاجتكم ؟

فقال [له] عظيمهم : يابن أبي طالب ما هذه البدعة التي أحدثت في دين محمّد ؟

فقال له : وأيّة بدعة ؟

فقال له اليهودي : زعم قوم من أهل الحجاز أنّك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلاّ الله ، ولم يقرّوا أنّ محمداً رسوله فقتلتهم بالدخان .

فقال له أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : فنشدتك بالتسع الآيات التي اُنزلت على موسى بطور سيناء وبحق الكنائس الخمس القدس

ص: 201

وبحق السمت الدَّيان((1)) هل تعلم أن يوشع بن نون اُتي بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله الا الله ، ولم يقرّوا أنّ موسى رسول الله فقتلهم بمثل هذه القتلة ؟فقال له اليهودي : نعم أشهد أنّك ناموس موسى ... الى آخر الحديث((2)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السّلام) : « وبحق الكنائس الخمس » الكنيسة معبد اليهود والنصارى ولعلّه كانت خمساً منها عندهم معظّمة معروفة كمساجدنا المشهورة . والقُدس : الطهارة ، حَمل عليها مبالغة لانّها سبب الطهارة من الذنوب .

وقوله : « انك ناموس موسى » أي صاحب سرّه المطّلع على باطن أمره وعلومه وأسراره .

ثم اعلم أنّ المشهور بين الأصحاب أن المرتدّ يُقتل بالسيف وأنَّ قتله الى الامام ، ولعلّ هذا النوع من القتل من خصائصه (عليه السّلام) في تلك الواقعة أو الامام مخيّر في أنواع القتل مطلقاً)((3)) .

*****

ص: 202


1- - السمت : الهيئة . والديّان : من أسمائه تعالى وهو القهّار (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج4 ص181 ح7 .
3- - مرآة العقول : ج16 ص442 .

قوله تعالى : (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً) (107) .

باب (103) حكم من لا يستطيع السجود على الجبهة

الكافي : علي بن محمّد باسناد له قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عمّن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها ؟

قال : يضع ذقنه على الأرض إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً)((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الصباح ، عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها ؟

قال : يسجد ما بين طرف شعره ، فإن لم يقدر سجَد على حاجبه الايمن ، فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر ، فإن لم يقدر فعلى ذقنه .قلت : على ذقنه ؟

قال : نعم ، أما تقرأ كتاب الله (عزّوجلّ) : (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً)((2)) .

*****

ص: 203


1- - الكافي : ج3 ص334 ح6 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص30 . منه تفسير البرهان : ج6 ص182 .

قوله تعالى : (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا) (110) .

باب (104) التوحيد الخالص

التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق (رحمه الله) قال : حدثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا محمّد بن اسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس قال : حدثنا يزيد بن عبدالله ، عن الحسين بن سعيد الخزّاز ، عن رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الله غايةُ مَن غيّاه ، والمغيّي غير الغاية ، توحَّد بالربوبيّة ، ووَصف نفسه بغير محدوديّة ، فالذّاكر الله غير الله ، والله غير أسمائه وكلّ شيء وقع عليه اسم شيء سواه فهو مخلوق ، ألا ترى إلى قوله : « العزّة لله » « العظمة لله » وقال : (وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)((1)) وقال : (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) فالأسماء مضافة إليه ، وهو التوحيد الخالص((2)) .

ص: 204


1- - الأعراف 7 : 180 .
2- - التوحيد : ص58 ح16 .

باب (105) قراءة الصلاة بين الجهر والإخفات

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) يقولان : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا) .قالا : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا كان بمكة جهر بصوته ، فيعلَم بمكانه المشركون فكانوا يؤذونه ، فأنزلت هذه الآية عند ذلك((1)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) روي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان إذا صلّى فجهر في صلاته تسمع له المشركون فشتموه وآذوه فأمره سبحانه بترك الجهر وكان ذلك بمكة في أول الأمر ، وبه قال سعيد بن جبير وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((2)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن سنان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : على الامام أن يُسمِع مَن خلفه وإن كثروا ؟

ص: 205


1- - تفسير العياشي : ج3 ص84 ح2617 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص184 .
2- - مجمع البيان : ج3 ص446 .

فقال : ليقرأ قراءةً وسطاً ، يقول الله (تبارك وتعالى) : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا)((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الإمام هل عليه أن يُسمِع ... وذكر نحوه((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الصباح ، عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) .

قال : الجهر بها : رفع الصوت ، والتخافت : ما لم تسمع بأُذنك ، واقرأ ما بين ذلك((3)) .

مجمع البيان : ما رواه أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : الجهر بها : رفع الصَّوت شديداً ، والمخافتة : ما لم تسمع اُذنيك ، واقرأ قراءة وسطاً ما بين ذلك((4)) .تفسير العياشي : عن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) .

ص: 206


1- - الكافي : ج3 ص317 ح27 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص83 ح2616 الطبعة الحديثة .
3- - تفسير القمي : ج2 ص30 . منه تفسير البرهان : ج6 ص183 .
4- - مجمع البيان : ج3 ص446 .

فقال : الجهر بها : رفع الصوت ، والمخافتة : ما لم تسمع أُذناك ، وما بين ذلك : قَدر ما يُسمِع أُذنيك((1)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الصباح ، عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) .

قال : رفع الصوت عالياً ، والمخافتة : ما لم تُسمع نفسك((2)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته - أي أبا عبدالله (عليه السّلام) - عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) ؟

قال : المخافتة : ما دون سمعك ، والجهر : أن ترفع صوتك شديداً((3)) .

التهذيب : أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى مثله((4)) .

تفسير العياشي : عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله ... وذكر مثله((5)) .

تفسير العياشي : عن الحلبي ، عن بعض أصحابنا قال : قال أبو

ص: 207


1- - تفسير العياشي : ج3 ص84 ح2619 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص184 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص30 . منه تفسير البرهان : ج6 ص183 .
3- - الكافي : ج3 ص315 ح21 .
4- - التهذيب : ج2 ص290 ح1164 .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص83 ح2615 الطبعة الحديثة .

جعفر (عليه السّلام) لأبي عبدالله (عليه السّلام) : يا بنيّ عليك بالحسنة بين السيّئتين تمحوهما .

قال : وكيف ذلك يا أبه ؟

قال : مثل قول الله : (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) (لاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ) سيئة (وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) سيّئة (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا)حسنة .. الى آخر الحديث((1)) .*****

قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (111) .

باب (106) دعاء للشفاء وأداء الدَّين

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان قال : شكوت إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : ألا أُعلّمك شيئاً إذا قلته قضى الله دَيْنُك ، وأنعشك وأنعش حالك ؟

فقلت : ما أحوجني إلى ذلك ، فعلّمه هذا الدُّعاء : قل في دُبُر صلاة الفجر : « توكلت على الحيّ الذي لا يموت ، والحمد لله الذي لم يتّخذ

ص: 208


1- - تفسير العياشي : ج3 ص84 ح2621 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص185 .

ولداً ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له وليٌّ من الذلّ وكبّره تكبيراً ، اللهم إنّي أعوذ بك من البؤس والفقر ومن غلبة الدَيْن والسّقم ، وأسألك أن تعينني على أَداء حقّك إليك وإلى النّاس »((1)) .

تفسير العياشي : عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - وقد فقد رجلاً فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - : ما أبطأ بك عنّا ؟

فقال : السُقم والعيال .

فقال : ألا أعلّمك بكلمات تدعو بهن يُذهِب الله عنك السُّقم ، وينفي عنك الفقر ؟ تقول : « لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت ، والحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له وليٌ من الذّل وكبّره تكبيراً »((2)) .

الكافي : الحسين بن محمّد الاشعري ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أتى النبيَّ رجلٌ فقال : يا نبيَّ الله الغالب عليَّ الدَّيْن ووسوسة الصدر .

فقال له النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : قُل : « توكّلت على الحيّ

ص: 209


1- - تفسير العياشي : ج3 ص86 ح2624 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص186 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص85 ح2623 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص186 .

الذي لا يموتُ الحمد لله الذي لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذلّ وكبّره تكبيراً » .

قال : فصبر الرجل ما شاء الله ثمّ مرّ على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهتف به فقال : ما صنعت ؟

فقال : أدمنتُ ما قلتَ لي يا رسول الله فقضى الله دَيني وأذهبَ وسوسة صدري((1)) .

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء رجل الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا رسول الله قد لقيتُ شدّةً من وسوسة الصدر وأنا رجل مَدين مُعيل مُحوج .

فقال له : كرّر هذه الكلمات : « توكّلتُ على الحيّ الذي لا يموتُ والحمدُ لله الذي لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليٌّ من الذلّ وكبّره تكبيراً » .

فلم يلبث أن جاء فقال : أذهب الله عنّي وسوسة صدري وقضى عنّي دَيني ووسّع عليّ رزقي((2)) .

ص: 210


1- - الكافي : ج2 ص554 ح2 .
2- - الكافي : ج2 ص555 ح3 .

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : مَن ظهرتْ عليه النّعمة فليكثر ذكر « الحمد لله » ، ومن كثرتْ همومه فعليه بالإستغفار ، ومن ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول : « لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم » ينفي عنه الفقر((1)) .وقال : فقد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رجلاً من الأنصار فقال : ما غيّبك عنّا ؟

فقال : الفقر يا رسول الله وطولُ السُّقم .

فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ألا اعلّمك كلاماً إذا قلتَه ذهب عنك الفقر والسّقم ؟

فقال : بلى يا رسول الله .

فقال : إذا اصبحت وأمسيت فقل : « لا حول ولا قوة إلاّ بالله ]العلي العظيم[ توكّلت على الحيّ الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذلّ وكبّره تكبيراً » .

فقال الرجل : فوالله ما قلته إلاّ ثلاثة أيّام حتّى ذهب عنّي الفقر والسّقم((2)) .

ص: 211


1- - في المحاسن : ينفي الله عنه الفقر .
2- - الكافي : ج8 ص93 ح65 .

المحاسن : البرقي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن اسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ... وذكر مثله((1)) .

ص: 212


1- - المحاسن : ج1 ص114 ح113 الطبعة الحديثة .

سورة الكهف

باب (1) ثواب قراءة سورة الكهف

الكافي - التهذيب : الحسين بن محمّد ، عن عبدالله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن أيوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي حمزة قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من قرأ [سورة] الكهف في كلّ ليلة جمعة كانت كفّارة ما بين((1)) الجمعة إلى الجمعة((2)) .

ثواب الأعمال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) قال : حدثني محمّد بن يحيى قال : حدثني محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسان ، عن اسماعيل بن مهران قال : حدثني الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة الكهف ]في [كلّ ليلة جمعة لم يمت إلاّ شهيداً ، ويبعثه الله مع الشُّهداء ، ووقف يوم القيامة مع الشُّهداء((3)) .

تفسير العياشي : عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن

ص: 213


1- - في التهذيب : كفّارة له لما بين .
2- - الكافي : ج3 ص429 ح7 - التهذيب : ج3 ص8 ح26 .
3- - ثواب الأعمال : ص134 ح2 . منه تفسير البرهان : ج6 ص192 .

أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله الا انّه قال : وأوقف يوم القيامة((1)) .

باب (2) فائدة قراءة آخر آية في سورة الكهف

الكافي : أحمد بن محمّد الكوفي ، عن حمدان القلانسي ، عن محمّد بن الوليد ، عن أبان ، عن عامر بن عبيدالله بن جذاعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من أحد يقرأ آخر الكهف عند النوم إلاّ تيقّظ في الساعة التي يريد((2)) .الكافي : أحمد بن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن أحمد النهدي ، عن محمّد بن الوليد ، عن أبان ، عن عامر بن عبدالله بن جذاعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من عبد يقرأ آخر الكهف إلاّ تيقّظ في السّاعة الّتي يُريد((3)) و((4)) .

من لا يحضره الفقيه : روى عامر بن عبدالله بن جذاعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من عبد يقرأ آخر الكهف حين ينام إلاّ استيقظ من منامه في الساعة التي يريد((5)) .

ص: 214


1- - تفسير العياشي : ج3 ص87 ح2625 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص192 .
2- - الكافي : ج2 ص540 ح17 .
3- - والعمل بهذا الحديث الشريف سيرة العلماء والعبّاد حيث يستعينون بالآية المباركة المعيّنة لانتباههم للتهجّد وصلاة الليل .
4- - الكافي : ج2 ص632 ح21 .
5- - من لا يحضره الفقيه : ج1 ص471 ح1356 .

التهذيب : روى عامر بن عبدالله بن جذاعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

باب (3) فائدة كتابة سورة الكهف

تفسير البرهان : عن الصادق (عليه السّلام) قال : من كتبها وجعلها في إناء زجاج ضيّق الرّأس وجعله في منزله ، أمن من الفقر والدَّين ، هو وأهله ، وأمن من أذى النّاس ولا يحتاج إلى أحد أبداً ، وإن كُتبت وجُعلت في مخازن الحبوب - من القمح والشعير والأرز والحمص وغير ذلك - دفع الله عنه بإذن الله تعالى كلّ موذ ممّا يطرق الحبوب((2)) .

*****

قوله تعالى : (قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) (2) .

باب (4) الامام علي : البأس الشديد

تفسير البرهان : ابن شهرآشوب ، عن الباقر والصادق (عليهما

ص: 215


1- - التهذيب : ج2 ص175 ح698 .
2- - تفسير البرهان : ج6 ص193 ح9 .

السّلام) في قوله تعالى : (لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ) البأس الشديد : علي بن أبي طالب وهو لَدُن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يُقاتل معه عدوّه((1)) .

أقول : جاء في حديث عن الامام الباقر (عليه السّلام) قال : البأس الشديد : عليٌّ (عليه السّلام) وهو من لَدُن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قاتلٌ معه عدوّه ...((2)) .

*****

قوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (6) .

باب (5) ثلاث حوائج سألها النبي للوصيّ

مناقب آل أبي طالب : العياشي ، باسناده الى الصادق (عليه السّلام) - في خبر - قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي إنّي سألت الله أن يُوالي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يُواخي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يجعلك وصيّي ففعل .

ص: 216


1- - تفسير البرهان : ج6 ص195 ح5 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص87 ح2626 الطبعة الحديثة .

فقال رجل : لصاع من تمر في شِنّ بال خير ممّا سأل محمّد ربَّه ، هلاّ سأل مُلكاً يعضُده على عدوّه ، أو كنزاً يستغني به على فاقته ؟! فأنزل الله تعالى (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ)((1)) .

*****

قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْقَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَان بَيِّن فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَة مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً * وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ

ص: 217


1- - مناقب آل أبي طالب : ج2 ص342 . منه تفسير البرهان : ج7 ص210 .

ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) (9 - 18) .

باب (6) قصة أصحاب الكهف

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان سبب نزولها - يعني سورة الكهف - أنّ قريشاً بعثوا ثلاثة نفر إلى نجران : النّضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط والعاص بن وائل السهمي ليتعلّموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فخرجوا إلى نجران إلى عُلماء اليهود فسألوهم فقالوا : سلوه عن ثلاث مسائل فإن أَجابكم فيها على ما عندنا فهو صادق ثمَّ سلوه عن مسألة واحدة فإن ادَّعى علمها فهو كاذب .

قالوا : وما هذه المسائل ؟

قالوا : سلوه عن فتية كانوا في الزّمن الأوّل ، فخَرجوا وغابوا وناموا وكم بقوا في نومهم حتّى انتبهوا ؟ وكم كان عددهم ؟ وأي شيء كان معهم من غيرهم وما كان قصَّتهم ؟ واسألوه عن موسى حين أمره الله أن يتّبع العالِم ويتعلّم منه من هو وكيف تبعه وما كان قصّته معه ؟ واسألوه عن طائف طافَ من مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سدَّ يأجوج ومأجوج

ص: 218

من هو ؟ وكيف كان قصّته ؟ ثمّ أملوا عليهم أخبار هذه الثلاثمسائل وقالوا لهم : ان أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق وإن أخبركم بخلاف ذلك فلا تُصدّقوه .

قالوا : فما المسألة الرّابعة ؟

قال : سلوه متى تقوم الساعة ؟ فإن ادعى علمها فهو كاذب ، فإنّ قيام السّاعة لا يعلمها إلاّ الله (تبارك وتعالى) .

فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب إنّ ابن أخيك يزعم أنّ خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل فإن أجابنا عنها علمنا أنّه صادق وإن لم يُجِبنا علمنا أنّه كاذب .

فقال أبو طالب : سلوه عمّا بدا لكم فسألوه عن الثلاث مسائل .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : غداً اُخبركم - ولم يستثن -((1))فاحتبس الوحي عليه أربعين يوماً حتى اغتمّ النبي (صلّى الله عليه وآله) وشكَّ أصحابه الذين كانوا آمنوا به وفرحت قريش واستهزؤا وآذوا وحزن أبو طالب ، فلمّا كان بعد أَربعين يوماً نزل عليه بسورة الكهف .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا جبرئيل لقد ابطأت ؟

فقال : إنّا لا نقدر أن ننزل إلاّ بإذن الله فأنزل الله تعالى (أَمْ حَسِبْتَ)يا محمّد (أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) ثمّ قصّ

ص: 219


1- - أي لم يقل ان شاء الله .

قصّتهم فقال : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) .

فقال الصادق (عليه السّلام) : إنّ أصحاب الكهف والرَّقيم كانوا في زمن مَلك جبّار عات وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام فمن لم يُجبه قتله وكان هؤلاء قوماً مؤمنين يعبدون الله (عزّ وجلّ) ووكّل الملك بباب المدينة وكلاء ، ولم يَدَع أحداً يخرج حتى يسجد للأصنام فخرج هؤلاء بحيلة الصيد ، وذلك أنّهم مرّوا براع في طريقهم فدَعوه إلى أمرِهم فلم يُجبهم ، وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم .فقال الصادق (عليه السّلام) : فلا يدخل الجنّة من البهائم إلاّ ثلاثة : حمار] ة [ بلعم بن باعوراء ، وذئب يوسف ، وكلب أصحاب الكهف .

فخرج أصحابُ الكهف من المدينة بحيلة الصيد هرباً من دين ذلك الملك، فلمّا أمسَوا دخَلوا ذلك الكهف والكلب معهم ، فألقى الله عليهم النعاس كما قال الله تعالى : (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) فناموا حتى أهلك الله ذلك الملك وأهل مملكته ، وذهب ذلك الزّمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثمّ انتبهوا فقال بعضهم لبعض : كم نمنا هاهنا ؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا : نمنا يوماً أو بعض يوم ثمّ قالوا لواحد منهم : خذ هذا الورق وادخل المدينة مُتنكّراً لا يعرفوك((1))

ص: 220


1- - في تفسير البرهان : ألاَّ يعرفوك .

فاشتر لنا طعاماً فإنّهم ان علموا بنا وعرفونا قَتلونا أو ردّونا في دينهم ، فجاء ذلك الرجل فرأى مدينة بخلاف التي عهدها ، ورأى قوماً بخلاف أولئك ، لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم فقالوا له : من أنت ، ومن أين جئت ؟ فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتّى وقفوا على باب الكهف ، وأقبلوا يتطلّعون فيه فقال بعضهم : هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم ، وقال بعضهم : خمسة وسادسهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبُهم وحجبهم الله (عزّ وجلّ) بحجاب من الرّعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم فإنّه لمّا دخل إليهم((1)) وجدهم خائفين أن يكون أصحاب دقيانوس شعروا بهم فأخبرهم صاحبهم أنّهم كانوا نائمين هذا الزّمن الطويل ، وأنّهم آية للناس فبكوا وسألوا الله (تعالى) أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ، ثمّ قال الملك : ينبغي أن نبني هاهنا مسجداً ونزوره فإنّ هؤلاء قوم مؤمنون فلهم في كلّ سنة نقلتان ينامون ستّة أشهر على جنوبهم اليمنى وستة أشهر على جنوبهم اليسرى والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف ، وذلك قوله : (وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) أي بالفناء((2)) .

ص: 221


1- - في تفسير البرهان : عليهم .
2- - تفسير القمي : ج2 ص31 . منه تفسير البرهان : ج6 ص203 . والفناء : الوصيد وهو ساحة امام البيت . وقيل : هو ما امتدَّ من جوانبه (أقرب الموارد) .

تفسير العياشي : عن محمد ، عن أحمد بن علي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً) .

قال : هم قوم فَرُّوا ، وكتب ملك ذلك الزّمان بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم في صحف من رصاص ، فهو قوله : (أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ)((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد ، فلما صاروا في الصحراء أخذوا((2)) بعضهم على بعض العهود والمواثيق ، فأخذ هذا على هذا ، وهذا على هذا ، ثم قالوا : اظهروا أمركم فأظهروه ، فإذا هم على أمر واحد((3)) .

تفسير العياشي : عن درست ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه ذكر أصحاب الكهف ، فقال : كانوا صَيارفة كلام ، ولم يكونوا صيارفة دراهم((4)) .

أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السّلام) :

ص: 222


1- - تفسير العياشي : ج3 ص88 ح2629 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص197 .
2- - في تفسير البرهان : أخذ .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص88 ح2630 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص197 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص88 ح2631 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص197 .

« كانوا صيارفة كلام » أي كانوا يميّزون كلام الحق من الباطل) .

باب (7) أصحاب الكهف والتقيَّة

الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن درست الواسطي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما بلغت تقيّة أحد تقيّة أصحاب الكهف [ إن ]((1)) كانوا ليشهدون الأعياد ويشدّون الزنانير((2)) فأعطاهم الله أجرهم مرّتين((3)) .تفسير العياشي : عن درست ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((4)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الكفر ، فآجرهم الله مرّتين((5)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ مَثَل أبي طالب مَثَل أصحاب

ص: 223


1- - ما بين المعقوفتين ليس في تفسير البرهان وهو الظاهر .
2- - الزّنانير : جمع زنّار ، وهو شيء يشدّه الذّميّ على وسطه (لسان العرب) .
3- - الكافي : ج2 ص218 ح8 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص89 ح2633 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص197 .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص88 ح2628 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص197 .

الكهف ، أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرّتين((1)) .

تفسير العياشي : عن الكاهلي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر ، وكانوا على إجهار الكُفر أعظم أجراً منهم على إسرار الإيمان((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه ذكر أصحاب الكهف ، فقال : لو كلّفكم قومُكم ما كلّفهم قومهم .

فقيل له : وما كلّفهم قومهم ؟

فقال : كلّفوهم الشرك بالله العظيم ، فأظهروا لهم الشّرك ، وأسرّوا الايمان حتّى جاءهم الفَرَج((3)) .

باب (8) الفتوَّة بالايمان لا بالقوَّة

الكافي : علي بن ابراهيم رفعه قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) لرجل : ما الفتى عندكم ؟

فقال له : الشابُّ .

ص: 224


1- - الكافي : ج1 ص448 ح28 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص89 ح2634 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص198 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص88 ح2632 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص197 .

فقال : لا ، الفتى : المؤمن ، إنّ أصحاب الكهف كانوا شيوخاً فسمّاهم الله (عزّ وجلّ) فتية بإيمانهم((1)) .

تفسير العياشي : عن سليمان بن جعفر النهدي قال : قال لي جعفر ابن محمد (عليهما السلام) : يا سليمان مَن الفتى ؟

قال : قلت له : جعلت فداك الفتى عندنا الشاب .

قال لي : أما علمت انّ أصحاب الكهف كانوا كلّهم كهولاً ، فسمّاهم الله فتية بإيمانهم ؟

يا سليمان من آمن بالله واتقى فهو الفتى((2)) .

باب (9) هداية المؤمنين الى الجنة وسوق الظالمين الى النار

التوحيد : حدثنا علي بن عبدالله الورّاق ومحمد بن أحمد السناني ، وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق (رحمهم الله) قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن جعفر بن سليمان البصري ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن

ص: 225


1- - الكافي : ج8 ص395 ح595 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص89 ح2635 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص198 .

محمد (عليهما السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً) ؟

فقال : إنّ الله (تبارك وتعالى) يُضلّ الظّالمين يوم القيامة عن دار كرامته ، ويهدي أهل الإيمان والعمل الصالح إلى جنّته ... الى آخر الحديث((1)) .

معاني الأخبار : بهذا الاسناد مثله((2)) .

باب (10) أصحاب الكهف في جيش الامام المهدي

روضة الواعظين : قال الصادق (عليه السّلام) : يخرج القائم من ظهر الكعبة مع سبعة وعشرين رجلاً ، خمسة عشر من قوم موسى الذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أهل الكهف ، ويوشع بن نون ، وسلمان ، وأبو دجانة الأنصاري ، والمقداد ، ومالك الأشتر ، فيكونون بين يديه أنصاراً أو حكّاماً((3)) .

*****

قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ

ص: 226


1- - التوحيد : ص241 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص215 .
2- - معاني الاخبار : ص20 ح1 .
3- - روضة الواعظين : ص266 . منه تفسير البرهان : ج6 ص207 .

لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْق مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً * إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) (19 و20) .

باب (11) الطعام الزكيّ

المحاسن : البرقي ، عن ابراهيم بن عقبة ، عن محمد بن ميسّر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر أو أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْق مِّنْهُ) .

قال : أزكى طعاماً التمر((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً * سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ

ص: 227


1- - المحاسن : ج2 ص340 ح2169 الطبعة الحديثة .

إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً)(21 و 22) .

باب (12) النهي عن المراء والخصومة

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : إيّاكم والمراء والخصومة فإنّهما يُمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النّفاق((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن صالح بن السند ، عن جعفر بن بشير ، عن عمّار بن مروان قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لا تمارينّ حليماً ولا سفيهاً فإنّ الحليم يقليك((2)) والسّفيه يؤذيك((3)) .

التوحيد : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن الفضل بن عامر ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن محمد بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله

ص: 228


1- - الكافي : ج2 ص300 ح1 . والمِراء : الجدال (لسان العرب) .
2- - قلا فلاناً : أبغضه (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج2 ص301 ح4 .

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أنا زعيم((1)) بيت في أعلى الجنّة وبيت في وسط الجنّة وبيت في رياض الجنّة لمن ترك المراء وإن كان محقّاً((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لاَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) (23 و24) .

باب (13) استحباب قول « إن شاء الله » في كلّ الأمور

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله : (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ) ؟قال : هو الرجل يحلف على الشيء وينسى أن يستثني ، فيقولنّ : لافعلنّ كذا وكذا غداً أو بعد غد((3)) .

من لا يحضره الفقيه : روى حمّاد بن عيسى ، عن عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : للعبد أن يستثني ما بينه وبين

ص: 229


1- - الزعيم : الضمين والكفيل (مجمع البحرين) .
2- - التوحيد : ص461 ح34 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص92 ح2645 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص220 .

أربعين يوماً إذا نسي ، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أتاه ناس من اليهود فسألوه عن أشياء فقال لهم : تعالوا غداً أحدّثكم ، ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عنه أربعين يوماً ثمّ أتاه فقال : (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)((1)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال : إذا حلف الرجل بالله فله ثُنياها إلى أربعين يوماً وذلك أنّ قوماً من اليهود سألوا النبي (صلّى الله عليه وآله) عن شيء فقال : القوني غداً - ولم يستثن - حتى أُخبركم فاحتبس عنه جبرئيل أربعين يوماً ، ثمّ أتاه وقال : (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) .

قال : هو الرجل يحلف فنسي أن يقول : إن شاء الله ، فليَقلها إذا ذكر((3)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن

ص: 230


1- - من لا يحضره الفقيه : ج3 ص362 ح4284 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص90 ح2638 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص218 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص92 ح2644 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص219 .

الحكم ، عن أبي جميلة المفضّل بن صالح ، عن محمد الحلبي ، وزرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّ وجلّ) : (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) .

قال : إذا حلف الرجل فنَسي أن يستثني ، فليستثن إذا ذكر((1)) .

التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى مثله((2)) .تفسير العياشي : عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن حمزة بن حمران قال : سألته عن قول الله : (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) ؟

قال : إذا حلفت ناسياً ، ثمّ ذكرت بعد فاستثنه حين تذكر((4)) .

الكافي : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن علي بن اسباط ، عن الحسين بن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) ؟

فقال : إذا حلفت على يمين ونسيت أن تستثني فاستثن إذا ذكرت((5)) .

ص: 231


1- - الكافي : ج7 ص447 ح1 .
2- - التهذيب : ج8 ص281 ح1027 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص91 ح2642 الطبعة الحديثة .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص92 ح2646 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص220 .
5- - الكافي : ج7 ص449 ح8 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن حمزة ابن حمران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) ؟

قال : ذلك في اليمين ، إذا قلت : والله لا افعل كذا وكذا ، فإذا ذكرت أنّك لم تستثن فقل : إن شاء الله((1)) .

التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا مثله((2)) .

تفسير العياشي : عن حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) ؟

فقال : أن تستثني ثمّ ذكرت بعد ، فاستثن حين تذكر((3)) .تفسير العياشي : في رواية عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) أن تقول إلاّ من بعد الأربعين ، فللعبد((4))الاستثناء في اليمين ما بينَه وبين الأربعين يوماً إذا نسي((5)) .

ص: 232


1- - الكافي : ج7 ص448 ح3 .
2- - التهذيب : ج8 ص281 ح1026 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص91 ح2643 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص219 .
4- - في تفسير البرهان : فليُعد .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص91 ح2640 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص219 .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن قدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : الاستثناء في اليمين متى ما ذكر ، وإن كان بعد أربعين صباحاً ، ثمّ تلا هذه الآية (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)((1)) .

تفسير العياشي : عن القدّاح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السّلام) قال : الاستثناء ... وذكر مثله((2)) .

التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن علي بن حديد ، عن مرازم قال : دخل أبو عبدالله (عليه السّلام) يوماً إلى منزل معتّب وهو يريد العمرة فتناول لوحاً فيه كتاب فيه تسمية أرزاق العيال وما يخرج لهم فإذا فيه : لفلان وفلان وفلان ، وليس فيه استثناء ، فقال : من كتب هذا الكتاب ولم يستثن فيه ؟! كيف ظنّ أنّه يتمّ ؟ ثمّ دعا بالدّواة فقال : ألحِق فيه إن شاء الله ، فألحقَ فيه في كلّ إسم : إن شاء الله((3)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم قال : أمر أبو عبدالله (عليه السّلام) بكتاب في حاجة فكتب ، ثمّ عُرِض عليه ولم يكن فيه استثناء

ص: 233


1- - الكافي : ج7 ص448 ح6 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص92 ح2647 الطبعة الحديثة .
3- - التهذيب : ج8 ص281 ح1030 .

فقال : كيف رجوتم أن يتمّ هذا وليس فيه استثناء ؟ انظروا كل موضع لا يكون فيه إستثناء فاستثنوا فيه((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَة سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً * قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) (25 و26) .

باب (14) إحياء أصحاب الكهف دليلٌ على الرجعة

الاحتجاج : عن الصادق (عليه السّلام) - في حديث - قال : وقد رجع إلى الدُّنيا ممّا مات خَلق كثير ، منهم أصحاب الكهف ، أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة ثمّ بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجّتهم ، وليريهم قدرته وليعلموا انّ البعث حقّ((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً) (27) .

ص: 234


1- - الكافي : ج2 ص673 ح7 .
2- - الاحتجاج : ص344 .

باب (15) الاستشفاء بالقرآن لوجع الساقين

طب الائمة (عليهم السّلام) : خداش بن سبرة قال : حدثنا محمد ابن جمهور ، عن صفوان بيّاع السابري ، عن سالم بن محمد قال : شكوت إلى الصادق (عليه السّلام) وجع السّاقين وأنّه قد أقعدني عن أُموري وأسبابي .

فقال : عوّذهما .

قلت : بماذا يابن رسول الله ؟

قال : بهذه الآية سبع مرّات فانّك تعافى بإذن الله تعالى : (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً) .قال : فعوّذتهما سبعاً كما أمرني فرفع الوجع عنّي رفعاً حتّى لم أحسّ بعد ذلك بشيء منه((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (28) .

ص: 235


1- - طبّ الائمة : ص32 .

باب (16) الصبر على إقامة الصلاة

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) .

قالا : إنّما عَنى بها الصلاة((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً * أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْن تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الاَْنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُس وَإِسْتَبْرَق مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَْرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (29 - 31) .

باب (17) ولاية أمير المؤمنين هي الحق

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (ره) : حدثنا محمد

ص: 236


1- - تفسير العياشي : ج3 ص93 ح2649 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص222 .

ابن همام ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ) في ولاية علي(فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) قال : وقرأ إلى قوله : (أَحْسَنَ عَمَلاً) ... إلى آخر الحديث((1)) .

تفسير القمي : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : نزلت هذه الآية هكذا : (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ) يعني ولاية علي (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ) آل محمد (نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ) قال : المُهل : الذي يبقى في أصل الزّيت المُغلي (يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً)((2)) .

تفسير العياشي : عن عاصم الكوزي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول في قول الله : (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) .

قال : وعيد((3)) .

باب (18) النهي عن التعاون مع الظلمة

التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن

ص: 237


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص292 ح3 . منه تفسير البرهان : ج6 ص223 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص35 . منه تفسير البرهان : ج6 ص224 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص93 ح2650 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص223 .

ابن أبي عمير ، عن بشير ، عن ابن أبي يعفور قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له : أصلحك الله انّه ربّما أصاب الرّجل منّا الضيق أو الشدّة فيُدعى إلى البناء يبنيه ، أو للنهر يكريه ، أو المسناة يصلحها فما تقول في ذلك ؟

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما أحبّ اني عقدتُ لهم عقدة أو وكيتُ لهم وكاءاً وإن لي ما بين لابتيها((1)) لا ولا مَدّة بقلم ، انّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سُرادق((2)) من نار حتى يحكم الله بين العباد((3)) .

باب (19) طعام وشراب أهل النار

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ أهل النار لمّا غلى الزّقوم والضريع في بطونهم كغَلْي الحميم سألوا

ص: 238


1- - لابتا المدينة : حرَّتان عظيمتان يكشفانها . واللابة : هي الحرّة ذات الحجارة السود قد ألبتها لكثرتها (مجمع البحرين) .
2- - السُرادق : كلّ ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء . شبّه سبحانه وتعالى ما يحيط بهم من النار من جوانبهم بالسرادق الذي يدار حول الفسطاط (مجمع البحرين) .
3- - التهذيب : ج6 ص331 ح919 .

الشراب ، فأُتوا بشراب غسَّاق وصَديد (يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَان وَمَا هُوَ بِمَيِّت وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ)((1)) وحميم تغلي به جهنّم منذ خُلِقت (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً)((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ابن آدم خُلِق أجوف لابُدَّ له من الطعام والشّراب ، فقال : (وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ)((3)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ)((4)) ؟

قال : تبدّل خبزةً بيضاء نقيّة ، يأكل الناس منها حتى يُفرغ من الحساب .

قال له قائل : إنَّهم يومئذ لفي شغل عن الأكل والشرب ؟

فقال له : ابن آدم خُلِق أجوف ، لابُدَّ له من الطعام والشراب ، أهم أشدّ شغلاً ، أم من في النار وقد استغاثوا ؟

ص: 239


1- - ابراهيم 14 : 17 .
2- - تفسير العياشي : ج2 ص404 ح2264 الطبعة الحديثة .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص94 ح2653 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص224 .
4- - ابراهيم 14 : 48 .

قال الله : (وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ)((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لاَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْل وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَراً) (32 و33) .

باب (20) بين الإمام علي ورجل آخر

تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس قال : حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّ وجلّ) : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لاَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَاب وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْل وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) .

قال : هما علي (عليه السّلام) ورجل آخر((2)) .

*****

ص: 240


1- - تفسير العياشي : ج3 ص94 ح2654 الطبعة الحديثة .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص293 ح5 . منه تفسير البرهان : ج6 ص225 .

قوله تعالى : (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (37) .

باب (21) احتجاج الإمام أمير المؤمنين على عمر

الاختصاص : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن خالد بن ماد القلانسي ، ومحمد بن حمّاد ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا استُخلف أبو بكر أقبل عمر على علي (عليه السّلام) فقال له : أما علمت أنّ أبا بكر قد استُخلف ؟

فقال له علي (عليه السّلام) : فمن جعله لذلك ؟

قال : المسلمون رضوا بذلك .فقال له علي (عليه السّلام) : والله لأسرع ما خالفوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونقضوا عهده ! ولقد سمّوه بغير اسمه ، والله ما استخلفه رسول الله .

[فقال له عمر : كذبت - فَعلَ الله بك وفَعل - !!!

فقال له : إن تشأ أن أُريك برهان ذلك فعلتُ] .

فقال عمر : ما تزال تكذب على رسول الله في حياته وبعد موته .

فقال له : إنطلق بنا - يا عمر - لتعلَم أيّنا الكذّاب على رسول الله في

ص: 241

حياته وبعد موته ، فانطلق معه حتى أتى القبر ، إذا كفٌّ فيها مكتوب : (أَكَفَرْتَ) يا عمر (بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) .

فقال له علي (عليه السّلام) : أرضيت ؟ والله لقد فضحك رسول الله في حياته وبعد موته((1)) .

باب (22) احتجاج الإمام أمير المؤمنين على أبي بكر

بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير وعلي ابن الحكم بن مسكين ، عن ابن عمارة((2)) ، عن أبي عبدالله وعثمان بن عيسى ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لقي((3)) أبا بكر فاحتجّ عليه ، ثمّ قال له : أما ترضى برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بيني وبينك ؟

قال : فكيف لي به ؟ فأخذ بيده وأتى [به ] مسجد قبا ، فإذا رسول الله فيه فقضى على أبي بكر فرجع أبو بكر مذعوراً فلقي عمر فأخبره ، فقال :

ص: 242


1- - الاختصاص : ص274 . منه تفسير البرهان : ج6 ص226 .
2- - في تفسير البرهان : عن ابن أبي عمير وعلي بن الحكم ، عن الحكم بن مسكين ، عن أبي عمارة .
3- - في تفسير البرهان : أتى .

مالك ! أما علمت سحر بني هاشم((1)) ؟الاختصاص : محمد بن الحسين بن أبي

الخطّاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لقي أبا بكر ، فقال له : أما أمرك رسول الله أن تُطيعَ لي ؟

فقال : لا ، ولو أمرني لفَعلت .

] فقال : سبحان الله أما أمرك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن تُطيعَ لي ؟ فقال : لا ولو أمرني لفعلت [((2)) .

قال : فامض بنا إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فانطلق به إلى مسجد قبا ، فإذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يُصلّي ، فلمّا انصرف قال له عليٌّ : يا رسول الله إنّي قلت لأبي بكر : أما أمرك رسول الله أن تطيعني ؟ فقال : لا .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : قد أمرتك فأطعه .

قال : فخرج ولقي عمر وهو ذَعِر ، فقام عمر وقال له : مالَكَ ؟

فقال له : قال رسول الله كذا وكذا .

فقال [له] عمر : تبّاً لأُمّة ولّوك أمرهم ، أما تعرف سحر بني

ص: 243


1- - بصائر الدرجات : ص294 ح2 . منه تفسير البرهان : ج6 ص228 .
2- - ما بين المعقوفتين ليس في تفسير البرهان .

هاشم ؟!((1))

باب (23) الرسول الأعظم يخصم أبا بكر

الإختصاص : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الربيع بن محمد المسلي ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أُخرج علي (عليه السّلام) ملبباً((2)) وقف عند قبر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا بن أمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ، قال : فخرجت يد من قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يعرفون أنّها يده ، وصوت يعرفون أنّه صوته نحو أبي بكر : يا هذا : (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)((3)) .

مناقب آل أبي طالب : عبدالله بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((4)) .

الاختصاص : سعد قال : حدثنا عبّاد بن سليمان ، عن محمد بن

ص: 244


1- - الاختصاص : ص273 . منه تفسير البرهان : ج6 ص228 .
2- - لببتُ الرجل تلبيباً : إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره عند الخصومة ثم جررتَه (مجمع البحرين) .
3- - الاختصاص : ص274 . منه تفسير البرهان : ج6 ص225 .
4- - مناقب آل أبي طالب : ج2 ص248 .

سليمان ، عن أبيه سليمان ، عن عثيم بن أسلم ، عن معاوية بن عمّار الدهني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : دخل أبو بكر على علي (عليه السّلام) فقال له : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يُحْدث إلينا في أمرك حدثاً بعد يوم الولاية ، وأنا أشهد أنّك مولاي مقرٌّ لك بذلك ، وقد سلّمت عليك على عهد رسول الله بإمرة المؤمنين ، وأخبرنا رسول الله أنّك وصيّه ووارثه وخليفته في أهله ونسائه ] ولم يحل بينك وبين ذلك ، وصار ميراث رسول الله إليك وأمر نسائه [ولم يُخبرنا بأنّك خليفته من بعده ، ولا جرم لنا في ذلك ، فيما بيننا وبينك ، ولا ذنب بيننا وبين الله (عزّ وجلّ) .

فقال له علي (عليه السّلام) : إن أريتك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى يُخبرك بأنّي أولى بالمجلس الذي أنت فيه وانّك إن لم تنح عنه كفرت ، فما تقول ؟

فقال : إن رأيت رسول الله حتى يُخبرني ببعض هذا اكتفيت به .

قال : فوافِني إذا صلّيت المغرب .

قال : فرجع بعد المغرب فأخذ بيده ، وأخرجه إلى مسجد قُبا ، فإذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جالِس في القبلة ، فقال : يا عتيق وثبتَ على علي ، وجلستَ مجلس النبوّة ، وقد تقدّمتُ إليك في ذلك ،

ص: 245

فانزع هذا السِربال((1)) الّذي تسَربلته فخلّه لعلي وإلاّ فموعدك النار .

قال : ثمّ أخذ بيده فأخرجه ، فقام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عنهما وانطلق أمير المؤمنين (عليه السّلام) إلى سلمان فقال له : يا سلمان أما علمت أنّه كان من الأمر كذا وكذا ؟

فقال سلمان : ليُشهرنّ بك وليُبدينّه إلى صاحبه وليُخبرنّه بالخبر .فضحك أمير المؤمنين (عليه السّلام) وقال : أمّا أن يخبر صاحبه فسيفعل ، ثم لا والله لا يذكرانه أبداً إلى يوم القيامة هما أنظر لأنفسهما من ذلك .

فلقي ابو بكر عمر فقال : إنّ علياً أتى كذا وكذا ، وصنع كذا وكذا وقال لرسول الله كذا وكذا .

فقال له عمر : ويلَك ما أقلّ عقلَك !! فوالله ما أنت فيه السّاعة إلاّ من بعض سحر ابن أبي كبشَة ، قد نَسيت سحر بني هاشم ؟! ومن أين يرجع محمّد ؟ ولا يرجع من مات ، إنّ ما أنت فيه أعظم من سِحر بني هاشم ، فتقلّد هذا السّربال ومر فيه((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ

ص: 246


1- - السربال : القميص وكنى به عن الخلافة (لسان العرب) .
2- - الإختصاص : ص272 . منه تفسير البرهان : ج6 ص227 .

بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) (39 و40) .

باب (24) مِن آثار قول « ما شاء الله ... »

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) قال : حدثني سعد بن عبدالله ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن إبراهيم بن محمد ، عن عمران الزعفراني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من رجل دعا فختم بقول : (مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) إلاّ أجيبت حاجته((1)) .

التهذيب : محمد بن الحسن الصفّار ، عن الحسن بن علي بن عبد الملك الزيّات ، عن رجل ، عن كرام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أربع لاربع فواحدة للقتل والهزيمة (إلى أن قال :) والثالثة للحرق والغرق : « ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله » وذلك أنّه يقول : (وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ)((2)) .

الخصال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمد

ص: 247


1- - ثواب الأعمال : ص24 ح1 .
2- - التهذيب : ج6 ص170 ح329 .

ابن أبي عمير قال : حدثنا جماعة من مشايخنا منهم أبان بن عثمان وهشام بن سالم ومحمد بن حمران ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : عجبتُ لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع (إلى أن قال :) وعجبتُ لمن أراد الدّنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله (تبارك وتعالى) : (مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) فانّي سمعت الله (عزّ اسمه) يقول بعقبها : (إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ)وعسى موجبة((1)) .

أقول : قوله : « وعسى موجبة » فيه احتمالان :

الأول : أن يكون من حديث الإمام الصادق (عليه السّلام) .

الثاني : أن يكون من كلام المصنّف أو الراوي .

وعلى كلّ حال .. فالمعنى أن كلمة « عسى » وإن كانت للترجّي في الشيء المحبوب والإشفاق في الشيء المكروه - كما جاء في كتب اللُّغة - إلاّ أن معناها في هذه الآية الكريمة هو إثبات الفعل وإيجابُه ، أي أن قول : « ما شاء الله لا قوة إلاّ بالله » يوجب الخير والبركة في الرزق والزرع والمال وغيره . والله العالم .

*****

قوله تعالى : (هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ

ص: 248


1- - الخصال : ص218 ح43 .

عُقْباً) (44) .

باب (25) ولاية أمير المؤمنين من ولاية الله

الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن أورمة ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى (هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) ؟

قال : ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام)((1)) .الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن أورمة ، ومحمد بن عبدالله ، عن علي بن حسان ، عن عبدالله بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - وسألته عن قوله ... وذكر مثله((2)) .

*****

قوله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (46) .

باب (26) صلاة الليل زينة الآخرة

التهذيب : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن علي بن عمر ،

ص: 249


1- - الكافي : ج1 ص422 ح52 .
2- - الكافي : ج1 ص418 ح34 .

عن عمه محمد بن عمر ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : إن كان الله (عزّ وجلّ) قال : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) إن الثمانية رَكعات يُصلّيها العَبد آخر الليل زِينة الآخرة((1)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن عمرو ، عمّن حدثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : قال الله (عزّ وجلّ) : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) كما أنّ ثماني ركعات ... وذكر مثله((2)) .

معاني الأخبار : حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدّب ، عن أحمد بن علي الاصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدثنا أبو الحسن عليّ بن محمد شيخ من أهل الرّيّ قال : حدثنا منصور بن العباس والحسن بن علي بن النّضر ، عن سعيد بن النّضر ، عن جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : المال والبنون زينة الحياة الدُّنيا ، وثمان ركعات من آخر الليل والوتر زينة الآخرة ، وقد يجمعهما الله (عزّ وجلّ) لأقوام((3)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : والمال والبنون وهو حرث

ص: 250


1- - التهذيب : ج2 ص120 ح455 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص95 ح2657 الطبعة الحديثة .
3- - معاني الأخبار : ص324 ح1 .

الدُّنيا ، والعمل الصّالح حرث الآخرة ، وقد يجمعهما الله لأقوام((1)) .

باب (27) مودَّة أهل البيت من الباقيات الصالحات

الاختصاص : أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال : حدثني محمد بن سعيد الكوفي قال : حدثني محمد بن الفضل بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النعمان بن عمرو الجعفي قال : حدثني محمد بن اسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي قال : دخلت أنا وعمّي الحصين بن عبد الرحمن على أبي عبدالله (عليه السّلام) فأدناه وقال : ابن من هذا معك ؟

قال : ابن أخي اسماعيل .

فقال : رحم الله اسماعيل وتجاوز عن سيّئ عمله ، كيف خلّفتموه ؟

قال : بخير ما آتاه الله لنا من مودّتكم .

فقال : يا حصين لا تستصغروا مودّتنا فإنّها من الباقيات الصالحات .

قال : يا بن رسول الله ما استصغرتها ولكن أحمد الله عليها((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (ره) : حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبيه ، عن النعمان بن

ص: 251


1- - تفسير القمي : ج2 ص36 . منه تفسير البرهان : ج6 ص233 .
2- - الاختصاص : ص85 . منه بحار الأنوار : ج27 ص75 .

عمرو الجعفي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي قال : دخلت أنا وعمّي الحصين بن عبد الرحمن على أبي عبدالله (عليه السّلام) فسلّم عليه فردّ عليه السّلام وأدناه ، وقال : ابن من هذا معك ؟

قال : ابن أخي اسماعيل .

قال : رحم الله اسماعيل وتجاوز عن سيّئ عمله ، كيف تُخلّفوه ؟

قال : نحن جميعاً بخير ما أبقى الله لنا مودّتكم .فقال : يا حصين لا تستصغرنَّ مودّتنا ، فإنّها من الباقيات الصّالحات .

فقال : يا بن رسول الله ، ما استصغرها ولكن أحمد الله عليها ، لقولهم (صلوات الله عليهم) : من حمد الله فليقل : الحمد لله على اُولي النّعم .

قيل : وما اُولي النّعم ؟

قال : ولايتنا أهل البيت((1)) .

باب (28) الصلاة من الباقيات الصالحات

تفسير العياشي : عن إدريس القمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه

ص: 252


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص297 ح8 . منه تفسير البرهان : ج6 ص236 .

السّلام) عن الباقياتُ الصَّالِحات ؟

فقال : هي الصلاة فحافِظوا عليها ، وقال : لا تُصلّ الظهر أبداً حتّى تزول الشّمس((1)) .

باب (29) التسبيحات الأربعة من الباقيات الصالحات

ثواب الأعمال : حدثني الحسين بن أحمد (رضي الله عنه) قال : حدثني أبي ، عن محمد بن أحمد ، عن ابراهيم بن اسحاق ، عن عبدالله ابن حمّاد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أكثروا من [قول :] « سبحان الله ، والحمد لله ولا اله الا الله والله أكبر » فإنهنّ يأتين يوم القيامة لهنَّ مقدمات ومؤخّرات ومعقّبات ، وهنّ الباقيات الصالحات((2)) .

ثواب الأعمال : أبي (رحمه الله) ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال :

ص: 253


1- - تفسير العياشي : ج3 ص94 ح2655 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص235 .
2- - ثواب الأعمال : ص23 ح1 . منه بحار الأنوار : ج7 ص303 .
3- - ثواب الأعمال : ص26 ح2 .

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : خُذوا جُننكم((1)) .

قالوا : يا رسول الله عدوّ حضَر ؟

فقال : لا ، ولكن خُذوا جُننكم من النار .

فقالوا : بِمَ نأخذ جُنَنَنا يا رسول الله من النار ؟

قال :[قولوا :] « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر » فانهنّ تأتين يوم القيامة ولهنّ مُقدّمات ومؤخّرات ومُنجيات ومُعقّبات ، وهنّ الباقيات الصالحات . ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)((2)) .

قال : ذِكر الله عندما أحلّ أو حرّم وشبه هذا وهو مؤخّرات((3)) .

أمالي الطوسي : حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رحمه الله) قال : أخبرنا أحمد بن عبدون ، عن ابن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن العباس ، عن فضيل بن عثمان ، عن بشير الدهّان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ملأ من أصحابه قال : فقال : خذوا جنّتكم((4)) .

فقالوا : يا رسول الله حضر عدو ؟

ص: 254


1- - الجُنن جمع الجُنّة وهي : السترة ، وكلّ ما وقى من سلاح (أقرب الموارد) .
2- - العنكبوت 29 : 45 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص94 ح2656 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص235 .
4- - في تفسير البرهان : جُننكم .

قال : لا ، جنّتكم((1)) من النار .

قال : قولوا : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم » فإنّهن يوم القيامة مقدّمات منجيات ومعقّبات ، وهن عند الله الصّالحات الباقيات((2)) .

مجمع البيان : روى أنس بن مالك ، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال لجلسائه : خذوا جُنّتكم .قالوا : احذر عدو ؟((3))

قال : خذوا جُنّتكم من النار ، قولوا : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر » فإنّهم المقدّمات وهنّ المجيبات وهنّ المعقبات وهن الباقيات الصالحات . ورواه أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن آبائه ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

ثمّ قال : (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) ، قال : ذكر الله عند ما أحلّ أو حرّم((4)) .

مجمع البيان : روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال : ان عجزتم عن الليل أن تكابدوه وعن العدوّ أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » فإنهنّ من الباقيات الصالحات فقولوها . وقيل : هي الصلوات الخمس . روي ذلك عن أبي

ص: 255


1- - في تفسير البرهان : خذوا جُننكم .
2- - أمالي الطوسي : ص677 ح1435 . منه تفسير البرهان : ج6 ص236 .
3- - هكذا في المصدر . والظاهر ان الصحيح : أحضر عدوٌّ ؟
4- - مجمع البيان : ج3 ص473 .

عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

ثواب الأعمال : حدثني محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) ، عن عمّه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد ، عن أبيه ومحمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيوب الخزّاز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لأصحابه ذات يوم : أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية ، ثمّ وضعتم بعضه على بعض أكنتم ترونه تبلغ السماء ؟

قالوا : لا يا رسول الله .

قال : ألا أدلّكم على شيء أصله في الأرض وفرعه في السماء ؟

قالوا : بلى يا رسول الله.

قال : يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته الفريضة : « سبحان الله والحمد لله ولا اله الاّ الله والله أكبر » ثلاثين مرّة فانّ أصلهنّ في الأرض وفرعهن في السماء وهنّ يدفعن الهدم ، والحرق ، والغرق ، والتردِّي في البئر ، وأكل السّبع ، وميتة السوء ، والبليّة التي تنزل من السّماء على العبد في ذلك اليوم ، وهنّ الباقيات((2)) .معاني الأخبار : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه

ص: 256


1- - مجمع البيان : ج3 ص474 .
2- - ثواب الأعمال : ص26 ح3 .

السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأصحابه ... وذكر نحوه((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الاَْرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (47) .

باب (30) القرآن والرجعة والقيامة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما يقول النَّاس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً)((2)) .

قلت : يقولون : إنّها في القيامة .

قال : ليس كما يقولون انّ ذلك في الرَّجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ أمّة فوجاً ويدع الباقين ؟! إنّما آية القيامة قوله : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)((3)) .

*****

ص: 257


1- - معاني الأخبار : ص324 ح1 .
2- - النمل 27 : 83 .
3- - تفسير القمي : ج1 ص24 . منه تفسير البرهان : ج6 ص237 .

قوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّة بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً) (48) .

باب (31) الناس صفوف يوم القيامة

الإحتجاج : من سؤال الزنديق الّذي سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن مسائل كثيرة أنّه قال : فأخبرني عن النّاس يُحشَرون يوم القيامة عُراة ؟

قال (عليه السّلام) : بل يُحشرون في أكفانهم .

قال : أنّى لهم بالأكفان وقد بليت ؟قال (عليه السّلام) : إنّ الذي أحيى أبدانهم جدّد أكفانهم .

قال : فمن مات بلا كفن ؟

قال (عليه السّلام) : يستر الله عورته بما يشاء من عنده .

قال : أفيُعرضون صفوفاً ؟

قال (عليه السّلام) : نعم هم يومئذ عشرون ومأة ألف صفّ في عرض الأرض ... إلى آخر الحديث((1)) .

الخصال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن احمد بن محمد بن

ص: 258


1- - الاحتجاج : ص350 .

عيسى ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء إليه رجل فقال له : بأبي أنت وأُمّي عظني موعظة .

فقال (عليه السّلام) : ان كان الله (تبارك وتعالى) قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لماذا ؟

- إلى أن قال - : وإن كان العرض على الله حقّاً فالمكر لماذا ؟... إلى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْم-ُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (49) .

باب (32) كتاب أعمال الانسان

تفسير العياشي : عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا كان يوم القيامة دُفع إلى الانسان كتابُه ، ثمّ قيل له : إقرأ .

قلت : فيعرف ما فيه ؟

فقال : إنّه يذكره ، فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم ولا شيء فعله

ص: 259


1- - الخصال : ص450 ح55 .

إلاّ ذكره ، كأنّه فعله تلك السّاعة ، فلذلك قالوا : (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا)((1)) .

تفسير العياشي : عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ)((2)) .

قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كُتب عليه كأنّه فعله تلك الساعة ، فلذلك قالوا : (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا)((3)) .

*****

قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (50) .

باب (33)كان ابليس من الجِنّ

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدثنا محمد بن القاسم المفسّر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه) قال : حدثنا يوسف بن

ص: 260


1- - تفسير العياشي : ج3 ص95 ح2658 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص237 .
2- - الاسراء 17 : 14 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص95 ح2659 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص237 .

محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليهم السّلام) - في حديث - قالا : فقلنا له : فعلى هذا أيضاً لم يكن ابليس أيضاً ملَكاً .

فقال : لا ، بل كان من الجنّ ، أما تسمعان الله (عزّوجلّ) يقول : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ)فاخبر (عزّوجلّ) أنّه كان من الجن ، وهوالذي قال الله (عزّوجلّ) (وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ)((1)) ... إلى آخر الحديث((2)) .

تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن ابليس ، أكان من الملائكة ؟ وهل كان يلي من أمر السماء شيئاً ؟

قال : لم يكن من الملائكة ، ولم يكن يلي من أمر السّماء شيئاً ، كان من الجن ، وكان مع الملائكة ، وكانت الملائكة تراه أنّه منها ، وكان الله يعلم أنّه ليس منها ، فلمّا أمر الملائكة بالسُّجود كان منه الذي كان((3)) .

ص: 261


1- - الحجر 15 : 27 .
2- - عيون أخبار الرضا : ج1 ص266 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص238 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص96 ح2660 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص238 .

مجمع البيان : روى الشيخ أبو جعفر ابن بابويه (رحمه الله) في كتاب (النبوّة) باسناده عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن علي ابن حديد ، عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن ابليس أكان من الملائكة أم كان يلي شيئاً من أمر السماء ؟

فقال : لم يكن من الملائكة [وكانت الملائكة ترى أَنّه منها وكان الله يعلم انّه ليس منها ]((2)) ولم يكن يلي شيئاً من أمر السماء ولا كرامة ، فأتيت الطيّار ، فأخبرته بما سمعت فأنكر وقال : كيف لا يكون من الملائكة والله يقول : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ)فدخل عليه الطيّار فسأله وأنا عنده فقال له : جعلت فداك رأيت قول الله (عزّوجلّ) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) في غير مكان من مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذا المنافقون ؟

قال : نعم يدخل في هذا المنافقون والضّلال وكلّ من أقرّ بالدّعوة الظّاهرة((3)) .

ص: 262


1- - مجمع البيان : ج1 ص82 .
2- - ما بين المعقوفتين من تفسير العياشي .
3- - الكافي : ج8 ص274 ح413 .

تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن إبليس ... وذكر نحوه((1)) .

الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : كان الطيّار يقول لي : إبليس ليس من الملائكة وانّما اُمرت الملائكة بالسجود لآدم فقال إبليس : لا أسجد ، فما لابليس يعصي حين لم يسجد وليس هو من الملائكة ؟

قال : فدخلت أنا وهو على أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : فأحسن والله في المسألة .

فقال : جعلت فداك أرأيت ما ندب الله (عزّ وجلّ) إليه المؤمنين من قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) أدَخَل في ذلك المنافقون معهم .

قال : نعم والضّلال وكلُّ مَن أقرّ بالدّعوة الظاهرة وكان ابليس ممّن أقر بالدّعوة الظاهرة معهم((2)) .

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أمر الله إبليس بالسّجود لآدم مشافهة ، فقال : وعزّتك لئن أعفيتني من السُّجود لآدم لاعبدنّك عبادة ما عبدها خلق مِن خلقك((3)) .

*****

ص: 263


1- - تفسير العياشي : ج1 ص119 ح119 .
2- - الكافي : ج2 ص412 ح1 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص96 ح2661 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص239 .

قوله تعالى : (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (51) .

باب (34)لا يتّخذ اللهُ المضلِّين عَضُدا

تفسير العياشي : عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : جعلت فداك ، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : اللّهمّ أعزّ الاسلام بأبي جهل بن هِشام أو بعمر بن الخطّاب ؟

فقال : يا محمد قد والله قال ذلك ، وكان عليّ أشدّ من ضرب العنق ، ثمّ أقبل عليّ فقال : هل تدري ما أنزل الله يا محمد ؟

قلت : أنت أعلم جُعلت فداك .

قال : إنّ رسول الله كان في دار الأرقم فقال : اللهمّ أعزّ الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطّاب ، فأنزل الله (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)يعنيهما((1)) .

*****

قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي

ص: 264


1- - تفسير العياشي : ج3 ص96 ح2664 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص240 .

الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن شَيْء حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْء بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة اسْتَطْعَمَاأَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلاَمُ

ص: 265

فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً) (61 - 82) .

باب (35)قصَّة النبي موسى والخضر

تفسير العياشي : عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ موسى صعد المنبر وكان منبره ثلاث مراق((1)) ، فحدّث نفسه أنّ الله لم يخلق خلقاً أعلم منه ، فأتاه جبرئيل فقال له : إنّك قد أبتُليت فانزل ، فإنّ في الأرض من هو أعلم منك فاطلبه ، فأرسل إلى يوشع : أنّي قد ابتُليت فاصنع لنا زاداً وانطلق بنا ، واشترى حوتاً من الحيتان الحيّة ، فخرج بآذربيجان ، ثمّ شَواه ثمّ حمله في مِكتَل((2)) ، ثمّ انطلقا يمشيان في ساحل البحر ، والنبي إذا أُمر أن يذهب الى مكان لم يَعيَ أبداً حتّى يجوز ذلك الوقت .

ص: 266


1- - المرقاة : الدَّرجة ، واحدة من مراقي الدرج (لسان العرب) .
2- - المِكْتل : الزنبيل الكبير (مجمع البحرين) .

قال : فبينما هما يمشيان حتّى انتهيا الى شيخ مستلق معه عصاه موضوعة إلى جانبه وعليه كساء إذا قنّع رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطّى رجليه خرج رأسه .

قال : فقام موسى يصلّي وقال ليوشع : احفظ عليّ ، قال : فقطرت قطرة من السّماء في المكتل فاضطرب الحوت ، ثمّ جعل يثب من المكتل الى البحر ، قال : وهو قوله : (فَاتَّخَذَ

سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً)

قال : ثمّ إنّه جاء طير فوقَع على ساحل البحر ، ثمّادخل منقاره فقال : يا موسى ما أخذت من علم ربّك ما حمل ظهر منقاري من جميع البحر .

قال : ثمّ قام يمشي فتبعه يوشع .

فقال موسى - وقد نسى الزبّيل يوشع - قال : وإنّما أعيا حيث جاز الوقت فيه ، فقال : (آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً) الى قوله : (فِي الْبَحْرِ عَجَباً) .

قال : فرجع موسى يقصّ أثره حتى انتهى إليه وهو على حاله مُستلق ، فقال له موسى : السلام عليك . فقال : وعليك السلام يا عالِم بني اسرائيل .

قال : ثمّ وثب فأخذ عصاه بيده ، قال : فقال له موسى : إنّي قد اُمرت أن اتّبعك على ان تُعلّمني ممّا عُلّمت رُشداً .

فقال - كما قُصَّ عليكم - : (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) .

ص: 267

قال : فانطلقا حتّى انتهيا إلى مِعبر((1)) ، فلمّا نظر إليهم أهل المعبر قالوا : والله لا نأخذ من هؤلاء أجراً ، اليوم نحملهم ، فلمّا ذهبت السفينة وسط الماء خرقها ، قال له موسى - كما اُخبرتم - ثمّ قال : (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) .

قال : وخرجا على ساحل البحر فإذا غلام يلعب مع غلمان عليه قميص حرير أخضر في اُذنيه درّتان فتورّكه((2)) العالم فذبحه فقال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً) .

قال : (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) خبزاً نأكله فقد جعنا .

قال : وهي قرية على ساحل البحر يقال لها : ناصرة ، وبها تسمّى النصارى : نصارى ، فلم يُضيّفوهما ولا يُضيفون بعدهما أحداً حتّى تقوم الساعة .

وكان مَثَل السفينة فيكم وفينا ، ترك الحسين البيعة لمعاوية((3)) ، وكان

ص: 268


1- - المِعبر : ما عُبر به النهر من قنطرة أو سفينة (أقرب الموارد) .
2- - تورّك الصبي : جعله على وركه معتمداً عليها (أقرب الموارد) .
3- - هكذا في المصدر ، والظاهر انّ الصحيح : ليزيد بن معاوية .

مثل الغلام فيكم قول الحسن بن علي لعبدالله بن علي : لعنك الله من كافر ، فقال له : قد قتلته يا أبا محمد ، وكان مثل الجدار فيكم عليّ والحسن والحسين((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ، وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : إنّه لمّا كان من أمر موسى الذي كان أعطي مكتلاً فيه حوت مُملّح قيل له : هذا يدلك على صاحبك عند عين مجمع البحرين ، لا يُصيب منها شيء ميّتاً الاّ حيي يقال لها : الحياة ، فانطلقا حتّى بلغا الصخرة ، فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين ، فاضطرب في يده حتّى خدشه ، وانفلت((2)) منه ، ونَسِيه الفتى ، فلمّا جاوز الوقت الذي وقت فيه أعيا موسى (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ) إلى قوله تعالى : (آثَارِهِمَا قَصَصاً) فلمّا أتاها وجد الحوت قد خرّ في البحر فاقتصّا الأثر حتّى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر إمّا متّكياً وإمّا جالساً في كساء له ، فسلّم عليه موسى فعجب من السّلام ، وهو في أرض ليس فيها السلام فقال : من أنت ؟

قال : أنا موسى .

ص: 269


1- - تفسير العياشي : ج3 ص100 ح2671 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص253 .
2- - انفلت الرّجل : نجا وتخلّص (أقرب الموارد) .

قال : أنت موسى بن عمران الذي كلّمه الله تكليماً ؟

قال : نعم .

قال : فما حاجتك ؟

قال : اتّبعك على أن تُعلّمني ممّا عُلمت رُشداً .

قال : إنّي وُكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلتَ بأمر لا أُطيقه ، وقال له : (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً) فحدّثه عن آل محمد (عليهم السلام) وعمّا يُصيبهم حتّى اشتدّ بكاؤهما ، ثمّ حدّثه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعن أمير المؤمنين(عليه السّلام) وعن ولد فاطمة ، وذكر له من فضلهم وما أُعطوا حتى جعل يقول : يا ليتني من آل محمد وعن رجوع رسول الله إلى قومه ، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إيّاه ، وتلا هذه الآية : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّة)((1)) فإنّه أخذ عليهم الميثاق((2)) .

تفسير العياشي : عن الحفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول موسى لفتاه : (آتِنَا غَدَاءَنَا) وقوله : (رَبِّ إِنِّي لِمَا

ص: 270


1- - الانعام 6 : 110 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص97 ح2665 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص250 .

أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ)((1)) .

فقال : إنّما عنى الطعام .

وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ موسى لذو جَوَعات((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) قال الصادق (عليه السّلام) : كان عنده علم لم يكتب لموسى في الألواح وكان موسى يظنّ انّ جميع الأشياء التي يحتاج اليها في تابوته وانّ جميع العلم قد كُتب له في الألواح((3)) .

علل الشرايع : حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدثنا الحسن ابن علي السكري قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري البصري قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد (عليه السّلام) انّه قال : إنّ الخضر كان نبياً مرسلاً بعثه الله (تبارك وتعالى) إلى قومه ، فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورُسله وكتبه ، وكانت آيته انّه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلاّ أزهرت خضراً ، وإنّما سُمّي خضراً لذلك ، وكان اسمه باليا بن ملكان بن عامر بن أرفخشد ابن سام بن نوح (عليه السّلام) .

ص: 271


1- - القصص 28 : 24 .
2- - تفسيرالعياشي : ج3 ص98 ح2668 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص251 .
3- - مجمع البيان : ج3 ص483 .

وأن موسى لمّا كلّمه الله تكليماً ، وأنزل عليه التوراة وكتب له في الألواح من كلّ شيء موعظة وتفصيلاً لكلّ شيء ، وجعل آيته في يده وعصاه وفي الطوفان والجرادوالقمل والضفادع والدم وفلق البحر وغرق الله (عزّ وجلّ) فرعون وجنوده وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه : ما أرى انّ الله (عزّ وجلّ) خلق خلقاً أعلم منّي ، فأوحى الله (عزّ وجلّ) إلى جبرئيل : يا جبرئيل ادرك عبدي موسى قبل أن يهلك ، وقل له : انّ عند ملتقى البحرين رجلاً عابداً فاتّبعه وتعلّم منه .

فهبط جبرئيل على موسى بما أمره به ربّه (عزّ وجلّ) ، فعَلِم موسى انّ ذلك لما حدّثت به نفسه ، فمضى هو وفتاه يوشع بن نون حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين فوجدا هناك الخضر يعبد الله (عزّ وجلّ) كما قال (عزّ وجلّ) في كتابه : (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) .

قال له الخضر : (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) لأنّي وُكلت بعلم لا تطيقه ، ووُكلتَ أنت بعلم لا اُطيقه .

قال موسى له : بل أستطيع معك صبراً .

فقال له الخضر : إنّ القياس لا مجال له في علم الله وأمره (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) ؟

ص: 272

قال موسى : (سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْراً)فلمّا استَثنى المشية قَبِلَه قال : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَن شَيْء حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) .

فقال موسى : لك ذلك عليَّ (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا) الخضر ، فقال له موسى : (أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) ؟!

قال موسى : (لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) أي بما تركت من أمرك (وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ)الخضر فغضب موسى وأخذ بتلابيبه وقال له : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً) ؟!

قال له الخضر : إنّ العقول لا تحكم على أمر الله (تعالى ذكره) بل أمر الله يحكم عليها ، فسلِّم لما ترى منّي واصبر عليه ، فقد كنت علمت أنّك لن تستطيع معي صَبراً .قال موسى : (إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْء بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة) وهي الناصرة ، وإليها تنسب النصارى (اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ) فوضَع الخضر يدَه عليه (فَأَقَامَهُ) فقال له موسى : (لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) .

ص: 273

قال له الخضر : (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً) فقال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة (صالحة) غَصْباً) فأردتُ بما فعلت أن تبقى لهم ، ولا يغصِبهم الملك عليها ، فنسب الأنانية في هذا الفعل إلى نفسه لِعلّة ذكر التعييب ، لأنّه أراد أن يعيبها عند الملك ] حتّى [ إذا شاهَدها فلا يغصِب المساكين عليها ، وأراد الله (عزّ وجلّ) صلاحهم بما أمره به من ذلك .

ثمّ قال : (وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ) وطلع كافراً ، وعلم الله (تعالى ذكره) إنْ بقي كَفَر أبواه وافتتنا به وضَلاّ بإضلاله إيّاهما ، فأمرني الله (تعالى ذكره) بقتله ، وأراد بذلك نقلهم إلى محلّ كرامته في العاقبة ، فاشترك بالأنانية بقوله : (فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) وإنّما اشترك في الأنانية لأنّه خَشي ، والله لا يخشى لأنّه لا يفوته شيء ، ولا يمتنع عليه أحد أراده ، وإِنّما خشي الخضر من أن يُحال بينه وبين ما أُمر فيه فلا يدرك ثواب الامضاء فيه ، ووقع في نفسه انّ الله (تعالى ذكره) جعله سبباً لرحمة أبوي الغُلام ، فعمِل فيه وسط الأمر من البشرية مثل ما كان عمل في موسى ، لأنّه صار في الوقت مُخبراً ، وكليم الله موسى مخبراً ، ولم يكن ذلك باستحقاق الخضر للرّتبة على موسى وهو أفضل من الخضر ، بل كان

ص: 274

لاستحقاق موسى للتبيين .

ثمّ قال : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً) ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضّة ، ولكن كان لوحاً من ذهب فيه مكتوب : عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟ عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ؟ عجب لمن أيقن أن البعث حقّ كيف يظلم ؟ عجب لمن يرى الدُّنيا وتصرُّف أهلها حالاًبعد حال كيف يطمئن إليها ؟ وكان أبوهما صالحاً كان بينهما وبين هذا الأب الصّالح سبعون أباً ، فحفظهما الله بصلاحه .

ثمّ قال : (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا) فتبرّأ من الأنانية في آخِر القصص ، ونسب الإرادة كلّها الى الله (تعالى ذكره) في ذلك لأنّه لم يكن بقي شيء ممّا فعله فيخبر به بعد ويصير موسى به مخبراً ومصغِياً إلى كلامه تابعاً له ، فتجرّد من الأنانية والإرادة تجرد العبد المخلص ، ثمّ صار متنصلاً ممّا أتاه من نسبة الأنانية في أوّل القصة ، ومن ادعاء الاشتراك في ثاني القصّة ، فقال : (رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً) .

ثمّ قال جعفر بن محمد (عليه السّلام) : إنّ أمر الله (تعالى ذكره) لا يُحمل على المقاييس ، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك ، إنّ أوّل معصية ظهرت الأنانية عن ابليس اللعين ، حين أمر الله (تعالى

ص: 275

ذكره) ملائكته بالسّجود لآدم فسجدوا وأبى ابليس اللعين أن يسجد .

فقال (عزّ وجلّ) : (مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين)((1)) فكان أوّل كُفْرِه قوله : (أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ)ثم قياسه بقوله : (خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين) فطرده الله (عزّوجلّ) عن جواره ولعنه وسمّاه رجيماً ، واقسم بعزّته لا يقيس أحد في دينه إلاّ قرنه مع عدوّه إبليس في أسفل درك من النّار((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : بينما موسى قاعد في ملأ من بني إسرائيل ، إذ قال له رجل : ما أرى أحداً أعلم بالله منك .

قال موسى : ما أرى ، فأوحى الله إليه : بلى عبدي الخضر ، فسأل السبيل إليه ، وكان له آية الحوت إن افتقده ، وكان من شأنه ما قصّ الله((3)) .

تفسير العياشي : عن اسماعيل بن أبي زياد الكوفي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس قال : ما وجدت للناس ولعلي ابن أبي طالب (عليه السّلام) شبهاً إلاّ موسى وصاحب السفينة ، تكلّم موسى بجهل ، وتكلّم صاحب السفينة بعلم ، وتكلّم النّاس بجهل وتكلّم

ص: 276


1- - الأعراف 7 : 12 .
2- - علل الشرايع : ص59 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص242 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص103 ح2672 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص255 .

علي (عليه السّلام) بعلم((1)) .

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان موسى أعلم من الخضر((2)) .

تفسير العياشي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) كان سليمان أعلم من آصف ، وكان موسى أعلم من الذي اتبعه((3)) .

تفسير العياشي : عن حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه كان يقول : (وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ) يعني أَمامهم (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة غَصْباً)((4)) .

مجمع البيان : روى أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه كان يقرأ : كل سفينة صالحة غصباً ، وروى ذلك أيضاً عن أبي جعفر قال : وهي قراءة أمير المؤمنين (عليه السّلام)((5)) .

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : بينما العالم يمشي مع موسى اذا هم بغلام يلعب بالقُلَة قال : فوكزه العالم فقتله .

فقال له موسى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً

ص: 277


1- - تفسير العياشي : ج3 ص104 ح2675 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص255 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص98 ح2667 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص251 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص103 ح2673 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص255 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص104 ح2678 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص258 .
5- - مجمع البيان : ج3 ص481 .

نُّكْراً) .

قال : فأدخل العالم يده فاقتلع كتفه ، فاذا عليه مكتوب : كافر مطبوع((1)) .تفسير العياشي : عن حريز ، عمّن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّه قرأ: وكان أبواه مؤمنين وطُبِع كافراً((2)) .

تفسير العياشي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسأله عن سبي الذراري ، فكتب إليه : أمّا الذراري فلم يكن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقتلهم ، وكان الخضر يقتل كافرهم ويترك مؤمنهم ، فإن كنت تعلم ما بعلم الخِضر فاقتلهم((3)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة)قيل : هي قرية على ساحل البحر يقال لها : ناصرة وبها سمّيت النصارى : نصارى ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((4)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا) قال أبو

ص: 278


1- - تفسير العياشي : ج3 ص104 ح2677 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص258 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص105 ح2679 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص258 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص104 ح2676 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص257 .
4- - مجمع البيان : ج3 ص486 .

عبدالله (عليه السّلام) : لم يضيّفوهما ولا يُضيّفون بعدهما أحداً إلى أن تقوم السَّاعة((1)) .

تفسير العياشي : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (فَخَشِينَا) خشي إن أدرك الغلام أن يدعو أبويه إلى الكفر ، فيُجيبانه من فَرط حبّهما إيّاه((2)) .

مجمع البيان : روي عن اُبيّ وابن عباس أنّهما كانا يقرءان : أمّا الغلام فكان كافراً وأبواه مؤمنين . وروى ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .

باب (36)الامام الصادق أعلم من النبي موسى والخضر

الكافي : أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابراهيم بن اسحاق الأحمر ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن سيف التمّار قال : كنّا مع أبي عبدالله(عليه السّلام) جماعة من الشيعة في الحِجر فقال : علينا عين ؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحداً فقلنا : ليس علينا عين .

ص: 279


1- - مجمع البيان : ج3 ص486 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص105 ح2680 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص258 .
3- - مجمع البيان : ج3 ص487 .

فقال : وربّ الكعبة وربّ البنيّة - ثلاث مرّات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أَنّي أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما ، لأنّ موسى والخضر أُعطَيا عِلم ما كان ولم يُعطَيا عِلم ما يكون وما هو كائن حتّى تقوم السّاعة وقد ورثناه من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وراثة((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا ابراهيم بن اسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن سيف التمّار قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .

بصائر الدرجات : أحمد بن الحسين ، عن الحسين بن راشد ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد قال : وحدّثوني جميعاً عن بعض أصحابنا ، عن عبدالله بن حماد ، عن سيف التمار قال : كنّا مع أبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((3)) .

باب (37)الامام الصادق يحافظ على حياة زرارة

إختيار معرفة الرّجال : حدثني حمدويه بن نصير قال : حدثنا محمّد ابن عيسى بن عبيد قال : حدثني يونس بن عبد الرحمن ، عن عبدالله بن

ص: 280


1- - الكافي : ج1 ص260 ح1 .
2- - بصائر الدرجات : ص250 ح3 . منه تفسير البرهان : ج5 ص591 .
3- - بصائر الدرجات : ص250 ح4 . منه تفسير البرهان : ج5 ص591 .

زرارة ، ومحمد بن قولويه والحسين بن الحسن قالا : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثني هارون بن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن عبدالله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين ، عن عبدالله بن زرارة قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : اقرأ مني على والدك السلام وقل له : إنّي انّما أعيبك دفاعاً منّي عنك ، فإنّ النّاس والعدوّ يسارعون إلى كلّ من قرّبناه وحمدنا مكانه لإدخال الأذى في من نحبّه ونقرّبه ، ويرمونه لمحبّتنا له وقربه ودنوه منّا ، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ، ويحمدون كلّ من عبناه نحن وأن نحمد أمره .فإنّما اعيبك لأنّك رجل اشتُهرتَ بنا ولمَيلك إلينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر لمودّتك لنا ولميلك إلينا ، فأحببتُ أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منا دافع شرّهم عنك ، يقول الله (جلّ وعزّ) : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَة غَصْباً) .

هذا التنزيل من عند الله صالحة ، لا والله ما عابها إلاّ لكي تَسْلم من المَلِك ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحة ليس للعيب منها مساغ والحمد لله .

فافهم المثَل يرحمك الله ، فإنّك واللهِ أحبّ الناس إليّ ، وأحبّ

ص: 281

أصحاب أبي حيّاً وميتاً ، فإنّك أفضلُ سُفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، إنّ من ورائك مَلِكاً ظلوماً غصوباً يرقب عبور كلِّ سفينة صالحة تَرِد من بحر الهدى ليأخذها غصباً ثم يغصبها وأهلها .

فرحمة الله عليك حيّاً ورحمته ورضوانه عليك ميتاً ... الى آخر الحديث((1)) .

باب (38)إختيار الله خيرٌ من اختيار العبد

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عدّة من أصحابه ، عن الحسن بن عليّ بن يوسف ، عن الحسن بن سعيد اللّخمي قال : ولِدَ لرجل من أصحابنا جارية فدخل على أبي عبدالله (عليه السّلام) فرآه متسخّطاً ، فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : أرأيت لو أنّ الله (تبارك وتعالى) أوحى إليك أن((2)) أختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول ؟

قال : كنت أقول : يا ربّ تختار لي .

قال : فإنّ الله قد اختار لك ، قال : ثم قال : إنّ الغلام الّذي قتله العالم

ص: 282


1- - اختيار معرفة الرجال : ج1 ص349 ح221 .
2- - في تفسير العياشي : أنّي .

الذي كان مع موسى (عليه السّلام) وهو قول الله (عزّ وجلّ) : (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) أبدلَهُما الله به جارية((1)) ، ولدت سبعين نبياً((2)) .تفسير العياشي : عن الحسن بن سعيد اللّخمي قال : ... وذكر مثله((3)) .

تفسير العياشي : عن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) .

قال : إنّه وُلِدت لهما جارية ، فولدت غلاماً وكان نبيّاً((4)) .

تفسير العياشي : عن أبي يحيى الواسطي رفعه الى أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله : (وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ) إلى قوله : (وَأَقْرَبَ رُحْماً) .

قال : أبدلهما مكان الابن بنتاً ، فولدت سبعين نبيّاً((5)) .

مجمع البيان : روي أنّهما أُبدلا بالغلام المقتول جارية فولدت

ص: 283


1- - في تفسير العياشي : قال : فأبدلهما جارية .
2- - الكافي : ج6 ص6 ح11 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص105 ح2684 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص259 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص105 ح2683 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص258 .
5- - تفسير العياشي : ج3 ص106 ح2685 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص259 .

سبعين نبيّاً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

باب (39)كلمات من كنوز الحكمة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا) ؟

فقال : أما انّه ما كان ذهباً ولا فضّة ، وإنّما كان أربع كلمات : لا إله إلاّ أنا ، من أيقنَ بالموت لم يضحك سنّه ، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه ، ومن أيقن بالقدر لم يخشَ إلاّ الله((2)) .

تفسير العياشي : عن صفوان الجمّال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله ... وذكر نحوه((3)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : كان ذلك الكنز لوحاً من ذهب فيه مكتوب : « بسم الله لا اله الا الله ، محمد رسول الله والائمة

ص: 284


1- - مجمع البيان : ج3 ص487 .
2- - الكافي : ج2 ص58 ح6 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص108 ح2690 الطبعة الحديثة .

حجج الله ، عجب لمن يعلم أنّ الموت حقّ كيف يفرح ؟! عجب لمن يؤمن بالقدر كيف يفرق((1)) ؟! عجب لمن يذكر النار كيف يضحك ؟! عجب لمن يرى الدُّنيا وتصرف أهلها حالاً بعد حال كيف يطمئن إليها ؟! »((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا) قيل : كان لوحاً من ذهب وفيه مكتوب : عجباً لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟! وعجباً لمن أيقن بالرّزق كيف يتعب ؟! وعجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟! وعجباً لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل ؟! وعجباً لمن رأى الدُّنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئن إليها ؟! لا إله إلا الله محمداً رسول الله .

عن ابن عباس والحسن وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .

باب (40)الأثر الوضعي لصلاح الآباء على الأولاد

تفسير العياشي : عن اسحاق بن عمّار قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : انّ الله ليُصلح بصلاح الرّجل المؤمن ولده وولد ولده ،

ص: 285


1- - فرِق : فزع وأشفق (لسان العرب) .
2- - تفسير القمي : ج2 ص40 . منه تفسير البرهان : ج6 ص249 .
3- - مجمع البيان : ج3 ص488 .

ويحفظه في دويرته ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ، ثمّ ذكر الغلامين فقال : (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً) ألم تر أنّ الله شكر صلاح أبويهما لهما((1)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : يحفظ الأطفال بأعمال آبائهم ، كما حفظ الله الغلامين بصلاح أبيهما((2)) .الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن شريف بن سابق أو رجل ، عن شريف ، عن الفضل بن أبي قرّة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أقام العالم الجدار أوحى الله (تبارك وتعالى) إلى موسى (عليه السّلام) : أنّي مجازي الأبناء بسعي الآباء ، إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشرّ ، لا تزنوا فتزني نساؤكم ، ومن وَطِئ فراش امرء مسلم وُطِئ فراشه ، كما تدين تدان((3)) .

أمالي الطوسي : أخبرنا أبو عمر قال : حدّثنا أحمد قال : حدثنا أحمد ابن يحيى قال : حدثنا أبو غسّان قال : حدثنا جعفر بن حبيب النهدي ، قال أبو العباس - يقال له - البرذون بن شبيب أنّه سمع جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين ،

ص: 286


1- - تفسير العياشي : ج3 ص106 ح2687 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص259 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص108 ح2689 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص261 .
3- - الكافي : ج5 ص553 ح1 .

وكان أبوهما صالحاً((1)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن عمر ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله ليحفظ ولد المؤمن إلى ألف سنة ، وإنّ الغلامين كان بينهما وبين أبويهما سبعمائة سنة((2)) .

تفسير العياشي : عن محمد بن عمرو الكوفي ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله تعالى يحفظ ولد المؤمن لأبيه إلى ألف سنة ، وإنّ الغلامين كان بينهما وبين أبيهما سبعمائة سنة((3)) .

تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه (عليهم السّلام) : انّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : إنّ الله ليخلف العبد الصالح من بعد موته في أهله وماله ، وان كان أهله أهل سوء ، ثمّ قرأ هذه الاية الى آخرها (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)((4)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً) روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : أنّه كان بينهما وبين ذلك الأب الصَّالح سبعة آباء((5)) .

* * * * *

ص: 287


1- - أمالي الطوسي : ص273 ح514 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص105 ح2682 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص258 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص109 ح2694 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص262 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص108 ح2692 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص261 .
5- - مجمع البيان : ج3 ص488 .

قوله تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الاَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْء سَبَباً * فَأَتْبَعَ سَبَباً * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْن حَمِئَة وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً * قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً) (83 - 87) .

باب (41)قصص النبي ذي القرنين

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي ، عن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً) ؟

قال : إنّ ذا القرنين بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه الأيمن ، فأماته الله خمسمائة عام ، ثمّ بعثه إليهم بعد ذلك فضربوه على قرنه الأيسر فأماته الله خمسمائة عام ، ثمّ بعثه إليهم بعد ذلك فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيث تغرب فهو قوله (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْن حَمِئَة) إلى قوله : (عَذَاباً نُّكْراً) قال : في النار ، فجعل ذو القرنين بينهم باباً من نحاس

ص: 288

وحديد وزفت((1)) وقطران((2)) فحال بينهم وبين الخروج .

ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ليس منهم رجل يموت حتّى يولد له من صلبه ألف ولد ذكر ، ثمّ قال : هم أكثر خَلق خُلقوا بعد الملائكة((3)) .

الكافي: عليّ بن ابراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : ثمّ ذو القرنين عبد أحبّ الله فأحبّه الله وطوى له الأسباب وملّكه مشارق الأرض ومغاربها وكان يقول الحق ويعمل به ثمّ لم نجد أحداً عاب ذلك عليه((4)) .الاختصاص : محمد بن هارون ، عن أبي يحيى سهيل بن زياد الواسطي ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) خيّر ذا القرنين السحابتين : الذلول والصعب فاختار الذلول وهو ما ليس فيه برق ولا رعد ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك لأنّ الله ادّخره للقائم (عليه السّلام)((5)) .

بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن هارون ، عن سهل بن زياد ، عن

ص: 289


1- - الزفت كالقير ، وقيل هو نوع منه (مجمع البحرين) .
2- - القطران : سيَّال دهنيّ يؤخذ من شجر الأبْهل والارز ونحوهما (أقرب الموارد) .
3- - تفسير القمي : ج2 ص40 . منه تفسير البرهان : ج6 ص264 .
4- - الكافي : ج5 ص70 ح1 .
5- - الاختصاص : ص326 . منه تفسير البرهان : ج6 ص269 .

أبي يحيى قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله ... وذكر نحوه((1)) .

تفسير العياشي : جبرئيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر ، رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ ذا القرنين عَمِل صندوقاً من قوارير ، ثمّ حمل في مسيره ما شاء الله ، ثمّ ركب البحر فلما انتهى الى موضع منه قال لأَصحابه : دَلّوني فإذا حرّكت الحبل فأخرجوني فإن لم اُحرّك الحبل فأرسلوني إلى آخره ، فأرسلوه في البحر وأرسلوا الحبل مسيرة أربعين يوماً ، فإذا ضارب يضرب جنب الصندوق ، ويقول : يا ذا القرنين أين تريد ؟

قال : أُريد أن أنظر إلى ملك ربّي في البحر كما رأيته في البرّ ، فقال : يا ذا القرنين ، إنّ هذا الموضع الذي أنت فيه مَرّ فيه نوح زمان الطوفان فسقط منه قدوم((2)) فهو يهوي في قعر البحر إلى الساعة لم يبلغ قعره ، فلمّا سمع ذو القرنين ذلك حرّك الحبل وخرج((3)) .

أقول : الحديث ضعيف من حيث السند لكونه مرسلاً وفي رجاله جبرئيل بن أحمد ولم تثبت وثاقته ، وعلينا أن نردّ علمه الى أهله لوجود بعض الغموض فيه . والله العالم .

ص: 290


1- - بصائر الدرجات : ص429 ح4 .
2- - القدوم : الآلة التي يُنحت بها النجار (مجمع البحرين) .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص121 ح2704 . منه تفسير البرهان : ج6 ص280 .

تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الزّلزلة ؟فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ ذا القرنين لمّا انتهى الى السدّ ، جاوزه فدخل الظُّلمة ، فإذا هو بمَلَك قائم طوله خمسمائة ذراع ، فقال له المَلَك : يا ذا القرنين ، أما كان خَلفَكَ مَسلَك((1)) ؟

فقال له ذو القرنين : ومن أنت ؟

قال : أنا مَلَك من ملائكة الرحمن ، موكّل بهذا الجبل ، وليس من جبل خلقه الله إلاّ وله عرق الى هذا الجبل ، فإذا أراد الله أن يزلزل مدينة أوحى إليّ ربّي فزلزلتها((2)) .

باب (42)قصّة الخضر

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن يوسف بن أبي حمّاد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا اُسري برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى السّماء وجد ريحاً مثل ريح المسك الأذفر فسأل جبرئيل

ص: 291


1- - في تفسير البرهان : منفذ لك ؟
2- - تفسير العياشي : ج3 ص122 ح2706 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص280 .

عنها ؟ فأخبره أنّها تخرج من بيت عُذّب فيه قوم في الله حتّى ماتوا ، ثمّ قال له : إنّ الخضر كان من أبناء الملوك فآمن بالله وتخلّى في بيت في دار أبيه يعبد الله، و لم يكن لأبيه ولد غيره فأشاروا على أبيه أن يزوّجه فلعلَّ الله أن يرزقه ولداً فيكون المُلكُ فيه وفي عقبه ، فخطب له إمرأة بكراً وأدخلها عليه فلم يلتفت الخضر إليها ، فلمّا كان في اليوم الثاني قال لها : تكتمين عليّ أمري ؟

فقالت : نعم .

قال لها : إِن سألك أبي : هل كان منّي إليك ما يكون من الرّجال إلى النساء ؟ فقولي : نعم ، فقالت : أفعل .

فسألها الملك عن ذلك فقالت : نعم ، وأشار عليه الناس أن يأمُر النساء أن يُفتشنها فأمر بذلك فكانت على حالها .

فقالوا : أيُّها الملك زوّجت الغرّ من الغرّة((1)) ، زوّجه امرأة ثيّباً ، فزوّجه ، فلمّا أدخلت عليه سألها الخضر أن تكتم عليه أمره ،فقالت : نعم .

فلمّا أن سألها الملك قالت له : أيّها الملك إنّ ابنك امرأة ، فهل تلد المرأة من المرأة ؟ فغضب عليه وأمر بردم الباب عليه فردم((2)) ، فلمّا كان

ص: 292


1- - الغِرُّ : الشابّ لا تجربة له والشابَّة كذلك ، يقال شابٌّ غِرٌّ وشابَّةٌ غِرَّةٌ (أقرب الموارد) .
2- - رَدَم الباب : سدَّه كلّه (أقرب الموارد) .

اليوم الثالث حرّكته رقّة الآباء فأمر بفتح الباب ، ففُتح فلم يَجِدوه وأعطاه الله من القوّة انّه يتصور كيف يشاء ، ثمّ كان على مُقدمة ذي القرنين ، وشرب من الماء الذي من شرب منه بَقي الى الصيحة .

قال : فخرج من مدينة أبيه رجلان في تجارة في البحر ، حتى وقعا في جزيرة من جزائر البحر فوجدا فيها الخضر قائماً يُصلّي ، فلمّا انفتل دعاهما فسألهما عن خبرهما فأخبراه فقال لهما : هل تكتمان عليَّ أمري إنْ رددتكما في يومكما هذا إلى منازلكما ؟

فقالا : نعم ، فنوى أحدهما أن يكتم أمره ، ونوى الآخر إنْ ردَّه إلى منزله أخبر أباه بخبره ، فدعا الخضر سحابة وقال لها : احملي هذين إلى منازلهما فحملتهما السّحابة حتى وضعتهما في بلدهما من يومهما فكتم أحدهما أمره ، وذهب الآخر إلى الملك فأخبره بخبره فقال له الملك : من يشهد لك بذلك ؟

قال : فلان التاجر فدلّ على صاحبه فبعث الملك إليه فلمّا حضر أنكره وأنكر معرفة صاحبه فقال له الأوّل : أيّها الملك ابعث معي خيلا إلى هذه الجزيرة واحبس هذا حتى آتيك بابنك ، فبعث معه خيلاً فلم يجدوه فأطلق عن الرّجل الذي كتم عليه . ثمّ انّ القوم عملوا بالمعاصي فأهلكهم الله وجعل مدينتهم عاليها سافلها ، وابتدرت الجارية التي كتمت عليه أمره والرّجل الذي كتم عليه كل واحد منهما ناحية من المدينة ، فلمّا

ص: 293

أصبحا التقيا فأخبر كلّ واحد منهما صاحبه بخبره فقالا : ما نجونا الاّ بذلك ، فآمنّا بربّ الخضر وحَسُن إيمانهما وتزوّج بها الرجل ووقعا إلى مملكة ملك آخر ، وتوصلت المرأة إلى بيت الملك وكانت تزيّن بنت الملك فبينما هي تُمشّطها يوماً ، إذ سقط من يدها المشط فقالت : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله .

فقالت لها بنت الملك : ما هذه الكلمة ؟فقالت لها : إنّ لي إلهاً تجري الاُمور كلّها بحوله وقوّته .

فقالت لها بنت الملك : ألكِ إله غير أبي ؟

قالت : نعم ، وهو إلهك وإله أبيك ، فدخلتْ بنت الملك على أبيها فأخبرت أباها بما سمعت من هذه المرأة ، فدعاها الملك فسألها عن خبرها فأخبرته .

فقال لها : مَن على دينك ؟

قالت : زوجي وولدي ، فدعاهما الملك فأمرهما بالرّجوع عن التوحيد ، فأبوا عن ذلك ، فدعا بمرجل من ماء فأسخنه وألقاهم فيه فأدخلهم بيتاً وهدم عليهم البيت .

فقال جبرئيل لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فهذه الرّايحة التي شممتها من ذلك البيت((1)) .

ص: 294


1- - تفسير القمي : ج2 ص42 . منه تفسير البرهان : ج6 ص282 .

باب (43)أين تغيب الشمس ؟

الاحتجاج : من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن مسائل كثيرة - منها - :

قال : فأخبرني عن الشمس أين تغيب ؟

قال (عليه السّلام) : إنّ بعض العلماء قال : إذا انحدرت اسفل القبَّة دار بها الفَلك إلى بطن السّماء صاعدة أبداً إلى أن تنحطّ إلى موضع مطلعها ، يعني : انّها تغيب في عين حامية ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها ، فتحير((1)) تحت العرش حتى يؤذن لها بالطّلوع ويسلب نورها كلّ يوم وتجلّل نوراً آخر .. الى آخر الحديث((2)) .

باب (44)ماذا يعني الرعد والبرق ؟

الاختصاص : المعلّى بن محمد البصري ، عن سليمان بن سماعة ، عن عبدالله بن القاسم ، عن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فأرعدتالسماء وأبرقت فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) :

ص: 295


1- - في تفسير البرهان : فتخرُّ .
2- - الاحتجاج : ص351 . منه تفسير البرهان : ج6 ص263 .

أما إنّه ما كان من هذا الرَّعد ومن هذا البرق فإنّه من أمر صاحبكم .

قلت : مَن صاحبنا ؟

قال : أمير المؤمنين (عليه السّلام)((1)) .

باب (45)التشابه بين الأئمة والخضر وذي القرنين

الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قال : قلت له : ما منزلتكم ؟ ومن تُشبهون ممّن مضى ؟

قال : صاحب موسى وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيّين((2)) .

تفسير العياشي : عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) جميعاً قال لهما : ما منزلتكم ... وذكر مثله((3)) .

أَقول : اختلفت الأقوال والروايات في نبوة ذي القرنين والخضر ، فبعضها تشير الى أنّهما كانا نبيّين وبعضها الى انّهما كانا عبدَين صالحين .

فقد روى الشيخ الصدوق في علل الشرايع عن الامام الصادق (عليه السّلام) انّه قال : إنّ الخضر كان نبيّاً مرسَلاً بعثه الله تبارك وتعالى

ص: 296


1- - الاختصاص : ص327 . منه تفسير البرهان : ج6 ص269 .
2- - الكافي : ج1 ص269 ح5 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص110 ح2698 الطبعة الحديثة .

الى قومه ... » الى آخر الحديث((1)) .

وقال الطريحي في (مجمع البحرين) : وقد اختلف العلماء فيه - أي في الخضر (عليه السّلام) - فقال الاكثرون هو نبي محتجةً بقوله تعالى : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) وبأنّه كان اعلم من موسى (عليه السّلام)((2)) .وأمّا ذو القرنين فقد ورد في معاني الاخبار للشيخ الصدوق عن الامام الصادق (عليه السّلام) : « انّ ذا القرنين لم يكن نبيّاً ولا مَلَكاً وانّما كان عبداً أحبّ الله فأحبّه الله ... » الى آخر الحديث((3)) .

وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : ... لم يكن نبيّاً ولا ملكاً ...((4)) .

وقال الطريحي في (مجمع البحرين) : ذو القرنين لقب الاسكندر الرومي كان في الفترة بعد عيسى (عليه السّلام) واختلف في شأنه فقيل : كان عبداً أعطاه الله العلم والحكمة وملّكه الأرض ، وقيل : كان نبيّاً فتح الله على يديه الأرض((5)) .

ويقال : انّه نبيٌ مرسَل الى نفسه لما تمكن من ملك الأرض ، والدليل على ذلك أنَّ الله تعالى ذَكَره عند ذكر الانبياء فقال : (وَقَوْمُ تُبَّع

ص: 297


1- - علل الشرايع : ص59 .
2- - مجمع البحرين : ج3 ص289 .
3- - معاني الأخبار : ص198 .
4- - علل الشرايع : ص40 .
5- - مجمع البحرين : ج6 ص295 .

كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)((1)) .

تفسير العياشي : عن بريد ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : قلت له : ما منزلتكم في الماضين ، وبمن تُشبهون منهم ؟

قال : الخضر وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيّين((2)) .

باب (46)أربعة ملوك حكموا الأرض

الخصال : حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه محمد بن خالد بإسناده رفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ملك الأرض كلّها أربعة : مؤمنان وكافران ، فأمّا المؤمنان : فسُليمان بن داود ، وذو القرنين ، والكافران : نمرود وبخت نُصر ، وإسم ذي القرنين عبدالله بن ضحاك بن معد((3)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ

ص: 298


1- - مجمع البحرين : ج4 ص305 . والآية في سورة ق 50 : 14 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص98 ح2669 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص251 .
3- - الخصال : ص255 ح130 . منه تفسير البرهان : ج6 ص285 .

وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْم لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً) (88 - 91) .

باب (47)بشارة الله للمؤمنين

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا الحسن بن عليّ بن عاصم ، عن هيثم بن عبدالله قال : حدثنا مولاي عليّ ابن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أتاني جبرئيل عن ربّه (عزّ وجلّ) وهو يقول : ربّي يقرئك السلام ويقول لك : يا محمد بشّر المؤمنين الذين يعملون الصّالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنّة فلهم عندي (جَزَاءً الْحُسْنَى) يدخلون الجنّة((1)) .

*****

قوله تعالى : (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّة أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي

ص: 299


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص297 ح9 . منه تفسير البرهان : ج6 ص285 .

حَقّاً) (95 - 98) .

باب (48)التقيَّة من الأعداء

تفسير العياشي : عن المفضّل قال : سألت الصادق (عليه السّلام) عن قوله : (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) ؟

قال : التقيّة (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً) قال : ما استطاعوا له نقباً ، إذا عملت بالتقيّة لم يقدروا لك على حيلة ، وهو الحصن الحصين وصار بينك وبين أعداء الله سداً لا يستطيعون له نقباً .قال : وسألته عن قوله (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ) ؟

قال : رفع التقيّة عند الكشف فانتقم من أعداء الله((1)) .

تفسير العياشي : عن جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) ، (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً) قال : هو التقيّة((2)) .

*****

قوله تعالى : (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لاَ

ص: 300


1- - تفسير العياشي : ج3 ص123 ح2710 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص281 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص123 ح2709 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص281 .

يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً * أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً) (101 و102) .

باب (49)أعداء الولاية

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله (عبدالله - ط) ابن موسى ، عن الحسن (بن حمزة - ط) بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه والحسين (الحسن - ط) بن أبي العلا وعبدالله بن وضّاح وشعيب العقرقوفي جميعهم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قلت : قوله : (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي) ؟

قال : يعني بالذِكر : ولاية علي (عليه السّلام) وهو قوله : (ذِكْرِي) .

قلت : قوله : (لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) ؟

قال : كانوا لا يستطيعون اذا ذُكر علي (عليه السّلام) عندهم أن يسمعوا ذكره لشدَّة بغض له وعداوة منهم له ولأهل بيته .

قلت : قوله : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً) ؟

قال (عليه السّلام) : يُعنيهما وأشياعهما الذين اتّخذوهما من دون الله أولياء وكانوا يرون أنّهم بحبّهم ايّاهما انّهما ينجيانهم من عذاب الله وكانوا بحبّهما كافرين .

ص: 301

قلت : قوله : (إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً) ؟قال : أي منزلاً فهي لهما ولأشياعهما عتيدة((1)) عند الله.

قلت : قوله : (نُزُلاً) ؟

قال : مأوى ومنزلاً((2)) .

باب (50)الاعمال السيئة تسبِّب عدم معرفة الحق

تفسير العياشي : عن محمد بن حكيم قال : كتبت رقعةً الى أبي عبدالله (عليه السّلام) فيها : أتستطيع النّفس المعرفة ؟

قال : فقال : لا .

فقلت : يقول الله : (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) .

قال : هو كقوله : (مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ)((3)) .

قلت : فعابهم ؟

قال : لم يعبهم بما صنع هو بهم ، ولكن عابهم بما صنعوا ، ولو لم

ص: 302


1- - العتيد : الشّيء الحاضر المهيّأ (مجمع البحرين) .
2- - تفسير القمي : ج2 ص47 . منه تفسير البرهان : ج6 ص302 .
3- - هود 11 : 20 .

يتكلّفوا لم يكن عليهم شيء((1)) .

أقول : لعلّ المقصود عن كون أعينهم في غطاء أنهم بسبب أعمالهم وسيئاتهم حصلت لهم تلك الحالات ، فالعتاب كان على أعمالهم وعلى امتناعهم عن قبول الحق والرضوخ له . والله العالم .

*****

قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً * قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (107 - 109) .

باب (51)جنة الفردوس منزل آل محمد وشيعتهم

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا محمد بن همّام بن سهيل ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى ابن داود النجّار قال : حدثنا مولاي موسى بن جعفر (عليهما السّلام) قال : سألت أبي عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) .

قال : نزلت في آل محمد (عليهم السّلام)((2)) .

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبدالله بن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) .

ص: 303


1- - تفسير العياشي : ج3 ص123 ح2712 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص302 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص298 ح10 . منه تفسير البرهان : ج6 ص305 .

قال : خالدين فيها لا يخرجون منها ، و(لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً)قال : لا يريدون بها بدلا .

قلت : قوله : (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) .

قال : قد أخبرك ان كلام الله ليس له آخر ولا غاية ولا ينقطع أبداً .

قلت : قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) .

قال : هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمّار بن ياسر ، جعل الله لهم جنّات الفردوس نُزُلاً ، أي مأوى ومنزلاً((1)) .

*****

قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ

ص: 304


1- - تفسير القمي : ج2 ص46 . منه تفسير البرهان : ج6 ص305 .

أَحَدَاً) (110) .

باب (52)النهي عن الشِرك في ولاية آل محمّد

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله (عبدالله - ط) ابن موسى ، عن الحسن (بن حمزة - ط) بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه والحسين (الحسن - ط) بن أبي العلاء وعبدالله بن وضّاح وشعيب العقرقوفي جميعهم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) قال : يعني في الخلق انّه مثلهم مخلوق (يُوحَى إِلَيَّ) إلى قوله : (بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً) قال : لا يتَّخذ مع ولاية آل محمد ولاية غيرهم ، وولايتُهم العمل الصالح فمَن أشرك بعبادة ربّه فقد أَشرك بولايتنا وكفر بها وجحد أمير المؤمنين (عليه السّلام) حقّه وولايته((1)) .

تفسير العياشي : عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله : (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً) ؟

قال : العمل الصالح : المعرفة بالائمّة (وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً)

ص: 305


1- - تفسير القمي : ج2ص47 . منه تفسير البرهان : ج6 ص308 .

التسليم لعلي (عليه السّلام) لا يُشرك معه في الخلافة من ليس ذلك له ، ولا هو من أهله((1)) .

باب (53)لزوم الإخلاص في العمل

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جرّاح المدايني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّ وجلّ) : (فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً) .

قال : الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله إنّما يطلب تزكية النّاس يشتهي أن يسمع به النّاس فهذا الذي أشرك بعبادة ربّه ، ثم قال : ما من عبد أسرَّ خيراً فذهبت الأيام أبداً حتى يُظهر الله له خيراً ، وما من عبد يُسرُّ شرّاً فذهبت الأيّام أبداً حتّى يُظهر الله له شرّاً((2)) .

تفسير العياشي: عن جرّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) [قال: من كان يرجو إلى عبادة ربّه أحداً]((3)) ، إنّه ليس من أحد يعمل شيئاً من البرّ ، لا

ص: 306


1- - تفسير العياشي : ج3 ص126 ح2722 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص309 .
2- - الكافي : ج2 ص293 ح4 .
3- - ما بين المعقوفتين ليس في تفسير البرهان .

يطلب به وجه الله إنّما يطلب تزكية الناس ، ويشتهي أن يسمع به النّاس ، فذاك الذي أشرك بعبادة ربّه((1)) .

تفسير العياشي : عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن تفسير هذه الآية (فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً) ؟

قال : من صلّى أو صام أو اعتق أو حجّ يريد محمدة النّاس ، فقد أشرك في عمله وهو شرك مغفور((2)) .

تفسير العياشي : عن علي بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال الله (تبارك وتعالى) : أنا خير شريك ، من أشرك بي في عمله لن اقبله إلاّ ما كان لي خالصاً((3)) .

تفسير العياشي : في رواية أُخرى : عنه (عليه السّلام) قال : إنّ الله يقول : أنا خير شريك ، من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له دوني((4)) .

تفسير العياشي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : لو أنّ عبداً عمل عملاً يطلب به وجه الله والدّار

ص: 307


1- - تفسير العياشي : ج3 ص125 ح2718 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص308 .
2- - تفسير العياشي : ج3 ص125 ح2717 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص308 .
3- - تفسير العياشي : ج3 ص125 ح2719 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص308 .
4- - تفسير العياشي : ج3 ص125 ح2720 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص309 .

الآخرة ، ثمّ أدخل فيه رِضا أحد من الناس كان مشركاً((1)) .

علل الشرائع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار قال : حدثنا محمد بن أحمد قال : حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن اسحاق ، عن عبدالله بن حمّاد ، عنابراهيم بن عبد الحميد ، عن شهاب بن عبد ربّه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) إذا توضأ لم يَدَع أحداً يصبُّ عليه الماء ، قال : لا أُحبُّ أن أُشرك في صلاتي أحداً((2)) .

ص: 308


1- - تفسير العياشي : ج3 ص126 ح2721 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص309 .
2- - علل الشرايع : ص278 ح1 .

سورة مريم

باب (1)فضل تلاوة سورة مريم

ثواب الأعمال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثني محمد بن يحيى قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن (بن عليّ) ، عن عمر ، عن أبان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من أدمن قراءة سورة مريم ، لم يمت حتى يصيب ] منها [ ما يغنيه في نفسه وماله وولده ، وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم وأُعطي في الآخرة مثل ملك سليمان بن داود في الدنيا((1)) .

باب (2)فائدة كتابة سورة مريم

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : روينا في كتاب (السعادات)

ص: 309


1- - ثواب الأعمال : ص134 . منه تفسير البرهان : ج6 ص311 .

في سورة مريم (عليها السّلام) ، عن الصادق (عليه السّلام) من كتبها وجعلها في منزله كثر خيره ورزقه((1)) .

تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) - عن الصادق (عليه السّلام) من كتبها وجعلها في إناء زجاج ضيّق الرأس نظيف ، وجعلها في منزله كثر خيره ويرى الخيرات في منامه ، كما يرى أهله في منزله ، وإذا كُتبت على حائط البيت منعت طوارقه وحرست ما فيه ، وإذا شربها الخائف أمن بإذن الله (تعالى)((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كهيعص) (1) .

باب (3)معنى الحروف الاولى في سورة مريم

معاني الأخبار : أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إليَّ على يدي علي بن أحمد البغدادي الورّاق قال : حدثنا معاذ بن المثنّى العنبري قال : حدثنا عبدالله بن أسماء قال : حدثنا جويرية ، عن سفيان بن سعيد الثوري قال : قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين

ص: 310


1- - الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : ص89 .
2- - تفسير البرهان : ج6 ص312 ح3 .

ابن علي بن أبي طالب - في حديث - : يا بن رسول الله ما معنى قول الله (عزّ وجلّ) : (كهيعص) ؟

قال : معناه : أنا الكافي الهادي الوليّ العالم الصادق الوعد... الى آخر الحديث((1)) .

معاني الأخبار : حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : أخبرنا محمد بن زكريا قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه قال : حضرت عند جعفر بن محمد الباقر (عليهما السلام) فدخل عليه رجل فسأله عن (كهيعص) ؟

فقال (عليه السّلام) : « كاف » كاف لشيعتنا « ها » هادي لهم « يا » وليٌّ لهم « عين » عالم بأهل طاعتنا « صاد » صادق لهم وعدهم((2)) حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدها إياهم في بطن القرآن((3)) .

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله (عبدالله - خ)((4)) ،عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : هذه (كهيعص) أسماء الله مقطعة ، وأمّا قوله :

ص: 311


1- - معاني الأخبار : ص22 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص313 .
2- - في تفسير البرهان : وعده .
3- - معاني الأخبار : ص28 ح6 . منه تفسير البرهان : ج6 ص311 .
4- - في تفسير البرهان : عن عبدالله بن موسى .

(كهيعص) قال : الله هو الكافي الهادي العالم(ذو الأيادي الصابر على الأعادي) الصادق ذو الأيادي العظام ، وهو قوله كما وصف نفسه (تبارك وتعالى)((1)) .

*****

قوله تعالى : (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً) (4) .

باب (4)الشيب في اللّحية وقار

علل الشرائع : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان الناس لا يشيبون ، فأبصر إبراهيم شيباً في لحيته ، فقال : يا ربّ ما هذا ؟

فقال : هذا وقار .

فقال : ربِّ زدني وقاراً((2)) .

باب (5)بداية الشَّعر الأبيض

علل الشرائع : أخبرني علي بن حاتم قال : حدثنا جعفر بن محمد

ص: 312


1- - تفسير القمي : ج2 ص48 . منه تفسير البرهان : ج6 ص315 .
2- - علل الشرائع : ص104 ح1 .

قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن عثمان ، عن جعفر بن الريّان ، عن الحسن بن الحسين ، عن خالد بن إسماعيل بن أيوب المخزومي ، عن جعفر بن محمد (عليه السّلام) أنّه سمع أبا الطفيل يحدث أنّ علياً (عليه السّلام) يقول : كان الرجل يموت وقد بلغ الهرم ولم يشب ، فكان الرجل يأتي النادي فيه الرجل وبنوه فلا يعرف الأب من الابن ، فيقول : أيّكم أبوكم ؟

فلمّا كان زمان إبراهيم فقال : اللهم اجعل لي شيباً أُعرف به .

قال : فشاب وابيضَّ رأسه ولحيته((1)) .

* * * * *

قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً) (5 و6) .

باب (6)يحيى هبة الله لزكريا

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (ره) : حدثنا محمد ابن همام بن سهيل ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار قال : حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال : كنت عند أبي يوماً قاعداً ، حتى أتى رجل فوقف به وقال : أفيكم باقر العلم

ص: 313


1- - علل الشرائع : ص104 ح3 .

ورئيسه محمد بن علي ؟

قيل له : نعم .

فجلس طويلاً ، ثمّ قام إليه فقال : يابن رسول الله أخبرني عن قول الله (عزّ وجلّ) في قصة زكريا (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً) الآية .

قال : نعم ، الموالي بنو العم ، وأحبّ الله أن يهب له وليَّاً من صُلبه ، وذلك أنّه فيما كان عَلِمَ من فضل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، قال : يا ربّ أمعما شرّفت((1)) محمداً وكرّمته ورفعتَ ذِكره حتى قرنته بذكرك فما يمنعك يا سيدي أن تهب له ذريّة من صلبه فتكون فيها النبوة ؟

قال : يا زكريا ، قد فعلتُ ذلك بمحمد ولا نبوَّة بعده وهو خاتم الأنبياء ، ولكن الإمامة لابن عمّه وأخيه علي بن أبي طالب من بعده ، وأخرجت الذّرية من صُلب علي إلى بطن فاطمة بنت محمد ، وصيّرت بعضها من بعض ، فخرجت منه الأئمة حُججي على خَلقي ، وإنّي مُخرج من صُلبك ولداً يرثُك ويرث من آل يعقوب ، فوهب الله له يحيى((2)) .

أَقول : الظاهر انّ المقصود من قول الرجل : « أفيكم باقر العلم » هو الوصف لا الاسم ، أي هل فيكم من يبقر العلم ويُفجّره ؟ فكان جوابهم :

ص: 314


1- - في تفسير البرهان : يا ربّ أما شرّفت .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص301 ح2 . منه تفسير البرهان : ج6 ص316 .

نعم .

وكان الامام الصادق (عليه السّلام) حاضراً والى جانبه ولده الامام الكاظم (عليه السّلام) فهو الذي يروي الحديث ويقول : كنت عند أَبي يوماً قاعداً ...والامام الكاظم لم يُدرِك جدّه الامام محمّد الباقر (عليهما السّلام) بل كانت ولادته بعد وفاة جدّه بسنين ، فالمقصود من الباقر - هنا - الوصف لا الاسم ، والمقصود : الامام الصادق (عليه السّلام) والله العالم .

الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أنّه كان يقرأ : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي) لأنّه لم يكن له ولد حتى وَهب الله تعالى له بعد الكِبَر ولداً((1)) .

مجمع البيان : قراءة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) وابن عباس وجعفر بن محمد : يرثني وأرث من آل يعقوب((2)) .

باب (7)بفعل الولد رُفع العذاب عن الوالد

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن شريف بن سابق ، عن الفضل بن أبي قرّة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)

ص: 315


1- - الجعفريات : ص177 . منه مستدرك الوسائل : ج15 ص111 .
2- - مجمع البيان : ج3 ص500 .

قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : مرَّ عيسى بن مريم بقبر يُعذَّب صاحبه ، ثم مرّ به من قابل فإذا هو لا يعذَّب ، فقال : يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان يُعذَّب ، ومررت به العام فإذا هو ليس يُعذَّب ؟

فأوحى الله إليه : أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً وآوى يتيماً فلهذا غفرت له بما فعل ابنه ، ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ميراث الله((1)) (عزّ وجلّ) من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده ، ثم تلا أبو عبدالله (عليه السّلام) آية زكريا (عليه السّلام) : (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً)((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَم اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً) (7) .

باب (8)بكاء السماء على يحيى والحسين

تأويل الآيات الظاهرة :قال محمد بن العباس (ره) : حدثنا حميد

ص: 316


1- - « ميراث الله » أي ما يبقى بعد موت المؤمن فإنّه لعبادة له تعالى كأنّه ورثه من المؤمن ، وقيل : اضافة الى الفاعل أي ما ورثه الله وأوصله إليه لنفعه ولا يخفى بعده (مرآة العقول) .
2- - الكافي : ج6 ص3 ح12 .

ابن زياد ، عن أحمد بن الحسين بن بكر قال : حدثنا الحسن بن علي بن فضّال ، بإسناده إلى عبد الخالق قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول في قول الله (عزّ وجلّ) : (لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً) قال : ذلك يحيى بن زكريا ، لم يكن له من قبل سَميّاً ، وكذلك الحسين لم يكن له من قبل سَميّاً ، ولم تبك السماء إلاّ عليهما أربعين صباحاً .

قلت :فما كان بكاؤها ؟

قال : تطلع الشمس حمراء.

قال : وكان قاتل الحسين (عليه السّلام) ولد زنا ، وقاتل يحيى بن زكريا ولد زنا((1)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه ، عن محمد بن خالد ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة ، عن عبد الخالق قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر قريباً من ذلك((2)) .

تأويل الآيات الظاهرة : روى محمد بن العباس ، مسنداً عن الصادق (عليه السّلام) في قوله (عزّ وجلّ) : (لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً) .

قال : ذلك يحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميّا ، وكذلك الحسين لم يكن له من قبل سميّاً ، ولم تبك السماء إلاّ عليهما .

ص: 317


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص302 ح3 . منه تفسير البرهان : ج6 ص317 .
2- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص302 ح4 . منه تفسير البرهان : ج6 ص317 .

قلت : فما بكاؤها ؟

قال : تطلُع الشمس حمراء وتغيب حمراء .

قال : وكان قاتل الحسين ولد الزنا ، وقاتل يحيى بن زكريا ولد الزنا .

وعنه ما رواه علي بن إبراهيم ، عن الصادق (عليه السّلام) بأدنى تفاوت((1)) .كامل الزيارات : حدثني أبي (رحمه الله) ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن عبد الخالق بن عبد ربّه قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لم يجعل الله له من قبل سميّا ، الحسين بن علي لم يكن له من قبل سميّا((2)) ، ويحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سميّا ، ولم تبك السماء إلاّ عليهما أربعين صباحاً .

قال : قلت : ما بكاؤها ؟

قال : كانت تطلع حمراء وتغرب حمراء((3)) .

كامل الزيارات : حدثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن غير واحد ، عن

ص: 318


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص303 ح5 . منه تفسير البرهان : ج6 ص317 .
2- - الصحيح : لم يكن له من قبل سميّ ، وكذا في المورد التالي .
3- - كامل الزيارات : ص182 ح250 . منه تفسير البرهان : ج6 ص318 .

جعفر بن بشير ، عن حمّاد ، عن عامر بن معقل ، عن الحسن بن زياد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا ، وقاتل الحسين (عليه السّلام) ولد زنا ، ولم تبك السماء على أحد إلاّ عليهما .

قال : قلت : وكيف تبكي ؟

قال : تطلع الشمس في حمرة وتغيب في حمرة .

حدثني محمّد بن جعفر القرشي ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير بإسناده مثله((1)) .

كامل الزيارات : حدثني أبي وعلي بن الحسين (رحمهما الله) ، عن سعد بن عبدالله ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالله بن هلال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : إنّ السماء بكت على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا ولم تبك على أحد غيرهما .

قلت : وما بكاؤها ؟قال : مكثوا أربعين يوماً تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة .

قلت : فذاك بكاؤها ؟

قال : نعم((2)) .

ص: 319


1- - كامل الزيارات : ص185 ح258 . منه تفسير البرهان : ج6 ص321 .
2- - كامل الزيارات : ص185 ح260 . منه تفسير البرهان : ج6 ص321 .

كامل الزيارات : حدثني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه وغيره ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبدالله بن هلال قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول ... وذكر مثله((1)) .

كامل الزيارات : حدثني أبي ، عن محمد بن الحسن بن مهزيار ، عن أبيه ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعد ، عن فضالة بن أيوب ، عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان الذي قتل الحسين بن علي (عليه السّلام) ولد زنا ، والذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا .

وقال : احمرَّت السماء حين قُتل الحسين بن علي سنة ، ثم قال : بكت السماء والأرض على الحسين بن علي وعلى يحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها((2)) .

كامل الزيارات : حدثني محمد بن جعفر ، عن محمد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص النحّاس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الحسين (عليه السّلام) بكى((3)) لقتله السَّماء والأرض

ص: 320


1- - كامل الزيارات : ص181 ح246 .
2- - كامل الزيارات : ص188 ح267 . منه تفسير البرهان : ج6 ص322 .
3- - في تفسير البرهان : بكت .

واحمرّتا ، ولم تبكيا على أحد قطّ الاّ على يحيى بن زكريا والحسين بن علي .

حدثني أبي (رحمه الله) عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين باسناده مثله((1)) .كامل الزيارات : حدثني أبي (رحمه الله) ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن عبد العظيم ، عن الحسن ، عن أبي سلمة قال : قال جعفر بن محمد (عليه السّلام) : ما بكت السماء والأرض إلاّ على يحيى بن زكريا والحسين (عليهما السّلام)((2)) .

كامل الزيارات : حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي ، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن كليب بن معاوية الأسدي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لم تبك السماء إلا على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا((3)) .

كامل الزيارات : حدثني محمد بن جعفر الرزاز القرشي قال : حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إحمرّت السماء حين

ص: 321


1- - كامل الزيارات : ص181 ح244 . منه تفسير البرهان : ج6 ص318 .
2- - كامل الزيارات : ص186 ح262 . منه تفسير البرهان : ج6 ص321 .
3- - كامل الزيارات : ص183 ح252 . منه تفسير البرهان : ج6 ص320 .

قُتل الحسين سنة ، ويحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها((1)) و((2)) .

كامل الزيارات : حدثني أبي (رحمه الله) وعلي بن الحسين ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن موسى بن الفضل ، عن حنان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما تقول في زيارة قبر أبي عبدالله الحسين (عليه السّلام) فإنّه بلغنا عن بعضهم أنها تعدل حجة وعمرة ؟

قال : لا تعجب ما أصاب مَن يقول هذا كلَّه ، ولكن زُره ولا تجْفه ، فإنّه سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة وشبيه يحيى بن زكريا ، وعليهما بكت السماء والأرض .

حدثني أبي ومحمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفّار ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله سواء .حدثني أبي (رحمه الله تعالى) وجماعة مشايخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن اسماعيل بن

ص: 322


1- - في تفسير البرهان : حين قتل الحسين (عليه السّلام) سنة ، قال : ثم بكت السماء والأرض على الحسين بن علي (عليهما السلام) وعلى يحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها .
2- - كامل الزيارات : ص182 ح249 . منه تفسير البرهان : ج6 ص319 .

بزيع ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .

*****

قوله تعالى : (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً * قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَال سَوِيّاً) (8 - 10) .

تقدم في تفسير سورة آل عمران 3 : 41 ما يناسب الآيات من الأحاديث .

*****

قوله تعالى : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (11) .

باب (9)الوحي على أقسام

تفسير البرهان : (تفسير النعماني) بإسناده عن الصادق (عليه السّلام) قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) حين سألوه عن معنى الوحي ، فقال : منه وحي النبوّة ، ومنه وحي الإلهام ، ومنه وحي الإشارة - وساقه

ص: 323


1- - كامل الزيارات : ص184 ح255 . منه تفسير البرهان : ج6 ص320 .

إلى أن قال - : وأما وحي الإشارة فقوله (عزّ وجلّ) : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْم-ِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) أي أشار إليهم ، لقوله تعالى : (أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّام إِلاَّ رَمْزاً)((1)) و((2)) .

*****

قوله تعالى : (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) (12) .

باب (10)النبي محمّد أفضل من يحيى

الإحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن الحسين بن علي (عليه السّلام) قال : إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم - قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في حديث طويل - : هذا يحيى بن زكريا يقال : إنّه أُوتي الحكم صبيّاً والحلم والفهم وأنّه كان يبكي من غير ذنب ، وكان يواصل الصّوم ؟

قال له علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ومحمد أُعطي ماهو أفضل من هذا ، إنّ يحيى بن زكريا كان في عصر لا أوثان فيه ، ولا جاهلية ،

ص: 324


1- - آل عمران 3 : 41 .
2- - تفسير البرهان : ج6 ص376 ح1 .

ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أُوتي الحكم والفهم صبيّاً بين عبدة الأوثان وحزب الشيطان ، فلم يرغب لهم في صنم قط ، ولم ينشط لأعيادهم ولم يرمنه كذب قط ، وكان أميناً صدوقاً حليماً ، وكان يواصل الصوم الأسبوع والأَقلّ والأكثر ، فيقال له في ذلك ، فيقول : إنّي لست كأحدهم ، إنّي أظلّ عند ربّي ، فيطعمني ويسقيني ، وكان يبكي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى تبتلّ مصلاّه خشية من الله (عزّ وجلّ) من غير جرم ... الى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً) (13) .

باب (11)الدعاء المستجاب

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن حمّاد وصفوان وابن المغيرة ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا قال العبد : « يا الله يا ربي » حتى ينقطع النفس .

قال له الرب : سل ما حاجتك .

وفي رواية أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قول الله

ص: 325


1- - الإحتجاج : ص223 .

(عزّ وجلّ) في كتابه : (وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا) .قال : إنّه كان يحيى إذا دعا قال في دعائه : « يا رب يا الله » ناداه الله من السماء : لبيك يا يحيى سل حاجتك((1)) .

*****

قوله تعالى : (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً) (22) .

باب (12)مدّة حمل مريم بعيسى

الكافي : حميد بن زياد ، عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد الدهقان ، عن علي بن الحسن الطاهري ، عن محمد بن زياد بيّاع السابري ، عن أبان ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ مريم حملت بعيسى تسع ساعات ، كل ساعة شهر((2)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً) قيل : كان مدّة حملها تسع ساعات وهذا مروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن علي بن اسماعيل ، عن محمد بن عمر الزيات ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في

ص: 326


1- - المحاسن : ج1 ص104 ح82 و83 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص324 .
2- - الكافي : ج8 ص332 ح516 .
3- - مجمع البيان : ج3 ص511 .

حديث - قال : ولم يولد لستة أشهر إلاّ عيسى بن مريم والحسين بن علي (عليهما السّلام)((1)) .

أَقول : المعروف أَنّ الامام الحسين والنبي يحيى بن زكريا وُلدا لستة أَشهر ، يعني إنّ مدة حملهما كانت ستة أشهر ، لا غيرهما .

ولعل قوله (عليه السّلام) : « إلاّ عيسى بن مريم » من تصحيف الرواة أو النسّاخ ، فانّ المذكور في بعض الأَحاديث أنّ حمل عيسى كان تسع ساعات ، وقيل : ثلاث ساعات ، وقيل أكثر من ذلك وقيل أَقلّ .

وذكر بعض العامّة انّ حمل عيسى كان تسعة أَشهر كسائر الناس ، وقيل ثمانية أشهر وقيل ستة أشهر ...علل الشرائع : حدثنا أحمد بن الحسن (رحمه الله) قال : حدثنا أحمد بن يحيى قال : حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم بن بهلول قال : حدثنا علي بن حسان الواسطي ، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : لم يعش مولود قط لستة أشهر غير الحسين بن علي وعيسى بن مريم((2)) .

*****

قوله تعالى : (فَأَجَاءَهَا الْم-َخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي

ص: 327


1- - الكافي : ج1 ص464 ح4 .
2- - علل الشرايع : ص205 ح3 .

مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّا) (23) .

باب (13)لماذا تمنّت السيدة مريم الموت ؟

مجمع البيان : روي عن الصادق (عليه السّلام) : لأنّها لم تر في قومها رشيداً ذا فراسة ينزّهها من السُّوء((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) (25) .

باب (14)الامام الصادق يعرف نخلة مريم

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد جميعاً ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص قال : رأيت أبا عبدالله (عليه السّلام) يتخلّل بساتين الكوفة ، فانتهى إلى نخلة فتوضّأ عندها ثم ركع وسجد ، فأحصيتُ في سجوده خمسمائة تسبيحة ، ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات ، ثم قال : يا أبا حفص إنها - والله - النخلة التي قال الله (عزّ وجلّ) لمريم : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ

ص: 328


1- - مجمع البيان : ج3 ص511 .

عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً)((1)) .الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن الحسين بن الحسن بن يزيد ، عن بدر ، عن أبيه ، قال : حدثني سلام أبو علي الخراساني ، عن سلام بن سعيد المخزومي قال : بينا أنا جالس عند أَبي عبدالله (عليه السّلام) إذ دخل عليه عبّاد بن كثير عابد أهل البصرة وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبي عبدالله (عليه السّلام) ميمون القدّاح مولى أبي جعفر (عليه السّلام) فسأله عبّاد بن كثير فقال : يا أبا عبدالله في كم ثوب كُفّن رسول الله .

قال : في ثلاثة أثواب : ثوبين صحاريين((2)) وثوب حبرة((3)) ، وكان في البُرد قلة ، فكأنّما أزورَّ عبّاد بن كثير من ذلك ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ نخلة مريم إنّما كانت عجوة((4)) ونزلت من السماء ، فما نبت من أصلها كان عجوة وما كان من لقاط((5)) فهو لون ، فلما خرجوا من عنده قال عبّاد بن كثير لإبن شريح : والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي

ص: 329


1- - الكافي : ج8 ص143 ح111 .
2- - صحار : قرية باليمن نُسب الثوب إليها . وقيل : هو من الصُّحرة من اللون (لسان العرب) .
3- - الحبرة : ثوب يصنع باليمن قطن أو كتان مخطط (مجمع البحرين) .
4- - العجوة : نوع من تمر المدينة اكبر من الصيحاني يضرب إلى السّواد من غرس النبي (النهاية) .
5- - اللُقَاط : ما يُلقَط من السنابل وما تجده ملقى فتأخذه (أقرب الموارد) .

أبو عبدالله .

فقال ابن شريح : هذا الغلام يخبرك فإنّه منهم - يعني ميمون - فسأله فقال ميمون : اما تعلم ما قال لك ؟

قال : لا والله .

قال : إنّه ضرب لك مَثلَ نفسه فأخبرك أنّه وَلدٌ من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعِلم رسول الله عندهم ، فما جاء من عندهم فهو صواب وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط((1)) .

باب (15)من معاجز الامام الصادق (عليه السّلام)

بصائر الدرجات : حدثنا موسى بن الحسن ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن عبدالله بن بكير ، عن عمر بن بويه ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : كان أبو عبدالله البلخي معه فانتهى إلى نخلة خاوية((2)) فقال : « أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها أطعمينا فيما جعل الله فيك » قال : فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه فأكلنا حتى تضلَّعنا((3)) .

ص: 330


1- - الكافي : ج1 ص400 ح6 .
2- - نخل خاوية : أي أصول نخل متآكلة الاجواف (أقرب الموارد) .
3- - تضلَّع الرجل : امتلا شبعاً وريّاً (أقرب الموارد) .

فقال البلخي : جعلت فداك سُنّة فيكم كسُنّة مريم((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن محمد ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) وكان معه أبو عبدالله البجلي فانتهى (عليه السّلام) إلى نخلة خاوية فقال : « أيتها النخلة السامعة الطيّبة المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله فيك » قال : فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه فأكلنا حتى تضلّعنا فقال : إليكم سُنَّة كسُنَّة مريم((2)) .

باب (16)من معاجز الامام الحسن المجتبى

الكافي : محمّد بن يحيى وأحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن القاسم النهدي ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الكناسي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : خرج الحسن بن علي (عليهما السّلام) في بعض عُمَره((3)) ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بامامته ، فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس قد يبس من العطش ، ففُرش للحسن (عليه السّلام) تحت نخلة وفُرش للزبيري بحذاه تحت نخلة اخرى .

ص: 331


1- - بصائر الدرجات : ص274 ح5 .
2- - بصائر الدرجات : ص277 ح11 .
3- - جمع عمرة .

قال : فقال الزبيري ورفع رأسه : لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه .

فقال له الحسن (عليه السّلام) : وإنّك لتشتهي الرطب ؟فقال الزبيري : نعم .

قال : فرفع يده الى السماء فدعا بكلام لم أفهمه ، فاخضرّت النخلة ثم صارت الى حالها فأورقت وحملت رطباً .

فقال الجمّال الذي اكتروا منه : سِحر والله .

قال : فقال الحسن (عليه السّلام) : ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي مستجابة .

قال : فصعدوا الى النخلة فصرموا ما كان فيه فكفاهم((1)) .

بصائر الدرجات : حدثنا الهيثم النهدي ، عن إسماعيل بن مروان ، عن عبدالله الكناسي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : خرج الحسن ابن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((2)) .

باب (17)نوعية الرطب الذي تساقط على مريم

مجمع البيان : في قوله تعالى : (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) قيل : انّ

ص: 332


1- - الكافي : ج1 ص462 ح4 .
2- - بصائر الدرجات : ص276 ح10 .

تلك النخلة كانت برنية ، وقيل : كانت عجوة ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

*****

قوله تعالى : (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) (26) .

باب (18)صوم الصَّمت

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جرّاح المدايني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، ثم قال : قالت مريم : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً) أي صوماً صمتاً - وفي نسخة اُخرى : أي صمتاً - فاذا صمتمفاحفظوا ألسنتكم وغضُّوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ... الى آخر الحديث((2)) .

من لا يحضره الفقيه : روى أبو بصير ، عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال : إنّ الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، إنّ مريم قالت : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً) أي صمتاً فاحفظوا ألسنتكم وغضُّوا

ص: 333


1- - مجمع البيان : ج3 ص512 .
2- - الكافي : ج4 ص87 ح3 .

أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب((1)) .

باب (19)ست خصال مكروهة

المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ستة كرّهها الله لي فكرهتها للائمة من ذريتي وكرهها الأئمة لأتباعهم : العبث في الصلاة ، والمنَّ في الصدقة ، والرَّفث في الصيام ، والضحك بين القبور ، والتطلُّع في الدور ، وإتيان المساجد جُنباً .

قال : قلت : وما الرفث في الصيام ؟

قال: ما كره الله لمريم في قوله : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) .

قال : قلت : صمتت من أي شيء ؟

قال : من الكذب((2)) .

*****

قوله تعالى : (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً

ص: 334


1- - من لا يحضره الفقيه : ج2 ص108 ح1857 .
2- - المحاسن : ج1 ص73 ح31 الطبعة الحديثة .

فَرِيّاً) (27) .

باب (20)التهمة على السيدة مريم

أمالي الصدوق : حدثنا أبي قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن اسماعيل ، عن صالح ، عن علقمة قال :قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) - في حديث - : ألم ينسبوا مريم بنت عمران إلى أنّها حملت بعيسى من رجل نجّار اسمه يوسف ؟!((1))

*****

قوله تعالى : (وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً) (31) .

باب (21)معنى المبارك

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبدالله بن جبلة ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في قوله (عزّ وجلّ) : (وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ) .

ص: 335


1- - أمالي الصدوق : ص91 ح3 . منه تفسير البرهان : ج6 ص330 .

قال : نفّاعاً((1)) .

معاني الأخبار : حدثنا أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك مثله((2)) .

تفسير القمي : حدثني محمد بن جعفر قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن زيد ، عن يحيى بن المبارك مثله((3)) .

باب (22)الصلاة أفضل عبادة بعد المعرفة

الكافي : حدثني محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن أفضل ما يتقرَّب به العباد إلى ربّهم وأحبّ ذلك إلى الله (عزّ وجلّ) ما هو ؟

فقال : ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألاترى أنّ العبد الصالح عيسى بن مريم قال : (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً)((4)) .

ص: 336


1- - الكافي : ج2 ص165 ح11 .
2- - معاني الأخبار : ص212 ح1 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص50 .
4- - الكافي : ج3 ص264 ح1 .

باب (23)الزكاة الواجبة

تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) في قوله : (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ) .

قال : زكاة الرؤوس ، لأنّ كل الناس ليس لهم أموال ، وإنّما الفطرة على الفقير والغني والصغير والكبير((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) (36) .

باب (24)الامام علي الصراط المستقيم

إرشاد القلوب : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قام عمر بن الخطّاب إلى النبي فقال : إنّك لا تزال تقول لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وقد ذكر الله هارون في القرآن ولم يذكر عليّاً .

فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا أعرابي يا غليظ أما

ص: 337


1- - تفسير القمي : ج2 ص50 . منه تفسير البرهان : ج6 ص327 .

سمعت قول الله تعالى : (هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) ؟!!((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الاَْمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَة وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (39) .

باب (25)إعدام الموت يوم القيامة

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاّد الحنّاط ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سُئل عن قوله تعالى : (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) ؟قال : ينادي مناد من عند الله ، وذلك بعد ما صار أهل الجنّة في الجنّة وأهل النار في النار : يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور ؟

فيقولون : لا .

فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ثم ينادون جميعاً : أشرفوا وانظروا إلى الموت فيشرفون ثم يأمر الله به فيُذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنّة خلود فلا موت أبداً ، ويا أهل النار خلود

ص: 338


1- - إرشاد القلوب : ص373 .

فلا موت أبداً ، وهو قوله تعالى : (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الاَْمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَة) أي قُضي على أهل الجنّة بالخلود ، وعلى أهل النار بالخلود فيها((1)) .

مجمع البيان : روى مسلم في الصحيح بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النار النار قيل : يا أهل الجنّة فيشرئبون وينظرون ، وقيل : يا أهل النار فيشرئبون وينظرون ، فيجاء بالموت كأنّه كبش أملح ، فيقال لهم : تعرفون الموت ؟

فيقولون : هذا هذا ، وكل قد عرفه .

قال : فيُقدّم فيُذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنّة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت . قال : وذلك قوله : (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) الآية .

ورواه أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السّلام) وأبي عبدالله (عليه السّلام) ثم جاء في آخره : فيفرح أهل الجنّة فرحاً لو كان أحد يومئذ ميتاً لماتوا فرحاً ، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتاً لماتوا((2)) .

معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الإصبهاني ، عن سليمان بن داود ، عن حفص بن

ص: 339


1- - تفسير القمي : ج2 ص50 . منه تفسير البرهان : ج6 ص336 .
2- - مجمع البيان : ج3 ص515 .

غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : يوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيُذبح((1)) .الكافي : علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، ] عن أبيه (عليه السّلام) [ قال : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - في حديث - ثم إنّ الموت فَخَر في نفسه ، فقال الله (عزّ وجلّ) : لا تفخر فإنّي ذابحك بين الفريقين : أهل الجنّة وأهل النار ، ثم لا اُحييك أبداً فتُرجى أو تُخاف ... الى آخر الحديث((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُواْ رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْق عَلِيّاً) (48 - 50) .

باب (26)قصّة بداية الحمل بابراهيم وولادته

كمال الدين : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا :

ص: 340


1- - معاني الأخبار : ص156 ح1 . منه تفسير البرهان : ج6 ص336 .
2- - الكافي : ج8 ص148 ح129 .

حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان أبو إبراهيم مُنجّماً لنمرود بن كنعان ، وكان نمرود لا يصدر إلاّ عن رأيه ، فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال : لقد رأيت في ليلتي هذه عجباً .

فقال له نمرود : وما هو ؟

فقال : رأيت مولوداً يُولَد في أرضنا هذه فيكون هلاكنا على يديه ، ولا يلبث إلاّ قليلاً حتى يُحمل به ، فعجب من ذلك نمرود ، وقال له : هل حملتْ به النساء ؟

فقال : لا ، وكان فيما أُوتي به من العلم أنّه سيُحرق بالنار ولم يكن اُوتي أنّ الله تعالى سيُنجيه .

قال : فحجب النساء عن الرجال ، فلم يترك امرأة إلاّ جعلت بالمدينة حتى لا يخلص((1))

إليهن الرجال ، قال : ووقع أبو إبراهيم على امرأته فحملت به ، وظن أنّهصاحبه ، فأرسل إلى نساء من القوابل لا يكون في البطن شيء إلاّ علمن به ، فنظرن إلى اُمّ إبراهيم فألزم الله تعالى ذكره ما في الرَّحم الظهر ، فقلن : ما نرى شيئاً في بطنها ، فلمّا وضعت أُم ابراهيم [به ] أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود فقالت له امرأته : لا تذهب

ص: 341


1- - خلص إليه الشّيء : وَصَل (لسان العرب) .

بابنك إلى نمرود فيقتله دعني أذهب به إلى بعض الغيران((1)) اجعله فيه حتى يأتي عليه أجله ولا تكون أنت تقتل أبنك .

فقال لها : فاذهبي به فذهبت به إلى غار ، ثم أرضعته ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه ، فجعل الله (عزّ وجلّ) رزقه في ابهامه فجعل يمصّها فيشرب لبناً ، وجعل يشبّ في اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة ، ويشبّ في الجمعة كما يشبّ غيره في الشهر ، ويشبّ في الشهر كما يشبّ غيره في السنة ، فمكث ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ انّ اُمّه قالت لأَبيه : لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلتُ .

قال : فافعلي ، فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم وإذا عيناه تزهران كأنّهما سراجان فأخذته وضمّته إلى صدرها ، وأرضعته ثم انصرفت عنه فسألها أبوه عن الصبي .

فقالت له : قد واريته في التُراب ، فمكثت تعتل وتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم فتضمّه إليها وتُرضعه ثم تنصرف ، فلمّا تحرّك أتته اُمّه كما كانت تأتيه ، وصنعت كما كانت تصنع ، فلمّا أرادت الإنصراف أخذ بثوبها فقالت له : مالك ؟

فقال لها : اذهبي بي معك ، فقالت له : حتى استأمر أباك ، فلم يزل

ص: 342


1- - الغار : نقب في الجبل شبه المغارة ، فإذا اتسع قيل كهف ، والجمع غيران (مجمع البحرين) .

إبراهيم في الغيبة مخفياً لشخصه كاتماً لأمره حتى ظهر فصدع بأمر الله (تعالى ذكره) ، وأظهر الله (تعالى) قدرته فيه ، ثم غاب الغيبة الثانية ، وذلك حين نفاه الطاغوت عن مصر فقال : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُواْ رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً) قال الله (جلّ ذكره) : (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْق عَلِيّاً) .

يعني به علي بن أبي طالب لأنّ إبراهيم قد كان دعا الله (عزّ وجلّ) أن يجعل له لسان صدق في الآخرين فجعل الله (تبارك وتعالى) له ولإسحاق ويعقوب لسان صدقعلياً ، فأَخبر علي (عليه السّلام) بأنّ القائم هو الحادي عشر من ولده وأنّه المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً ، وأنّه تكون له غيبة وحيرة يضِلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون ، وأنّ هذا كائن كما أنّه مخلوق((1)) .

باب (27)استحباب الالحاح في الدعاء

الكافي : عدّة من اصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول

ص: 343


1- - كمال الدين : ص138 ح7 . منه تفسير البرهان : ج6 ص338 .

الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : رحم الله عبداً طلب من الله (عزّ وجلّ) حاجة فألحّ في الدعاء استجيب له أو لم يستجب [له] وتلا هذه الآية : (وَأَدْعُواْ رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً)((1)) .

باب (28)اسم الامام علي في القرآن

مناقب آل أبي طالب : أبو بصير ، عن الصادق (عليه السّلام) في خبر : أنّ إبراهيم كان قد دعا الله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فقال الله تعالى : (وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْق عَلِيّاً) يعني علي بن أبي طالب((2)) .

أقول : حينما يصف الإنسان شيئاً فلابدَّ أن يتطابق الوصف مع الموصوف ، مثلاً : ترى شجرة عالية فتقول : رأيتُ شجرة عالية ، ولا يصحّ أن تقول : رأيت شجرة ضخمة ، لأنّ الضخامة غير العلوّ .

أو ترى إنساناً سميناً .. فلا يصح أن تقول : رأيت إنساناً كبيراً ، لأنّ الكِبَر غير السمنة .

ص: 344


1- - الكافي : ج2 ص475 ح6 .
2- - مناقب آل أبي طالب : ج3 ص107 . منه تفسير البرهان : ج6 ص342 .

ووصْفُ اللّسان لابدَّ أن يكون بالأمور المتناسبة له ، كالصدق أو الكذب والنزاهة أو الوقاحة ... وهكذا ..

وفي هذه الآية الكريمة يصف الله تعالى لسان الأنبياء الذين ذكرهم فيقول : (لِسَانَ صِدْق) فتطابَقَ الوصف مع الموصوف .

والسؤال الآن : ما معنى وصف اللّسان بالعلوّ ؟

وهل يتناسب الوصف مع الموصوف ؟

الجواب : كلا ... فاللّسان لا يوصف بالعُلوّ ، بل يوصف بما يتناسب معه - كما ذكرنا - .

هذا أولاً .

ثانياً : في هذه الآية الكريمة قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا) .

ماذا ؟

ماذا وهب الله لهم من رحمته ؟

أين الخبر ؟

الجواب : الخبر هو : (عَلِيّاً) فتكون الآية هكذا : (وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا ... عَلِيّاً) .

ويكون قوله : (وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْق) جملة معترضة - كما يقول الأُدباء - .

والسؤال الآن : ما هو المقصود بقوله تعالى : (عَلِيّاً) ؟

ص: 345

الجواب : لقد وردتْ أحاديث متعددة - عن أئمّة أهل البيت الذين نزل القرآن في بيوتهم - تُصرّح بأنّ المقصود هو الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليهما السّلام)((1)) .

وتسأل : لماذا لم يُذكر اسم الإمام علي (عليه السّلام) صراحةً في القرآن الكريم ؟

الجواب : لأنّ الله تعالى كان يعلم أنّ الحكومات الحاقدة على خليفة رسول الله ستمدّ يد التحريف إلى القرآن وتحذف اسم الإمام منه ، ولئلاّ يحْدث هذا التحريف ذكرالله تعالى اسم خليفة رسول الله في لفّافة كي لا ينتبه إليه الحاقدون والنواصب والخوارج وأشباههم .

وجاءت أحاديث الأئمّة الطاهرين (عليهم السّلام) لتُنبّه المؤمنين على هذا الاسم القدسي .

هذا .. وقد مرَّت علينا آية اُخرى في سورة الحجر تتضمّن اسم خليفة رسول الله (عليه السّلام) وهي قوله تعالى : (قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ)((2)) .

فقد وردت في الأحاديث الشريفة أن « علي » هنا هو اسم خليفة رسول الله ، وليست « عليَّ » حسب القراءة المعروفة .

ص: 346


1- - راجع تفسير البرهان في تفسير القرآن للعالم الجليل السيد هاشم البحراني .
2- - الحجر 15 : 41 .

وجاء هنا أيضاً بصورة لا يلتفت اليه المخالفون والمعاندون .

ومن المضحك أن أعداء أهل البيت يطرحون على الشيعة هذه الشبهة وهي : لماذا لم يُذكر اسم الإمام علي في القرآن ؟

ونحن نقول لهؤلاء السفهاء : لقد ذكره الله تعالى في القرآن لاُولي الألباب « وما يعقله إلاّ العالِمون » .

هذا أوَّلاً .

ثانياً : هل عدم الذكر يدلّ على عدم الشرعيّة ؟

إنّ الله تعالى لم يذكر - في القرآن - من أنبيائه سوى خمسة وعشرين فقط .. فهل عدم ذكر الباقين يدلّ على عدم شرعيّتهم وعدم كونهم أنبياء ؟؟!!

وقد ذكر الله تعالى - في القرآن - إسم الشيطان وإبليس أكثر من اسم محمد (صلّى الله عليه وآله) فهل يدلّ هذا على أفضليّة الشيطان على خاتم الأنبياء ؟؟!!

ما هذا المقياس الفاشل ؟!

ولماذا هذا الحقد الأسود على إمام المتقين وأمير المؤمنين ؟وهل يظنّ هؤلاء أنهم - بهذه الشبهات التي هي أوهن من بيت العنكبوت - يستطيعون المسّ بقدسيّة الإمام علي وخلافته الشرعيّة بعد رسول الله وأفضليّته على الصحابة وغيرهم أجمعين ؟؟

إنّ الله تعالى فَرضَ شخصيّة الإمام أمير المؤمنين على كلّ

ص: 347

المسلمين .

إنَّ كلّ مسلم ... شاء أم أبى، رَضي أم سخط .. يجب عليه أن يسجد كلّ يوم أربعاً وثلاثين مرَّة - على الأقلّ - أمام البقعة التي وُلد فيها سيّد الأوصياء ..

إلاّ إذا لم يكن من المصلِّين .

فأين تذهبون ؟!

وماذا بعد الحق إلاّ الضّلال ؟!

ثالثاً : اذا كان المقياس هو الذكر في القرآن .. فلماذا لم تُذكر أسماء خلفائهم الغاصبين ؟!

باب (29)لزوم المعاشرة الطيّبة مع العشيرة

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن يحيى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : لن يرغب المرء عن عشيرته وإن كان ذا مال وولد ، وعن مودّتهم وكرامتهم ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم ، هم أشدّ الناس حيطة((1))

من ورائه وأعطفهم عليه وألمّهم لشعثه ، إن أصابته مصيبة أو نزل به بعض مكاره الاُمور ، ومن يقبض يده عن عشيرته فإنّما يقبض

ص: 348


1- - أي حياطةً وحفظاً (مجمع البحرين) .

عنهم يداً واحدة ويقبض عنه منهم أيدي كثيرة ومن يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودّة ، ومن بسط يده بالمعروف إذا وجده يخلف الله له ما أنفق في دنياه ويضاعف له في آخرته ، ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خيراً من المال يأكله ويورّثه ، لا يزدادنَّ أحدكم كبراً وعظماً في نفسه ونأياً عن عشيرته ، إن كان موسراً في المال ، ولا يزدادنَّ أحدكم في أخيه زهداً ولا منه بعداً ، إذا لم ير منه مروّةًوكان معوزاً((1)) في المال ولا يغفل أحدكم عن القرابة بها الخصاصة أن يسدّها بما لا ينفعه إن أمسكه ولا يضرّه إن استهلكه((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الاَْيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً) (52) .

باب (30)ممّا أوحى الله تعالى الى النبي موسى

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال :

ص: 349


1- - المعوز : الفقير (مجمع البحرين) .
2- - الكافي : ج2 ص154 ح19 .

جاء إبليس (لعنه الله) إلى موسى وهو يناجي ربّه ، فقال له ملك من الملائكة : ويلك ما ترجو منه ، وهو على هذه الحالة يُناجي ربّه ؟

فقال : أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنّة .

وكان مما ناجى الله موسى : يا موسى إنّي لا أقبل الصلاة إلا ممن تواضع لعظمتي ، وألزم قلبه خوفي ، وقطع نهاره بذكري ، ولم يبت مُصراً على الخطيئة ، وعرف حقّ أوليائي وأحبّائي .

فقال موسى : يا ربّ تعني بأوليائك وأحبّائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب ؟

قال : هو كذلك إلا أنّي أردت بذلك مَن مِن أجله خلقت آدم وحوا ومن مِن أجله خلقت الجنة والنار .

فقال : ومن هو يا رب ؟

قال : محمد أحمد ، شققتُ إسمه من اسمي لأنّي أنا المحمود وهو محمد .

فقال موسى : يا ربّ اجعلني من اُمّته .

فقال له : يا موسى أنت من اُمته إذا عرفته وعرفت منزلته ومنزلة أهل بيته ، إنّ مَثَله ومثل أهل بيته - فيمن خلقتُ - كمثَل الفردوس في الجنان لا ينتثر ورقها ولا يتغيَّرطعمها ، فمَن عَرفهم وعرف حقَّهم جَعلتُ له عند الجهل علماً وعند الظلمة نوراً ، اُجيبه قبل أن يدعوني واُعطيه قبل أن

ص: 350

يسألني .

يا موسى : إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل : مرحباً بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل : ذنب تُعجّلت عقوبته .

يا موسى : إنّ الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته ، وجعلتها ملعونة ملعونة بمن فيها إلاّ ما كان فيها لي .

يا موسى : إنّ عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بها ، وسائرُهم من خَلقي رغبوا فيها بقدر جهلهم ، وما أحد من خَلقي عظَّمها فقرّت عينه فيها ، ولم يحقِّرها أحد إلاّ تمتّع بها .

ثم قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إن قدرتم أن لا تعرفوها فافعلوا ، وما عليك إن لم يُثن عليك الناس ؟!

وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس وكنت عند الله محموداً ؟! إنّ أمير المؤمنين كان يقول : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل يزداد كلّ يوم إحساناً ، ورجل يتدارك منيَّته بالتوبة ، وأنّى له بالتوبة ؟ والله إنْ سَجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلاّ بولايتنا أهل البيت ، أَلاَ ومَن عَرف حَقَّنا ورجا الثواب فينا رضي بقُوته نصف مُدٍّ كلّ يوم وما يستر به عورته وما أَكَنَّ رأسه ، وهم في ذلك والله خائفون وجلون((1)) .

أمالي الصدوق : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار قال :

ص: 351


1- - تفسير القمي : ج1 ص242 . منه تفسير البرهان : ج6 ص343 .

حدثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الاصبهاني بهذا الإسناد نحوه((1)) .

باب (31)مناجات الله لأمير المؤمنين

بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عمر بن أبان ، عن أديم أخي أيّوب ، عن حمران بن أعين قال : قلت لأبيعبدالله (عليه السّلام) : جعلت فداك بلغني أنّ الله (تبارك وتعالى) قد ناجى علياً (عليه السّلام) .

قال : أجل ، قد كان بينهما مناجات بالطايف نزل بينهما جبرئيل((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا ابراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن حمّاد بن عثمان ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أنّ سلمة بن كهيل يروي في علي شيئاً .

قال : ما هي ؟

قلت : حدّثني أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان محاصراً أهل الطايف وانّه خلى بعلي (عليه السّلام) يوماً فقال رجل من

ص: 352


1- - أمالي الصدوق : ص530 ح2 .
2- - بصائر الدرجات : ص430 ح1 .

أصحابه : عجباً لما نحن فيه فإنّه يناجي هذا الغلام منذ اليوم .

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ما أنا بمناجي له انّما يناجي ربّه .

فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّما هذه أشياء نعرف بعضها من بعض((1)) .

الاختصاص : بهذا الاسناد نحوه((2)) .

بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضّال ، عن مثنّى الحنّاط ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ رسول الله ناجى علياً يوم الطايف ، فقال أصحابه : ناجيت علياً من بيننا وهو أحدثنا سنّاً .

فقال : ما أنا اناجيه بل الله يناجيه((3)) .

الاختصاص : بهذا الإسناد نحوه((4)) .الاختصاص : علي بن محمد بن علي بن سعد ، عن حمدان بن سليمان النيشابوري قال : حدثني عبدالله بن محمد اليماني ، عن منيع ،

ص: 353


1- - بصائر الدرجات : ص430 ح2 .
2- - الاختصاص : ص327 .
3- - بصائر الدرجات : ص432 ح9 .
4- - الاختصاص : ص200 . منهما بحار الأنوار : ج39 ص155 .

عن يونس ، عن علي بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأهل الطائف : يا اهل الطائف لأبعثن إليكم رجلاً كنفسي يفتح الله به الخير ، سيفه سوطه فيشرف الناس له ، فلمّا أصبح دعا علياً فقال : اذهب إلى الطائف ، ثم أمر الله النبي أن يرحل إليها بعد دخول علي فلمّا صار إليها كان علي على رأس الجبل ، فقال رسول الله : أثبت فثبت فسمعنا صوتاً مثل صرير الزجل((1)) ، فقال((2)) : يا رسول الله ما هذا ؟

فقال : إن الله (عزّ وجلّ) يناجي علياً((3)) .

بصائر الدرجات : حدثنا علي بن محمد قال : حدثني حمدان بن سليمان النيشابوري قال : حدثنا عبدالله بن محمد اليماني ، عن منيع ، عن يونس ، عن علي بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((4)) .

أقول : النجوى والمناجاة بمعنى واحد ، وهو من النَّجو بمعنى : السِّر ما بين الاثنين والجماعة - كما في مجمع البحرين - . ومناجاة الله تعالى للامام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) معناها الكلام الخفيّ

ص: 354


1- - الزَجَل : رفع الصوت (أقرب الموارد) .
2- - في بحار الأنوار : فقيل . وهو الصحيح .
3- - الاختصاص : ص200 .
4- - بصائر الدرجات : ص432 ح10 . منهما بحار الأنوار : ج39 ص155 .

المخلوق من قبل الله سبحانه والصادر الى الامام أمير المؤمنين (عليه السّلام) . وليست النجوى خاصة بالأنبياء ... نحن نقرأ في القرآن الكريم أن الله تعالى أوحى الى اُم موسى ، ومن الواضح أن هذا الوحي كان على سبيل النجوى ولم يكن بحيث يسمعه سائر الناس .

فلا عجب إذا ناجى الله سبحانه سيد الأوصياء وخليفة خاتم الأنبياء ، وما من شك أنه أفضل من السيدة اُمّ موسى ملايين المرّات .وخلاصة الكلام : كلّ ما تقول في الوحي الى اُمّ موسى يأتي في هذا المقام .. والله العالِم .

*****

قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً)(54 و55) .

باب (32)النبي اسماعيل يواسي الامام الحسين

أمالي المفيد : أخبرني الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال : حدثنا يحيى بن زكريا قال : حدثنا عثمان بن عيسى ، عن أحمد بن سليمان ،

ص: 355

وعمران بن مروان ، عن سماعة بن مهران قال : سمعت أبا عبدالله جعفر ابن محمد (عليهما السّلام) يقول : إنّ الذي قال الله في كتابه : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً) سلّط الله عليه قومه فكشطوا((1)) وجهه وفروة رأسه ، فبعث الله إليه ملكاً فقال له : إنّ رب العالمين يقرؤك السلام ويقول : إنّه قد رأيت ما صنع بك قومك فسلني ما شئت .

فقال : يا رب العالمين لي بالحسين بن علي بن أبي طالب أُسوة ؟

قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : وليس هو اسماعيل بن إبراهيم (على نبينا وعليهما السلام)((2)) .

كامل الزيارات : حدثني أبي (رحمه الله) قال : حدثني سعد بن عبدالله بن أبي خلف ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، ويعقوب بن يزيد جميعاً ، عن محمد بن سنان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إن اسماعيل الذي قال الله تعالى في كتابه : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَالْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً) لم يكن إسماعيل بن إبراهيم ، بل كان نبياً من

ص: 356


1- - الكشط : رفعك شيئاً عن شي قد غطّاه وغشيه من فوقه كما يُكشط الجلد عن السنام وعن المسلوخة (لسان العرب) .
2- - أمالي المفيد : ص39 ح7 . منه تفسير البرهان : ج6 ص345 .

الانبياء بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه ، فأتاه ملك عن الله (تبارك وتعالى) فقال : إنّ الله بعثني إليك فمُرني بما شئت .

فقال : لي اُسوة بما يُصنع بالحسين((1)) .

علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ومحمد بن سنان ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ اسماعيل الذي قال الله (عزّ وجلّ) في كتابه : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً) لم يكن اسماعيل بن إبراهيم بل كان نبياً من الأنبياء بعثه الله (عزّ وجلّ) إلى قومه ، فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه ، فأتاه ملك فقال : إنّ الله (جلّ جلاله) بعثني إليك فمُرني بما شئت .

فقال : لي اُسوة بما يصنع بالحسين((2)) .

كامل الزيارات : حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جده علي بن مهزيار ، عن محمد بن سنان ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((3)) .

ص: 357


1- - كامل الزيارات : ص137 ح161 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص346 .
2- - علل الشرايع : ص77 ح2 . منه تفسير البرهان : ج6 ص344 .
3- - كامل الزيارات : ص139 ح164 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص347 .

كامل الزيارات : حدثني محمد بن جعفر الرزّاز ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وأحمد بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد بن معاوية العجلي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : يا بن رسول الله أخبرني عن اسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً) أكان اسماعيل بن إبراهيم فإنّ الناس يزعمون أنّه اسماعيل بن إبراهيم ؟فقال (عليه السّلام) : إنّ اسماعيل مات قبل إبراهيم وإن إبراهيم كان حجة لله كلّها قائماً صاحب شريعة فإلى من اُرسل اسماعيل إذن ؟

فقلت : جعلت فداك فمن كان ؟

قال (عليه السّلام) : ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي ، بعثه الله إلى قومه فكذّبوه فقتلوه وسلخوا وجهه ، فغضب الله له عليهم فوجّه إليه اسطاطائيل ملك العذاب ، فقال له : يا إسماعيل أنا اسطاطائيل ملك العذاب وجّهني إليك ربّ العزّة لأُعذب قومك بأنواع العذاب إن شئت .

فقال له اسماعيل : لا حاجة لي في ذلك .

فأوحى الله إليه : فما حاجتك يا إسماعيل ؟

فقال : يا رب انّك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ، ولمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالنبوة ولأوصيائه بالولاية ، وأخبرت خير

ص: 358

خلقك بما تفعل أُمّته بالحسين بن علي من بعد نبيّها ، وإنّك وعدت الحسين أن تُكرّه إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا رب أن تُكرّني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل ذلك بي كما تكرّ الحسين فوعد الله اسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكرّ مع الحسين((1)) .

علل الشرايع : حدثنا أبي (رضى الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : أنّ إسماعيل كان رسولاً نبيّاً سلط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه ، فأتاه رسول من رب العالمين فقال له : ربُك يقرؤك السلام ويقول : قد رأيت ما صُنع بك وقد أمرني بطاعتك فمُرني بما شئت .

فقال : يكون لي بالحسين بن علي (عليه السّلام) أُسوة((2)) .

كامل الزيارات : حدثني أبي (رحمه الله) ، عن سعد بن عبدالله عنهما جميعاً ، عن محمد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال : إنّه كان لله رسولاً نبياً تسلّط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه فأتاه رسول من رب العالمين فقال له : ربُك يقرؤك السلام ويقول : قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني

ص: 359


1- - كامل الزيارات : ص138 ح163 الطبعة الحديثة . منه تفسير البرهان : ج6 ص346 .
2- - علل الشرايع : ص78 ح3 . منه تفسير البرهان : ج6 ص345 .

بطاعتك فمرني بما شئت .

فقال : يكون لي بالحسين اُسوة((1)) .

مجمع البيان : قيل : إنّ اسماعيل بن ابراهيم (عليه السّلام) مات قبل أبيه ابراهيم (عليه السّلام) وانّ هذا هو اسماعيل بن حزقيل بعثه الله إلى قومه فسلخوا جلدة وجهه وفروة رأسه فخيّره الله فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوّض أمرهم إلى الله تعالى في عفوه وعقابه . ورواه أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ثم قال في آخره :

أتاه ملك من ربّه يقرئه السلام ويقول : قد رأيت ما صنع بك وقد أمرني بطاعتك فمرني بما شئت .

فقال : يكون لي بالحسين أسوة((2)) .

باب (33)من علامات المنافق

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابه ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ثلاثُ من كنّ فيه كان منافقاً وإن صام وصلّى

ص: 360


1- - كامل الزيارات : ص137 ح162 الطبعة الحديثة .
2- - مجمع البيان : ج3 ص518 .

وزعم أنه مسلم : من إذا أُئتمن خان وإذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف ، إنّ الله (عزّ وجلّ) قال في كتابه : (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ)((1)) وقال : (أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)((2)) . وفي قوله (عزّ وجلّ) (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)((3)) .

باب (34)النبي اسماعيل صادق الوعد

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ابن حازم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّما سمّي اسماعيل صادق الوعد لأنّه وعد رجلاً في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة فسمّاه الله (عزّ وجلّ) صادق الوعد ، ثم ] قال : [ إنّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له اسماعيل : ما زلت منتظراً لك((4)) .

مجمع البيان : في قوله تعالى : (رَسُولاً نَّبِيّاً) قال ابن عباس : انّه واعد رجلاً أن ينتظره في مكان ونسي الرجل فانتظره سنة حتى أتاه الرجل وذلك مروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((5)) .

ص: 361


1- - الانفال 8 : 58 .
2- - النور 24 : 7 .
3- - الكافي : ج2 ص290 ح8 .
4- - الكافي : ج2 ص105 ح7 .
5- - مجمع البيان : ج3 ص518 .

باب (35)مسؤولية العائلة

دعائم الإسلام : عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (عليه السّلام) أنّه قال : لما نزلت هذه الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)((1)) قال الناس : يا رسول الله ، كيف نقي أنفسنا وأهلينا ؟

قال : اعملوا الخير ، وذكّروا به أهليكم فأدّبوهم على طاعة الله .

ثم قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ألاترى أنّ الله يقول لنبيّه : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)((2)) ؟! وقال : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً)((3)) .

باب (36)الحسن والحسين شريكان في الإمامة

كمال الدين : حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق (رضي الله عنه) قال : أخبرنا أحمد بن محمد الهمداني قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن هشام بن سالم قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) : الحسن أفضل أم الحسين ؟

ص: 362


1- - التحريم : 66 : 6 .
2- - طه 20 : 132 .
3- - دعائم الإسلام : ج1 ص82 . منه تفسير البرهان : ج6 ص376 .

فقال : الحسن أفضل من الحسين .

[قال : ] قلت : فكيف صارت الإمامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن ؟

فقال : إنَّ الله (تبارك وتعالى) أحبّ أن يجعل سُنّة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين ، ألا ترى أنّهما كانا شريكين في النبوّة كما كان الحسن والحسين شريكين في الإمامة ؟! وإنّ الله (عزّ وجلّ) جعل النبوّة في وُلد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان كان موسى أفضل من هارون ... الى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً) (57) .

باب (37)ملك الموت يقبض روح النبي إدريس في السماء

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) غضب على ملك من الملائكة ، فقطع جناحه ، وألقاه في جزيرة من جزائر البحر ، فبقي ما شاء الله في ذلك البحر ، فلمّا بعث الله إدريس جاء ذلك الملك إليه فقال : يا نبي الله اُدع الله أن يرضى عنّي ويردَّ عليّ جناحي .

ص: 363


1- - كمال الدين : ص416 ح9 .

قال : نعم فدعا ادريس فردّ الله عليه جناحه ورضي عنه .

قال الملك لإدريس : ألك إليَّ حاجة ؟

قال : نعم أُحبُّ أن ترفعني إلى السماء حتى أنظر إلى ملك الموت ، فإنّه لا عيش لي مع ذكره ، فأخذه الملك على جناحه حتى انتهى به الى السماء الرابعة ، فإذا ملك الموت يُحرِّك رأسه تعجّباً ، فسلّمَ إدريس على ملك الموت ، وقال له : ما لك تحرّك رأسك ؟

قال : إنّ ربّ العزّة أمرني أن أقبض روحك بين السماء الرابعة والخامسة .

فقلت : يا رب وكيف هذا ، وغِلْظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام ومن السماء الرابعة إلى الثالثة مسيرة خمسمائة عام ، ومن السماء الثالثة الى الثانيةخمسمائة عام ، وكلّ سماء وما بينهما كذلك فكيف يكون هذا ؟ ثم قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة وهو قوله تعالى (وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً) قال : وسُمّي إدريس لكثرة دراسته للكتب((1)) .

باب (38)الرسول الأعظم يلتقي بالنبي ادريس

تفسير القمي : حكى أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله

ص: 364


1- - تفسير القمي : ج2 ص51 . منه تفسير البرهان : ج6 ص349 .

وسلّم) في حديث الإسراء ، قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ثم صعدنا الى السماء الرابعة ، وإذا فيها رجل فقلت : من هذا يا جبرئيل ؟

قال : هذا ادريس رفعه الله مكاناً علياً فسلّمت عليه وسلّم عليَّ واستغفرت له واستغفر لي ... الى آخر الحديث((1)) .

باب (39)الرفعة الالهيَّة لرسول الله

الإحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال : انّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم - قال لعلي (عليه السّلام) في كلام طويل - : فانّ هذا إدريس رفعه الله (عزّ وجلّ) مكاناً عليّاً وأطعمه من تحف الجنة بعد وفاته ؟

قال له علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اُعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّ الله (جلّ ثناؤه) قال فيه : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) فكفى بهذا من الله رفعة ... الى آخر الحديث((2)) .

* * * * *قوله تعالى : (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا

ص: 365


1- - تفسير القمي : ج2 ص8 . منه تفسير البرهان : ج6 ص350 .
2- - الاحتجاج : ص211 .

الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) (59) .

باب (40)الذين اضاعوا الصلاة

مجمع البيان : في قوله تعالى : (أَضَاعُوا الصَّلاَةَ) قيل : أضاعوها بتأخيرها عن مواقيتها من غير أن تركوها أصلاً . وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن داود بن فرقد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً)((2)) قال : كتاباً ثابتاً ، وليس إنْ عُجّلت قليلاً أو أُخّرت قليلاً بالّذي يضرُّك ما لم تضيّع تلك الإضاعة ، فإنّ الله (عزّ وجلّ) يقول لقوم : (أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً)((3)) .

باب (41)طوبى لمن سَلم من أربع خصال

الخصال : حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه) قال :

ص: 366


1- - مجمع البيان : ج3 ص519 .
2- - النساء 4 : 103 .
3- - الكافي : ج3 ص270 ح13 .

حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن ابراهيم ابن هاشم ، عن الحسن بن أبي الحسن الفارسي ، عن عبدالله بن الحسين ابن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : مَن سَلِم من اُمّتي من أربع خصال فله الجنّة : من الدخول في الدّنيا ، واتباع الهوى ، وشهوة البطن ، وشهوة الفرج ... الى آخر الحديث((1)) .

*****

قوله تعالى : (لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (62) .

باب (42)الأكل بين الطعامَين يُفسد البدن

الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن علي بن الصلت ، عن ابن أخي شهاب ابن عبد ربه قال : شكوت إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) ما ألقى من الأوجاع والتخم ، فقال لي : تغدَ وتعش ولا تأكل بينهما شيئاً ، فإنّ فيه فساد البدن ، أما سمعت الله (عزّ وجلّ) يقول : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً

ص: 367


1- - الخصال : ص223 ح54 . منه بحار الأنوار : ج71 ص271 .

وَعَشِيّاً)((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن النّضر بن سويد مثله((2)) .

طب الأئمة (عليهم السّلام) : محمد بن عبدالله العسقلاني قال : حدثنا النّضر بن سويد ، عن علي بن أبي الصلت ابن أخي شهاب شكوت((3)) إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) الأوجاع والتخم ... وذكر نحوه((4)) .

باب (43)أرواح المؤمنين في الجنة

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن مثنّى الحنّاط ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ، ويقولون : ربنا أقم الساعة لنا وانجز لنا ما وعدتنا وأَلحِق آخرنا بأولنا((5)) .

ص: 368


1- - الكافي : ج6 ص288 ح2 .
2- - المحاسن : ج2 ص195 ح1565 الطبعة الحديثة .
3- - في تفسير البرهان : عن علي بن الصلت ، عن ابن أخي شهاب قال : شكوت . وهو الصحيح كما في رواية الكافي السابقة .
4- - طب الائمة : ص59 . منه تفسير البرهان : ج6 ص353 .
5- - الكافي : ج3 ص244 ح2 .

الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد ابن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألت أبي عبدالله (عليه السّلام) عن أرواح المؤمنين ؟فقال : في حجرات في الجنّة يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ويقولون : ربّنا أقم الساعة لنا ، وانجز لنا ما وعدتنا ، وألحق آخرنا بأولنا((1)) .

الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن اسماعيل بن مهران ، عن درست بن أبي منصور ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنَّ الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنة تعارف وتسائل فإذا قدمت الروح على الأرواح يقول : دعوها فانّها قد أفلتت من هول عظيم ثم يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان ؟ فإن قالت لهم : تركتُه حيّاً ارتجوه ، وإن قالت لهم : قد هلك ، قالوا : قد هوى هوى((2)) .

*****

قوله تعالى : (أَوَلاَ يَذْكُرُ الاِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (67) .

ص: 369


1- - الكافي : ج3 ص244 ح4 .
2- - الكافي : ج3 ص244 ح3 .

باب (44)خَلْق الانسان من العَدَم

الكافي : أحمد بن مهران ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني ، عن علي بن أسباط ، عن خلف بن حمّاد ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (أَوَلاَ يَذْكُرُ الاِْنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) .

قال : لا مقدّراً ولا مكوّناً .

قال : وسألته عن قوله : (هَلْ أَتَى عَلَى الاِْنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً)((1)) .

فقال : كان مقدّراً غير مذكور((2)) .

*****

قوله تعالى : (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً) (71) .

باب (45)الورود في جهنم

تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس قال : حدثنا محمد بن أحمد

ص: 370


1- - الدهر 76 : 1 .
2- - الكافي : ج1 ص147 ح5 .

(أحمد بن محمد - خ ل) بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين ابن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا) .

قال : أما تسمع الرجل يقول : « وردنا ماء بني فلان » ؟! فهو الوِرْد ، ولم يدخله((1)) .

باب (46)الحمّى رائد الموت

الكافي : محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن اسماعيل ، عن سعدان ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : الحمّى رائد الموت((2)) ، وهو سجن الله في الأرض ، وهو حظّ المؤمن من النار((3)) .

الكافي : محمد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ، عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن شيخ من أصحابنا يكنّى بأبي عبدالله ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : الحمّى رائد الموت ، وسجن الله تعالى في أرضه وفورها من

ص: 371


1- - تفسير القمي : ج2 ص52 . منه تفسير البرهان : ج6 ص356 .
2- - أي رسوله الذي يتقدمه (أقرب الموارد) .
3- - الكافي : ج3 ص111 ح3 .

جهنم وهي حظّ كل مؤمن من النار((1)) .

*****

قوله تعالى : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْن هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً * قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً * وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً * أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لاُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً * أَطَّلَعَالْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً * كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً * وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً * أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً * فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً * يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ الْم-ُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً * لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً * وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الاَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً

ص: 372


1- - الكافي : ج3 ص112 ح7 .

* إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْن هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَد أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (73 - 98) .

باب (47)ثواب التسبيحات الأربعة

تفسير القمّي : قوله : ( ... وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً) حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لمّا أسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فرأيتها قيعان يقق((1)) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة وربّما امسكوا .

فقلت لهم : ما لكم ربّما بنيتم وربّما امسكتم ؟

فقالوا : حتّى تجيؤنا النفقة .

قلت لهم : وما نفقتكم ؟

ص: 373


1- - قيعان جمع القاع وهو المستوي من الأرض . واليَقَق : المتناهي في البياض (مجمع البحرين) .

فقالوا : قول المؤمن في الدُّنيا : « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » فإذا قال بنينا وإذا أمسك امسكنا((1)) .

باب (48)الذين انكروا ولاية أمير المؤمنين

الكافي : محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّ وجلّ) : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً) .

قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا قُريشاً إلى ولايتنا ، فنفروا وأنكروا ، فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا - الذين أقرّوا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت - : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً) تعييراً منهم .

فقال الله رداً عليهم : (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْن) من الاُمم السالفة (هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً) .

قلت : قوله : (مَن كَانَ فِي الضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً) ؟

قال : كلُّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين

ص: 374


1- - تفسير القمي : ج2 ص53 .

ولا بولايتنا ، فكانوا ضالّين مضلّين فيمدّ لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيّرهم الله شراً مكاناً وأضعف جنداً .

قلت : قوله : (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً) ؟

قال : أمّا قوله (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ) فهو خروج القائم وهو الساعة ، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه ، فذلك قوله : (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً) يعني عند القائم (وَأَضْعَفُ جُنداً) .

قلت : قوله : (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) ؟

قال : يزيدهم ذلك اليوم هدىً على هدىً بإتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه .

قلت : قوله : (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) ؟

قال : إلاّ من دان الله بولاية أمير المؤمنين ، والأئمة من بعده فهو العهد عند الله .قلت : قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) ؟

قال : ولاية أمير المؤمنين هي الودّ الذي قال الله تعالى .

قلت : (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً) ؟

ص: 375

قال : إنّما يسّره الله على لسانه حين قام أمير المؤمنين عَلَماً ، فبشّر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم الله في كتابه لُدّاً ، أي كفاراً ... الى آخر الحديث((1)) .

باب (49)عقاب من اطاع مخلوقاً في معصية الخالق

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبيد الله (عبدالله - ط) بن موسى قال : حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً) يوم القيامة ، أي يكونون هؤلاء الذين اتَّخذوهم آلهة من دون الله عليهم ضدّاً يوم القيامة ويتبرأون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة . ثم قال : ليست العبادة هي السجود ولا الركوع وإنّما هي طاعة الرجال ، من أطاع مخلوقاً في معصية الخالق فقد عبده((2)) .

باب (50)عدُّ الأنفاس عند الله تعالى

الكافي : محمد بن يحيى ، عن الحسين بن اسحاق ، عن علي بن

ص: 376


1- - الكافي : ج1 ص431 ح90 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص55 . منه تفسير البرهان : ج6 ص360 .

مهزيار ، عن علي بن اسماعيل الميثمي ، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قول الله (عزّ وجلّ) : (إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً) .

قال : ما هو عندك ؟

قلت : عدّ الأيام .

قال : إن الآباء والأُمهات يحصون ذلك ، لا ولكنّه عدد الأنفاس((1)) .

باب (51)هيئة الشيعة حين الخروج من القبر

تأويل الآيات الظاهرة : روى علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله ابن شريك العامري ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي : يا علي يخرج يوم القيامة قوم من قبورهم بياض وجوههم كبياض الثلج عليهم ثياب بياضها كبياض اللَّبن ، عليهم نعال الذَّهب شِراكها من لؤلؤ يتلألأ ، فيُؤتَون بنوق من نور عليها رحائل الذهب مكلَّلة بالدرِّ والياقوت فيركبون عليها حتى ينتهوا إلى [عرش] الرحمن والناس في الحساب يهتمّون ويغتمّون وهؤلاء يأكلون ويشربون فرحون .

ص: 377


1- - الكافي : ج3 ص259 ح33 .

فقال أمير المؤمنين : مَن هؤلاء يا رسول الله ؟

فقال : يا علي هم شيعتك وأنت إمامهم وهو قول الله (عزّ وجلّ) : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً) على الرحائل (وَنَسُوقُ الْم-ُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً) وهم أعداؤك يساقون إلى النار بلا حساب((1)) .

إرشاد القلوب : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يخرج يوم القيامة قوم من قبورهم بياض وجوههم كبياض الثلج عليهم ثياب بياضها كبياض الَّلبن عليهم نعال من ذهب شراكها من زبرجد فيؤتَون بنوق من نور عليها رحائل من ذهب أزمتها من زبرجد فيركبون حتى ينتهون إلى الرحمن والناس في المحاسبة يغتمون ويهتمون ، وهؤلاء يأكلون ويشربون .

فقال أمير المؤمنين : من هؤلاء يا رسول الله ؟

فضرب على منكب علي بن أبي طالب فقال : هؤلاء شيعتك وأنت إمامهم ، وهو قول الله (عزّ وجلّ) : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً)((2)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبدالله بن

ص: 378


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص307 ح14 .
2- - ارشاد القلوب : ص292 .

شريك العامري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سأل علي (عليه السّلام) رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن تفسير قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً) ؟

قال : يا علي إنّ الوفد لا يكون إلاّ رُكباناً ، أُولئك رجال اتَّقوا الله فأحبّهم الله واختصّهم ورضي أعمالهم فسمّاهم الله المتقين .

ثم قال : يا علي أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة أنّهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللَّبن عليهم نعال الذَّهب ، شراكها من لؤلؤ تلألأ((1)) .

المحاسن : البرقي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وغيره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً) .

قال : يُحشرون على النجائب((2)) .

باب (52)كيفيَّة الوصيَّة قبل الموت

الكافي - التهذيب - من لا يحضره الفقيه : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن علي بن اسحاق ، عن الحسن بن حازم الكلبي بن أُخت هشام بن

ص: 379


1- - تفسير القمي : ج2 ص53 . منه تفسير البرهان : ج6 ص366 .
2- - المحاسن : ج1 ص287 ح567 .

سالم ، عن سليمان بن جعفر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من لم يُحسن وصيَّته عند الموت كان نقصاً في مروءته وعقله .

قيل : يا رسول الله وكيف يُوصي الميت ؟

قال : إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه ، قال : « اللَّهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، اللهم إنّي أعهد إليك في دار الدنيا أنّي أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأنّ محمداً عبدك ورسولك ، وأنّ الجنةحقّ و[أنّ] النار حق ، وأنّ البعث حقُ ، و[أنّ] الحساب حقّ ، والقدر((1)) والميزان حق ، ] وأنّ الدين كما وصفت ، وأنّ الإسلام كما شرعت ، وأنّ القول كما حدَّثت [((2)) وأنّ القرآن كما أنزلت((3)) وانّك أنت الله الحق المبين ، جزى الله محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) [عنّا] خير الجزاء ، وحيّا الله محمداً وآل محمد بالسلام ، اللَّهم يا عدّتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدّتي ، ويا وليّ نعمتي ، إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين [أبداً] فإنّك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين أقرب((4)) من الشر وأبعد من الخير ، فآنس في القبر((5)) وحشتي

ص: 380


1- - في التهذيب : والعدل والقدر ، وفي الفقيه : والصِّراط حقّ والقدر .
2- - ما بين المعقوفتين ليس في التهذيب .
3- - في التهذيب : وان القرآن حقّ وانّ القرآن كما نزلت .
4- - في التهذيب : إلى نفسي كنت أقرب ، وفي الفقيه : إلى نفسي أقرب .
5- - في التهذيب : وآنس لي في القبر .

واجعل لي عهداً يوم ألقاك منشوراً » ثم يوصي بحاجته .

وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي يذكر((1)) فيها مريم في قوله (عزّ وجلّ) : (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) فهذا عهد الميت والوصيّة حقٌ على كل مسلم ] وحقٌ عليه [ أن يحفظ هذه الوصية ويُعلّمها .

وقال أمير المؤمنين ] علي بن أبي طالب [ : علّمنيها رسول الله وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : علّمنيها جبرئيل((2)) .

تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن سليمان ابن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من لم يحسن ... وذكر نحوه((3)) .

باب (53)الذين جعل لهم الرحمن وُدّا

تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا عبد العزيز

ص: 381


1- - في التهذيب والفقيه : تذكر .
2- - الكافي : ج7 ص2 ح1 - التهذيب : ج9 ص174 ح711 - من لا يحضره الفقيه : ج3 ص187 ح5431 .
3- - تفسير القمي : ج2 ص55 .

ابن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن يعقوب بن جعفر بن سليمان ، عن علي بن عبدالله بن عباس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) .

قال : نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فما من مؤمن إلاّ وفي قلبه حبٌّ لعلي بن أبي طالب (صلوات الله عليه وعلى ذريَّته الطيبين صلاة باقية دائمة في كلِّ حين)((1)) .

تفسير القمي : قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) قال الصادق (عليه السّلام) : كان سبب نزول هذه الآية أنَّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان جالساً بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال له : قل يا علي : « اللهم اجعل لي في قلوب المؤمنين ودّاً » فأنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)((2)) .

الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال : قلت : يا رسول الله أخبرني عن قول الله (تبارك وتعالى) : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ

ص: 382


1- - تأويل الآيات الظاهرة : ج1 ص309 ح18 . منه تفسير البرهان : ج6 ص371 .
2- - تفسير القمي : ج2 ص56 . منه تفسير البرهان : ج6 ص371 .

الرَّحْمَنُ وُدّاً) ؟

قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي المحبّة عند الله والملائكة وفي قلوب المؤمنين ، يا علي انّ الله (تبارك وتعالى) أعطى المؤمنين ثلاثة : المقّة ، والمحبّة ، والمهابة في صدور المؤمنين((1)) .

تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني جعفر بن أحمد الأزدي معنعناً ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال علي بن أبي طالب (عليه السّلام) : دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : كيفأصبحت ! والله يا علي عنك راض وأصبح الله ربّك عنك راض وأصبح كل مؤمن ومؤمنة عنك راضون إلى أن تقوم الساعة .

قال : قلت : يا رسول الله قد نُعيتْ إليك نفسك فيا ليت نفسي المتوفّاة قبل نفسك .

قال : أبى الله في علمه إلاّ ما يريد .

قال : قلت : فادع الله لي بدعوات تصيبني بعد وفاتك .

قال : يا علي ادع لنفسك بما تحبّ حتى أؤمّن فإنّ تأميني لك لايُرد .

قال : فدعا علي : اللهم ثبّت مودّتي في قلوب المؤمنين والمؤمنات

ص: 383


1- - الجعفريات : ص177 .

إلى يوم القيامة ، حتى دعا ثلاث مرّات كلّما دعا دعوة قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : آمين . فهبط جبرئيل فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً) فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : المتَّقون : علي وشيعته((1)) .

تفسير القمي : حدثنا جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله (عبدالله - ط) ابن موسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (لاَ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) .

قال : لا يشفع ولا يشفع لهم ولا يشفعون (إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً) إلاّ من أذن له بولاية أمير المؤمنين والأئمة من بعده فهو العهد عند الله .

قلت : قوله : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً) .

قال : هذا حيث قالت قريش : إنّ لله ولداً ، وإنّ الملائكة إناث ، فقال الله (تبارك وتعالى) رداً عليهم : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً) أي عظيماً (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) يعني مما قالوه ومما موهوا به (رموه به - خ ل) (وَتَنشَقُّ الاَرْضُ * وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) مما قالوا (أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً) فقال الله (تبارك وتعالى) : (وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً *

ص: 384


1- - تفسير فرات الكوفي : ص252 ح343 .

إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) واحداً واحداً .

قلت : قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) .قال : ولاية أمير المؤمنين هي الودّ الّذي ذكره الله .

قلت : قوله : (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً) ؟

قال : إنما يسّره الله على لسان نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى أقام أمير المؤمنين عَلَماً ، فبشّر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم القوم الذين ذكرهم الله : (قَوْماً لُّدّاً) أي كفاراً .

قلت : قوله : (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْن هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَد أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) ؟

قال : أهلك الله من الأُمم ما لا يُحصون له فقال : يا محمد (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَد أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) أي ذكراً((1)) .

باب (54)عاقبة بني اُميَّة

مناقب آل أبي طالب : جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله

ص: 385


1- - تفسير القمي : ج2 ص56 . منه تفسير البرهان : ج6 ص369 و370 و375 .

تعالى : (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَد أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) .

فقال جابر : هم بنو أُمية ويوشك أن لا تحسّ منهم أحد يُرجى ولا يُخشى .

فقلت : رحمك الله وإنّ ذلك لكائن ؟

فقال : ما أسرعه ، سمعتُ علي بن الحسين يقول : أنه قد رأى أسبابه((1)) .

ص: 386


1- - مناقب آل أبي طالب : ج4 ص133 .

كلمة الختام

أيُّها القارئ الكريم : لقد وصلنا - بحمد الله وفضله - إلى نهاية الجزء الواحد والخمسين من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) .

وسنلتقي بك - إن شاء الله تعالى - في الجزء الثاني والخمسين والجزء التاسع من التفسير حيث نذكر فيه الأحاديث المرويَّة عن الامام الصادق (عليه السّلام) في تفسير سورة طه والأنبياء والحج والمؤمنون والنور والفرقان .

نسأل الله تعالى القبول بفضله وكرمه .. انه ذو الفضل العظيم والمنِّ الجسيم .

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله المعصومين .

محمّد كاظم الق-زويني

قم المقدَّسة - ايران

ص: 387

فهرس الكتاب

ديباجة الكتاب 3

المقدّمة 5

سورة الإسراء

باب (1) فائدة قراءة سورة الإسراء 7

باب (2) فائدة كتابة سورة الإسراء 7

باب (3) عدد المعراج والوصيَّة الالهيَّة بالولاية 8

باب (4) الرسول الأعظم في المعراج 9

باب (5) المساجد ذات الفضيلة 31

باب (6) فضل الصلاة في مسجد الكوفة 33

باب (7) كان المعراج في جزء من ليلة 35

باب (8) الاختبار الالهي للنبي وأهل بيته والانتقام من الغاصبين 35

باب (9) قريش تكذّب المعراج 40

ص: 388

باب (10) تشريع الأذان والصلاة في المعراج 50

باب (11) البشارات التي تلقّاها النبي في المعراج لأمير المؤمنين 59

باب (12) النبي محمد إمام الملائكة أجمعين 64

باب (13) العلَّة في الجهر والإخفات في الصلاة 65

باب (14) مَلَك في السماء بصورة أمير المؤمنين 67

باب (15) الامام علي خيرة الله ورسوله 68باب (16) صفات الله عين ذاته 69

باب (17) دعاء الشكر في الصباح والمساء 71

باب (18) الفساد في الأرض بقتل الأئمة الطاهرين 73

باب (19) الرّجعة الى الدنيا 76

باب (20) القرآن يهدي للتي هي أقوم 80

باب (21) الامام والقرآن لا يفترقان 81

باب (22) كان الانسان عجولا 82

باب (23) السواد الذي في القمر 83

باب (24) بلوى المؤمنين في عصر الغيبة 84

باب (25) كتاب الانسان في عنقه 85

باب (26) الخطاب للنبي والمعنى للناس 86

باب (27) الأمر بالبِرّ والاحسان الى الوالدين 86

ص: 389

باب (28) أدنى العقوق 89

باب (29) النبي والوصيّ : الوالدان 90

باب (30) من هم الاوّابون ؟ 91

باب (31) صلاة الأوّابين 92

باب (32) فدك عطيَّة النبي للزهراء 93

باب (33) الزهراء تقيم الحجَّة على ابي بكر 95

باب (34) من هم ذوو القربى ؟ 95

باب (35) النهي عن التبذير 96

باب (36) معنى التبذير 99

باب (37) الأمر بالقصد في الإنفاق 100

باب (38) قتْلُ الحسين جريمة كبرى 103

باب (39) الامام المهدي ينتقم للامام الحسين 104باب (40) الوليّ له حق القصاص 106

باب (41) البلوغ الشرعي يقطع اليُتم 107

باب (42) مراحل عُمر الانسان 109

باب (43) العهد والقسطاس المستقيم 109

باب (44) عقاب من إتّهم مؤمناً 110

باب (45) الواجبات المفروضة على الجوارح 111

ص: 390

باب (46) النهي عن الاستماع الى الغناء 112

باب (47) محاسبة السمع والبصر والفؤاد 114

باب (48) السؤال عن ولاية أمير المؤمنين في الآخرة 116

باب (49) مسؤولية الرِّجلين 118

باب (50) تسبيح الموجودات لله تعالى 118

باب (51) للدابّة على صاحبها ستة حقوق 120

باب (52) تضييع التسبيح يوجب الوقوع في البلاء 121

باب (53) ثلاث آيات تحجب عيون الأعداء 122

باب (54) من فوائد الجهر بالبسملة 124

باب (55) الجهر بالبسملة في الصلاة 125

باب (56) الله يُحيي العظم البالي 126

باب (57) محمد وآل محمد أفضلُ المخلوقات 127

باب (58) الرسول الأعظم اوّل السابقين الى التوحيد 128

باب (59) اولوا العزم سادة الأنبياء 128

باب (60) الائمة الطاهرون أفضل من الأنبياء 129

باب (61) دعاء الامام الصادق للشفاء من العلَّة 130

باب (62) المؤمن بين الخوف والرجاء 131

باب (63) الموت قبل القيامة 137

ص: 391

باب (64) الشجرة الملعونة في القرآن 138

باب (65) الدعاء عند الجماع ليتباعد الشيطان 141

باب (66) ثلاث صرخات لإبليس 145

باب (67) الدعاء عند أكل الطعام وبعده 147

باب (68) كلّ إنسان مع إمامه يوم القيامة 148

باب (69) ثواب مَن عرف إمامه بالحقّ ثم مات 152

باب (70) الشيعة مع إمامهم أمير المؤمنين 154

باب (71) الإمام إ مامان 156

باب (72) إحذروا إمامة الضَّبّ 156

باب (73) لا تُترك الأرض بغير إمام 157

باب (74) لزوم الطاعة الكاملة لإمام الحق 157

باب (75) عقاب من يسوِّف الحج 159

باب (76) مَن عَمي عن الولاية عميَ في الرجعة 160

باب (77) محاولة يائسة من أعداء الامام علي 161

باب (78) عدم التسامح مع أهل الباطل 162

باب (79) في القرآن الخطاب للنبي والمقصود غيره 163

باب (80) إنحراف القيادة بعد رسول الله 164

باب (81) الإسلام سنّة النبي وجميع المرسلين 168

ص: 392

باب (82) النهي عن الصلاة قبل دخول وقتها 168

باب (83) أوقات الفرائض اليوميّة الخمس 169

باب (84) أهمّية صلاة الفجر 172

باب (85) نافلة الليل فريضة على الرسول الأعظم 174

باب (86) المقام المحمود للرسول الأعظم 175

باب (87) آية للأمن من المخاوف 185باب (88) حَدُّ الشُكر 185

باب (89) حكم اللّعب بالشطرنج 186

باب (90) القرآن كتاب شفاء 188

باب (91) الخلود في الجنَّة والنار بالنيّات 189

باب (92) النيَّة أفضل من العمل 191

باب (93) حكم الصلاة في معابد اليهود والنصارى 191

باب (94) الرُّوح مِن أعظم الملائكة 193

باب (95) الرُّوح التي في الانسان والحيوان 195

باب (96) العِلم القليل 195

باب (97) عجز الانس والجن عن الاتيان بمثل القرآن 196

باب (98) كفر من أبى ولاية أمير المؤمنين 197

باب (99) عناد المشركين 198

ص: 393

باب (100) يُحشر الضالّون على وجوههم 199

باب (101) تسع آيات للنبي موسى 199

باب (102) سؤال اليهودي من أمير المؤمنين 200

باب (103) حكم من لا يستطيع السجود على الجبهة 203

باب (104) التوحيد الخالص 204

باب (105) قراءة الصلاة بين الجهر والإخفات 205

باب (106) دعاء للشفاء وأداء الدَّين 208

سورة الكهف

باب (1)ثواب قراءة سورة الكهف 213

باب (2) فائدة قراءة آخر آية في سورة الكهف 214

باب (3) فائدة كتابة سورة الكهف 215باب (4) الامام علي : البأس الشديد 215

باب (5) ثلاث حوائج سألها النبي للوصيّ 216

باب (6) قصة أصحاب الكهف 218

باب (7) أصحاب الكهف والتقيَّة 223

باب (8) الفتوَّة بالايمان لا بالقوَّة 224

باب (9) هداية المؤمنين الى الجنة وسوق الظالمين الى النار 225

ص: 394

باب (10) أصحاب الكهف في جيش الامام المهدي 226

باب (11) الطعام الزكيّ 227

باب (12) النهي عن المراء والخصومة 228

باب (13) استحباب قول « إن شاء الله » في كلّ الأمور 229

باب (14) إحياء أصحاب الكهف دليلٌ على الرجعة 234

باب (15) الاستشفاء بالقرآن لوجع الساقين 235

باب (16) الصبر على إقامة الصلاة 236

باب (17) ولاية أمير المؤمنين هي الحق 236

باب (18) النهي عن التعاون مع الظلمة 237

باب (19) طعام وشراب أهل النار 238

باب (20) بين الإمام علي ورجل آخر 240

باب (21) احتجاج الإمام أمير المؤمنين على عمر 241

باب (22) احتجاج الإمام أمير المؤمنين على أبي بكر 242

باب (23) الرسول الأعظم يخصم أبا بكر 244

باب (24) مِن آثار قول « ما شاء الله ... » 247

باب (25) ولاية أمير المؤمنين من ولاية الله 249

باب (26) صلاة الليل زينة الآخرة 249

باب (27) مودَّة أهل البيت من الباقيات الصالحات 251

ص: 395

باب (28) الصلاة من الباقيات الصالحات 252

باب (29) التسبيحات الأربعة من الباقيات الصالحات 253

باب (30) القرآن والرجعة والقيامة 257

باب (31) الناس صفوف يوم القيامة 258

باب (32) كتاب أعمال الانسان 259

باب (33) كان ابليس من الجِنّ 260

باب (34) لا يتّخذ اللهُ المضلِّين عَضُدا 264

باب (35) قصَّة النبي موسى والخضر 266

باب (36) الامام الصادق أعلم من النبي موسى والخضر 279

باب (37) الامام الصادق يحافظ على حياة زرارة 280

باب (38) إختيار الله خيرٌ من اختيار العبد 282

باب (39) كلمات من كنوز الحكمة 284

باب (40) الأثر الوضعي لصلاح الآباء على الأولاد 285

باب (41) قصص النبي ذي القرنين 288

باب (42) قصّة الخضر 291

باب (43) أين تغيب الشمس ؟ 295

باب (44) ماذا يعني الرعد والبرق ؟ 295

باب (45) التشابه بين الأئمة والخضر وذي القرنين 296

ص: 396

باب (46) أربعة ملوك حكموا الأرض 298

باب (47) بشارة الله للمؤمنين 299

باب (48) التقيَّة من الأعداء 300

باب (49) أعداء الولاية 301

باب (50) الاعمال السيئة تسبِّب عدم معرفة الحق 302

باب (51) جنة الفردوس منزل آل محمد وشيعتهم 303

باب (52) النهي عن الشِرك في ولاية آل محمّد 305

باب (53) لزوم الإخلاص في العمل 306

سورة مريم

باب (1) فضل تلاوة سورة مريم 309

باب (2) فائدة كتابة سورة مريم 309

باب (3) معنى الحروف الاولى في سورة مريم 310

باب (4) الشيب في اللّحية وقار 312

باب (5) بداية الشَّعر الأبيض 312

باب (6) يحيى هبة الله لزكريا 313

باب (7) بفعل الولد رُفع العذاب عن الوالد 315

باب (8) بكاء السماء على يحيى والحسين 316

ص: 397

باب (9) الوحي على أقسام 323

باب (10) النبي محمّد أفضل من يحيى 324

باب (11) الدعاء المستجاب 325

باب (12) مدّة حمل مريم بعيسى 326

باب (13) لماذا تمنّت السيدة مريم الموت ؟ 328

باب (14) الامام الصادق يعرف نخلة مريم 328

باب (15) من معاجز الامام الصادق (عليه السّلام) 330

باب (16) من معاجز الامام الحسن المجتبى 331

باب (17) نوعية الرطب الذي تساقط على مريم 332

باب (18) صوم الصَّمت 333

باب (19) ست خصال مكروهة 334

باب (20) التهمة على السيدة مريم 335باب (21) معنى المبارك 335

باب (22) الصلاة أفضل عبادة بعد المعرفة 336

باب (23) الزكاة الواجبة 337

باب (24) الامام علي الصراط المستقيم 337

باب (25) إعدام الموت يوم القيامة 338

باب (26) قصّة بداية الحمل بابراهيم وولادته 340

ص: 398

باب (27) استحباب الالحاح في الدعاء 343

باب (28) اسم الامام علي في القرآن 344

باب (29) لزوم المعاشرة الطيّبة مع العشيرة 348

باب (30) ممّا أوحى الله تعالى الى النبي موسى 349

باب (31) مناجات الله لأمير المؤمنين 352

باب (32) النبي اسماعيل يواسي الامام الحسين 355

باب (33) من علامات المنافق 360

باب (34) النبي اسماعيل صادق الوعد 361

باب (35) مسؤولية العائلة 362

باب (36) الحسن والحسين شريكان في الإمامة 362

باب (37) ملك الموت يقبض روح النبي إدريس في السماء 363

باب (38) الرسول الأعظم يلتقي بالنبي ادريس 364

باب (39) الرفعة الالهيَّة لرسول الله 365

باب (40) الذين اضاعوا الصلاة 366

باب (41) طوبى لمن سَلم من أربع خصال 366

باب (42) الأكل بين الطعامَين يُفسد البدن 367

باب (43) أرواح المؤمنين في الجنة 368

باب (44) خَلْق الانسان من العَدَم 370

ص: 399

باب (45) الورود في جهنم 370

باب (46) الحمّى رائد الموت 371

باب (47) ثواب التسبيحات الأربعة 373

باب (48) الذين انكروا ولاية أمير المؤمنين 374

باب (49) عقاب من اطاع مخلوقاً في معصية الخالق 376

باب (50) عدُّ الأنفاس عند الله تعالى 376

باب (51) هيئة الشيعة حين الخروج من القبر 377

باب (52) كيفيَّة الوصيَّة قبل الموت 379

باب (53) الذين جعل لهم الرحمن وُدّا 381

باب (54) عاقبة بني اُميَّة 385

كلمة الختام 387

ص: 400

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.